تردّدت فيفيان. لم تكن متأكّدة إن كان هيسيوس يثق بها بما يكفي لتلبيةِ هذا الطّلب.
لكن الوقت المتبقّي لم يكن كثيرًا. ثلاث سنوات فقط. بعد ثلاث سنوات، سينهي أصلان حياته بنفسه.
ستتفتّح تعاسته التي قيّدته طوال حياته بأسوأ شكل.
في البداية، ظنّت أنّ محو الختم و الهروب سيكون كافيًا، لكن الآن، تمنّت أن يعيش…
“بمجرد أن تسمع، لا يمكنكَ التراجع. قد يكون لديك أسئلة، لكن عِدني ألّا تسأل شيئًا.”
“رؤية الأميرة الجريئة تتحدّث هكذا أمرٌ مخيف.”
بقيَ هيسيوس منحنيًا، محدّقًا في عينيها.
على عكس قوله “مخيف”، كانت عيناه تلمعان بحماس.
“يجعلني ذلك أكثر حماسًا.”
لقد وافق.
أخذت فيفيان نفسًا عميقًا. بما أنّ هيسيوس وثقَ بها، حان َدورها للمغامرة.
“أريدكَ أن تصنع شيئًا لي.”
تعويذة تعيد التشوّه إلى أصله.
* * *
منذ الفجر، كانت قلعة بلاكفورد تعجّ بالحركة.
كانَ يوم مغادرة سيّد القلعة و أتباعه و الفرسان إلى إقليم كونت ألبارو. كانَ من المقرّر أن يتوسّط القضاة من الشمال، بما في ذلك الماركيز باستيان، في النزاع بين الطرفين.
“أممم…”
استيقظت فيفيان، التي كانت نائمة بعمق، على صوت حفيف.
كانَ أصلان يخرج من الحمّام، ينفض الماء من شعره، و هو يغطّي نصفه السفلي بمنشفة كبيرة.
كلّما تحرّك، برز كتفاه العريضان و عضلاته المذهلة. كان جسده مشدودًا و أنيقًا كما لو كان تجسيدًا لحاكم الحرب.
حدّقتْ فيفيان فيه مسحورة، ثم استفاقت فجأةً.
التفكير بأنّ عضلات أصلان رائعة؟ لا بدّ أنّ النعاس أفقدها صوابها.
‘أنا مجنونة حقًا…’
بينما كانتْ فيفيان مستلقية، تلوم نفسها، جلسَ أصلان بجانب رأسها.
“هل أزعجتكِ؟ نامي أكثر.”
كانَ صوته المنخفض و لمسته على خدّها رقيقين.
فركت عينيها وهي مدفونة في الأغطية الكبيرة.
“اليوم، يوم مغادرتك.”
“سيستغرق الأمر شهرًا تقريبًا. بما أنّني ذاهب، سأتأكّد أنّه لن يتحدّى سلطتي مرّة أخرى.”
“انتظر، أصلان.”
نهضت فيفيان نصف نائمة.
‘الساعة الرابعة فجرًا تقريبًا…’
كانَ الوقت مبكّرًا جدًا لبدء اليوم. لكن لتجنّب النوم في العراء، كان عليهم المغادرة فجرًا.
كانت المسافة بين بلاكفورد وإقليم الكونت قريبة، لكن الشتاء يقصّر النهار.
عندما حاولتْ النهوض بإرادة قويّة، أمسك أصلان كتفيها متفاجئًا.
“جسدكِ ضعيف، ابقي مستلقية. يمكنني الاستعداد في غرفة أخرى…”
في البداية، ظنّت أنّه سيملّ بعد ثلاثة أيّام. لكنّه جاء يوميًا لتجفيف شعرها و تصفيفه.
قال ديلان إنّه كان يغضب على الأتباع و الفرسان، لكنّه كان يغادر فورًا عندما يحين وقت وعده.
