فركت فيفيان عينيها بتكاسل. كانت أشعة الشمس الساطعة تتسلل بين جفنيها. يبدو أن الصباح قد حل.
لكن فيفيان لم تشعر برغبة في النهوض. كان داخل اللحاف دافئًا و مريحًا.
“أريد أن أنام أكثر.”
“إذاً افعلي ذلك.”
كانت فيفيان تتقلب و تحتضن نفسها، لكنها توقفت فجأة. شعور مرعب و مشؤوم زحف على عمودها الفقري.
“نامي أكثر، فيفيان. لقد أرهقتِ نفسك الليلة الماضية.”
“…….”
“و أنا أيضًا لا أزال متعبًا.”
كان هناك ساعد برونزي اللون ملتف بإحكام حول خصر فيفيان النحيل. كان هذا الإحساس المألوف كقيد من الفولاذ واضحًا بلا شك.
“أصلان؟!”
“هممم؟”
“م… ما هذا…!”
استفاق عقلها المنغمس في النوم دفعة واحدة.
وأول ما رأته بعد فتح عينيها كان صدر أصلان العاري تمامًا.
نظرت فيفيان بسرعة إلى أسفلها. و لحسن الحظ كانت ترتدي ملابسها، رغم أنها لم تكن ترتدي سوى قميص نوم رقيق و شفاف، لكن على الأقل لم تكن هناك أي آثار للفوضى في ملابسها.
‘هل نمت هكذا البارحة؟ لا، لكنني كنت جالسة عند رأسه.’
لماذا أصبحت الآن محاصرة تمامًا بين ذراعي أصلان؟!
حاولت فيفيان النهوض بسرعة، لكن ذلك كان مستحيلاً. لم تتحرك ذراعا أصلان الملتفتان بإحكام حول خصرها مهما حاولت التملص.
“أيمكنكَ من فضلك… رفع ذراعيكَ قليلاً…!”
إن كنت تملك ذرة من الضمير، فلا تستخدم مريضة صغيرة وضعيفة مثلي كوسادة! هل تعرف كم تزن مقارنة بي؟!
كان قد لف ذراعيه الاثنتين بهذا السمك حول خصرها، فكيف لخصرها أن يبقى سليماً؟!
“أشعر أن خصري سيتحطم…”
“ذلك لأنك أرهقتِ نفسكِ الليلة الماضية.”
“أهغ!”
ليس هذا ما أعنيه! أنتَ من يعتصر خصري بشدة لدرجة أنه سينكسر!
وفي اللحظة التي كانت فيها فيفيان تحاول الإفلات بصعوبة، جاء صوت شهقة خافتة من خلفها.
تحت أنظار الاثنين، انحنت كبيرة الخادمات، إيما، برأسها.
“أعتذر لإزعاج وقتكما اللطيف. لكن حان وقت تناول سيدتي للدواء، فاعذراني.”
هذا ليس كما تظنين…
“لا بأس. لا يمكن أن أسمح لفيفيان بتفويت دوائها. أعدي الإفطار أولاً.”
هذا ليس ما حدث!!
تجاهلت إيما و أصلان فيفيان التي كانت تتلوى بينهما و أكملا حديثهما بهدوء.
لقد أساءوا الفهم، دون شك. خاصة إيما، التي رمقتها بنظرة جانبية خفية توحي بأنها كونت استنتاجاً خاطئاً.
لماذا لا تنظرين إلي مباشرة؟!
غطّت فيفيان وجهها بكلتا يديها وهي تغرق في اليأس، وخلال ذلك، كان الإفطار قد جُهّز في الغرفة.
“للأسف، حان وقت النهوض.”
حمل أصلان فيفيان برفق و نزل بها من السرير.
ثم وضعها على الأريكة، و أمر أحد الخدم بإحضار نعالها.
“قدماكِ صغيرتان، لذا حتى حذاؤكِ يبدو ظريفاً.”
“أنا لست صغيرة، يداك فقط كبيرتان…”
“لا، بل أنتِ صغيرة.”
أمسك أصلان قدم فيفيان الصغيرة البيضاء بلطف، وبدأ يمسح على ظهر قدمها، ثم ألبسها النعال بنفسه.
ثم ابتسم برضى.
“هيا نأكل.”
كان أصلان يأكل كما يليق بجسده الضخم. بدأ يومه بمضغ شريحة ستيك بحجم كفّي يد دون أي مشكلة.
نظر إلى فيفيان التي كانت تعبث بصحن السلطة، فتجهم وجهه.
