رموشها التي ترمش ببطء بدت كأجنحة فراشة رقيقة، تجعل من يراها يرغب بحمايتها في حضنه.
“إذا تظاهرتُ بالمرض، ربّما يتغاضون عن تأخّري.”
“…..”
إذن، لم تتزيّن ببساطة بسببِ موسم الصيد، بل لتبدو مريضة.
أعجبت إيما بخطة سيدتها وأكملت التحضيرات.
* * *
أُقيمَ مهرجان الصًيد هذا العام في أراضي الصيد الملكية القريبة من العاصمة.
كانَ المكانُ يستضيف المسابقات منذ زمن، لذا كانت المباني أكبرَ و أكثر فخامةً مقارنةً بالعام الماضي. أقامَ النّبلاء في قصر جانبي بدلاً من الخيام.
“تحية لجلالة الإمبراطورة.”
توقفت فيفيان، التي كانت تغادر القصر برفقة حراس كُثرٍ عينّهم أصلان، عندما رأت ثلاثة نبلاء شباب ينحنون بأدب.
أدركتْ بسهولة أنهم، على الرّغمِ من تظاهرهم بالمرور، كانوا ينتظرونها.
‘يبذلون جهدًا كبيرًا لكسبِ ودي’
لم يكن لديها بعد أتباع يُطلق عليهم حاشية. كانت إيريس وسيليا بعيدتين عن السياسة، وأليكس…
‘همم.’
بسببِ هذه الديناميكية، كان دائمًا هناكَ نبلاء يحاولون التّقرب منها.
لكن فيفيان حافظتْ دائمًا على مسافة مهذبة ومناسبة. كان ذلكَ بسببِ ذكرياتها المؤلمة عندما تخلى عنها الجميع بعد إصابتها بالسل، تاركين إياها كطائرة ورقيّة بلا خيط.
لكن هؤلاء النبلاء لم تكن لهم علاقة سابقة بها، وكانوا محترمين للغاية.
‘ لا بأس بالتّحية.’
أومأت فيفيان، فتقدّمَ الأكثر وسامة وطولًا ليمثلهم. مدت يدها المغطاة بالقفاز كإشارة لقبول التحية.
“الكونت إميليو، تشرفت بلقائك.”
لكن بدلاً من تقبيل يدها، أمسكها وجثا على ركبة واحدة.
أومأت فيفيان دونَ تفكير. كان من غير اللائق ترك سيدة تمشي بمفردها، خاصة وأنها ليست أميرة دوقيّة عزباء، بل إمبراطورة الإمبراطورية.
شعرتْ أن الالتزام بالأدبَ ضروريّ، حتى لو كانَ مزعجًا بعضَ الشيء.
“إنّه لشرف لي.”
تحدثوا أثناء توجههم إلى قاعة الافتتاح. كان الكونت، على غير المتوقع، مهذبًا و ذكيًا، مما جعلَ الأجواء مريحة حتى وصلوا إلى القاعة.
“لقد وصلت جلالة الإمبراطورة!”
أعلن الخادم عند مدخل القاعة وصول إمبراطورة الإمبراطورية. نهضَ أصلان، الذي كان يبدو متململًا، بسرعة، و انقسم النبلاء إلى جانبين، ينحنون باحترام.
“فيفيان.”
تفكّكت تجاعيد جبينه المشدودة بلطف وهو يستقبل شريكته الوحيدة. كانت عيناه الذهبيتان كالعسل الذائب، وصوته الذي نادى اسمها كان حذرًا كما لو كان يتعامل مع دمية سكر هشة.
“الكونت إميليو قد وصل!”
…حتى اكتشفَ الحشرة التي التفت حول فيفيان.
“…..”
انفتحَ فم الأسد المشتعل.
دونَ أن تدركَ أنها تصب الزيت على نار الجحيم، ابتسمت فيفيان للكونت الذي رافقها بأدب.
“بفضلكَ، استمتعت بالطريق، يا كونت.”
“كان شرفًا لي أن أمنح جلالتكِ بعض المتعة.”
كانت ابتسامة فيفيان جميلة بلا شك. أحيانًا كانت كوردة شائكة، خطيرة و ساحرة، وأحيانًا أخرى كزنبقة رقيقة ونقية.