‘بدا سعيدًا جدًا و هو يجفّف شعري.’
بالطّبع، ربّما كانَ ذلك وهمًا.
في البداية، كانَ يقطّع خصلات شعرها بعنف، لكنّه الآن أصبح بارعًا في التحكّم بالقوة.
ومعَ ذلك، لا يزال يجد تدليك فروة الرأس صعبًا، فيتوقّف عن التنفّس أو يتنفّس بقوّة عند لمس رقبتها.
“اليوم، أريد أن أفعلَ ذلكَ لك. ستتعب خارجًا لمدّة شهر.”
“…..”
“ما رأيكَ؟”
“هاه، حسنًا.”
همسَ أصلان بصوت بالكاد مسموع.
فرحت فيفيان بالموافقة، رتّبت ثوب نومها المبعثر، و أمسكت رداءً على حافة السرير. كان خفيفًا كجناح فراشة لكنّه دافئ جدًا.
علّقت الرداء على كتفيها، وأزاحت شعرها الطّويل إلى الجانب، كاشفةً عن رقبتها البيضاء الناعمة.
نظرَ أسلان إلى حركاتها كأنّه يحفرها في عينيه.
“هاه، هذا تعذيب.”
سمعته يتمتم أنّه لا يريد المغادرة ، لكن فيفيان، التي لا تزال نعسة، كانت منشغلة بالاستيقاظ.
‘يجب أن أنهض الآن…’
عندما وضعت قدميها على الأرض، ارتخت ساقاها.
صرخت صرخة صغيرة وهي تسقط، لكن أصلان أمسكها بسرعة. عندما رفعت عينيها متفاجئة، التقت عيناه.
“هل أنتِ بخير؟!”
“آه، ساقاي فقدتا القوة…”
أغلقتْ فيفيان فمها دون وعي.
كانَ عليها أن تبعدَ وجهها، لكنّها شعرت كأنّ شيئًا يقيّدها، غير قادرة على إبعاد نظرها. كان وجهه الرجولي الجميل و عيناه الذهبيّتان المشتعلتان ساحرتين.
“فيفيان.”
عندما مسحَ خدّها، أغمضت عينيها ببطء.
شعرت بالراحة بلمسته. مؤخرًا، كانت دائمًا في هذه الحالة.
‘بالتأكيد لديهِ موهبة في التدليك.’
عندما أصبحَ تنفّسه أكثر خشونة، فتحت فيفيان عينيها.
إذا تأخّرَ في المغادرة، ستكون مشكلة. لا يمكنها تركه ينام في العراء في هذا البرد.
“اجلس هنا، أصلان.”
جذبت يده.
لا يمكن لرجلٍ بطول مترين تقريبًا أن يُدفع بقوّة امرأة، لكنّه جلسَ على الأريكة بطاعة كما قادته.
أمسكت فيفيان منشفة و وقفت أمامه، ثمّ فركت شعرهُ المبلل.
انتشرتْ رائحة الصّابون المنعشة و رائحته الثقيلة المميّزة.
تنهّدَ أصلان براحةٍ تحت لمستها.
“هل هذا جيّد؟ هل هناكَ أيّ إزعاج؟”
“كلّ ما تفعلينه رائع.”
“شعركَ أنعم ممّا يبدو.”
بما أنّ شعره قصير، جفّ بسرعة.
مرّرت فيفيان أصابعها على شعره لتتأكّد من جفافه، فاسترخى تنفّسه.
“هل أنتِ متعبة؟”
“أنا بخير. هذا لا شيء.”
“أنتِ تتحمّلين كلّ شيء، فلا أشعر بالارتياح.”
انتزعَ أصلان المنشفة من يدها و أحاطَ خصرها النحيل، مدفنًا وجهه في بطنها المسطّح، مرتاحًا.
“خدمتكِ لي هي أفضلُ صباح في حياتي.”
“لم ينتهِ بعد.”