“لماذا لا تأكلين؟”
“لا شهية لي في الصباح.”
“ألم تكوني تأكلين دائمًا بمقدار طعام العصافير؟”
كانت فيفيان على وشك أن تقول “أنا لا آكل قليلاً، بل أنت من يأكل كثيرًا”، لكنها أغلقت فمها بسرعة.
ذلك لأن أصلان عقد حاجبيه بحدة و نادى على أحد الخدم.
“أطرد الطاهي.”
“نعم، سيدي.”
“أصلان؟”
“جميع الطهاة في هذا القصر تم توظيفهم من أجلكِ. وإن لم يتمكنوا من إرضاءكِ، فعليهم أن يُفصلوا.”
أمسكت فيفيان بسرعة الخادم الذي كان على وشك مغادرة الغرفة.
لن تكون هناك العديد من العائلات النبيلة المستعدة لتوظيف طاهٍ طُرد من قصر الدوق. إذا استمر الأمر على هذا النحو، فإن مسيرته المهنية ستدمر فقط لأنها لم تأكل كثيراً.
تناولت فيفيان بسرعة طبق الحساء أمامها.
“يا للروعة، لا يُصدق كم هو لذيذ!”
“…….”
“أن توظف طباخًا بهذه المهارة… لا أحد يفكر بي مثلكَ يا أصلان!”
بدأت فيفيان بالأكل بجدية. بكل قوتها، كما لو أنها تأكل خبزًا مبللًا بالدموع.
وأخيرًا، عندما كان أصلان يحدق بها بصمت طوال الوقت، هدأت عيناه و عادت إلى اللطف.
“من حسن الحظ أنكِ أحببته.”
نجحت فيفيان في حماية مستقبل الطهاة الأبرياء.
* * *
انتهى وقت تناول الطعام، الذي استخدمت فيه فيفيان كل قواها، بسلام.
نهض أصلان من مكانه فقط بعدما رأى فيفيان تبتلع الدواء المُر حتى النهاية.
مرر يده بلطف على شعر خطيبته وابتسم.
“أحسنتِ. سأعود وقت الغداء، فارتاحي جيداً حتى ذلك الحين.”
“إلى أين ستذهب؟”
“هناك أمر يجب معالجته. هل يجب ألا أذهب؟”
“لا؟ بالطبع يجب أن تذهب، ما الذي تقوله؟ كما تقول الحكمة القديمة، من لا يعمل لا يأكل.”
تجاهلت فيفيان صرخات ضميرها. فهي غنية و لا تعمل لذا لا بأس.
وبالطبع، أصلان أغنى منها بكثير، لكنها قررت ألا تشغل بالها بذلك.
“لكن أصلان، هل يمكنني أن أطلب منكَ شيئاً واحداً فقط؟”
“اطلبي ما تشائين.”
كانت تنوي أن تؤجل الطلب حتى ترى ما إذا كان الوقت مناسباً. لكن بدا أن مزاج أصلان اليوم في أفضل حالاته. شعرت أن هذه فرصتها الذهبية.
“أريد أن أزور والدي. في قصر إليونورا…”
“لماذا.”
تجمد صوت أصلان الذي كان يذوب كالعسل.
“لا تقولي أنكِ تنوين العودة؟”
“ليس كذلك…”
“هؤلاء أشخاص لم يعودوا على صلة بك. لا يستحقون حتى اهتمامكِ حتى.”
“لكن أختي عادت، لا يمكنني تجاهل الأمر.”
منذ أن تلقت رسالة من دوق إليونورا في الجنوب، وهي في حيرة.
أخيرًا ظهرت البطلة الأصلية.
الشخص الذي وضع عليه أصلان علامته بعد أن تحول إلى شيطان، والوحيدة التي بقيت بجانبه بينما كان يغرق في جنون قوى الشر.
الشخصية التي ستحدد مسار هذا العالم ظهرت أخيرًا.
‘أنا بالفعل أشعر بالذنب لأنني فجرت الكهف فقط من أجل إنقاذ نفسي.’
وبسبب ذلك، دُمّر اللقاء الأول بين أصلان والبطلة تمامًا.
‘إذاً يجب أن أمهّد لهما لقاءً آخر. سيتعرفان على بعضهما من النظرة الأولى!’
بمعنى آخر، كانت خطتها هي ترتيب لقائهما المصيري.
ولم يكن دافعها فقط الرغبة في المساعدة، بل لأنها كانت تأمل أن يكون من السهل عليها الهرب إذا وقع الاثنان في الحب.
ثم تقوم باستمالة البطلة بدلًا من تابع أصلان وتحصل على العلاج بسهولة.