كان هذا واضحًا في عيني أصلان، وكذلك في عيني الكونت الذي أمسكَ يدها.
عندما كاد الرجل، الذي توقّف تنفسه للحظة، يقبل يدها…
“هل واجهتِ صعوبة في الطريق؟”
عبرَ أصلان القاعة الواسعة في لحظة وقطع بينهما.
أحاطَ خصر فيفيان، وانتزع يدها التي كان الكونت سيقبلها بلطف كالريشة ولكن بسرعة البرق، محتفظًا بها في قبضته.
“بفضل شخصٍ ما لم يوقظني و تركني، عانيتُ قليلاً.”
“كنت قلقًا على صحتكِ.”
“همف…”
عندما أدارتْ فيفيان رأسها بنزق، أصبحَ أصلان مضطربًا داخليًا و هو يُراقب تعبيرها فقط.
“لكن الطريق كان جيدًا. استمتعت بفضلِ الكونت.”
“آه، يبدو أنه أعجبك.”
اشتعلت نار الجحيم التي بدت و كأنها خمدتْ للحظة. بينما كانَ يهدّئ زوجته المتذمرة بصوت ناعم، كانت عيناه ترميان الكونت بنظرات قاتلة، في عرض مذهل للتناقض.
بل إن أسنانه صرّت، مما يوحي أنه قد يمزقه حقًا.
لم يكن هناكَ شيء أكثر تهديدًا من نظرات الغيرة المشتعلة. تجاهلَ النّبلاء الأمر، محدّقين في جبل بعيد غير موجود.
“آه، لماذا الجو حارً هكذا؟ هل هناك مدفأة قريبة؟”
“ربما تتوهمين.”
“أشمّ رائحة شيء يحترق…”
بالتّأكيد، كانَ هناكَ شيء يحترق، لذا لم يكن وهمًا.
على أيّ حال، خلعت فيفيان شالها و نظرت حولها، فقادها أصلان بسلاسة إلى المقعد الرئيسي، كما لو لم يحدث شيء.
صعدت بضع درجات، و وقفت في مكانٍ يطل على جميع النبلاء.
‘يبدو الأمر أفضلَ مما توقعت؟’
لم تُظهر على وجوه النبلاء أي استياء من تأخرها. بل بدوا وكأنهم يتقبلون الأمر كشيءٍ طبيعي.
أدركت فيفيان أنّـها الإمبراطورة.
لم تكن الشّريرة السيئة السمعة، أو الفتاة المنبوذة، أو مثيرة المشاكل في الأوساط الاجتماعية، بل كانت رمزًا للإمبراطورية يحترمه الجميع.
شعرت بشيءٍ غريب يهز قلبها.
ليس شعورًا بالمسؤولية أو الواجب الثقيل…
‘عاشت السّلطة!’
يمكنها النّوم أكثرَ في الصباح.
يمكنها التسكع في السّرير كما تشاء!
لكن هذا لا يعني أنها يجب أن تُرهَق على يد أصلان. كانت جادة جدًا. قرّرت فيفيان إضافة ملاحظة.
“اليوم، كن هادئًا. إذا تصرفتَ كوحشٍ مرّةً أخرى، سأنام في غرفة منفصلة طوالَ مهرجان الصيد.”
“…..”
تظاهرَ الرجل ذو السّمع الحاد بأنه لم يسمع كلامها، محدّقًا بشراسة في مكانٍ ما. في نهاية نظرته، كان الكونت إميليو و بعض النّبلاء الشباب.
كيف يجرؤ على تشتيت انتباهه بينما زوجته اللطيفة و المحبوبة تتحدث؟ تشكّلتْ عقدة صغيرة على فكها.
“أنا جادّة بشأنِ النّوم في غرفة منفصلة…”
“هذا لن يحدث.”
عادَ نظر أصلان بسرعة. لكن فيفيان كانت نصف متذمرة بالفعل.
“لكنكَ لم تستمع إليّ للتو.”
“إنّه خطأي. هذا أوّل حدث رسمي بعد التتويج، لذا كنتُ متوترًا.”
