كانت ظهيرة دافئة، تتثاقل فيها أشعة الشمس على جدران المعهد ، فيما تضج الساحة بأصوات الطالبات وضحكاتهن المتشابكة مع وقع الأقدام على البلاط العتيق.
في زاوية قريبة من المدخل، جلست ماري في هدوءها الأزرق، فستانها البسيط ذو الطيات الدقيقة ينسدل برزانة، ياقة بيضاء تحيط بعنقها تعلوها ربطة شاحبة تنسدل مثل أثر باهت.
شعرها مسدل بعفوية، يرقص مع نسمات الريح كستار هش يخفي ارتجافة لم تعترف بها حتى لنفسها.
لم تكن غافلة عن الهمزات والابتسامات الساخرة، لكنها أصرت أن تأخذ مكانها في الصف الأمامي.
كانت كتبها حصنها واجتهادها سلاحها الوحيد، حتى وإن رآه الآخرون مجرد محاولة يائسة من فتاة وصفوها مرارًا بأنها “غريبة”.
تلك اللحظة، دوّى بوق قصير أمام البوابة.
التفتت الطالبات.
سيارة سوداء فاخرة توقفت بانسياب، يخرج منها السائق بملابس رسمية داكنة ليفتح الباب الخلفي.
خطا جورج إلى الخارج.
هيبته سبقت نزوله، كأن الهواء نفسه ارتبك بوجوده. سترته الرمادية الداكنة بلا أكمام تعكس صرامة لا تسمح بالاقتراب، قميصه الأبيض يلمع بحدة تناقض ظلال المكان، ربطة عنقه السوداء تتدلى كعقد صامت وسلسلة جيبه المعدنية تومض عند كل خطوة محسوبة.
يده اليمنى في قفاز جلدي أسود، كأنها تحمل سرا لا يحق لأحد أن يسأله.
دخل باقتضاب، والعيون كلها تتبعه في خشوع مشوب بفضول.
لم يكن حضوره عابرًا؛ لقد جاء بدعوة رسمية بعد أن قدم دعمًا سخيا لترميم مكتبة المعهد العتيقة.
استقبلته المشرفة سارة عند المدخل، بزيها الرسمي المتقن، وابتسامة تحاول أن توازن بين الاحترام والحذر:
– “سيدي الدوق، يسعدنا أن نستقبلكم. باسم الإدارة والطالبات، نشكركم على كرمكم.”
أومأ برأسه بخفة، ابتسامة باردة ترتسم على شفتيه دون أن تلامس عينيه:
– “الثقافة لا تحتاج إلى شكر، بل إلى من يحرسها.”
رافقته في جولة، الطالبات يتهامسن وعيونهن تتسابق لتلمح ملامحه.
حين توقّف لحظة عند أحد الفصول، تجمدت الضحكات وتحوّلت الهمسات إلى صمت ثقيل.
دخل بخطوات رصينة.
أعين الطالبات، التي كانت قبل لحظات تمطر ماري بالتهكّم، ارتبكت وتحوّلت إلى ابتسامات متوترة.
قال بنبرة منخفضة، لكنها اخترقت السكون:
– “في بعض الأحيان، لا قيمة لكثرة الأصوات… إنما لمن يجرؤ أن يجعل صوته هو ما يُسمع.”
جملة عامة، لكنها انغرست في الجو كتحذير أكثر من كونها موعظة.
صفقت سارة بخفة لكسر التوتر:
– “لنشكر الدوق على تشريفه معهدنا.”
ارتفعت التصفيقات مرتبكة، لتغطي على صمت لم يتبدد.
بعد الجولة، جلست معه في قاعة الإدارة.
قدمت له كوب شاي بنبرة رسمية:
– “دعمكم للمكتبة سيترك أثرا كبيرا سيدي، الطلبة بحاجة إلى هذا النوع من الاهتمام.”
رفع الكوب ببطء، تأمل البخار المتصاعد وكأنه يقرأ ما لا يُقال، ثم وضعه دون أن يتذوقه:
– “الأثر ليس في الحجر، بل في العقول التي تصقل داخله.”
أحست سارة بثقل كلماته، لكنها مضت:
– “صحيح… وأحيانا يصعب علينا حماية هؤلاء الطلبة من بعضهم البعض.”
ابتسم جورج، ابتسامة حادة لا تعكس ودا:
– “الحماية ليست دوما نعمة فبعض الندوب تنحت شخصية أقوى من أي رعاية مبالغ فيها.”
ارتبكت، ثم قالت بتردد:
– “لكن ألا تخشون أن يحطم ذلك مستقبل بعضهم؟”
رد ببرود، وهو يشيح بنظره نحو النافذة:
– “من يُحطم لم يكن مستقبلا أصلا سيدة سارة فالقوة تصنع من الرماد، لا من المهادنة.”
ساد صمت طويل، عقارب الساعة في القاعة كأنها تتثاقل من رهبة الموقف.
مدت سارة يدها نحو كوبها، لامست حافته بأصابع مرتجفة قبل أن تسحبه ببطء كأنها تبحث عن مهرب في تفاصيله.
جورج، في المقابل، أدار وجهه نحو النافذة، تتبع بعينيه غيمة عابرة، كأن في مهلها ما يشبه طبعه البارد.
لم يتبادلا الكلمات، لكن الصمت نفسه صار أثقل من أي جملة.
تنحنحت سارة، محاولة أن تكسر وطأة السكون، ثم قالت بابتسامة مصطنعة:
– “لا شك أن حضوركم سيبقى محفورا في ذاكرة المعهد، سيدي الدوق.”
ابتسمت سارة ابتسامة مصطنعة، تخفي قلقا لم تجد له اسما.
وحين غادر، خلف وراءه صمتا متوترا، كأن جدران المكان قد ضاقت بما سمعته ولم يعد المشهد فصلا دراسيا عاديا، بل بداية لحدث يتجاوز حدود المدرسة وما ألفته العيون.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
اتمنى الفصل ينال اعجابكم ✨️