استيقظَ أصلان مِـنْ نومه، يتنفّس بصعوبة و هو يجلس. أصدرتْ المرتبة صريرًا بسببِ حركته العنيفة.
“ما هَذا؟”
شعورٌ مألوف، لزج و حارّ.
آه، إنّـه شعور الدّم.
نظرَ إلى يديه المبللتين بالدّم، لكن الظّلام الدامس حجبهما عن عينيه. حاولَ أصلان، في حالة من الفوضى، تذكّرَ ذكرياته المشوشة.
“حلم أم حقيقة؟”
لم تتلاشَ الصّور المروّعة. عندما تذكّرَ تلكَ اللّحظة، شعرَ بقشعريرةٍ في عموده الفقري.
لحظة التقاء عينيه معها و هيَ تتدحرج على أرضيّة السّجنِ القذرة…..
“فيفيان.”
شعرَ و كأنّ حلقه يضيق.
كانَ عليه أن يتأكّد أنها بخير، و إلا شعرَ انه سيموت. بينما كان يضع يده على المرتبة لينزل من السرير، سمع:
“أممم…”
صوت أنين ناعمٍ مشبع بالنّعاس، مصحوبًا بلمسةٍ دافئة و ناعمة تحتَ أصابعه.
تقلّبتْ فيفيان في نومها، و هي تتدحرج لتلتصقَ به، مستندة جبهتها على ذراعه، ثمّ أطلقتْ تنهيدة راضية.
“آه.”
كانَ حلمًا. كلّ شيء كان حلمًا.
عادَ قلبه، الذي سقطَ إلى قاع الجحيم، إلى مكانه.
فرك أصلان شعرهُ بعنف و استلقَى على السّرير بحذر، حريصًا على عدم إيقاظها.
“نعم، كلّ شيءٍ حلم.”
فيفيان بجانبه الآن.
إنّها إمبراطورة الإمبراطوريّة و زوجته الآن. لن يفترقا أبدًا.
‘ههه، حقًا؟’
تجاهلَ أصلان الطّنين السّاخر فِي أذنيه. دفنَ رأسه في حضن فيفيان، التي كانت تتنفّس بهدوء، و أغمضَ عينيه.
على الرّغمِ من اختفاء الشّيطان القديم بلا أثر، كانت الذّكريات الملتصقة بقاعِ روحه لا تزال تؤرّقه.
لقد مرّتْ ثلاثة أشهر و هو يتجول في كوابيس لا تنتهي.
* * *
“ألا تعتقدين أنَّ هذا مبالغٌ فيه؟”
كانتْ أشعّة الشّمس الصَّباحية تتسلّل عبرَ النّافذة العالية للقصر الإمبراطوري.
كانت فيفيان، بمساعدةِ إيما، تجمع قواها المرهقة و تهمس. كانَ أصلان يهاجمها كلّ ليلة بشكلٍ محموم، ممّا جعلها على وشكِ الانهيار.
” حللنا مشكلةَ وحشٍ واحد ، ليستيقظَ وحشٌ آخر.”
“بفضله، لا يستطيع أحدٌ الاقتراب مِـن غرفة النّوم إلا أنتِ. أشعرُ بالحرج الشّديد…”
“لا تفكّري بهذه الطّريقة. إن علاقة جلالتيكما الجيّدة هي نعمةٌ كبيرة للإمبراطوريّة.”
“أووه.”
على مدى ألف عام مِن تاريخ الإمبراطوريّة، كان الإمبراطور و الإمبراطورة يستخدمان قصرين منفصلين، و هي قاعدةٌ غير مكتوبة منذ عهد الإمبراطور الأول، لضمانِ عدم التّدخل في خصوصيّة الآخر. كما كانتْ علاقتهما تقتصر على السّياسة.
لكن أصلان كانَ يتردّد على قصر الإمبراطورة يوميًا، و رفضَ الانفصال عنها، فـهدمَ غرفة نوم القصر الإمبراطوريّ ليحوّلها إلى غرفة نومٍ مشتركة.
حدثَ ذلكَ في اليوم الثّاني من دخولهما القصر بعد تتويجهما.
“لا فائدة من تغييرِ الموضوع. يجب أن تتناولي الدّواء.”
“هل كانَ ذلكَ واضحًا؟”
“نعم.”
“لكن أنا حقًا متعبة. أقسم أنّني كذلك…”
أجلست إيما فيفيان، التي كانت تشكو بفم مشدود ، بمهارة .