“أنتَ متوتر؟”
رمشتْ فيفيان بدهشة. بدا أنه متوتر حقًا، عيناه تلمعان و هو يتمتم بشيء. بدا وكأنه يتحدث عن “التخلص” من شخصٍ ما، لكنها لم تكن متأكدة.
‘حسنًا، هو بشري أيضًا، لذا يمكن أن يتوتر.’
شعرت أنها ربّما بالغت في رد فعلها، فتنحنحت ونظرت إلى القاعة.
“هل تتذكر مهرجان الصيد العام الماضي؟”
“آه.”
“عندما طلبتُ منكَ اصطياد أجمل حيوان من أجلي، فزتَ بالمسابقة. لقد صُدمت. هذا العام، كن معتدلًا من أجلِ النبلاء الآخرين.”
“لا يمكنني فعل ذلك.”
كان صوتـ أصلان حازمًا للغاية.
“يجب أن أحصلَ على قبلة منكِ.”
‘لكن إذا سامحتكَ هكذا، فلن يكون له معنى. فلنتراهن. خلال اليومين المتبقيين، اصطد لي أجمل حيوان.’
‘إذا كان ذلك سيمنحني مغفرتك، سأقدم ليس فقط أجمل حيوان، بل شرف الفوز أيضًا.’
‘أليس هذا مبالغًا فيه؟’
‘إذن، سأراهن أيضًا. إذا فزت، هل ستقبّلينني؟’
كانت قبلة مهرجان الصيد تقليدًا قديمًا في الإمبراطورية. يهدي الفائز الشّرف لحبيبته أو زوجته، و يتلقّى قبلة أمام الجميع.
في ذلكَ الوقت، لم تتوقع فيفيان فوزه، فقبلت الرهان.
لكن أصلان، رغم العقوبات، اصطاد أجمل غزال أبيض وفريسة تزن أكثر من خمسة آلاف كيلو، ليصبح الفائز الساحق.
قبلتها الأولى الثمينة…
“هذه المرّة، دعينا نتراهن أيضًا.”
“لا، لا أريد!”
“إذا فزتُ انا، لا غرف منفصلة إلى الأبد.”
“هذا غير منطقي! أين القانون الذي يسمح بذلك؟”
“إذن، هل تقولين إنكِ ستنامين في غرفة منفصلة الآن؟”
سال العرق البارد على ظهر فيفيان. كانت يده التي تحيط بخصرها لطيفة كما لو كانت تتعامل مع تحفة هشة، لكنها عرفت غريزيًا من خبرتها الطويلة:
‘عضلات أصلان غاضبة جدًا الآن.’
كانت كوحش فقدَ قطعة لحم طرية كان ينتظر نضجها.
“حسنًا، سأعطيكَ قبلة.”
“كلّ يوم.”
“ماذا؟”
“قبلة كلّ يوم.”
“لكننا نقبل كلّ يوم بالفعل…!”
اشتعلت وجنتا فيفيان، و ابتسمَ أصلان بخفة و قبّل! جبهتها.
‘ما الذي رأيناه للتّو؟’
في هذهِ الأثناء، مسحَ النبلاء أعينهم، و هم يشكّكون في بصرهم.
لم تظهر الإمبراطورة كثيرًا علنًا بسببِ صحتها. كانت تظهر أحيانًا في المناسبات المهمة، لكن بسببِ مرض السّل الشديد، لم تبقَ طويلًا.
لكن الإمبراطور، أقوى محارب في الإمبراطورية، الشمس الوحيدة، الذي يجعل الجميع ينحنون خوفًا من نظرة واحدة…
كانَ ينظر إلى الإمبراطورة بعيون – ليست نظرات حادة، بل عيون – تقطر عسلًا.
بل إنّه عندما رأى زوجته، بدا و كأنّه لا يعرف ماذا يفعل من شدّةِ حبّـه، شفتاه تنحنيان بلطف.
‘ماذا تحبُّ جلالة الإمبراطورة؟’
‘يجب أن نكتشف تفضيلاتها، مهما كانت!’
دون أن تدرك أفكار النبلاء، ركّزت فيفيان على إرسال زوجها إلى أرض الصّيد بسرعة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 133"