ارتسمت على وجه كبير الخدم الذي تبع يوهانس علامة من الارتياح. انحنى برأسه بكل إخلاص نحو شمس الإمبراطورية الصغيرة.
“لقد أعددنا غرفة نوم سموك ومكتبك. إن احتجتَ لأي شيء آخر، فقط أخبرنا في أي وقت.”
“همم، لا أدري.”
رفع يوهانس كتفيه بلا مبالاة و هو يسير بهدوء في ممر قصر أدريان.
“أنا جئت للراحة فقط، فلا تجعل الأمر صعبًا. العاصمة تسبب لي صداعًا، فيها الكثير من الأعمال والكثير من المتدخلين.”
“سأبذل قصارى جهدي لتخفيف هموم سموك.”
“يقال ان هناك أمورًا ممتعة حدثت مؤخرًا في الجنوب، أليس كذلك؟”
“آه… نعم، كان هناك بعض الأحداث المزعجة.”
رغم أنه قال انه جاء ليستريح، إلا أن المكان الذي دخله يوهانس كان المكتب. جلس بشكل طبيعي على الكرسي و فتح الأوراق.
“أصلان هو أخي، لكنه غريب الأطوار بعض الشيء. آمل ألا يكون قد سبب لكم أي إزعاج.”
كانت الشائعات حول شراء أصلان لقصر ضخم من أجل خطيبته المصابة بالسل الرئوي قد أثارت ضجة في الجنوب.
لكن لم يكن هناك من يرى تصرفه ذلك بشكل إيجابي. لأنه لم يكن هناك من يجهل أن فيفيان إليونورا تملك ثروة تعد من بين الأعظم في الإمبراطورية.
و إن ماتت من دون أن تغيّر وصيتها، فثروتها ستنتقل تلقائيًا إلى أصلان.
“سموك، هل لي أن أقدم لك نصيحة من عحوز مسن؟ أعتقد أن سموك تتسامح كثيرًا مع الأمير الثاني.”
“هل تظن ذلك؟”
“نعم، سموكَ ستكون يومًا ما شمس الإمبراطورية الوحيدة. أعتقد أنه من الأفضل أن تُظهر بعض الحزم حتى مع الأقارب أحيانًا.”
لقد كرس كبير الخدم حياته كلها من أجل العائلة الإمبراطورية. وكان دائم القلق من أن يتعرض ولي العهد الطيب و المستقيم للخداع من قبل الأمير الثاني الماكر.
“أكثرتُ من الكلام اليوم. فلتعتبر الأمر زلة لسان من عجوز.”
“لا، أنا دائمًا أقدّر نصائحك.”
رفع يوهانس عينيه عن الأوراق ونظر إليه.
“لكنني أعتقد أن رعاية الأخ الأصغر غير الكفء هي أيضًا من واجبات الابن البكر للعائلة الإمبراطورية. إن تخلّيتُ أنا عنه، فمن سيغفر له أفعاله؟”
“سموك…”
“لذلك، لننهي الحديث عن أصلان عند هذا الحد. و سأبقيه سرًا. يمكنكَ الانصراف الآن.”
لم يستطع كبير الخدم أن يخفي ملامح القلق عن وجهه. لكنه لم يستطع معارضة أمر سيده.
انحنى بخفة و خرج من المكتب.
وفي اللحظة التي أُغلِق فيها الباب، برد بريق عينَي يوهانس الذي كان يبتسم بلطف. خفض عينيه بهدوء وتمتم.
“من المؤسف أنني لم أرَ بأم عيني شكل ذلك الوحش القذر و الفظيع.”
حسنًا، على كل حال، سيكون الأمر ممتعًا لبعض الوقت.
الوثائق التي بين يدي يوهانس كانت تحتوي على تفاصيل كل ما حدث في الغابة.
بما في ذلك هوية المرأة التي كانت برفقة الوحش.
* * *
كانت فيفيان جالسة حاليًا في الحديقة الخارجية حيث يمكن رؤية البحر بوضوح. إلى جانبها الشاي وبعض الكعك المليء بالزبدة للاستمتاع بالمنظر.
“ووف ووف ووف! ووف ووف!”
“كانغ كانغ كانغ كانغ!”
“كياغ، كيغ كيغ! كيييينغ!”
لكن المشهد كان بعيدًا كل البعد عن الصورة الرومانسية المعتادة.
