3
الشريرة الساقطة، تُصبح عبدة (3)
‘هذه أول مرة أرى فيها عبدًا يغضب لأن ثمنه زهيد.’
أليست عبدة تتمتع بصحة جيدة و روح قتالية عالية؟
رفع أڤالكين يده إلى فمه ليكتم ضحكته المنفلتة.
وأثناء ذلك، كانت فيلاكشينا تصرخ و تهجم على الرجال الذين كانوا يصعدون إلى المسرح للسيطرة عليها.
“حتى لو متّ، سآخذ واحدًا معي على الأقل!”
كان مقدم المزاد و رجال الحراسة مرتبكين لا يعرفون ما يفعلونه.
لقد أخطأوا عندما استهانوا بها لكونها نبيلة رقيقة.
من كان يتوقع أن تركهم لساقيها حرة ظنًا منهم أنها ستصعد إلى المنصة بنفسها، سيجعلها تبدأ بركلهم دون توقف، و هي تستخدم يديها المربوطتين بالحبال الغليظة كعصا تضرب بها!
“الآن عند رؤية هذا، يمكن استخدامها كعبدة مبارزة!”
“هاهاهاها!”
بالطبع، هذا لم يغير من الوضع شيئًا، بل ظل الضيوف يضحكون مستمتعين بهذا المشهد النادر.
أن تُصبح ابنة نبيل رفيع الشأن عبدة وهي تحتفظ بلقبها كان أمرًا يستحق المشاهدة، أما رؤيتها تصارع خمسة أو ستة رجال بضراوة كسمكة أُمسكت توًا، فكان أكثر متعةً للناظرين.
“رائع! أقدم 300 قطعة ذهبية! محاربة كهذه تستحق مئة أخرى فوق السعر!”
هتف رجل يرتدي بدلة فاخرة بكل حماسة.
و بالرغم من محاولته التظاهر بعدم الاهتمام، فإن نظرته التي تنضح بخبث تشير إلى أنه كان ينوي منذ البداية الفوز بفيلاكشينا.
كل ما في الأمر أنه صرّح بعرضه علنًا كي يفوز بها بأقل ثمن ممكن.
“يا رجل، ألا ترى أنكَ عديم الضمير؟”
قالها رجل بدين يرتدي نظارة أحادية العدسة وهو يقطب حاجبيه.
السعر الابتدائي في المزاد الذي كان 200 قطعة ذهبية هو مجرد مزحة، إذ لا يمكن أن تكون فيلاكشينا بذلك الثمن الزهيد.
أدرك الرجل ذو البدلة أن الرجل البدين ينظر إليه بتحذير، فسكت فورًا.
رغم أن القاعدة في المزادات تقول ان المكانة الاجتماعية لا تعني شيئًا هنا، إلا أن هذا الرجل البدين كان مدير أكبر بنك في إمبراطورية كالهورن.
“أقدم 500 قطعة ذهبية.”
“500 ذهبية—! عرض جديد!”
هتف المقدم بهذا العرض وهو يزحف بصعوبة إلى المنصة، رغم أن فوضى المسرح لا تزال مستمرة وفكّه لا يزال يؤلمه من ركلة فيلاكشينا، لكنه مضطر لأداء عمله.
“عزيزي، ألا ترى أن 500 ذهبية كثيرة على عبدة واحدة؟”
قالتها السيدة الجالسة بجانب مدير البنك، وكانت زوجته.
أن يأتي الزوجان معًا إلى مزاد العبيد كان أمرًا يدعو للأسف ، لكنها لم تكن تهتم كثيرًا بالأخلاق أو المبادئ، بل كان هاجسها الأكبر هو أن لا يتم خداعهم وشراء شيء لا يستحق ثمنه.
“متوسط سعر العبد الشاب والصحي هو 300 ذهبية، وبالنسبة للعبدة فالسعر يكون النصف عادة. بل ويُقال إن هذه لا تُجيد حتى الأعمال المنزلية. إلا إذا كانت ستنجب بسرعة و تزيد عدد العبيد، فربما يكون في ذلك فائدة…….”
تأملت زوجة مدير البنك فيلاكشينا بنظرة غير راضية، ثم قالت:
“في منتصف العشرينات؟ حتى مئة ذهبية أراها كثيرة عليها.”
“كلامكِ منطقي، سيدتي.”
أسرع مدير البنك بمسايرتها لإرضائها.
