“نعم، قال إنه سيُهاجم بلاكفورد، معقل الوحوش الشيطانيّة، لإتمام انتقامه، وإنقاذ الأميرة المحتجزة كرهينةٍ ليجعلها إمبراطورة، وبهذا يكرّم ذكرى أخيه الراحل.”
“اللعنة!”
أصلان، الذي كانَ هادئًا طوالَ الوقت، لم يتمالكْ غضبه عند سماع هراء جعل فيفيان إمبراطورة، فضربَ المكتب بقوّة.
رأى ديلان مكتب الماهوغاني المتين يتحطّم كالبسكويت، فابتلعَ تأوّهه. لقد أثارَ يوهانيس غضب سيّده بطريقةٍ مثاليّة.
“هناك شائعات في العاصمة عَن رؤية وحش الأسد الأسود. لسوء الحظ، تزامنت مع الفترة التي غابَ فيها سيّدي دون سابق إنذار…”
“حسنًا.”
أومأ أصلان برأسهِ ببطء.
كانا يعلمان. لم يكن الأمر يتعلّق بما إذا كانَ النّاس يصدّقون الشائعات أم لا، بل كانَ وجود الشّائعة نفسه هو المهم.
كانَ يوهانيس بارعًا في الحربِ النفسيّة والتّلاعب بالرأي العام.
كما فعلَ عندما ألصق لقبَ “وحش العائلة الإمبراطوريّة” بأصلان، كانَ بإمكانه نشر معلومات مزيّفة عن أيّ شخص، حتّى لو لم يقابله من قبل.
كانتْ هذه أقوى أسلحته.
“نبلاء الشمال و خدم بلاكفورد سيعتبرونها هراءً بالطبع، لكن من الصّعب توقّع ذلكَ في المناطق التي لا تمتد إليها نفوذنا.”
“بالتأكيد.”
“عليكَ أنْ تتوخّى المزيدَ منَ الحذر في التحكّم بالطاقة الشيطانيّة.”
لم يكن سوى قلّة من المقرّبين يعرفون عن الوجه الآخر لأصلان. في مثلِ هذه الظّروف، إذا انتشرتْ شائعات عن رؤية وحش الأسد الأسود، ستكون العواقب لا تُحتمل.
كلمة “الحذر” التي قالها ديلان تضمّنت سؤالًا ضمنيًا: هل يمكنهم استخدام القوّة إذا لزم الأمر؟
أومأ أصلان برأسه ببطء موافقًا.
“انتهى التقرير. لنبدأ الاجتماع.”
تذمّرَ ديلان بمرارة، ثم رفعَ صوته كأن شيئًا لم يكن.
تجمّعت أنظار الجميع المتحاورين في مكان واحد. بدأ الاجتماع في وضح النهار و استمرّ حتّى حلّ الظلام وتألّقت النّجوم في السّماء.
“بالنظر إلى وقوفِ النّبلاء الكبار في الجنوب خلفَ الإمبراطور الجديد و والدته الإمبراطورة، فإن تحالفَ الجيش المركزيّ والجنوبيّ أمرٌ مؤكّد.”
“يجب إتمام كلّ الاستعدادات قبلَ حلول الربيع. فحالما يأتي الربيع، سيبدأون الهجوم فورًا.”
“شهر واحد فقط متبقٍ… لنْ يكونَ الأمر سهلًا.”
التّحضير للحرب في شهرٍ واحد فقط؟ في الأوقات العادية، كانوا سيقفون عاجزين. لا شكَّ أن الإمبراطور راهنَ على ذلك.
‘بفضل السيدة، نجونا.’
تشاركَ الجميع الفكرة ذاتها في أذهانهم.
منذ الصّيف الماضي، بدأ سيّدهم في تدريب الجيش و تخزين الإمدادات العسكريّة بعزم لحماية السّيدة، حتى أنه عقد اتفاقيّة تجاريّة منفصلة مع مملكة هيرمون في القارة الشرقيّة.
بفضلِ وصول فرسان إليونورا الممتازين مع الدّوق أليكس إلى بلاكفورد، تمّ تعزيز القوات بشكلٍ كبير، وبعد أحداث ألبارو، تعهّد لوردات الشمال بدعم مطلق لبلاكفورد، فلا خوف من ضربة خلفيّة.
خلال الحرب، سيتولّى الماركيز باستيان و قواته المحايذة إدارة الشّؤون السياسيّة في العاصمة.
كلّ ذلكَ بفضلِ العلاقات التي نسجتها السّيدة.
“الآن أفهم لماذا يبدو الإمبراطور متعجّلًا. لقد أدركَ أنه يجبُ سحق نفوذ سيّد القلعة قبلَ أن يصبح لا يمكن السيطرة عليه.”
“إذا استولى على السّيدة وجعلها إمبراطورة، فإن كلّ تلكَ القوى ستصبح تحت سيطرته.”
“أكثر ما يقلقني هو صحّة السيدة. قلبها الرقيق وجسمها الضعيف قد يتأثّران بشدّة بهذه الأحداث.”
عندَ هذا التّصريح الحذر من أحدهم، شدّ أصلان على أسنانه.
‘لكن إذا أخبرتك بهذه الأمور، سيشعر قلبكَ بالثّقل دون أن تتمكّنَ من فعل شيء. إذا لم أتمكّن من الصّمود هنا، سأكون عبئًا عليك…’
‘آسفة. بسبب نقصي، أصبحتُ عبئًا على أصلان في النهاية.’
ستلوم فيفيان نفسها على كلّ شيء هذه المرة أيضًا. ظهرت صورتها و هي ملقاة على السرير، و دموعها الصّامتة تتساقط، محفورة بوضوح في ذهنه.
لا يمكنه أن يدعها تُجرح مرّةً أخرى. وإلا سيفقد عقله.
“أنا ويوهانيس لا يمكننا التعايش. نرغب في الشيء ذاته، والسماء لا تتّسع لشمسين.”
التعليقات لهذا الفصل " 113"
كان تنين؟؟؟