استمتعوا
حدّق كل من إيان ولوكاس في بلير.
ترددت بلير. كانت تعلم بعقلها أن إيان على صواب من الناحية العقلانية.
لكنها سئمت من التعرض للأحداث دون أن تعرف ما سيحدث. لم تكن تعرف كيف ينوي لوكاس جمع الأدلة، لكنها اتفقت معه أن هذا الحدث هو الفرصة المثلى للقبض على الجاني.
نظرت بلير إلى إيان بتعبير آسف وقالت:
“لا يمكننا إلغاء العودة هكذا. سأكون حذرة، ولن أُصاب.”
بردّها هذا، تجمدت ملامح إيان بشكل واضح، لكنه لم يعارضها.
“حسنًا، بلير، قومي بأداء التشجيع كما هو مخطط.
لنذهب للقبض على الجاني.”
قال لوكاس بنبرة جادة وحازمة.
***
أشرق يوم مباراة العودة لكرة القدم. كان الحدث الأكبر لهذا العام في مدرسة ويستكوت الثانوية على وشك البدء، بحضور الطلاب وعائلاتهم وأقاربهم وسكان المنطقة وكشافة كرة القدم.
نظرت بلير إلى المدرسة المزينة ببهاء والملعب، وهي تشعر بالقلق المستمر.
كان التدريب الأخير على حرکات التشجيع المثيرة قد مرّ بسلاسة. حتى أولئك الذين كانوا يقفون على أهبة الاستعداد بعيون قلقة لمنع أي حادث محتمل بدوا الآن أكثر استرخاءً. بدا أن بلير هي الوحيدة التي لا تزال تشعر بالتوتر.
“هل أنتِ بخير، يا بلير؟“
أمسك ليو ببلير وهي تتجه للخروج بعد انتهاء التدريب وسألها.
“نعم، أنا بخير.”
لم يكن ليو على علم بحادثة الحريق في غرفة الطهي.
كانت بلير قد اقترحت عدم إخبار الآخرين.
لذلك، لم يكن ليو يعلم أن بلير تشعر بالقلق قبل مباراة كرة القدم، لكنه لاحظ أن شيئاً ما غير طبيعي،
إذ لم يرَها متوترة بهذا الشكل من قبل.
“هل أنتِ متوترة؟“
ابتسمت بلير ابتسامة خفيفة لسؤال ليو. لقد أضحكها أن لاعب كرة قدم يضع حياته على المحك في المباراة يسأل قائدة تشجيع إن كانت متوترة.
‘من الذي يفترض أن يسأل هذا السؤال؟‘
هزت بلير رأسها وقالت:
“أنا بخير لأنك سألتني. وأنت؟ هل أنت متوتر؟“
“متوتر؟ لقد انتظرتُ هذا اليوم طوال حياتي، يا بلير.”
قال ليو بتعبير مليء بالثقة، ثم مرر يده بلطف على شعر بلير وانطلق نحو زملائه في فريق كرة القدم الذين كانوا ينتظرونه.
***
اقترب موعد بدء المباراة. قادت بلير فريق تشجيع ويستكوت نحو الملعب. لم تبدأ المباراة بعد، لكن جماهير الفريق الزائر والفريق المضيف كانوا يتبادلون الاستفزازات بحماس.
“وووو!”
جلب فريق التشجيع الزائر آلة نفخ تصدر أصواتاً تشبه أبواق السفن، واستخدموها لاستثارة الجمهور واستفزازهم.
كلما حاولت بلير إطلاق هتاف تشجيعي، كانت قائدة فريق التشجيع المنافسة ترد باستهزاء بصوت الآلة النفخية مصحوباً بالهتافات الساخرة.
عبس جمهور ويستكوت وفريق التشجيع من سلوك الفريق الزائر غير اللائق.
في تلك اللحظة، بدأت فرقة الموسيقى الاحتفالية لمدرسة ويستكوت، التي كانت تحتل الصف الأول في مدرجات الفريق المضيف، بعزف أغنية التشجيع.