“لكن أليست لهذه العبدة ميزة خاصة؟ لقد كانت فعليًا أميرة دوقية أوتفيان، المركز الرئيسي للقطاع المالي، فلا بد أنها تعرف معلومات كثيرة غير مكشوفة للعامة، وأظن أن قدراتها في الحساب والإدارة ستكون مفيدة لبنكـنا.”
“……هممم.”
قامت زوجته بمقارنة تكلفة تعليم موظفة جديدة ماهرة في الحساب و دفع راتب شهري لها طوال عمرها مع ثمن فيلاكشينا، ثم أومأت برأسها.
“معكَ حق. لكن لا تتجاوز الحد الذي نربح فيه.”
“أجل، بالتأكيد.”
أشرق وجه مدير البنك بعد حصوله على موافقة زوجته.
في المقابل ، اسودّ وجه الرجل ذي البدلة الفاخرة. إن تحوّلت المسألة إلى منافسة مالية جادّة، فليس من السهل هزيمة مدير البنك.
وبينما كان يبدو أن فيلاكشينا ستُباع لمدير البنك…
“1000 قطعة ذهبية.”
تحدث أفالكين.
لم يقل 600 أو 700، بل ضاعف السعر دفعة واحدة، مما أدهش الحاضرين و جعلهم يلتفتون إليه و يتمتمون بصوت منخفض.
“من هذا؟ لقد ظهر فجأة.”
“لا أدري. وجهه غير مألوف هنا.”
“أنتم بطيئو الفهم. ألم تتعرّفوا عليه من شعره؟”
قال أحدهم مشيرًا إلى شعر أفالكين.
شعر فضي يلمع كالمرآة حتى في قاعة القبو المظلمة، تنعكس عليه ألوان حمراء و زرقاء بحسب زاوية الضوء، جمال ساحر و غريب.
وجه مصقول يناسب مظهره اللافت.
وجه يحمل ملامح الفتوة، لكن جسده ممتلئ بالعضلات من فرط التدريب.
مهما كانت إمبراطورية كالهورن واسعة، لا يوجد رجل مثله.
“لا يعقل… من الشمال؟”
لم تكن هناك حاجة لتفاصيل أكثر.
إنه حاكم منطقة يشكين الشاسعة في الشمال، حاكم الحدود و إحدى أكبر الشخصيات في الإمبراطورية.
أفالكين إشتفان سيغيسموند فون يشكين.
واحد من الشخصيات التي تُعدّ على أصابع اليد الواحدة على مستوى البلاد.
“زوجتي!”
أسرع مدير البنك يتفقد تعابير زوجته.
يبدو أن 1000 قطعة ذهبية بدت لها كثيرة، فقد هزّت رأسها بهدوء.
“زوجتي، هناك شيء لم أُخبركِ به.”
همس مدير البنك بقلق.
“سجلات حسابات بنكنا محفوظة في دوقية أوتفيان. و تلك الشريرة تعرف مكانها. تلك السجلات وحدها تساوي أكثر من عشرة آلاف ذهبية……”
“1100 قطعة ذهبية.”
رفعت زوجة مدير البنك العرض بهدوء بعد أن حسمت أمرها بسرعة.
“مئة ذهبية أخرى!! لم أكن أتوقع منكم، أيها السادة، أن تحبوا عبدة مفعمة بالحيوية إلى هذا الحد! حسنا ، حسنًا . لا بد أن أتذكر هذا جيدًا عند إعداد العروض القادمة!”
قال المقدم وهو يقفز فرحًا.
فالدين الذي أُلقي على عاتق فيلاكشينا منذ البداية والبالغ أربعة آلاف قطعة ذهبية كان في الأصل احتيالًا هائلًا، لذا فإن بيعها مقابل ألف ذهبية فقط سيحقق ربحًا كافيًا.
“1500 ذهبية.”
أفالكين أيضًا رفع السعر دون أن يتأثر.
هل ينوي الاستمرار الآن؟
استدارت زوجة مدير البنك و حدّقت في أفالكين بنظرة تحذيرية وقالت
“…2000 ذهبية.”
“3000 آلاف ذهبية.”
رفع أفالكين السعر ألفًا دفعة واحدة دون تردد.
بدأ الحضور يهمهمون بعد أن شعروا بأن الجو ليس عاديًا.
أدركت زوجة مدير البنك أن هذه المواجهة وصلت إلى نقطة لا رجعة فيها.
‘نكرة يحاول التنافس معي؟’
هكذا هو المزاد.
هو حرب يُتنافس فيها على ملكية السلعة بالمال.