“أخت؟ إنها مجرد شقيقة غير شقيقة.”
“لكن كواجب عائلي…”
“هذا السبب لا يكفي لأقتنع، يا فيفيان.”
لكن يبدو أن أصلان كان يفكر بشكل مختلف تمامًا. عينيه الذهبيتين تألقتا كمن يطوّق فريسة تحاول الهرب.
فأسرعت فيفيان لتوضيح نواياها وأنها لا تنوي الهرب.
“أريد أن أذهب معك! لا يمكنني الذهاب بدونك!”
“ماذا؟”
“أنا سببت الكثير من المشاكل عندما غادرت. قلبت العائلة رأساً على عقب…”
أمال أصلان ذقنه كما لو أنه يستمع بتركيز. وعندما ينصت، تكون تلك فرصة ثمينة.
“لكن إذا ذهبت برفقتك، لن أتعرّض للتوبيخ. أحتاج إلى درع بشري… لا، أعني دعم قوي…”
رفعت فيفيان عينيها بحذر، ثم قالت الكلمة الفاصلة
“خطيبي.”
نجحت فيفيان في الحصول على موافقة أصلان.
* * *
في اليوم التالي، زار أصلان و فيفيان قصر دوق إليونورا.
وكان الخدم الذين تلقوا إخطارًا مسبقًا، في استقبالهم بحفاوة عند نزولهم من العربة.
“نحيّي سمو الأمير الثاني.”
“أميرة، كم عانيتِ عندما كنتِ بعيدة.”
كانت فيفيان قلقة جدًا عندما نزلت من العربة، لكنها هلّلت في داخلها. لقد عادت بعد أن تسببت في كارثة كبرى وهربت، ومع ذلك لم يوبّخها أحد أو يرمقها بنظرة لائمة.
‘هل هذه هي قوة النفوذ؟ هذا رائع!’
نظرت إلى أصلان بعينين مملوءتين بالرضا. وكأن به قد شعر بذلك، فتلاقى نظرهما.
“وجهكِ لا يبدو جيدًا. لمَ لا ترتاحين قليلاً؟”
“لم نتحرك إلا قليلاً في العربة، لا يمكن أن أكون متعبة. فقط… تبدو وسيمًا بشكل خاص اليوم.”
حين كانت تقيم في هذا القصر، لم يكن أحد يعاملها بلطف هكذا.
حتى عندما كانت تصاب بنوبة تجعلها غير قادرة على التنفس و ترن الجرس، لم يأتِ أحد. وإن ذهبت بنفسها، كانوا يتحدثون إليها من بعيد بكلمات مقتضبة.
وهذا ما سهّل عليها الهروب من القصر.
رغم أنهم أمسكوا بها بسرعة…
“أين أختي؟ هل يمكنني رؤيتها حالًا؟”
“الآنسة إيريس ترتاح في غرفتها. كل ليلة، تبقى مستيقظة حتى وقت متأخر تقضي الوقت مع الدوق في محاولة لاستعادة علاقة الأب بابنته.”
“فهمت. هذا مؤسف، لكن يمكنني الانتظار…”
“لا يمكننا إيقاظها الآن، نرجو تفهمكم. نأمل أن تتفهمي وضع الآنسة إيريس الحزينة، التي نامت وهي تفتقد والدها.”
ارتفع صوت الخادم فجأة، فالتفتت الأنظار نحو فيفيان. سيعتقد الجميع أنها صرخت تطالب بإيقاظ أختها وتم رفض طلبها.
اتجهت نظرات الخادم النقية إلى أصلان. وكذلك فعل باقي الخدم. بدا وكأنهم ينتظرون ردة فعله.
وبينما كانت الأجواء تتصاعد، حدث ذلك.
“وقح.”
“عفوا؟”
“كيف تجرؤ على الصراخ في وجه مريضة ضعيفة؟ حتى أنا انزعجت من صوتك. أهذه هي أخلاق إليونورا؟”
“ذا، ذلك…”
“هل كنتم تهتمون بـفيفيان بهذه الطريقة الحقيرة طوال هذا الوقت؟”
الضغط الذي صدر من أصلان كان مرعبًا بحق. الخادم الذي تلقى نظرة عينيه لم يجرؤ على التنفس وانحنى فورًا.
“ورغم ذلك كنتم تودون أخذ فيفيان معكم؟”
“آه، أنا آسف. ما زلتُ أفتقر إلى…”
“ليست هناك حاجة لوجود خادم يقصّر في واجبه.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "15"