انكمش فم أصلان بطريقة تنذر بالخطر. و تحولت حدقتاه إلى لون أحمر مرعب.
شعرت فيفيان أن هناك شيئًا غير طبيعي. كان واضحًا لأي شخص أن عينيه تحولت إلى اللون الأحمر، لكن لم يلاحظ ذلك سواها.
كان الأمر غريبًا، لكنها لم تملك وقتًا للتفكير طويلاً.
“أصلان!”
تعلقت فيفيان بذراعه دون تردد. كان عليها أن تجعله يستعيد وعيه بأي طريقة.
لم تكن تهتم إذا مات الدوق أو عاش. لكن إن تحول أصلان إلى شيطان، فحتى هي، التي تعتبر أغلى ما لديه في هذا العالم، ستموت أيضًا.
لانه حينها ستظهر اللعنة في وسط العاصمة، ولم يكن هناك احتمال أن يترك شاهد على ذلك الأمر حياً!
“هاه، لم أعد أرى جدوى من التعامل معه. اتركي يدي!”
يبدو أن الدوق شعر أيضًا بأن الوضع ليس طبيعيًا. دفع ذراع أصلان فجأة.
من غير المعقول أن يتمكن الدوق من الإفلات من قبضة أصلان التي لا يستطيع هو نفسه فكها، لكن لسبب ما، تركه أصلان بسهولة.
أخفى الدوق معصمه المتورم تحت كمّه و غادر قاعة الطعام غاضبًا.
سُمع صدى خطواته الصاخبة يتلاشى بسرعة في الردهة.
“أصلان، هل أنتَ بخير؟”
“….”
كان أصلان يحدق في الباب الذي خرج منه الدوق دون أن يرمش. و خفت حدة التوهج في عينيه.
كأنها لحظة ما قبل العاصفة.
“الآن فقط بدأت الأمور تتضح لي.”
“عفوا؟”
“فقط لأكون واضحًا، لن تتزوجي رجلاً غيري. و إن حدث ذلك…”
تمتم أصلان بشيء بصوت خافت، ثم ابتسم بهدوء. مد يده يمررها على شعر فيفيان و همس بلطف.
“لقد تأخر الوقت، فلتبقي هنا الليلة.”
“هل لا بأس بهذا؟ كنت أعتقد أنكَ سترغب في العودة فورًا.”
“آه، ظهر أمر عاجل. سأعود سريعًا، لذا عليكِ أن ترتاحي أنتِ أولاً.”
انعكست في عيني أصلان نظرة هادئة وهو يواجه فيفيان.
* * *
في إمبراطورية أستاروت، توجد تهويدة كهذه:
‘في ليلة يسطع فيها القمر الأحمر، يظهر الشيطان. لذا، لا تفتح عينيك.’
‘لا تفتح عينيك أبدًا…’
“أوووه، و… وحش.”
“غررر…”
نظر أصلان بمتعة إلى الرجل المرتجف تحت قدميه.
لم يكن هذا هو الشخص الواثق الذي كان عليه منذ لحظات. فقط لأن أصلان أظهر هيئته الحقيقية، بدأ الرجل يزحف بشكل مثير للشفقة على الأرض.
لقد أهان فيفيان، و مد يده عليها، و حتى حاول بيعها لذاك العجوز المنحرف.
لكنها كانت امرأة هشة و محبوبة، لا يمكنه لمسها حتى بطرف إصبعه.
لقد كبح جماح رغباته المشتعلة مرارًا و تكرارًا، وكان يغريها بحذر حتى تصبح ملكًا له بالكامل.
“أ… أما من أحد! إنه وحش! ظهر وحش!”
“….”
“لا، إنه شيطان. هذا شيطان، شيطان!”
أزعجه صراخ الدوق المزعج. ضغط أصلان على رقبته برفق بمخلبه الأمامي.
“غاااه، كح كح…”
شعر بوضوح بنبض الشريان تحت قدمه. شعر أصلان بإحساس غريب.
عندما تظهر اللعنة، كان دائمًا يفقد وعيه. كان يتخبط في هاوية مظلمة كالمستنقع، يتوسل بيأس أن تنتهي هذه اللحظة الرهيبة.
إذا كان محظوظًا، تدوم ليوم واحد، و إذا لم يكن، فقد تستمر لأكثر من شهر.
‘وعيي واضح… يمكنني التحكم قليلاً في اندفاعي، و يمكنني استخدام قوتي بحرية أكبر.’
تذكر أصلان مظهر فيفيان. صراخها المستميت و هي تنادي اسمه.
في كل مرة كان يغرق في المستنقع الأسود، كانت تمسك بيده. ثم، فجأة، يصبح كل شيء واضحًا أمام عينيه.