تغلبت موسيقى الفرقة بسهولة على أصوات الآلات النفخية والهتافات الساخرة للفريق الزائر، وامتزجت مع أصوات جمهور ويستكوت لتملأ الملعب بأكمله.
نظرت بلير إلى الفرقة الموسيقية التي حررت أذنيها من الضوضاء المزعجة.
كان لوكاس، قائد الفرقة، يقودها. في الملعب المظلم، كان الضوء الوحيد الموجه نحو المدرجات يسلط على لوكاس، كأنه بطل هذا المشهد.
عندما التقى نظره بنظر بلير، غمز لها غمزة مألوفة.
أدارت بلير بصرها وبدأت في قيادة فريق التشجيع.
لاحظت أن المشجعات الجديدات، اللاتي يواجهن خشبة المسرح الكبيرة لأول مرة، كن يرتجفن من التوتر. ومن بينهن، كانت إيميلي الوحيدة التي تحتفظ بابتسامة واثقة ووضعيات ثابتة، مما لفت انتباه بلير.
بدأت بلير، وتبعتها أصوات هتافات المشجعات التي سيطرت على الملعب.
مع دخول لاعبي كرة القدم إلى الملعب، ارتفعت صيحات الجمهور أكثر. مرّت عينا بلير على ليو في المقدمة، ثم استقرت على آخر لاعب دخل.
كان إيان قد أصر على أن يكون بالقرب من بلير، فانتهى به الأمر مرتدياً زي لاعب كرة القدم وخوذة، جالساً على مقاعد البدلاء مع اللاعبين الاحتياطيين.
تجمع اللاعبون الذين دخلوا الملعب في دائرة لتشجيع بعضهم البعض. كان كل شيء جاهزاً لبدء المباراة.
دوّى صافرة الحكم. بدأت المباراة أخيراً.
كانت بلير تقف مواجهة للمدرجات، تقود التشجيع، فلم تستطع مشاهدة المباراة. لكنها شعرت بحماس المباراة من خلال هتافات الجمهور الحارة وأجواء الحماس.
كان الجمهور يهتف بالاستهجان والتشجيع ويردد أسماء اللاعبين بصوت واحد. في كل مرة، كانت بلير تعرف أن أحدهم سجل هدفاً. وكان اسم ليو هو الأعلى والأكثر تكراراً.
انتهى الشوط الأول المثير، وكانت مدرسة ويستكوت في الصدارة عندما بدأ استراحة الشوطين. حصل اللاعبون على قسط من الراحة، لكن المشجعات لم يحصلن على ذلك. ما إن غادر اللاعبون الملعب، حتى انطلقت المشجعات لتتوزعن فيه بمسافات متساوية كما كان متوقعاً.
كانت الأغنية الأولى مألوفة. بعد أن أنهت بلير أغنيتي تشجيع كانت تستطيع أداءهما بعينين مغمضتين، جاءت لحظة حرکات التشجيع المثيرة التي كانت تزعج بلير وإيميلي طوال الوقت.
ظهر لاعبو كرة القدم الذين تدربوا معهن مسبقاً، وأخذوا مواقعهم وفق المسار المحدد.
صعدت بلير فوق غرايسون وكايلب لتثبت مكانها، ثم تلتها إيميلي التي استقرت فوق بلير بمساعدة لاعبي كرة القدم.
كان كل شيء يسير كما في التدريب.
أنهت إيميلي الحركة الأخيرة مع هتاف التشجيع من فوق بلير.
لم يتبقَ سوى أن تقوم إيميلي بحركة بهلوانية في الهواء وتهبط بسلام على الأرض.
تنفست بلير الصعداء، مطمئنة إلى أن الأمر شارف على الانتهاء. لكن في تلك اللحظة حدث ما لم يكن في الحسبان.
“آه!”
“إيميلي!”
