استمتعوا
“المدير يعلم جيدًا أن إثبات التشهير أمر صعب. لكنه يعرف أيضًا أنني إذا لم يفعل شيئًا وسكتُ، فسأكون الشخص الذي يصطحب المحامين ويثير الضجيج ويُقلق الجميع هنا وهناك.”
قال لوكاس ذلك وهو يرفع كتفيه بفخر،
كأن هذا الأمر شيء يتباهى به.
“لذا سيتخذ إجراءً ما. أنا أعلم أن القانون لن يساعدني كثيرًا في هذا. لكن هذه ليست المرة الأولى، وأنا لا أريد أن استمر في رؤية تلك المنشورات البغيضة دون فعل شيء.”
“…”
“نعم، أعني هذا التعبير الكئيب على وجهكِ. إلى متى سأظل مضطرًا لرؤية هذا الوجه؟ هذا التعبير الذي يشبه الحيوانات العاشبة لا يليق بكِ على الإطلاق.”
رفعت بلير شفتيها وعينيها المغمومتين بعد سماع كلام لوكاس.
“كما أنني أردتُ أن تسمع إيميلي ذلك،
لذا تعمدتُ إثارة ضجة أكبر أثناء حديثي.”
خفض لوكاس صوته وتحدث بنبرة باردة وهادئة،
على عكس الحماس الذي كان يظهره قبل لحظات.
“إيميلي على الأرجح لا تعرف جيدًا مدى صعوبة إثبات التشهير. رؤيتها للمحامين الذين أحضرتهم ربما جعلتها متوترة. بغض النظر عن صعوبة الفوز بقضية تشهير، إذا نجحتُ في رفع دعوى، فهي لن تستطيع تحمل تكاليف المحامين أو الحصول على استشارة قانونية مناسبة، لذا لن ترغب في ترك أي احتمال، ولو بنسبة واحد في المئة، قد يضعها في مثل هذا الموقف.”
ابتسم لوكاس ومدّ هاتفه نحوها.
كان كلامه صحيحًا.
اختفت المنشورات التي كانت تشوه بلير من المجتمع الإلكتروني للمدرسة، الذي كان يعج بالتعليقات والنقاشات قبل لحظات،
كأنها لم تكن موجودة أبدًا.
“واو.”
انتزعت بلير الهاتف من يد لوكاس وتفقدت المجتمع وقالت:
“لا يوجد ما يثبت أنها الجانية أكثر من هذا. الذين يعرفون أنك تحدثتَ عن التشهير والمحامين هم فقط من كانوا موجودين هناك.”
قالت بلير بأسف.
“هل تشعرين بالأسف، بلير؟”
“ليس أسفًا بالضبط، بل أفكر: ما الفائدة من حذفها الآن بعد أن قرأها الجميع وانتشرت الشائعات على أوسع نطاق؟”
“من حولكِ يعرفون أنها ليست حقيقة.”
“هل تظن ذلك؟”
هزّ لوكاس رأسه بقوة رداً على سؤال بلير.
“حتى من لم يعرفوا بعد سيعرفون تدريجيًا.
سأجعل ذلك يحدث. و-”
عندما حدّقت بلير في وجه لوكاس الجاد بشكل واضح،
بدا وجهه وكأنه احمرّ قليلاً لسبب ما.
“لا داعي لأن تُلقي بالًا لآراء أولئك الذين لا يحاولون حتى فهمك، بل ينشغلون فقط بانتقادك.”
أجابت بلير بنبرة غير مبالية:
“في الواقع، لم أكن مهتمة بتلك التعليقات إلى هذا الحد.”
رفع لوكاس حاجبه متشككًا:
“أحقًا؟ لأن ملامحك كانت كئيبة جدًا لتقولي ذلك.”
تنهدت بلير وقالت بصوت خافت:
“لم يكن الأمر بشأن نفسي… كنت فقط قلقة من أن تتسبب مشكلتي بإحراج لك، أو لإيان، أو لكيمبرلي وأليسيا بعد أن حاولتم مساعدتي.”
ابتسم لوكاس بمكر، وقال ممازحًا:
“يا للوفاء! تفكرين بي حقًا؟ هذا مؤثر.”
لكن بلير لم تكن في مزاج للمزاح، بل كانت ترى هذه الفرصة مناسبة لطرح سؤال لطالما دار في ذهنها
“كنتُ أتساءل منذ مدة، لوكاس.”
حدّقت بلير فيه بعينيها الدائريتين الكبيرتين كأنها تخترقهما.
“نعم، ما الذي كنتِ تتساءلين عنه، بلير؟”
“لماذا تساعدني؟”
“إذا أجبتُ، هل ستجيبين عما يثير فضولي أيضًا؟”
أشارت بلير بحركة تدعوه للسؤال كما يشاء.
ابتسم لوكاس ابتسامة مشرقة وواصل حديثه:
“إجابتي ليست بتلك الأهمية، قد تندمين لاحقًا.
ستفكرين أنكِ وعدتِ بإجابة مقابل شيء تافه كهذا.”
تابع لوكاس كلامه:
“الفضول؟ نعم، هناك شيء مختلف في بلير عن المعتاد؟
ردود أفعالها ليست متوقعة ومألوفة؟ إنها ممتعة!”
“تساعدني لأنني ممتعة؟”
“نعم، ردود أفعالكِ ممتعة، وأصبحتُ أتساءل عن الرد التالي الذي ستصدرينه، فوجدتُ نفسي أدور حولكِ باستمرار.”