‘أكاد أظن أن فيفيان تملك قدرة على كبح اللعنة…. مع أنه لا يمكن أن يكون ذلك.’
لم يكن الأمر يهمه. طالما أنه يستطيع أن يمسك بيدها الصغيرة و الناعمة بهيئته البشرية.
“غررر…”
“آآآه، أرجوك، أرجوك، أنقذني، أنقذني!”
قبل أن تنقطع أنفاس الدوق، رفع أصلان قدمه.
قتله بهذه السهولة لن يكون ذا فائدة.
عندما تلقى تقرير التحقيق في عائلة إلينيورا من أحد أتباعه، و عندما أدرك ما الذي دفع فيفيان إلى التعلق به بهذه الطريقة، قرر ألّا يقتله بسهولة.
[تسميم دوقة إليونورا]
كان هذا هو عنوان التقرير.
لم يكن لدى الدوق السابق لعائلة إلينيورا أي أبناء يرثون اللقب. كانت له ابنة واحدة، و كانت متفوقة في كل شيء، بما في ذلك السياسة، لكنها كانت ضعيفة جسديًا، فلم يكن من الممكن أن توكل إليها مسؤوليات كبرى.
قرر الدوق السابق أن يتبنى زوجًا لابنته من عائلة فرعية.
كان يرغب في أن يتولى الزوج لقب رب العائلة، لكن أن تبقى القوة الفعلية في يد الابنة.
لذا اختار من بين أبناء الأسر الفرعية رجلاً عاديًا عمدًا. و كان هذا الرجل هو الدوق الحالي.
كان ذلك بمثابة كارثة على عائلة إلينيورا، لكن المشكلة الحقيقية بالنسبة لأصلان بدأت بعد وفاة الدوقة.
[الإساءة والعنف المستمر من قبل الدوق]
[الاستيلاء على إرث الدوقة المتوفاة]
[ترويج الرأي العام الخبيث ضد الأميرة عن عمد]
[طلب فسخ الخطوبة من العائلة المالكة لعزل الأميرة عن العالم الخارجي]
[فشل محاولة انتحار الأميرة]
كلما تذكّر أصلان مضمون التقرير، كسر عظمة من عظام الدوق.
وعندما كان الدوق يفقد وعيه و هو يصرخ من الألم، كان أصلان يعض أطرافه و يهزها بعنف. تناثرت قطرات الدم الحمراء على جدار غرفة النوم.
لم يبقَ جزء سليم في جسد الدوق، وعندها فقط توقف أصلان.
“أن، أنتَ، لماذا، أنت…!”
“أنتَ محظوظ. ليس من السهل رؤية هذا الجانب مني.”
تسمرت عينا الدوق من الهلع عندما رأى الأسد الأسود الضخم يعود تدريجيًا إلى هيئته البشرية.
“أستاروت. الشيطان العظيم أستاروت قد عاد!”
“تابع الصراخ أكثر.”
“لقد عاد شيطان خبيث يرتدي جلد البشر! إنه شيطان، شيطان! يجب إبلاغ جلالته بسرعة، بسرعة!”
“أتظن أن صراخكَ سيجعل صوتك يُسمع؟”
ظهرت هيئة رجل كأنها منحوتة، تحت ضوء القمر الأحمر.
عندما بدأ أصلان يتمدد ببطء، اهتزت عضلاته المنحوتة بشكل مهيب و مهدد.
“هيا، سأساعدك، اصرخ بما تشاء.”
أمسك أصلان برقبة الدوق من الخلف وسحبه إلى النافذة. كسر النافذة بقدمه و ألقى بالدوق إلى الشرفة.
“قل إن وحشًا قد ظهر. وحش قذر و بشع، يتظاهر بأنه إنسان بطريقة مثيرة للاشمئزاز.”
“س، سموك، أرجوك، أرجوك أنقذني!”
“لكن من الأفضل أن تفهم شيئًا واحدًا جيدًا. لا أحد يجرؤ على لمس فيفيان. إنها ملكي. ملكي أنا فقط.”
“نعم، نعم، خذ فيفيان و اتركني أعيش…”
توجهت زوج من الأعين الحمراء إلى الدوق. تجمد كـفأر أمام نمر.
“لديكَ موهبة عجيبة حقًا.”
“سموك؟”
“كيف أنكَ تستطيع أن غضبي في كل مرة تفتح فيها فمك؟”
أدرك الدوق أن نهايته قد اقتربت، فارتعد من الخوف.
لكن أصلان مسح يديه كما لو كان قد لمس شيئًا قذرًا، ثم وقف بهدوء.
“افعل ما يلزم لتنجو. انشر الكلام كما تريد.”
“…….”
“افعل كل ما تستطيع، بكل قوتك.”
