استمتعوا
أشرق يوم حفل العودة.
كانت إيميلي قد قررت عدم حضور الدروس بحجة أنها مُقيمة في المستشفى، ولم تكن تنوي الذهاب إلى الحفل أيضًا.
كان من الممكن أن يكون حضور حفل العودة واستعراض مظهرها المثير للشفقة أمام الجميع لتستمتع بأنظارهم الموجهة إليها أمرًا ممتعًا، لكن بما أن إيميلي اشتهرت بكونها مُدخلة إلى المستشفى بسبب إصابتها، فقد قررت أن تأخذ استراحة اليوم،
وإن كان ذلك بأسف.
لكن لم يطل الوقت حتى انهارت تلك الهدنة الهادئة التي كانت تعيشها إيميلي وهي مستلقية في غرفة المستشفى تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي.
—
تومي
كيف حال جسمكِ يا إيميلي؟ ألا تشعرين بالملل؟
هل أزوركِ إن أردتِ؟
—
كانت الرسالة من تومي، أحد أعضاء مجلس الطلاب الذي اقتربت منه إيميلي لتضمن ترشيحها للقب ملكة الحفل.
—
أنا بخير، أشعر بقليل من الملل لكن لا بأس.
أنت بالتأكيد مشغول بتحضيرات حفل العودة اليوم.
—
كان تومي قد استنفد قيمته بالنسبة لها،
لذا تمنت إيميلي ألا يرسل لها المزيد من الرسائل.
—
تومي
ليس تمامًا. المهمة التي كنت أعمل عليها أصبحت بلا جدوى على أي حال.
—
أدركت إيميلي أن تومي يقول هذا لأنه يريد منها أن تعزيه الآن.
‘آه، كم هذا مزعج!
لا أهتم على الإطلاق بأمور مجلس الطلاب المملة هذه.’
لم تجب إيميلي. لكن تومي كان أكثر إصرارًا مما توقعت.
بينما كانت تتجاهل الرسائل وتقرأ الإشعارات فقط،
اضطرت إلى الرد عليه بعد أن رأت آخر رسالة أرسلها.
—
تومي
كنت أعمل على تعديل الفيديو الترحيبي الذي سيُعرض في افتتاحية الحفل، لكنني طُردت من غرفة التحرير.
هل تعرفين لماذا؟
قالوا إنهم لن يستخدموا الفيديو خاصتي في الحفل.
كل عملي الشاق ذهب سدى.
قرروا عرض فيديو جديد صنعته بلير في الحفل،
وقالوا إن الفيديو خاصتي لم يعد مطلوبًا.
كان يجب أن يخبروني من قبل، أليس كذلك؟
يقولون إنها معاملة خاصة لأنها صديقة إيان.
—
اتسعت عينا إيميلي وهي تقرأ الرسائل بسرعة.
—
بلير؟ لم أكن أعلم أن بلير تجيد صناعة الفيديوهات أيضًا.
لكن هل تم اتخاذ هذا القرار فجأة؟
—
—
تومي
نعم، أُبلغت بذلك فجأة ليلة أمس. ألا تعتقدين أن هذا سخيف؟
—
—
نعم، إنه مزعج بعض الشيء.
لقد بذَلت جهدًا كبيرًا، يجب أن تكون منزعجًا يا تومي.
لكن، ما محتوى الفيديو الذي صنعته بلير؟ أنا فضولية.
—
—
تومي
لم أسمع تفاصيل كثيرة، لكنهم قالوا إنه تحرير لأبرز لحظات مباراة كرة القدم احتفالاً بالنصر أو شيء من هذا القبيل. لم أفهم كل شيء. قلت لهم إن أبرز لحظات المباراة موجودة بالفعل على وسائل التواصل، لكنهم قالوا إن فيديو بلير مختلف، وأنه سيفاجئ الجميع أو شيء من هذا القبيل.