“إذن، تقول إنك ببساطة لأنك تستمتع، أحضرتَ كل هؤلاء المحامين، وهددتَ المدير، واستخدمتَ موارد شركتك للمساعدة في التعامل مع الحريق؟”
فكرت بلير في نفسها أن الأشخاص الذين يولدون وكل شيء بين أيديهم يثيرون المشاكل بمقاييس مختلفة فقط لقتل الملل.
“نعم، حتى الآن؟”
“حتى الآن؟ إذن، هل تعني أن اهتمامك ومساعدتك ستنتهيان قريبًا؟”
لكن معنى كلام لوكاس كان عكس ما توقعته بلير تمامًا.
لم تدرك الدلالة الخفية وراء قوله إن الأمر قد يتجاوز الاستمتاع ليصبح عاطفة أعمق.
“الآن دوري لأسأل، أليس كذلك؟”
نظرت بلير إلى لوكاس بتعبير مليء بالحذر عند سؤاله.
“نعم، هذا النوع من الردود أعنيه.”
انفجر لوكاس ضاحكًا وقال:
“لا تحترسي هكذا كثيرًا. أشعر أن الوقت لم ينضج بعد لسؤالي،
لذا سأسألكِ لاحقًا.”
“حسنًا، إذن.”
“آمل أن تجيبيني بنفس الراحة عندما أسأل.”
“حسناً، لقد فهمتُ. هيا بنا، لننهِ التغيب عن الحصص ونعد إلى الداخل.”
نهضت بلير وهي تنفض ملابسها وقالت.
“حسنًا. سأعود لاحقًا لأسمع إجابتكِ، بلير.”
ابتسم لوكاس ابتسامة مشرقة، ونقر بخفة على شعر بلير بأصابعه في حركة مرحة، ثم استدار واتجه في الاتجاه المعاكس لمبنى المدرسة.
فكرت بلير أنه لا توجد فصول دراسية في تلك الجهة،
لكنها قررت أنه لا داعي للتدخل في أمر لوكاس إلى هذا الحد،
ولم تكن ترغب في ذلك أصلاً، فعادت بمفردها إلى مبنى المدرسة.
***
بعد أن قضت بلير صباحها في استدعاء مكتب المدير والتغيب عن الحصص، عادت إلى الفصل قرب انتهاء الدوام، وأرسلت رسالة إلى إيان تخبره أن المدير لن يعاقبهم:
——
إيان، المدير قال إنه لن يعاقبنا.
——
——
إيان
بدا أن المدير غاضب جدًا، لكن يبدو أن الحوار سار بشكل جيد؟
——
——
نعم، بفضلك.
——
في الأيام العادية، كانت ستفضل إخباره بالخبر السار وجهًا لوجه، لكن منذ مأدبة عيد الشكر، لم تكن بلير تشعر بالثقة لمواجهته.
مجرد قراءة رسائله جعلت وجهها يحمر قليلاً،
وشعرت أنه إذا قابلته فعلاً، قد تفقد السيطرة على وجهها وصوتها،
فيظهر كل ما تشعر به وتفكر فيه بصدق.
***
في وقت الغداء،
وصلت بلير إلى الكافتيريا متأخرة عن المعتاد. وأثناء توجهها إلى طاولتها، لاحظت أن الطاولة ممتلئة ليس فقط بكيمبرلي وسيدار وإيفلين، بل بباقي أعضاء فرقة المشجعات أيضًا.
كانوا جميعًا يبدون متذمرين،
كأنهم كانوا ينتظرون وصولها بفارغ الصبر.
ما إن جلست بلير حتى بدأت إيفلين الحديث بحذر:
“أمم، بلير، هل ستتركين إيميلي في فرقة المشجعات دون طردها، وتكتفين بمراقبتها هكذا؟”
ما إن أنهت كلامها حتى أومأ الجميع برؤوسهم موافقين،
محدقين في بلير.
“إيميلي لم ترتكب شيئًا يستحق طردها من الفرقة، أليس كذلك؟”
“لا، كيف يمكنكِ ترك شخص فعل بكِ ذلك في الفرقة دون عقاب؟ فضلاً عن موقفها في التدريب الأخير، لم تكن تتجاهلكِ أنتِ فقط، بل تتجاهلنا جميعًا نحن الكبار*. لم يكن شخصًا أو اثنين من تأذوا من طريقة كلامها. لا أطيق رؤيتها وهي تتصرف كأنها الملكة.
نعم، أعلم أن إيميلي مصابة، لكن ما علاقة ذلك؟ إصابتها لا تبرر تصرفاتها السيئة.”
لم تتحمل سيدار وتحدثت.
“أفهم تمامًا أنكم تشعرون بالاستياء.”
تنهدت بلير بهدوء وقالت:
“المدير يراقبنا أنا وإيميلي بالفعل. لا أريد طردها بلا داعٍ لأعطيها ذريعة لتصور نفسها كضحية.”
تحدثت بلير بنبرة خالية من العاطفة.
في الحقيقة، لم يكن هناك أحد يرغب في طرد إيميلي أكثر منها.
على الطاولة المقابلة مباشرة، كانت إيميلي وأليسيا تجلسان مع أنصارهما، لكن بلير لاحظت أن عدد أنصارهما تقلص كثيرًا مقارنة باليوم الأول. لا شك أن انتشار مقطع فيديو تهاجم فيه إيميلي بلير قد أثر على عدد مؤيديها.
“بلير، بخصوص تلك المنشورات.”
قالت إيفلين بحذر.
“نعم، ما بها المنشورات؟”
ردت بلير.
“هناك من يسألون إن كانت حقيقية.”
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 57"