كافحت فيفيان بجنون لتفلت من قبضة يوهانس التي تخنق رقبتها.
من الخارج، بدا جسمه نحيفًا وأنيقًا، فظنّت أنها إذا بذلت كل قوتها، قد تنجح. لكن، على عكسِ توقعاتها، كان جسده الصلب كالصخر عندما لامسها.
‘هذه العضلات اللعينة، حقًا!’
من تجربتها السابقة مع أصلان، كانت تعلم أن مقاومة العضلات لا جدوى منها. لذا، سارعت بالتفكير في خطة بديلة.
لكن، مهما فكّرت، لم يخطر لها سوى خيار واحد.
عندما أدركت ذلك، سرتْ قشعريرة في عمودها الفقري. تذكّرت تحذير هيسيوس: “بعد تفعيل السحر، اهربي بأسرع ما يمكن وبأبعد مسافة.”
‘إعادة التشوه إلى طبيعته تعني إعادة القدر إلى مساره. خلال هذه العملية الضخمة، قد تنفتح ذكريات الروح.’
‘إذا حدثَ ذلك، لا يمكن التراجع.’
قد تضطر للعيشِ مع كلّ ذكريات روحها عبر العصور. وقد تصابُ بالجنون إن لم تتحمل.
لكن، حتى لو كانَ الأمر كذلك، كان هذا أفضل من خسارة أصلان.
حياة كدمية في أحضان يوهانس كانت كابوسًا أسوأ بكثير…
“المواساة الوحيدة هي أنني لن أموت وحدي.”
تلمّست فيفيان الأرض والتقطتْ خنجرًا قريبًا.
بدلاً من استهداف يوهانس، قلبّت النصل بحركة طبيعية نحو قلبها.
‘دقيقة واحدة فقط.’
لم يكن هناكَ تردّدٌ في عينيها.
في اللّحظة التي استعدت فيها للطعن بقوّة، دوّى صوت مدوٍّ كأنه يمزق طبلة الأذن. انفجرت طاقة سحريّة متسلسلة كالبرق، لفّت فيفيان و هاجمت يوهانس.
“هاه…!”
عندما انفتحت قناة تنفسها، اندفعَ الأكسجين إلى رئتيها المشدودتين.
بينما كانت تلهث و تستدير بسرعة، توقّفت فجأة. تقابلت عيناها مع عيني أسد أسود ظهر من الظلام.
‘عينان حمراء كالدم.’
شعرتْ بكلّ عواطف أصلان من خلال نظرته المشتعلة.
شعرَ بالبؤس لمصيره الذي جعلَ رفيقته تحملُ كلّ اللعنات وتغادر، و بالغضبِ تجاه يوهانس الذي أذاها و سخرَ منها، و باليأس من عزمها على طعن قلبها و التّضحية بحياتها.
لكنه، في الوقت نفسه، شعرَ براحةٍ عميقة.
لأنه وصل إليها قبل فوات الأوان.
“أصلان، أنت…”
“لا تفعلي شيئًا أحمق مرّةً أخرى.”
“لماذا تبدو هكذا؟ أنا من أخذتُ اللعنة، فلماذا أنت؟!”
“آسف لتأخري.”
اقتربَ أصلان ، الذي كانَ الآن أمامها مباشرة، وأمسكَ خدها بحذر.
كان تحوّله بين الوحش و الإنسان طبيعيًا كالتنفس. في شكله البشريّ، كانَ يرتدي الطاقة السّحرية السوداء المشتعلة كدرع يغطي جسده.
“هل جعلتكِ تنتظرينَ طويلاً؟”
حدّقَ في سيف الإمبراطور الأول المرمي على الأرض.
كأنه ينظرـ إلى شيءٍ عزيز جدًا.
“آسف لأنني لم أفِ بوعدي بالتّعرفِ عليكِ من النظرة الأولى.”