و كلما احتدم الصراع في تلك الحرب ، ازدادت سعادة الجهة المنظمة ، لكن الخاسر يكون هو الزبون المشارك في المزاد.
لذلك ، فإن الحضور في المزادات عادةً ما يتعاملون بلين مع بعضهم البعض.
فحين يُعرض شيء يرغبون فيه بشدة ، يجب أن يُظهروا بعض التنازل للحصول عليه بسعر مناسب ، كما لا ينسون أن يُظهروا بدورهم التنازل و الديْن الأخلاقي في مواقف أخرى.
تلك هي قواعد و أعراف المزادات.
لكنها قواعد لا تنطبق على النكرات مثل أفالكين.
“4000 ذهبية!”
هتفت زوجة مدير البنك بذلك بينما كانت تنظر إلى أفالكين، لا إلى صاحب المزاد.
‘هل سترفع السعر؟ إن رفعتَه، فسأتبعك. دعنا نهلك سويًا.’
لقد كانت تحديًا صريحًا يكشف عمّا بداخلها.
“هاهاهاه! 4000 ذهبية تمّت المزايدة!”
“5000 آلاف…”
“مهلا لحظة. يا حضرة الدوق الحدودي. لا بأس، أنا بخير.”
همست له الكونتيسة كاستيليوني.
“صحيح أني قلت إنها صديقتي، لكن لم أعنِ بذلك أن تشتريها لي. قد نلهو بها قليلًا، لكن ليس من المنطقي أن تنفق خمسة آلاف ذهبية لذلك.”
نظر أفالكين بجمود إلى الكونتيسة كاستيليوني التي كانت قد فهمت كل شيء بشكل خاطئ.
‘لم أقل أبدًا أنني سأشتريها من أجلها.’
ثم نظر إلى زوجة مدير البنك التي كانت تحدّق فيه بنظرات حادة.
يبدو أنها أيضًا تملك سببًا يمنعها من التراجع. و ذلك يبدو واضحًا من حالة زوجها الجالس بجانبها و الذي بدا مرتبكًا.
“10 آلاف قطعة ذهبية.”
لكن من يهتم لأعذار الآخرين؟
حتى أفالكين لديه سبب يجعله مضطرًا لإتمام هذا المزاد.
لا، بالأحرى… أصبح لديه سبب الآن.
تأمّل أفالكين فيلاكشينا الواقفة على المسرح مذهولةً و هـي تراقب ارتفاع سعرها بشكل جنوني.
‘لم أكن لأتخيل أن أجد امرأة مناسبة إلى هذا الحد.’
كان هدف أفالكين هو أن يتخذ من آنسة نبيلة تنتمي على الأقل إلى عائلة كونت زوجةً له.
لكن للأسف، معظم النساء من الطبقة الرفيعة لا يستطعن احتمال شتاء يشكين القارس.
كان الأمر يشبه تنقل زهرة دفيئة إلى أرض متجمدة فتموت.
لكن انظر إلى فيلاكشينا.
نظراتها الحادة لا تدل على أنها نشأت في نعيم، و شجاعتها لا تقل حتى أمام رجال أقوياء ، ناهيك عن جرأتها في شتم من قد يكون سيدها قائلة له إنه متسول.
‘بالنسبة لشتاء يشكين، فهي الخيار الأنسب.’
نظر إليها أفالكين بابتسامة خفيفة تنمّ عن رغبة بالامتلاك.
“آه، أنا لم أسمع ذلك بشكل خاطئ، أليس كذلك؟”
سأل المضيف بحذر كما لو أنه أصيب بذعر.
“هل حقًا تنوي أن تنفق 10 آلاف قطعة ذهبية على هذه العبدة؟”
“مجنون!”
صرخت زوجة مدير البنك و استدارت.
يبدو أنها اعترفت بالهزيمة.
أما أفالكين ، فأومأ برأسه فقط دون أن يُظهر أي اضطراب.
ظهر على وجه المضيف سعادة لا يمكن وصفها.
فهذه أول مرة في حياته كتاجر عبيد يجني فيها هذا القدر من المال.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 5 - الشريرة الساقطة، تُصبح عبدة (5) 2025-06-03
- 4 - الشريرة الساقطة، تُصبح عبدة (4) 2025-06-03
- 3 - الشريرة الساقطة، تُصبح عبدة (3) 2025-06-03
- 2 - الشريرة الساقطة، تُصبح عبدة (2) 2025-06-03
- 1 - الشريرة الساقطة، تُصبح عبدة (1) 2025-06-03
التعليقات لهذا الفصل " 3"