بينما كانت فيفيان تحاول بشدة أن تمنع الكلاب من التسبب في الفوضى ، بدأت تتساءل كيف انتهى بها الحال في هذا الوضع.
بالعودة إلى مساء الأمس، حيث بدا أن أصلان كان في مزاج جيد منذ عودته من المدينة. طوال العشاء كان يظهر عليه الحماس الغريب و قال لها أن تطلب أي شيء تريده.
لذا قالت فيفيان
“سأخرج غدًا.”
بالطبع، قال أصلان إنه سيرافقها، لكن فيفيان رفضت.
“إن حاولت مرافقتي سرًا أو أرسلت أحدًا خلفي، فسأغضب حقًا.”
بصعوبة نالت فيفيان ما أرادت، فانطلقت في صباح اليوم التالي مباشرة إلى البنك. كان هدفها فصل الحسابات البنكية المسجلة بأسماء مستعارة.
لكنها لم تصل حتى إلى باب البنك قبل أن يُمسك بها أحدهم.
“أوه، من هذه التي نراها هنا؟”
“من أنت؟”
“لقاؤنا بهذه الطريقة قدَر، ما رأيكِ أن تزوري قصر أدريان؟”
من ولي عهد الإمبراطورية، و الشرير الرئيسي في القصة الأصلية، يوهانس فريدريك أستاروت.
استفاقت فيفيان من ذكرياتها. كان يوهانس يبتسم و يجلس أمامها.
في الرواية الأصلية، وُصف يوهانس بأنه أمير من القصص الخيالية خرج إلى العالم الحقيقي. و فيفيان قد رأت أنه بالفعل يملك جمالاً فائقًا.
لكن لم يكن من الممكن التحديق فيه ببلاهة، لأن فيفيان كانت تعرف حقيقته.
‘هو من تسبب بموت أصلان في القصة الأصلية.’
أجل، كانت تعرف ذلك.
“ووف ووف! ووف ووف ووف ووف!”
“كياغ، كيغ كيغ! كيييينغ!”
“هاها، مخلوقات لطيفة.”
لكن عندما رأت كيف حوّل قصر أدريان إلى ساحة فوضى ، بدأت تشك بأنه ربما كان مجرد مجنون.
و أفضل ما يُفعل مع المجانين هو تجنبهم. قررت فيفيان أن تُنهي الأمر بسرعة وتغادر.
“صاحب السمو، ما السبب الذي جعل سموك تستدعيني؟”
“سبب؟ هل نحتاج سببًا لرؤية بعضنا؟”
هل هذا يُعتبر جوابًا؟!
“أعذرني، لكن صحتي ليست جيدة… كح كح!”
“سمعت أن الأميرة ستقضين فترة من الزمن في الجنوب .”
“نعم، لذا…”
كانت على وشك أن تقول: لا اعتقد أن بإمكاني البقاء هنا لفترة طويلة سيكون صعبًا.
“أخي غير مبالٍ أيضًا. لم يُرِك حتى طبيب القصر الإمبراطوري.”
“عفوا؟”
“مهما كان هناك من أطباء بارعين في الإمبراطورية، هل سيضاهون طبيب القصر؟ كان بإمكان أصلان أن يتحدث بكلمة واحدة فقط، لكنه خطيب غير مبالٍ حقًا. ألا تشعرين بخيبة الأمل؟”
أمالت فيفيان رأسها بحيرة. شعرت أنها بدأت تفهم سبب قول ولي العهد هذا الكلام.
هذا اختبار.
“لا أشعر بخيبة أمل. أصلان لم يرد إساءة استخدام سلطته كأمير.”
“هل تعتقدين ذلك حقًا؟”
“أعلم أن سمعة أصلان بين الناس ليست جيدة. لكنني أؤمن به. أصلان شخص نبيل و يتمتع بمُثل عالية. وبالطبع، سمو الأمير يعلم ذلك جيدًا.”
“واو، أنتِ مدهشة يا اميرة.”
رمش ولي العهد بعينيه كما لو كان مندهشًا بصدق.
“أرى الأميرة بعين جديدة الآن. لقد تعلمت أنه لا ينبغي تصديق الشائعات كما هي.”
“سموكَ يبالغ”
زفرت فيفيان بصمت وهي تلاحظ أن الأمور تسير كما توقعت.