“أصلان؟”
“اهربي. بأقصى ما تستطيعين. هذا الوادي سينهار قريبًا دون أثر.”
قبل أن تتمكن من إمساكه، عاد أصلان إلى شكل الأسد الأسود واندفعَ نحو يوهانس.
تصادمت طاقتا الخصمين العديمين بحدة.
‘أحدهما يملكُ هالة سيف نقية، والآخر طاقة سحرية نقية…’
تمتمت فيفيان بهدوء، ثم أدركت. أصلان والشيطان أصبحا متشابكين لدرجة أنهما لا يمكن تمييزهما.
لن يعود إنسانًا أبدًا.
النّهاية الوحيدة المتبقية هي الدمار.
‘لا بد أن أصلان يعلم ذلك، فلماذا؟!’
لكن الصدمة لم تنتهِ هنا.
لاحظت فيفيان أن تدفّق الطّاقة السّحرية يتّجه نحو قلب أصلان. كان يمتصّ الطاقة السحرية المحيطة إلى جسده بلا هوادة.
‘آه… إنه ينوي التضحية بنفسه.’
في تلكَ اللحظة، فهمت نوايا أصلان تمامًا. بما أنه لا يمكنه العودة إنسانًا، قرّرَ أن يموت مع يوهانس.
‘اللعين!’
“أصلان، لا! توقف، أرجوك!”
كانا يتصارعان بجنون، يستهدفان أنفاس بعضهما. صرخت فيفيان وهي تبكي، لكن لم يلتفت أحد.
كأن قتل بعضهما هو الهدف الأخير في حياتهما.
‘ماذا أفعل؟ كيفَ أتصرف؟’
نظرت فيفيان إلى ظهر أصلان بقلبٍ مضطرب.
حتى وهو ينزف من جروح السيف، لم يتوقف. كانت عيناه الحمراوان المتوهجتان مخيفتين.
“…..”
اتّخذت قرارها في لحظة.
حتى لو هربت الآن، لن يعود أصلان أبدًا. لكن في يدها كانت ورقة أخيرة قد تقلب الموازين.
‘سحرٌ يمكنه إعادة التشوه إلى طبيعته…’
عندما فكّرت في ذلكَ، لم تعد خائفة.
التقطت فيفيان سيف إليونورا الأولى من الأرض دون تردد.
ثم-
“فيفيان، لا! فيفيان!!”
طعنت قلبها.
“آه…”
كانَ شعور النصل و هو يخترق صدرها مخيفًا.
انهار جسدها ببطء إلى الأرض، فقدت قوتها.
عبر حواسها المشتتة، سمعت زئير أصلان المتألم. كان يركض نحوها بجنون، تاركًا العدوّ خلفه.
في الوقت نفسه، رأتْ يوهانس، بابتسامة متشنجة، يرفع سيفه.
حاولت أن تصرخ “لا”، لكن السّحر تفعّل عبر دمها أسرع من ذلك.
تحوّلتْ رؤيتها إلى بياض تام.
في النهاية، سمعتْ صرخةَ ألمٍ مروعة.
* * *
“آه، أآه!”
في كهف بجبل ثلجي تعصف به العاصفة، كانت امرأة تمسك بمقبض سيف وهي تلهث بيأس.
اخترقَ النّصل قلبها بعمق.
كلما تضخّم صدرها طلبًا للأكسجين، تدفّق الدم مبللاً يديها. حتى السّيف، المشبع بالطّاقة السحرية، فقدَ لونه الأصلي وأصبح أسود.
“لا يجب أن أنهار. إذا فقدتُ الوعي…”
طعنت قلبها، مركز السبع نقاط التي تتدفق فيها الطاقة السحرية، لإغلاق نقاط القوة و جعل جسدها غير قادر على الشّعور بالطّاقة السّحرية إلى الأبد.
صقلت السّحر طوالَ حياتها. أنقذت بهاتينِ اليد العديدين و هزمت الشياطين.
