ربتت فيفيان برفق على مؤخرة رأس روبن الصغيرة المستديرة.
‘يبدو أنّه شعرَ بالخوف كثيرًا هذه المرّة.’
كان يتصرّف بلطفٍ أمامها، لكنّه أحيانًا يُظهر عدوانيّة تجاه الآخرين.
في ذلكَ اليوم، تركته في القلعة خوفًا من أن يؤذي أطفال القرية، لكن بعدَ ذلكَ ظهر وحش، وانهار السور، وعمّت الفوضى.
لا بدّ أنّه شعر بالخوف أيضًا. بما أنّه وحش، فمن المؤكّد أنّه كانَ حساسًا بشكلٍ خاصّ للطاقة السّحريّة المتصاعدة.
“حسنًا، إذن، لنبقَ معًا اليوم. بما أنّ أصلان غائبٌ هذه المرّة.”
“هل هذا مناسب؟”
“لن نذهب بعيدًا. سأقرأ بعض الكتب في المكتبة فقط.”
بينما كان ديلان يحاول بجهدٍ فصل روبن عن السيدة، انتصب فجأة و نظرَ حوله بحذر.
في تلكَ اللّحظة، تساءلت فيفيان عن سبب تصرّفه المفاجئ، لكنّ الفارسين الذين كانوا يتظاهرون بعدم الانتباه، مع أذنيهم منتصبتين، اندفعا فجأة. برقت عيونهم بشراسة.
“دعوا السيدة ترتاح. أخبريني بعنوان الكتاب فقط، وسأجلبه بسرعة الريح!”
“لا، أرجوك. دعي الأمر لي! أنا الأنسب لهذه المهمة.”
“أنت لا تعرف القراءة، أليس كذلك؟ سيدتي، دعيني أفعل ذلك! لطالما أردتُ أن أكون خادمًا مخلصًا لكِ!”
بينما كان الفرسان يروّجون بحماسٍ لأحلامهم المستقبليّة، كانَ ديلان قد أصبح مسطّحًا على الأرض، خادمًا بمعنى آخر.
تفحّصت فيفيان وجوه الفرسان المزعجين بهدوء.
لم يكونوا جميعًا مألوفين، لكنّ معظمهم كانوا وجوهًا مألوفة، إذ كانوا الفرسان الذين رافقوها عندما ظهرت الوحشة لاميا.
لم يبدُ أنّ هدفهم المراقبة، لكن عيونهم المتلألئة كانت ثقيلةً جدًا على النظر.
“كح، شكرًا، لكنّني أقدّر نواياكم فقط.”
“لكن المكتبة باردة ومتواضعة جدًا لشخصٍ ثمين مثلكِ، سيدتي. إذا أعطيتِنا بعض الوقت، يمكننا تجديد المكتبة بالكامل…”
“آه، بالمناسبة!”
أشارت فيفيان فجأةً إلى خارج القلعة، فسكت الفرسان على الفور.
“قال رئيس القرية إنّه نسج لي بطانية جديدة، لكنّني نسيت إحضارها. جهّزوا العربة. كح، أشعر وكأنّ نوبة ستأتيني، لكن لا يمكنني تجاهل هذا اللّطف، لذا يجب أن أذهب الآن…”
قبل أن تكمل جملتها، دوّى صوت خطوات الرجال العجلة في القاعة. تبدّد الغبار الأبيض الذي أثاروه بسرعة الضوء.
‘ضربة موفّقة.’
رفعت فيفيان إبهامها. ثمّ استدارت بسرعة وصعدت الدرج راكضةً. كانَ عليها الهرب قبل أن يُكتشف أمرها.
“بي.”
خلف ظهرها، كان عنكبوتٌ بحجم قبضة اليد متعلّقًا، رافعًا ساقيه الأماميّتين.
كما هو متوقّع، الفائز الأخير دائمًا يكون مميّزًا.
* * *
إذا قضت إليونورا الأولى أواخر حياتها في بلاكفورد، فمن المفترض أن تكون هناك آثارٌ لها في الأساطير أو الحكايات الشعبيّة المتداولة في الشمال.
شعرت فيفيان بالحاجة إلى البحث عنها.
كان لديها شعورٌ غامض. شعورٌ بأنّ وجودها في هذا العالم، وبالأخص في جسد فيفيان إليونورا ، ربّما لم يكن محض صدفة.
[أستاروث واثنان وسبعون شيطانًا]
توقّفت خطوات فيفيان وهي تتجوّلُ في أرفف المكتبة.
“ما هذا؟”
بدت النسخة قديمةً و مهترئة، كأنّها كتابٌ عتيق للغاية. أخذت فيفيان الكتاب وجلست على حافّة المكتب.
كانت مقدّمة الكتاب تشرح قوى أستاروث، وتناولت الصفحات اللاحقة، كما يشير العنوان، اثنين وسبعين خادومًا تلقّوا جزءًا من قوى الشيطان.
بمعنى آخر، كان سجلًّا عن الوحوش التي خدمها الشيطان القديم أستاروث.
‘لم أكن أبحث عن شيءٍ كهذا.’
قلبَت فيفيان المقدّمة بفتور.
