استمتعوا
“ما الذي تعنيه بحق السماء؟
ألم تقل للتو إنه لم يكن حريقًا متعمدًا؟”
“قلت إنه لم يكن حريقًا متعمدًا من بلير، ولم أقل إنه لم يكن حريقًا متعمدًا على الإطلاق. إنه حريق متعمد ارتكبه شخص ما، وليس نتيجة عطل في الجهاز.”
ما إن أنهى لوكاس كلامه حتى أشار بعينيه، فتقدم أحد المحامين المرتدين بدلات أنيقة وقدّم للمدير مجموعة من الأوراق التي بدت كتقرير.
أمسك المدير الأوراق دون كلمة وبدأ بقراءتها بتمعن.
نظرت بلير إلى لوكاس بعينين قلقتين.
تقاطعت أنظارهما، فأرسل لها لوكاس نظرة مطمئنة.
“اخرجوا جميعًا، ما عدا لوكاس.”
قال المدير بعد أن انتهى من قراءة التقرير. نهضت بلير وكيمبرلي وإيميلي وأليسيا من مقاعدهم في وقت واحد بناءً على كلامه.
“لحظة.”
أوقف لوكاس بلير وهي تهم بالخروج.
“سيدي، هل يمكن للآنسة بلير أن تشارك في هذا الحديث؟”
“افعل ما تشاء، يا لوكاس.”
جلست بلير مجددًا بعد سماع كلام المدير. وبعد خروج الجميع عدا بلير، رمى المدير الأوراق على المكتب ووضع يده على جبهته وقال:
“…إذا كان هذا التقرير صحيحًا حقًا-”
“إنه صحيح.”
“إن كان صحيحًا، فإن ذنبكم يصبح أعظم. لماذا لم تُخبروني؟”
جمعت بلير شجاعتها وقالت:
“أنا آسفة حقًا لعدم إخبارك بحقيقة الحريق. أدركتُ أثناء استماعي لكلامك منذ قليل أنني كنتُ متسرعة، وقد ندمتُ على ذلك. لم نُخبرك لأننا اعتقدنا أننا قادرون على الإمساك بالجاني. كان ذلك تصرفًا أحمق.”
“صحيح، كان تصرفًا أحمق جدًا. يا آنسة بلير، هل ظننتم أن العقوبة التي سأفرضها ستكون كبيرة إلى درجة أنكم قررتم البحث عن الجاني بأنفسكم؟ أم اعتقدتم أن إمساككم بالجاني سيُعفيكم من مسؤولية إخفاء الحقيقة؟”
“…”
“لن أعاقبكم على هذا الأمر.”
تنهد المدير تنهيدة عميقة وتحدث بنبرة أكثر لينًا:
“حقًا؟”
“ليس لدي نية لمعاقبة شهود ليسوا هم من أشعلوا النار في حادث قد يكون متعمدًا.”
“ألا تشك في أننا من ارتكبنا الحريق؟”
“لا أعتقد أن أحدًا منكم، أو من طلابنا عمومًا،
قادر على التخطيط والقيام بمثل هذا الأمر عمدًا.”
“…”
تبادلت بلير ولوكاس نظرات صامتة.
“بما أن هناك احتمالية للحريق المتعمد، سأحيل القضية إلى الشرطة سريعًا للتحقيق الشامل. لدي طلب واحد منكم: أخبروا إيان أنني لا أنوي معاقبتكم بسبب هذا الأمر، قبل أن يرتكب أي حماقة.”
تحدث المدير بتعبير منهك.
“سيدي، ماذا عن قضية التشهير ببلير؟”
“سأقوم بواجبي كمدير. للأسف، لا يمكنني التحقيق أو فرض عقوبات على أمر حدث في موقع خارجي مجهول لا تديره المدرسة. كل ما يمكنني فعله هو إصدار إعلان بأن من يُمسك وهو يشوه سمعة أحد في الموقع المجهول سيواجه عقوبة صارمة. إذا طلبت الشرطة تعاونًا، سأقدمه كما يريدون. يا لوكاس، إذا أردتَ البحث عن كاتب تلك المنشورات أو مقاضاته، فافعل ما شئت.”
“حسنًا، فهمتُ.”
“إذا فهمتَ، فاخرجوا.”
تركا المدير المنهك خلفهما،
وخرجت بلير ولوكاس جنبًا إلى جنب من مكتب المدير.
ما إن خرجا حتى سأل لوكاس بلير كمن كان ينتظر:
“بلير، ما الذي كان يعنيه المدير بقوله إن إيان قد يرتكب حماقة؟”
“لننقل الحديث إلى مكان آخر.”
أخذت بلير لوكاس خارج المبنى. كانت الحصص جارية، فلم يكن هناك أحد سواهما في الجوار، وجلسا على مقعد منعزل.
“بلير.”
نقر لوكاس على ذراع بلير الشاردة في أفكارها وقال:
“وعدتِ أن تخبريني، ما الذي قاله المدير عن إيان؟”
“كان المدير غاضبًا جدًا لأن حريقًا وقع في المدرسة ولم نُخبره، بل خدعناه.”
“هذا سبب وجيه للغضب.”
أومأ لوكاس برأسه.
“لكن إيان قال إنه سيتحمل المسؤولية كاملة.”
اتسعت عينا لوكاس دهشة.
