استمتعوا
بعد بضع ساعات، كانت عائلة بلير تتجه نحو الطائرة الخاصة لعائلة غراهام. لقد أرسلت عائلة إيان ليموزينًا فاخرًا إلى منزلها خصيصًا لهم، وكانت والدة بلير، التي تزينت من رأسها إلى أخمص قدميها بأبهى الحلل، في قمة النشوة والسعادة.
“كم مضى من الوقت منذ آخر زيارة لفرنسا؟
وهذه المرة بطائرة خاصة!”
شعرت بلير أن والدتها، التي كانت متحمسة كطفلة صغيرة، تبدو لطيفة جدًا، ونظرتها السعيدة جعلت بلير تشعر بالسعادة بدورها.
“عزيزتي، نحن لا نذهب للتنزه، بل لعقد اجتماعات عمل بشأن صفقة الاستحواذ والدمج.”
توقف والد بلير، الذي كان منشغلاً بالمكالمات طوال الوقت داخل السيارة، عن الحديث للحظة، وقال لزوجته المتحمسة بنبرة هادئة ولطيفة.
“هذا عملك وليس عملي.
أنا متأكدة أنك ستتولاه على أكمل وجه كما تعودت.”
“حسنًا، قد أحتاج إلى نصيحتكِ، أنتِ خبيرة التسوق.”
“ذلك متى شئتَ! لكنك تحتاج أن تكون قد جربت التسوق بنفسك لتعرف.”
أجابت والدة بلير بابتسامة مشرقة.
كانت بلير أيضًا متحمسة للسفر إلى فرنسا، لكن بما أنها لا تزال رسميًا في فترة منع الخروج، حاولت ألا تظهر حماسها، وأخذت تتأمل الطائرة الخاصة التي تقترب شيئًا فشيئًا بعينين متلهفتين بهدوء.
كان سبب زيارتهم لفرنسا هو الاستحواذ على متجر ‘لوفييت‘،
أشهر متجر فاخر في باريس.
كان متجر لوفييت قد توسع بشكل مفرط حتى غرق في الديون، وقرر فيليب غراهام، والد إيان، الاستحواذ عليه. وقد كلف والد بلير، الخبير في عمليات الاستحواذ والدمج، بإدارة هذه العملية.
لذلك، دعا الجميع، بما في ذلك عائلة بلير، لمرافقة والدها في مراجعة جدوى المشروع وتجهيزات الاستحواذ.
ظلت بلير تتساءل عما إذا كان هذا مجرد صدفة، لكنها لم تستطع أن تتخيل أن يبذل إيان كل هذا الجهد فقط ليخرجها من المنزل.
‘ربما مجرد صدفة.’
لكن التوقيت كان مثاليًا لدرجة لا تصدق ليكون مجرد صدفة.
لولا هذه الزيارة العملية، ولولا أهمية هذه الصفقة، لما وافق والدها أبدًا على رفع منع الخروج عن بلير، فقد بدا متمسكًا بقراره بشدة.
توقفت السيارة التي تقل عائلة بلير أخيرًا.
نزلت بلير من السيارة وواجهت الطائرة الضخمة أمامها.
كانت تظن أن الطائرة الخاصة ستكون صغيرة،
لكن طائرة عائلة غراهام كانت بحجم طائرة ركاب عادية تقريبًا.
كانت تتألق بلمعان خافت يختلف عن هياكل الطائرات العادية، وحرف ‘غ‘ الذهبي، رمز عائلة غراهام، بارزًا بوضوح.
دخلت بلير إلى الطائرة عبر السجادة الممتدة من الليموزين إلى داخلها.
“لقد وصلتم! شكرًا لأنكم جئتم رغم الاتصال المفاجئ.”
رحبت والدة إيان، التي كانت على متن الطائرة بالفعل،
بعائلة بلير التي وصلت لتوها بفرح.
“أنا التي تشكركِ على دعوتنا.”
“آسفة لأنني لم أخبركم مسبقًا. فيليب أصر على أن تظل صفقة الاستحواذ هذه سرية للغاية. قال إن إعلان استحواذ متجر كبير كهذا سيثير ضجة كبيرة. فكرت أن أخبر جيمس وسارا على الأقل، لكنني أجلت ذلك حتى أصبح الاتصال مفاجئًا هكذا.”