“كان الشيطان القديم أستاروث يمتلكُ قوىً هائلة، فأربك العالم وأغرقه في فوضى لا يمكن تحمّلها. وجوده بحدّ ذاته كانَ كارثة.”
تدخّلَ الشيطان في الأقدار و لوى الزمن، ممّا جعل عجلة العالم التي كانت تدور بقوّة البشر تنحرف تمامًا.
كما أنّ الطّاقة السحريّة التي أطلقها أستاروث كانت تحثّ أكثر المشاعر السلبيّة لدى البشر و تضخّمها.
في عالمٍ تفشّت فيه الرّغبات والكراهية، لم تتوقّفْ رائحة الدماء يومًا.
“تحوّل العالم السلميّ في لحظات إلى جحيمٍ على الأرض…”
في هذا الوضع الفوضويّ، يُقال إنّ الإمبراطور الأوّل و إليونورا قاتَلا الشيطان الذي كان يلوي الزمن والمصير حسب هواه و انتصرا عليه.
كلّما قرأت أكثر، شعرت أنّ الأمر غير واقعيّ.
‘لكن الدليل محفورٌ بوضوحٍ في قلبي.’
قلبَت فيفيان الصفحات بنظرةٍ متضايقة. في الجزء الخلفي، وُصفت الاثنان وسبعون خادومًا الذين ورثوا قوى أستاروث مع رسومٍ توضيحيّة.
‘مهلًا؟’
توقّفت عيناها عند نقطةٍ معيّنة.
‘هذا العنكبوت يشبه شخصًا ما بشكلٍ كبير.’
ثماني عيونٍ ذهبيّة وأرجلٌ أماميّة مرفوعة بقوّة.
هل هناك عنكبوتٌ مثل هذا غير روبن في العالم؟
“بي.”
كانَ روبن، الذي يلعبُ بخيوط العنكبوت، قد نزلَ من رأسها ووقف على الكتاب. لم يكن شكله مطابقًا للرسم فحسب، بل حتى حجمه كانَ متطابقًا تمامًا كما لو كان مطبوعًا من قالبٍ واحد.
فركت فيفيان وجهها ببطء.
‘هم، ربّما خيال؟’
يبدو أنّها متعبةٌ جدًا هذه الأيام. كلّ الأفكار اللامعقولة تخطر ببالها.
تجاهلت بجهدٍ العنكبوت الذي يشير بحماسٍ إلى الرسم، كأنّه يدّعي أنّه أحد الخادمين المذكورين في الكتاب.
هههه، هذا غير منطقي…
“مهلًا، هل هذا حقيقيّ؟”
رمشت ثماني عيون ببطء.
كان ذلكَ تأكيدًا.
فتحت فيفيان فمها مذهولةً وهزّت العنكبوت بعجلة.
“سيدي، هل يمكننا التحدّث قليلًا؟ سيدي؟”
“بي.”
أدارَ روبن رأسه بحزم وألقى خيط عنكبوتِ على المكتب. كان ذلك يعني أنّه متضايق.
واصلت فيفيان الكلام بسرعة:
“روبن العزيز، هل شعرتَ بالإهانة؟ كنتَ تريد مرافقتي، لكنّني تركتكَ في القلعة ولم أسمح لك بالمجيء. أنا حقًا سيّدة سيئة، أليس كذلك؟”
“…بي، بي.”
“في الأحوال العادية، لم أكن لأفعلَ ذلك. كم أحبّ روبن خاصّتي! لكن في ذلكَ اليوم، كان هناك أطفالٌ كثيرون في منزل رئيس القرية، أليس كذلك؟ كنتُ أحاول منع أيّ حادثٍ قد يحدث…”
“بي.”
بدأ روبن يهدأ قليلًا، لكنّه أدارَ رأسه مرّة أخرى بحزم. رأت فيفيان ذلكَ وصاحت بعجلة:
“أؤمن بك! أنا أثق بروبن خاصّتي! حتى لو انقسمَ العالم إلى نصفين، سأظلّ أؤمن بك!”
نظرَ روبن، الذي كانَ يرمش ببطء، إلى الرسم مجدّدًا.
شعرت فيفيان أنّ ظهر العنكبوت بحجم قبضة اليد يبدو حزينًا لسببٍ ما. هدأت حماستها وانحنت لتلتقي بعيني روبن.
“هناك شيءٌ ما، أليس كذلك؟”
“…..”
“إن كان من الصّعب قوله الآن، لا بأس. أعتذر، كنتُ متسرّعةً جدًا.”
شعرتْ بثقلٍ في قلبها بسببِ الحزن والحنين العميقين في عيني العنكبوت الصغير. رفعتٍ فيفيان إصبعين وربتت على روبن بلطف.
“لكن، ألا يمكنكَ إخباري يومًا ما؟ أعلم أنّ لديكَ شيئًا تريد قوله. لهذا أشرتَ إلى الكتاب. سأظلّ أنتظر. لدينا وقتٌ كثير.”
“بي…”
امتلأت عيون روبن الذهبيّة بالدموع المتلألئة.
تحوّلَ العنكبوت الممتلئ إلى فتىً جميلٍ بوجنتين ممتلئتين.
“كنتُ معها حتى النهاية، لكنّني لم أستطع حمايتها. لا يمكن أن يتكرّرَ ذلك.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 111"