كانَ هذا الفعل يحوّل كلّ جهودها إلى لا شيء، لكنها لم تتردد.
“طفلي… طفلي و ليون.”
كانتْ ليلة واحدة فقط. اللّيلة التي هزمت فيها أستاروث.
لم تتوقع و لم تأمل، لكن تلكَ اللّيلة تركت ذكرى عزيزة وحياة ثمينة تنبض في صدرها.
كانَ عليها حمايتها بأي ثمن.
عندما أخذت اللعنة، لم تكنْ تعلم أن الأمور ستصل إلى هذا الحد، لكن بمجردِّ أن عرفت بوجود الكائن في بطنها، كان عليها تحمل الألم وحدها.
كان ذلكَ هو الصواب.
“الآن، أطفالي و أحفادي لن يشعروا بالطّاقة السحرية أبدًا.”
لم تتمكن من إزالة اللّعنة المحمّلة بالدم، لكنها استطاعت منع ظهورها بهذه الطريقة.
‘اللعين، كم سينزعجُ عندما يكتشفُ الحقيقة.’
لم يكن ليحلم أنها ستغلق الدّم الذي يتدفق فيه الطاقة السحرية بنفسها.
كائنٌ أناني و بائس لا يعرف العواطف.
“آه!”
ضحكت بخفة، ثم سحبت مقبض السّيف بقوة.
مع خروج النصل البارد، تناثرت بتلات حمراء على جدران الكهف.
شعرت بالطّاقة السحرية، التي فقدت طريقها بعد إغلاق الباب، تهيج داخل جسدها. كانَ الألم شديدًا، كأن جسدها يتحطم و يتمزّق، لكنها رحبت به.
كانت هذه آخر طاقة سحريّة ستشعر بها في حياتها.
“هاه، يبدو أن الطفل قد فَزع. إنّه يركل بشدّة.”
“بي…”
بينما كانتْ تمسك بطنها المنتفخة و تنزلق على جدار الكهف، اقتربَ ظلٌّ بحجمِ قبضة اليد، كانَ يترقب بقلق عند قدميها، و رمش بعينيه.
عينان ذهبيتان تشبهان ليون.
تحوّلَ الظل إلى إنسان، يشبه الشخص الذي تشتاق إليه أكثر من أيّ شيء، لكنه بدا أصغر سنًا بكثير.
“أنا بخير. لا تقلق كثيرًا، آه.”
“ستعودين.”
“لقد تفاجأتُ كثيرًا. عنكبوتنا يتحدّث هكذا…”
“قالت جدة القرية إن الإمبراطور ينتظر شخصًا. ينتظر دائمًا.”
‘أنتِ تلكَ الشخص، سيّدتي.’
عند تمتمة الفتى، اتّسعت عينا المرأة. بعد استقراره في القرية والاختلاط بالناس، زاد مخزونه اللّغوي بشكلٍ مذهل في وقت قصير.
على الرّغمِ من لكنة الشمال الطفيفة، بالنظر إلى بيئة القرية المناسبة للوحوش، كانَ ذلكَ جيدًا للفتى.
“لا يمكنني العودة. اللّعنة التي مزقتها بصعوبة ستعود إلى ليون.”
“……”
“أنا حقًا بخير. لا شيء يؤلمني.”
كانَ جرح صدرها يلتئم ببطء.
على الرّغمِ من الألم الذي يمزق بطنها أحيانًا، حاولت نسيانه. كانَ جسدها، بعد قطع الدم، يعاد تشكيله.
في اللّحظة التي حاولت فيها احتضان الفتى الخائف لتهدئته…
“آه!”
أمسكتْ بطنها وانكمشت بشدّة.
انتشر الألم من بطنها إلى عمودها الفقري ومنه إلى كامل جسدها. لم تستطع التركيز من شدّةِ الألم.
“آه…”
شحبَ وجهها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 125"