“لا بأس، أفهم ذلك. أشعر وكأنني تلقيت هدية مفاجئة،
وزيارة باريس بعد كل هذا الوقت تكفيني لأكون سعيدة.”
رحبت والدة إيان بوالدة بلير بحرارة،
ثم حولت نظرها إلى بلير وقالت:
“بلير، شكرًا لقدومكِ. أرجوكِ كوني رفيقة إيان لبضعة أيام.
أخشى أن يشعر بالملل إذا قضى الوقت مع الكبار فقط دون أقرانه.
أعلم أنكِ مشغولة، لكنني دعوتكِ رغم ذلك بوقاحة مني.
أظن أنكِ لا تحبين تفويت المدرسة، فشكرًا لقبولكِ الدعوة.”
فكرت بلير في نفسها: ‘من يرفض فرصة تفويت المدرسة والذهاب إلى باريس؟‘ ثم حيت والدي إيان بأدب.
بعد التحية، اتجهت أنظار بلير بشكل طبيعي نحو إيان.
ألقى إيان تحية خفيفة بعينيه كما لو أنه ليس له علاقة بالأمر،
ثم عاد يركز على مجلة الأعمال بين يديه.
لكن، على عكس عينيه الخاليتين من التعبير،
كانت زاوية فمه مرتفعة قليلاً.
بينما كان والدا بلير ووالدا إيان يتحدثون،
جلست بلير بجانب إيان بشكل طبيعي.
كانت أصوات الآباء تناقش قيمة الشركة وأوضاعها المالية بجدية.
“هل أنتِ سعيدة لأنكِ خرجتِ أخيرًا؟“
قال إيان بصوت خافت موجه لها فقط دون أن يرفع عينيه عن المجلة.
ابتسمت بلير وقالت:
“نعم. لم أتوقع أبدًا أن يكون ‘الخارج‘ خارج البلاد وليس فقط خارج المنزل.”
“عندما نصل، سيكون هناك شيء آخر لم تتوقعيه، بلير.”
نظرت بلير إليه بفضول وسألت:
“ما هو؟“
“هناك أمر أريد أن أعهد به إليكِ.”
“إليّ؟“
“سأخبركِ بما هو عندما نصل.”
كان إيان لا يزال لغزًا محيرًا بالنسبة لبلير.
بعد لحظات، أقلعت الطائرة. لم تترك الرحلة مجالًا للشعور بالملل.
تجولت بلير في أرجاء الطائرة، تناولت بعض المشروبات والوجبات الخفيفة، وتحدثت مع إيان بهدوء، ثم غفت دون أن تشعر.
ظنت أنها لم تغمض عينيها سوى للحظات،
لكن صوت إيان أيقظها.
“بلير، بلير.”
“أمم… لا، أريد النوم أكثر.”
سمعت ضحكة خفيفة ممتعة ترن في أذنيها.
“هذا لن ينفع. بلير، لقد وصلنا.”
“ماذا، بهذه السرعة؟“
استيقظت بلير تدريجيًا، وعندما سمعت كلام إيان،
انتفضت فجأة واستفاقت تمامًا.
كان ما قاله إيان صحيحًا. توقفت الطائرة، وباستثناء بلير، كان الجميع قد نهضوا ويستعدون للنزول.
“كنت أريد فعل المزيد.”
قالت بلير بحزن. شعرت بالأسف لأنها أضاعت وقتًا ثمينًا في النوم على متن هذه الطائرة الخاصة التي لم تكن تتخيل أن تركبها.
“سنعود بها أيضًا، فلا تحزني كثيرًا، بلير.”
قال إيان بابتسامة تملأ وجهه.
***
عند النزول من الطائرة، كان هناك ليموزين ينتظرهم كما في المطار عند وصولهم. ركبوا الليموزين، أكملوا الإجراءات في نقطة التفتيش المخصصة لركاب الطائرات الخاصة، ثم وضعت بلير قدمها أخيرًا في باريس بقلب يخفق من الحماس.