—
—
حقًا؟ مباراة كرة القدم التي كانت أمس؟
—
—
تومي
نعم، يبدو أن بلير كانت تصور لصنع الفيديو.
—
—
لو قاموا بإخبارك مسبقًا لما تعبت كل هذا التعب،
لماذا لم يخبروك من قبل؟
—
أرسلت إيميلي الرسالة ويدها ترتجف بشدة.
—
تومي
يبدو أنه لم يكن هناك خطة لعرضه في الحفل من الأساس، لكن فجأة غيّروا رأيهم أمس. قالوا إنهم يريدون عرضه لطلاب وستكوت بشدة، لكن ماذا يمكنني أن أفعل وأنا بلا سلطة؟
أليس كذلك يا إيميلي؟ أنا مظلوم، صحيح؟
—
نهضت إيميلي من سرير المستشفى فجأة، متجاهلة رسائل تومي.
‘ما الذي دفع بلير فجأة لفعل شيء لم تفعله من قبل؟
هل من الممكن أن يكون قد تم تصوير شيء لا يجب أن يُرى؟
لا، مستحيل. لكن إن لم يكن كذلك، فلماذا تتصرف بهذا الشكل؟‘
حاولت إيميلي تهدئة قلبها النابض بقوة. حتى لو تم تصوير شيء ما، فلا يمكن أن تظهر تفاصيل واضحة تثبت أن بلير كانت تمسك بها بقوة حتى النهاية. مهما كانت جودة الكاميرا عالية،
فإن تلك اللحظة لم تكن بارزة بما يكفي.
وحتى لو انكشف الأمر، يمكنها أن تستمر في التظاهر بالبراءة والشفقة، فلن يتغير الرأي العام بسهولة.
لكن على الرغم من هذه الأفكار، ظلت إيميلي مضطربة.
لم تتحمل ذلك القلق. كانت دائمًا بارعة في استغلال الشائعات،
وتعلم جيدًا أن الرأي العام يتفوق على الحقيقة في النهاية.
‘ماذا لو، ماذا لو بدا واضحًا أنني قفزت عمدًا لأزعج بلير؟‘
لم تكن إيميلي واثقة من قدرتها على تحمل النظرات المليئة بالازدراء من الآخرين، أو تعبير بلير المتعجرف إذا انكشف الأمر.
في النهاية، لم تتمكن من الصبر أكثر، فخلعت ملابس المستشفى، وارتدت قبعة، وتوجهت نحو القاعة الكبرى في المدرسة حيث يُقام حفل العودة.
كانت تعلم أن كذبتها حول شدت إصابتها قد تنكشف،
لكنها شعرت أنها ستجن إن لم تتحقق بنفسها فورًا.
على أي حال، لن يكون هناك الكثير من الطلاب الذين سيصلون إلى مكان الحفل في الموعد المحدد، لذا خططت للتحقق بسرعة والعودة.
***
نجحت إيميلي في الوصول إلى مكان الحفل دون أن تلتقي بأحد، واتجهت إلى الطابق الثاني. فالإضاءة والصوت والفيديوهات تُدار جميعها من غرفة البث هناك.
وقفت إيميلي أمام غرفة البث، وأصغت بهدوء لأي صوت قد يأتي من الداخل. لم تسمع شيئًا.
عندما فتحت الباب، لم تجد أحدًا في الغرفة المظلمة.
“اه، يالها من راحة.”
دخلت إيميلي غرفة البث، وكادت تشعل الأنوار، لكنها لاحظت أن الجدار الأمامي والجانبي مصنوعان من زجاج شفاف، فأنزلت يدها بهدوء عن المفتاح. كان مكان الحفل لا يزال خاليًا تمامًا، لكن إشعال الأنوار هنا سيجعل الجميع في القاعة ينتبهون إلى غرفة البث.
بدأت إيميلي في النقر على الفيديوهات المحفوظة في الكمبيوتر واحدًا تلو الآخر بحذر.