كانت إيما، التي خدمتها منذُ أيام الدّوقية الكبرى، الخيار الطبيعيّ لتصبح رئيسة الخادمات في القصر. و كانت بارعة جدًا في إجبار فيفيان على تناولِ الدّواء المر.
ابتلعتْ فيفيان الدّواء الذي يشبهُ طعمه شيئًا من قاع الجحيم.
بينما كانت تمضغ العنب بتعبيرٍ شاحب، فكّرت فيفيان في مهامّاليوم. كونها مريضة نوعًا ما، لم يكن لديها جدولٌ رسميّ كإمبراطورة.
لكن كان عليها كتابة رسالة إلى أليكس، بعد أن تلقّت ردًا من رافي في القارّة الشّرقية بالأمس.
أعدّتْ إيما الأدوات على طاولة السّرير و انسحبت.
أمسكت فيفيان القلم و بدأتْ تفكّر فيما ستكتبه لأخيها المسافر عبر القارة.
[أخي، هل وجدتَ صديقة لأرمسترونغ؟]
لقد جاءَ موسم تزاوج النّعام.
في أوائل الرّريع، بينما كانوا يستعدون للعودة إلى العاصمة بعدَ الحرب، قرّر أليكس السّفر من أجل صديقه الذي كانَ يعاني من الوحدة في هذا الموسم.
حاولَ المقرّبون ترتيب لقاءات مع إناث النعام، لكن أرمسترونغ أرادَ لقاءً طبيعيًا، فلمْ تنجح الترتيبات.
و هكذا ، رحلَ شقيقها مع صديقه النّعامة.
تاركين سؤالًا في أذهان الجميع:
“لا توجد موائل للنعام في القارة…”
لم تكن هناك نعام، و لا حتى طيور مشابهة.
فمَن الذي يريد مقابلته؟
[عندما شكوتـ لرافي في رسالة، قال إن هناكَ أنثى نعامة كانت ْعلى علاقة جيدة بأرمسترونغ في الحظيرة الملكية، و سوفَ يرسلها.
ستصلُ إلى مينيرفا قريبًا.
لذا، عُـدْ.
اللّقاء الطّبيعي فكرةٌ جيّدة، لكن ألا يجبُ أن تكون من نفسِ النّوع على الأقل؟
ها تفهم ما أعنيه؟
عُـدْ بسرعة.]
لم تكن هناكَ لحظة راحة من قلق العائلة.
تنهّدتْ فيفيان و هي تزحف تحتَ الأغطية، لكن طرقًا على الباب توقفها. أطلَّ ديلان، قائد فرسان القصر، برأسه بحذر.
“ها أنتِ هنا!”
“أين سأكون في هذا الوقت المبكر؟”
على الرّغمِ من أن الشّمس كانتْ في منتصف السماء، إلا أن فيفيان رمشتْ بعينيها بوقاحة.
نظرت إيما إلى ديلان، متجاهلة كلامها.
“أنتَ لم تأتِ لمرافقة جلالة الإمبراطورة مجددًا، أليس كذلك؟”
“إيما، أنتِ صارمةٌ جدًا! لا بأس أن تزوز الزّوجة زوجَها…”
“إذن، لا داعي للذّهاب؟”
“أرجوكِ، أنقذيني.”
عند كلمات فيفيان الباردة، ركعَ ديلان بخفة كالريشة. كانَ يُعرف بين الناس بـ”النمر”، لكنه أمامَ فيفيان كان مجرّدَ ممسحة أحذية مخلصة.
بينما كانتْ تستمع بإهمال إلى توسّلات ديلان، غرقت فيفيان في أفكارها.
“يبدو أنّهُ يتصرّفُ بشكلٍ غريبٍ مؤخرًا.”
منذُ المعركة الأخيرة مَع يوهانس، تغيّرت شخصيّة أصلان.
كانَ دائمًا حادًّا كالسّيف، لكن الآن، بعدَ انتهاء كل الصّعوبات، كانَ ينبغي أن يرتاح.
لكنه ظل يتصرّفُ كمن يقفُ على حافّة الهاوية.
يبدو مضطربًا باستمرار.
وجودها بجانبه يهدّئه، لكن لفترةٍ قصيرة فقط.
‘حتّى عندما أسأله، لا يخبرني بمَا يحدث…’
استفاقت من أفكارها عندما لاحظتْ ديلان يدور حولها بقلق.