‘لقد قرأت مشهدًا مشابهًا في الرواية الأصلية.’
في الرواية، يلتقي ولي العهد بالبطلة كما لو كان صدفة. ويعاملها بلطف و يسألها
‘ألستِ خائفة من أصلان؟ ألا تتساءلين عن حقيقته؟’
تسقط البطلة في فخ ولي العهد و تبوح بمشاعرها القلقة.
لكن خلف العمود، كان أصلان يختبئ و يستمع إلى كل الحوار. لقد كان فخًا نصبه ولي العهد عمدًا.
‘كانت تلك نقطة التحول الأهم التي غيرت جو الرواية من الرومانسية إلى المأساة.’
والسبب الذي جعل فيفيان لا تشك بولي العهد منذ البداية رغم معرفتها بذلك، بسيط.
ذلك المشهد لم يحدث في مثل هذا الفوضى. لم يحدث وسط هذه الفوضى المليئة بشعر الكلاب!
لكن صراخ فيفيان الداخلي سرعان ما هدأ.
“أنا سعيد لأنكَ علمت بذلك الآن.”
لم تُسمع خطوات، لكن الوجود الذي ظهر فجأة كان يضغط بثقل على كتفيها.
“خطيبتي لا يمكن مقارنتها بتلك الشائعات الرخيصة.”
ظهر أصلان فجأة، و أمسك بيد فيفيان و طبع قبلة عليها كما لو كان يضع ختمًا.
“هي امرأة تفوقني بكثير. إنها رفيقة لا توصف.”
“إذا كنتَ تدرك ذلك، فكان عليكَ معاملتها بلطف أكثر.”
“سأفعل. حتى لو كلفني ذلك كل شيء أملك.”
تبادل الشقيقان النظرات الحادة.
وفي تلك الأثناء، كانت فيفيان، وهي مواطنة بسيطة محشورة بين أقوى شخصين في هذا العالم، تعاني من ضغط رهيب يكاد يخنقها.
‘أنقذوني… فيفيان ستموت…’
كان اثنان من أقوى الرجال في العالم يتشاجران بصمت و هي محشورة بينهما كشطيرة. بدأ رأسها يؤلمها و شعرت بقشعريرة و ضوضاء في أذنيها.
لو بقيت هكذا، لن يتأذى أحد غيرها.
أخيرًا، قررت أن تستخدم سلاحها السري الذي احتفظت به.
“كح كح!”
“فيفيان”
“أميرة؟”
“هَغ، كح كح! كح كح!”
أخرجت فيفيان منديلاً كانت قد لطخته مسبقًا بالدم و بدأت تسعل بعنف.
لم يمض وقت طويل حتى أصبح وجه أصلان شاحبًا.
“فيفيان، تماسكي! فيفيان!”
“لا أستطيع التنفس، هَغ، أصلان…”
“فيفيان!”
لكن كان هناك شيء غريب. وجه ولي العهد المقابل لم يكن على ما يرام أيضًا.
كان يرمش بعينيه و هو ينظر بتردد بين فيفيان و سعالها و المنديل الملطخ بالدم.
كانت قوة تأثير السعال أقوى مما توقعت. بدأ العرق البارد يتصبب من ظهر فيفيان، التي كانت تنوي فقط تغيير الجو.
“أ-أنا بخير. إنه مجرد سعال عادي كما يحدث دائمًا…”
“كما يحدث دائمًا؟ هل كنتِ تخفين عني الأعراض طوال الوقت؟”
لا، لقد أخطأت في التعبير! لم أعنِ دائمًا، بل أعني أعراض السل العادية فقط!
لكن صراخها الداخلي لم يصل إليه على الإطلاق. زمَّ أصلان جبينه و رفعها بين ذراعيه.
“سأحضر الطبيب حالاً، لا تفقدي وعيكِ و اصمدي.”
لكن هنا ظهرت مشكلة واحدة.
‘هل كان أصلان ينوي قتلي منذ البداية؟’
بسبب طريقة حمله و احتضانه لها بطريقة تضغط على صدرها، تقلصت رئتاها بالكامل. حاولت التنفس لكنها شعرت و كأنها عالقة في إطار حديدي و لا تستطيع التحرك.
آه، نقص الأكسجين جعل رؤيتها تضعف.
‘هذا الرجل اللعين…’
وأخيرًا، عمّ السواد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "12"