كانت المناظر التي رأتها في طريقها إلى الفندق تجسيدًا لباريس الرومانسية التي عرفتها من الإعلام فقط. مرت السيارة التي تقل بلير ومن معها ببرج إيفل وبوابة النصر، حتى وصلت إلى فندق فخم يطل على نهر السين.
كان الفندق الذي ستقيم فيه عائلتا بلير وإيان مملوكًا لعائلة غراهام، ويعد واحدًا من أعرق الفنادق الفاخرة في باريس.
ما إن دخلت بلير غرفتها حتى أذهلتها إطلالة نهر السين ومشاهد باريس من النافذة الزجاجية الكبيرة في غرفة المعيشة. على طاولة الغرفة، كان هناك سلة فواكه ترحيبية مع ملاحظة.
كتمت بلير رغبتها في الصراخ من الفرح خشية أن يسمعها من في الغرفة المجاورة، ووضعت حقيبتها بحذر، ثم توجهت إلى الحمام.
كان الحمام الفاخر ذو الطراز الكلاسيكي أكبر من غرفة معيشتها قبل أن تنتقل إلى هذا العالم، وبه حوض استحمام يكفي لعدة أشخاص. أرادت بلير أن تقفز إلى الحوض فورًا، لكنها اكتفت بدش سريع خشية ألا تتمكن من مواكبة جدول الظهيرة.
أنهت بلير استعداداتها للخروج بسرعة وقلب ينبض بالحماس،
ثم اتجهت إلى الردهة. بينما كانت تنتظر المصعد في الممر،
فتحت أبوابه مع رنين خفيف، وما إن همت بالدخول حتى رأت إيان داخله، فانتفضت متفاجئة.
“إيان!”
“بلير.”
ابتسم إيان ابتسامة عريضة ونظر إليها كأنه يقول: “ألن تدخلين؟“
بدت صورة إيان في عيني بلير رائعة جدًا.
كانت تعتقد أن إيان في مدرسة وستكوت كان وسيمًا للغاية، لكن مظهره ببدلة مصممة خصيصًا له كان لا يضاهى.
بدا وكأنه جاهز لتصوير غلاف مجلة.
“واو، تبدو مذهلاً حقًا.”
“وأنتِ تبدين رائعة الجمال.”
تفتحت ابتسامة على وجه إيان عند سماع مديح بلير.
نظرت إليه بلير وفكرت:
‘كنت أظن أن اللامبالاة تناسبه أكثر، لكن بعد رؤيته يبتسم كثيرًا في الأيام الأخيرة، أصبحت ابتسامته مألوفة لي أكثر.
الآن، تعبيره الجامد هو ما يبدو غريبًا.’
شعرت بلير أن الوقت القصير من المصعد إلى الردهة كان طويلاً جدًا. لكنه لم يكن محرجًا بوجود إيان أبدًا.
شعرت بلير أن علاقتها بإيان قد وصلت إلى مرحلة جديدة.
لم يعبرا عن ذلك صراحة، لكن كلاهما كان يدرك أن انتباههما متجه نحو الآخر. كان هناك توتر لم يكن موجودًا من قبل يثقل الأجواء عندما يكونان بمفردهما.
ألقت بلير نظرة جانبية على إيان. شعر إيان بنظرتها فتقابلت عيناهما. كانت بلير تشعر كلما تقاطعت أنظارهما وكأنها حيوان عشبي وقع في فخ، عاجزة عن الحركة.
في تلك اللحظة، رنّ جرس المصعد.
“دينغ دونغ-“
مع صوت التنبيه المبهج الذي يعلن الوصول إلى الردهة،
تلاشى التوتر أخيرًا، وتنفست بلير براحة،
لكنها شعرت ببعض الأسف في الوقت ذاته.
“هل نذهب؟“
قال إيان وهو يفسح لها المجال لتنزل أولاً.
كان الوالدان قد وصلا الردهة بالفعل وينتظرانهما. عندما انضم إليهما بلير وإيان، توجه الجميع معًا إلى متجر لوفييت.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 61"