كانت تعرف طلبه دونَ سماعه. لقد جاءَ ليطلب منها تهدئة أصلان قبلَ أن يحدثَ شيءٌ سيء.
“أكره أن يعاني أصلان، وإن كان التأثير مؤقتًا، فهو أفضل من لا شيء.”
نهضتْ من السّرير و أمرتْ بالخروج. بما أنها كانت تتحرًك داخل القصر، اكتفت بفستان داخلي أبيض مع شال شفّاف، مشطت شعرها البلاتيني الطويل إلى جانب واحد، مما جعلها تبدو كزهرة ناقوسية متلألئة بالندى.
“أين أصلان؟”
“في مكتبه.”
أومأت فيفيان و غادرتْ غرفة نومهما .
عندما وصلتْ إلى المكتب، أضاءتْ وجوه الخدم و الفرسان عند رؤيتها كما لو رأوا منقذتهم. منعتْ الخادم الرئيسيّ مِنَ الإعلان عن وصولها و فتحتٔ الباب بنفسها.
“أمرت ألاّ يدخلَ أحد…!”
توقّفت فيفيان عندَ عتبة الباب. على الرّغمِ من أنهم في الصيف، إلّا أنّها شعرتْ ببرودةٍ تقشعر لها الأبدان من هالة قاتلة.
عندما رآها أصلان، خفّف هالته بسرعة و قام، لكن الوقتَ قدْ فات.
“ما الذي أتى بكِ في هذا الوقت المبكّر؟ كنتِ متعبة، كانَ يجب أن تنامي أكثر.”
“كنتُ أريد ذلك، لكن شخصًا ما يزعجني.”
“يبدو أن ديلان ذهبَ إليكِ مجددًا. سأوبّخه لاحقًا.”
“لو لم يُرهقني أحدهم حتّى الفجر، لكنتُ تجوّلت مبكرًا أكثر.”
على الرّغمِ من كلامها اللاّذع، أغلقَ أصلان الباب متجاهلاً ذلك و أمسكَ يدها بحذر، و هو يقودها إلى الدّاخل.
“هل تناولتِ الإفطار؟”
“بالطّبع.”
“ليس بمقدار طعام الطيور مجددًا، أليس كذلك؟”
“كما أقول دائمًا، لستُ أنا من يأكل قليلاً، بل أنتَ من يأكل كثيرًا.”
كانَ أصلان، قبلَ أنْ يكونَ إمبراطورًا، أقوى محارب في الإمبراطوريّة. مقارنة كمّية طعامها، كمواطنة صغيرة، بكميته كانت غير عادلة.
لكنه لم يبدُ مقتنعًا، فجلسَ على الأريكة بوجهٍ غير راضٍ.
‘همم، أين أجلس؟’
جلسَ أصلان على أريكة واسعة بدلاً من الكرسي المنفرد، محدّقًا بها. لم يقل ْشيئًا، لكن كانَ واضحًا أنه يريدها أن تجلسَ بجانبه.
عادةً، كانتْ ستجلس هناك بطبيعية، لكن اليوم، لم تشأ ذلك.
تقدّمت بخطواتٍ خفيفة و جلست في حضنه.
‘آه، انظروا إلى تعبيره.’
تلاشى توتّر وجههِ في لحظة. أحاطَ خصرها بـقوّة. عندما مسحت ذقنه بنعومة، ارتجفت شفتاه، و دفنَ رأسه في رقبتها.
“ما المناسبة اليوم؟”
“آه، هذا يدغدغ!”
“أشعرُ أنني سأموت من السّعادة. لو توقّفَ الزمن الآن، سأكونُ راضيًا.”
“ألا تبالغ قليلاً؟”
“أنا جادّ.”
ضحكته النّاعمة انتقلتْ عبر جلدهما المتلامس. تفاجأت فيفيان بردّ فعله الحماسي، لكنها شعرت بالرّضا داخليًا.
مسحتْ رأسه بلطف و مالت رأسها.
“هل أنتَ متعب كثيرًا؟”
“…..”
“أتمنّى أن تجدَ بعض الرّاحة الآن.”
اختفى الشّيطان أستاروث، و يوهانس، و الإمبراطورة، و كلّ ما كان يؤرّق أصلان.
كانَ الآن ملكًا لا يجرؤ أحد على تحديه. كان رعاياه يوقّرونه و يخشونه، و شعبه يمجّدُ إنجازاته.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 128"