استمتعوا
-… حسنًا، لم أصل بعد إلى مكان الحفل، لكنني لم أسمع حتى خبر مجيئك إلى حفل العودة للمدرسة. لا شيء ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا.
تنفست إيميلي في سرها نفسًا من الراحة.
بهذا، حققت الغرض الأول من اتصالها بأليسيا.
“أليسيا، هل يمكنكِ إخباري إذا سمعتِ شيئًا لاحقًا؟“
-بالطبع، سأفعل ذلك حتمًا. لا تقلقي كثيرًا، إيميلي.
“الاتصال سيء بعض الشيء الآن ولا أسمع جيدًا.
سأعاود الاتصال بكِ لاحقًا.”
ما إن أنجزت إيميلي غرضها حتى أنهت المكالمة بسرعة.
كانت أليسيا أسرع من ينقل الأخبار وأكثرهم فضولًا بشؤون الآخرين في ويستكوت.
إذا لم تعلم هي، فلا أحد في ويستكوت يعلم شيئًا.
هكذا فكرت إيميلي. إذا لم يعلم أحد، فكأن الأمر لم يكن موجودًا. فقط لو بقي ذلك الثلاثي صامتًا.
ترى، أين هم الثلاثة الآن، وما الذي يدور في أذهانهم؟
* * *
كانت بلير ورفاقها قد غادروا للتو غرفة البث.
“بلير، إلى أين أنتِ ذاهبة؟“
أمسك لوكاس ببلير التي كانت تتجه لمغادرة القاعة وسألها.
“إلى المنزل.”
“لكن اليوم حفل العودة للمدرسة؟“
“وأنا بملابس تبدو كأنني مشردة؟“
قالت بلير وهي تشدّ قميصها المريح بيديها ثم تتركه.
“هذا لا يشبهكِ، بلير.”
“أعلم. لهذا أنوي العودة إلى المنزل.”
“ليس العودة إلى المنزل هي ما لا يشبهكِ.”
“هل تقول إن عليَّ حضور حفل العودة بهذه الملابس؟“
“وما المانع في ذلك؟ بلير، لو كنتِ أنتِ من ترتدينها،
لجاء الجميع في الحفل القادم بمثل ملابسكِ.”
أشار لوكاس بيده لبلير داعيًا إياها للدخول إلى القاعة.
“شكرًا على الاقتراح، لكنني سأذهب لأرتاح في المنزل اليوم.”
لم يُمسك لوكاس ببلير وهي تغادر. تساءلت بلير أين اختفى إيان في تلك اللحظة وهي تخرج من القاعة.
ما إن غادرت القاعة حتى تبددت حيرتها.
فور خروج بلير من القاعة، رأت إيان وقد استبدل ملابسه ببدلة أنيقة، ينزل من سيارة ليموزين.
كان الغروب يتألق خلف إيان،
فبدت صورته كأنها من إعلان لعلامة تجارية فاخرة.
التقت عينا بلير، التي لم تستطع رفع نظرها عن وجه إيان، بعينيه.
كانت دائمًا تعتقد أن الزي المدرسي يليق به، لكن إيان ببدلته بدا مذهلاً حقًا. شعرت بلير بغيرة من الحاضرين في الحفل الذين سينعمون بمشاهدته طوال الليل.
‘يبدو أن إيان كان ينوي حضور الحفل، وهذا متوقع،
فهو رئيس مجلس الطلبة، لا يمكنه تفويت مثل هذه المناسبة.’
حين التقت عيناها بعيني إيان، أومأت بلير له تحيةً وهمَّت بالمغادرة.
لكن إيان، الذي كان ينظر إليها، ابتسم حتى انفرجت عيناه،
ثم جذب معصمها دون كلام وأخرج شيئًا من السيارة ووضعه بين يديها.
نظرت بلير إلى الشيء الثقيل الذي وُضع فجأة بين يديها.
كان غطاء ملابس يحمل اسم بوتيكها المفضل الذي اعتادت زيارته.
“لماذا يعطيني هذا؟“
رأى إيان تعجب بلير فقال:
“إنه لكِ، بلير.”
“لي أنا؟“
فتحت بلير سحّاب غطاء الملابس.
كان إيان محقًا. بداخله فستان. فستان أنيق للحفلات بلون أزرق غامق. تصميمه مكشوف الكتفين وملتصق بالجسم، فكرت بلير أنها لو اختارته بنفسها لما وجدت ما هو أجمل منه.
أشار إيان، وهو يحمل الفستان، لبلير التي لا تزال مندهشة،
بأن تركب الليموزين. صعدت بلير إلى السيارة دون وعي.
في الليموزين، كان هناك حذاء بمقاسها وحقيبة يد صغيرة تتناسب مع الفستان.
كان الفستان الذي قدمه إيان يناسب جسدها تمامًا.
ربما لأن البوتيك المفضل لها يعرف مقاساتها.
نظرت بلير إلى الفستان الفاخر بذهول.
‘هل يحق لي ارتداء مثل هذا الفستان؟ هل يجوز لي قبوله؟‘
“إيان… أمم…”
فتحت بلير باب السيارة ببطء، تاركة جسدها داخلها ومطلة بوجهها فقط. لحسن الحظ، كان إيان يقف قريبًا.
رفع إيان، الذي كان يثبت أزرار أكمامه، عينيه إلى بلير حين نادته.