كان يتمتم بذلك مرارًا و تكرارًا، كأنه يغرسه في عقل الدوق، مبتسمًا بسرور.
ثم استدار تاركًا الدوق المرتعد خلفه.
وبعد عدة أيام، تم استدعاء دوق إليونورا سرًا من قبل العائلة المالكة. ثم اختفى من الإمبراطورية إلى الأبد.
* * *
نظر أصلان إلى وجهه في المرآة.
تفحصه بدقة هنا و هناك ليرى إن كان هناك أثر للدماء.
“أتساءل هل سيعجبها بهذا الشكل؟”
كان هناك رجل جذاب يقف أمام المرآة.
لم يتبقّ أي أثر للمجزرة المروعة، بدت ملامح عضلاته القوية واضحة تحت البدلة المثالية.
لم يكن أصلان يهتم بمظهره من قبل. كان ذلك بالنسبة له شيئًا لا قيمة له، كالنمل في الشارع.
إلى أن بدأ قرر إغواء فيفيان.
“أتمنى أن يعجبها.”
كان في مزاج جيد على غير العادة. الابتسام كان سهلًا دون مجهود.
لم يعلم أن إظهار حقيقته أمام الآخرين قد يمنحه هذا الشعور بالتحرر.
كشخص عاش في الظلام طوال حياته و خرج إلى السطح لأول مرة، كان يشعر بحماسة غريبة.
لكن أفضل ما في الأمر، هو أنه فك قيد فيفيان بيديه.
لم يكن يهمه إن لم تعترف له بذلك. يكفيه أن يهدم عالمها و يبني لها عالمًا جديدًا بنفسه.
أنهى استعداده و توجه بهدوء إلى قصر عائلة إليونورا. تحولت نظراته الحادة فجأة إلى نعومة وإشراق.
توقف أصلان فجأة عند مدخل الحديقة.
“ماذا أفعل الآن؟”
رغم تأخر الوقت، كان الشقيقان جالسين في الحديقة يتحدثان.
اشتعلت نار صغيرة بينهما تصدر أصوات طقطقة خفيفة.
* * *
بعد أن غادر الدوق قاعة الطعام وهو يثير الفوضى، عادت فيفيان إلى الجناح بعد أن هدأت إيريس المنهارة.
لكنها كانت مصدومة أيضًا.
ليس لسبب خاص، بل لأنها لم تستوعب كيف يمكن أن يكون هناك أب بهذا الجنون في العالم.
‘ليس كأننا سلعة للبيع. رجل مسن في الخمسين! ما هذا الهراء.’
كانت فيفيان على وشك بلوغ الثامنة عشرة. كانت ستصبح بالغة قريبًا.
لكن، مع ذلك، هناك حدود لكل شيء. تزويجها لرجل يكبرها بأكثر من ثلاثين عامًا لا يعقل.
وليس كما لو أن عائلة إليونورا فقيرة.
رغم أن رب العائلة الحالي كان ضعيفًا سياسيًا، إلا أن سمعتها العريقة لا تزال قوية.
‘ظننت أنه فقط يريد توبيخي بقسوة بسبب ما حدث مع الوصية. لكنه رمى كأس النبيذ، و مد يده علي، لو لم أتفادَ الضربة، لكنتُ الآن ميتة تمامًا.’
لحسن الحظ، كان تفادي هجوم الدوق أسهل من تفادي أوراق الخريف على الطريق.
كان مجرد رجل سمين و قصير لا يعرف حتى كيف يمسك سلاحًا. بدا تفاديه سهلاً لدرجة أثارت الشك.
“هم، ما هذا؟”
جلست فيفيان على الأريكة، ثم وقفت مجددًا. كان هناك شيء عالق تحت الوسادة.
“مذكرات؟”
كانت مذكرات جلدية قديمة حتى أن جلدها تآكل بفعل الزمن.
تساءلت فيفيان لماذا كانت عالقة في شق الأريكة. مكانها الأصلي كان…
نظرت تلقائيًا إلى أسفل الطاولة الجانبية و أمالت رأسها. شعرت بديجا فو غريب، لكنها تجاهلته وحولت نظرها.
كما توقعت، كانت مذكرات.
لكن بعد تصفح بضع صفحات، بدأ وجهها يتجمد تدريجيًا.
“ما هذا…”
بدأت المذكرات من الذكرى السابعة لوفاة الدوقة. عندما كانت فيفيان في العاشرة من عمرها.
[جاءنا نعي من عائلة والدتي. توفيت عمتي الكبرى، التي كانت قد تقاعدت لأسباب صحية، في حادث عربة.
أنا و أخي ورثنا التركة.
الآن، من الذي سيحمينا، نحن الأخوان؟]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "18"