“هل هذا هو؟ …. لا، ليس كذلك. يبدو أنها كلها فيديوهات الحفل التي أعدها مجلس الطلاب. آه، يا للإزعاج.”
مع مرور الوقت، بدأت إيميلي تشعر بالتوتر أكثر فأكثر،
وأزالت الجبيرة الضيقة التي كانت تقيد حركتها بسرعة.
“هل هذا ما تبحثين عنه يا إيميلي؟“
انتفضت إيميلي من الخوف واستدارت عندما سمعت صوتًا مفاجئًا.
تقابلت عيناها مع بلير التي كانت تبتسم. كانت بلير تمسك بجهاز وحدة تخزين صغير في يدها.
كانت إيميلي منشغلة تمامًا بالبحث في الكمبيوتر لدرجة أنها لم تلاحظ وجود أحد خلفها.
“بلير… متى أتيتِ؟ ماذا كنتِ تفعلين هنا؟“
“كنتُ أنتظركِ لأنني شعرت أنكِ ستأتين.”
ألقت بلير نظرة سريعة على الجبيرة التي وضعتها إيميلي جانبًا وقالت:
“يمكنني أن أشرح.”
“لا أعتقد أن هناك حاجة لذلك.”
شعرت إيميلي بالاختناق من الإحباط.
لم تكن تعرف مدى علم بلير بالأمر،
ولم تستطع تحديد من أين تبدأ التبرير.
فكرت أنها إذا حاولت تبرير مسرحيتها بتهور،
قد تكون بلير لم تعرف شيئًا بعد.
‘لماذا بلير هنا؟ هل جاءت لعرض الفيديو الذي صنعته بنفسها؟
لكن لماذا تنظر إليّ بهذا التعبير؟ منذ متى كانت تراقبني هنا؟‘
لكن بينما كانت إيميلي تفكر،
اشتعل غضبها فور تقاطع عينيها مع عيني بلير الهادئتين.
أدركت معنى قول بلير إنها كانت تنتظرها.
‘هذه فخ! لقد نصبوا لي فخًا وانتظروا قدومي، بكل وضوح.
انظري إلى هذا التعبير المتعجرف وكأنها انتصرت بالفعل.’
“بلير، أي فيديو تنوين عرضه؟“
“أبرز لحظات مباراة كرة القدم أمس والتشجيع.”
“ألا تعتقدين أن عرض فيديو التشجيع فكرة سيئة؟“
قالت إيميلي وهي تكبح غضبها.
“حسنًا، لا أعرف لماذا يجب أن يكون كذلك؟“
“هل أنتِ متأكدة أنكِ لا تمانعين أن يرى الجميع خطأكِ؟“
“هل تقصدين بالخطأ الذي تعنينه أنني لم أتنبأ بمسرحيتكِ مسبقًا؟“
انفجرت إيميلي عند سماع كلمات بلير.
“أعطني ذلك!”
حاولت إيميلي انتزاع جهاز وحده التخزين من يد بلير،
لكن بلير تمكنت من الاحتفاظ به بمهارة.
“لا أريد.”
“أعطني اياه الآن!”
لم تتمكن إيميلي من كبح نفسها، فصرخت واندفعت نحو بلير.
سقطت بلير على الأرض،
وجلست إيميلي فوقها وبدأت تشتبك معها.
“إلى متى تعتقدين أن الناس سيظلون ينخدعون بحيلكِ؟“
لم يعد هناك أي تفكير عقلاني في ذهن إيميلي.
كل ما كان يشغلها هو الهدف الأعمى لانتزاع وحدة التخزين.
في تلك اللحظة، حدث ذلك.
ومضة ضوء–
“آه، ما هذا؟“
في اللحظة التي نجحت فيها إيميلي أخيرًا في انتزاع وحدة التخزين من يد بلير، أضيئت أنوار غرفة البث فجأة.
وفي الوقت نفسه، أضاءت جميع الأضواء التي كانت مُعدة للحفل في القاعة نحو غرفة البث مباشرة.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 43"