منذ أن دخلت بلير عالم الفيلم، شعرت بأن كل ما تتمتع به كـبلير كان كثوب مستعار لا يناسبها، يجعلها تشعر بالغربة. كانت تعتقد أن هذه الرفاهيه لا تليق بها، وتتساءل: هل يحق لي التمتع بهذا؟
لكن عندما رأت إيان ينتظرها خارج السيارة، وعندما شاهدت الفستان الذي أعده لها، شعرت لأول مرة برغبة في التمتع به.
أرادت أن تستمتع بلا تردد بهذه الرفاهيه الذي كانت تعتقد أنه مستعار ويجب رده يومًا ما.
“نعم، بلير؟ ما الأمر، ألا يناسبكِ الفستان؟ ألم يعجبكِ؟“
سأل إيان بلطف.
“لا، ليس شيئًا كبيرًا. سأرتديه وأخرج.”
بعد قليل، خرجت بلير بعد أن استبدلت ملابسها،
تتحرك بتردد خارج السيارة.
“إيان، هل يمكنك مساعدتي؟“
حاولت بكل الطرق أن تفعلها بمفردها، لكن في سيارة لا تتيح لها الوقوف كاملة، كان من المستحيل تقريبًا أن تغلق سحاب فستان غير مرن بمفردها.
نزلت بلير من السيارة، مترددة، واستدارت دون كلام.
بعد لحظة، لمستها أطراف أصابع إيان الناعمة بحذر.
أغلق إيان سحاب الفستان ببطء.
لم تستطع بلير تمييز ما إذا كان عجزها عن التنفس سببه ضيق الفستان أم التوتر.
كلما لامست أصابع إيان بشرتها بخفة،
ابتلعت بلير ريقها دون جدوى.
بعد أن أغلق السحاب، مرر إيان يده بلطف على شعر بلير ليتأكد أنه لم يعلق بالسحاب.
استدارت بلير، فقال إيان:
“هل أنتِ جاهزة؟“
أومأت بلير برأسها ببطء.
حين كانت إيميلي في خضم اضطرابها، لم يكن الحفل قد امتلأ بالحضور بعد، لكن الآن بدأت مواقف السيارات والقاعة تمتلئ تدريجيًا.
دخلت بلير إلى مدخل الحفل بمرافقة إيان.
في اللحظة التي خطت فيها إلى الحفل، شعرت بلير وكأن كل شيء توقف للحظة. توقف الجميع في القاعة عن الكلام والحركة، محدقين في بلير.
كانت بلير معتادة على أن تلفت الأنظار كلما دخلت مكانًا،
فهذا أمر مألوف لها.
لكن الأنظار التي استقبلتها اليوم لم تكن مألوفة. لم تكن تلك النظرات المعتادة من الإعجاب والرهبة التي تُوجَّه إليها دائمًا.
شعرت بلير أنها مرت بجو مشابه من قبل.
‘متى كان ذلك؟ آه… في أول يوم دراسي لإيميلي.’
كانت تلك النظرات مشابهة لما وُجِّه إلى غرايسون عندما كان يضايق الطالبة المنتقلة البريئة. نظرات حادة موجهة إلى جانٍ وقح.
نظرت بلير إلى إيان للحظة، لكنه بدا غير مبالٍ تمامًا بتلك الأنظار.
تشابكت عينا بلير وإيان. كانت عينا إيان هادئتين ودافئتين.
“هل أنتِ متوترة، بلير؟“
لم تدرك بلير أنها متوترة إلا بعد أن سمعته يقول ذلك.
أومأت بلير برأسها.
“هل تودين عدم الدخول؟“
لكنها هزت رأسها نافيةً لهذا السؤال.
وهم يدخلان الحفل، همس إيان في أذن بلير:
“لا تدعي الآخرين ينهشونكِ، بلير. إذا أظهرتِ أي ثغرة، سيبتلعونكِ جميعًا. كوني واثقة. والأفضل من ذلك أن تعضيهم أنتِ أولاً.”
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه بلير.
لم تكن تتوقع أن يقول إيان، وليس لوكاس أو ليو، لها أن تعض الآخرين أولاً. ولسبب ما، شعرت بالراحة.
ربما وجدت العزاء في كلمات إيان لأنها، منذ أن استيقظت في هذا العالم، كانت تحاول إقناع نفسها بأن عليها أن تكون بلير الطيبة لتتجنب نهاية الشريرة.
تقدمت بلير وإيان ببطء نحو مركز الحفل. النظرات الفاحصة التي استقبلتها بلير عند دخولها تبددت تدريجيًا، لكن الطلاب ظلوا يرمقونها بنظرات جانبية.
ذهب إيان وبلير لتناول المشروبات. سكب إيان لها مشروبًا بنكهة الفواكه الاستوائية.
استرخت بلير قليلاً وبدأت تستمتع بمشاهدة الحفل. كانت تحسد طلاب المدارس الثانوية في الأفلام وهم يستمتعون بالحفلات الفاخرة، والآن، بعد أن رأت الحفل بنفسها، وجدته رائعًا حقًا. شعرت أنها اتخذت القرار الصائب بعدم الاستسلام.
اقترب طلاب آخرون لتناول المشروبات، وعندما رأوا بلير،
اتسعت أعينهم وهم يتهامسون بصوت خافت ويبتعدون بهدوء.
“بلير.”
ناداها إيان بصوت منخفض، فمالت بلير بأذنها نحوه لتسمعه جيدًا وسط ضجيج الموسيقى.
“هل تعرفين أسهل طريقة لتغيير نظراتهم نحوكِ؟“
هزت بلير رأسها نافيةً.
“ماذا لو غطينا فضيحة بفضيحة أخرى؟“
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 45"