“ماذا تقصدين؟”
“سأساعدكَ في ارتداء ملابسك، و أضع شارة الكتف، و أثبّت سيفك.”
مرَّ شهران تقريبًا منذ إقامتهما في الشمال.
في العاصمة، كانا يخرجان كثيرًا للعمل و اللقاءات، لكن في الشمال، كانا دائمًا في القلعة ما عدا عندما يذهب أصلان للاستطلاع.
خلالَ هذه الفترة، اكتشفت فيفيان جوانب منه لم تعرفها من قبل.
‘تميّزه يأتي من جهده، و صرامته مع الآخرين نابعة من عدالته.’
كانَ شخصًا مسؤولًا حقًا. حتّى خطيبته، التي كرهها، لم يتجاهلها بل اعتنى بهَا بإخلاص.
“سيصادف عيد ميلادكَ أثناء وجودكَ في إقليم الكونت. لا أستطيع الاحتفال معكَ في اليوم نفسه، لكن عند عودتك، سأقيم حفلًا رائعًا.”
“…..”
“لكن، لن يكون فخمًا كحفل بلوغي، فلا تتوقّع الكثير.”
أضافتْ ذلكَ خوفًا من توقّعاته العالية، لكن يبدو أنّه أتى بنتيجة عكسيّة. بدا أصلان و كأنه يشعر بخيبة أمل و أغلق فمه.
نظرت فيفيان بعينيها فقط، ثم أضافت بسرعة:
“لكن سيكون ممتعًا. سأحضّر بعض الأشياء. سنستدعي الناس و نأكل ونتحدّث طوال الليل.”
لم يفتحْ أصلان فمه.
لكن بما أنّه كثيرُ الصّمت، واصلت فيفيان الثرثرة.
“أهل القرية ينحتون تمثالًا كبيرًا لعيد ميلادك. ربّما لاحظتَ لأنّهم صاخبون، لكن تظاهر بأنّكَ لا تعلم.”
ربّتتْ على كتف أصلان و استدارت.
عندما فتحت خزانة الملابس، كان الزيّ الرسمي المكوى معلّقًا بدقّة.
“هذا القميص الأسود جيّد. إذا كنتَ ستهدّد الكونت، فليكن ذلكَ بقوّة.”
اختارت فيفيان قميصًا أسود و زيًا أسود يبرزان كاريزيما أصلان. بينما كانت تفكّر في الزينة، ارتدى أصلان السروال الذي أعطته إيّاه.
على أيّ حال، عضلاته بارزة حتّى من فوق الملابس، مما سيجعل الكونت يرتجفُ خوفًا بالتأكيد.
“هل أعجبك؟”
“……”
“هل هو أسود جدًا؟ إذن، سنضع زينة ذهبيّة لإبرازها، و المنديل…”
جرّبتْ فيفيان أشياءً مختلفة عليه، تسأله رأيه أحيانًا، لكن دون ردّ.
“ارفعْ ذراعكَ قليلًا.”
بينما كانت تلبسه القميص و تغلق أزراره من الأسفل إلى الأعلى، ظلَ أصلان صامتًا.
بدأتْ فيفيان تشعرُ بشيءٍ غريب.
مالت برأسها، ثمّ أمسكَ بمعصمها.
“أريدُ تقبيلكِ.”
“ماذا؟”
“اسمحي لي.”
ارتجفَ كتفا فيفيان من سلوكه الجديد.
كانت عيناه الذهبيّتان، التي تحدّق بها، مليئة بالعاطفة و الدّافع الشّديد. لم ترَ مثل هذه النظرات من قبل.
عيونٌ تتوقُ بشوقٍ إلى شخصٍ ما.
عندما أحسّ بخوفها، داعبَ أصلان ذقنها النحيل بأطراف أصابعه.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 100"
يعطيك العافية على الدفعة الخرافية والله مدلعتنا دلعع🥺💓💓
الحين وش يصبرني للفصل الجاي؟