“قال إيان ذلك؟”
“نعم.”
“واو… لم أتوقع أن يذهب إلى هذا الحد، لكن مع حس المسؤولية لدى إيان، قد يكون ذلك متوقعًا. لكن لماذا يغضب المدير من تحمل إيان للمسؤولية؟”
“لأنه إذا تلقى إيان عقوبة فوق مستوى معين،
قد يُلغى قبوله الجامعي.”
قالت بلير بجدية.
“وإيان قال إنه مستعد لتحمل ذلك؟ واو، إيان مفاجأة حقًا!”
أبدى لوكاس إعجابه بتعبير مندهش.
“هذا ليس أمرًا يُمرر بمزاح على الإطلاق.
كان المدير غاضبًا جدًا، والجو كان شديد الجدية.”
تنهدت بلير تنهيدة خفيفة.
“أنا أتعامل معه بجدية.”
“إذن ما معنى هذا التعبير المملوء بالابتسامة؟”
“إنه مثير للاهتمام.”
“هل تجد أن احتمال إلغاء قبول إيان في الجامعة مثير للاهتمام؟ أنت صديقه أيضًا.”
“صديق؟ هل تعلمين كم أصبح إيان باردًا معي مؤخرًا؟ وعلى أي حال، بلير، لن يحدث شيء يستحق قلقكِ. هل تظنين أن المدير سيفرض عقوبة تُلغي قبول رئيس مجلس الطلاب الذي يعتز به؟”
لكن تعبير بلير لم يهدأ رغم كلام لوكاس.
“على أية حال، إيان يمكنه الالتحاق بجامعة عبر نظام الوراثة*. ارفعي تلك العبوس من وجهكِ.”
*راح الشرح النظام بنهاية التشابتر
“…”
ومع ذلك، لم يتغير تعبير بلير.
“لم أكن أتوقع أن يفعل إيان كل هذا. هذا ممتع حقًا.”
تنهدت بلير وهي تستمع إلى لوكاس.
“حسنًا، لم أكن أتوقع أن تأخذ الأمر بجدية على أية حال.”
“بلير، أنتِ الآن قلقة بشكل لا فائدة منه.
من الأفضل أن تقلقي على نملة عابرة بدلاً من القلق على إيان.”
حدّقت بلير فيه بنظرة حادة، لكن لوكاس لم يبالِ.
“سأتوقف عن الكلام. لوكاس، بالمناسبة، ما الذي كان مكتوبًا في الأوراق التي قدمتها للمدير؟”
تنهدت بلير وقالت.
“أشياء تعرفينها بالفعل. أن الحريق لم يكن بسبب تقادم الجهاز، بل كانت هناك آثار لفك البراغي،
وتلف أو فقدان أجزاء معينة فقط.”
“لكن هذه التفاصيل لا تكفي لتحديد الجاني.”
“بالطبع، هذا صحيح. لا شيء يُظهر سوى أن الجاني لديه معرفة كافية بالآلات.”
“…”
شعرت بلير بالإحباط من وجود اشتباه دون دليل مادي،
ومن عجزها عن فعل أي شيء.
“وماذا عن قضية التشهير التي ذكرتها؟
ما النتائج التي يمكن توقعها إذا رفعنا دعوى تشهير؟”
“في الحقيقة، إثبات التشهير صعب للغاية.”
ظهرت على وجه لوكاس لأول مرة تعابير الارتباك.
“لماذا؟”
“أولاً، يجب إثبات أن لديكِ سمعة يمكن تشويهها. بالطبع، الجميع هنا يعلم أنكِ تملكين أعلى سمعة في المدرسة، لكن المشكلة أن من يجب إقناعه ليس من المدرسة، بل المدعي العام.”
أومأت بلير برأسها.
“ثانيًا، إذا لم تستطيعي إثبات الأضرار التي لحقت بسمعتكِ بأرقام، فحتى لو شكّلتِ فريقًا من أفضل المحامين، سيكون من الصعب الفوز. وإذا كان المنشور مبنيًا على حقائق، فإن الرأي الشخصي يُعتبر تعبيرًا عن الرأي وليس كذبًا، مما يجعل الأمر أصعب.”
امتلأ وجه بلير بخيبة الأمل عند سماع كلام لوكاس.
“لماذا قلتَ ذلك للمدير إذن؟”
“كان هناك سببان رئيسيان لذلك.”
ابتسم لوكاس بثقة وقال.
***
بشرح هنا نظام الوراثة بالقبول بالجامعة
نظام الوراثة في القبول الجامعي (Legacy Admissions) هو سياسة تعتمدها بعض الجامعات، خاصة في الولايات المتحدة، حيث تُمنح أفضلية في القبول للطلاب الذين لديهم أفراد من عائلاتهم سبق أن التحقوا بنفس الجامعة، مثل الوالدين أو الأجداد.
كيف يعمل هذا النظام؟
– تُعتبر ميزة إضافية في طلب التقديم، لكنها لا تضمن القبول.
– تُستخدم بشكل أكبر في الجامعات الانتقائية مثل هارفارد، ييل، وبرينستون.
– يُعتقد أنها تمنح الأفضلية لأبناء العائلات الثرية والمتخرّجين المؤثرين الذين قد يقدمون دعمًا ماليًا أو اجتماعيًا للمؤسسة
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 56"