فجأة، تعثرت إيميلي فوق كتفي بلير، وفقدت توازنها وبدأت تتمايل.
توقف الجمهور عن أفعالهم في ذهول،
وكتموا أنفاسهم وهم ينظرون إلى إيميلي.
حاولت بلير الإمساك بإيميلي بقوة أكبر، لكن في تلك اللحظة بالذات، تحرك غرايسون، الذي كان يدعم جسد بلير من الأسفل، بطريقة جعلت من الصعب على بلير الحفاظ على توازنها.
“إيميلي! لا!”
كان ذلك في لمح البصر.
هوت إيميلي نحو الأرض دون أن تمنح بلير فرصة لمساعدتها أو إعادة الإمساك بها.
في اللحظة التي شعرت فيها بلير باختفاء وزن إيميلي عن كتفيها، أغمضت عينيها، غير قادرة على مواجهة المشهد المروع الذي كان سيحدث أمامها.
لكن الصوت الذي وصل إلى أذنيها في اللحظة التالية لم يكن صوت شيء ثقيل يصطدم بالأرض.
مع صوت مدوي.
“يا إلهي، إيميلي!!”
“إيميلي!”
“يا لها من راحة، ليو!”
اندفعت المدربة إليوت وزميلات إيميلي في فريق التشجيع نحو الملعب وهم ينادون باسمها.
فتحت بلير عينيها، ورأت إيميلي في حضن ليو.
كان ليو قد أمسك بها وهي تهوي.
“إيميلي، هل أنتِ بخير؟ ابتعدوا قليلاً يا أطفال، إيميلي، إيميلي!”
دفعت المدربة إليوت المشجعات ولاعبي كرة القدم المحيطين بإيميلي لتفحصها.
“إيميلي، هل أصبتِ في مكان ما؟“
“مدربة… أنا آسفة. لقد… لقد أفسدتُ كل شيء.”
قالت إيميلي وهي تكاد تبكي.
“تفسدين؟ لا تقولي ذلك. يا لها من راحة أنكِ لم تُصابي بجروح خطيرة، هذا يكفي.”
“إيميلي، هل أنتِ بخير؟“
حاولت بلير التحدث إلى إيميلي،
لكن إيميلي لم تسمعها أو لم تجب.
“ليو، ضع إيميلي على الأرض الآن.”
كان ليو على وشك تنفيذ تعليمات المدربة إليوت.
“آه، أي!”
صرخت إيميلي بصوت عالٍ وعبست وجهها.
“إيميلي، هل أنتِ بخير!!”
اندفعت إليوت ومن حولها إلى إيميلي في ذعر.
كانت إيميلي تعرج على إحدى قدميها. يبدو أن ساقها اصطدمت بالأرض قليلاً عندما أمسك بها ليو وهي تسقط من الجو.
“إيميلي، هل تعتقدين أن عظمكَ مصاب؟ هل تستطيعين المشي؟“
أومأت إيميلي برأسها.
“سيأتون بالنقالة قريباً. تحملي قليلاً حتى ذلك الحين.
ليو، ضع إيميلي على الأرض.”
قالت إليوت وهي تدور حول نفسها بقلق،
فرد ليو بوجه مليء بالذنب:
“كان يجب أن أمسك بإيميلي جيداً،
لكنها سقطت فجأة دون سابق إنذار، فذُهلت.”
“لا، يا ليو. إن إمساككَ بإيميلي كان بحد ذاته نعمة كبيرة.”
قالت إليوت وهي تمسح صدرها كأنها تخيلت شيئاً مرعباً.
“أنا… أنا المخطئة. ليو لم يفعل شيئاً خاطئاً. حتى لو أفلتت بلير يدها من قدمي، كان يجب أن أحافظ على توازني حتى النهاية.”
فاجأ كلام إيميلي غير المتوقع الجميع في المكان،
فالتفتوا إلى بلير بنظرات متسائلة.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 41"