استمتعوا
عندما طرحت بلير سؤالها، اصفرّ وجه أوبري رعباً.
“لا… لا أعرف.”
لم تكن بلير تنوي استجواب أوبري بشدة، وحتى لو أرادت ذلك، شعرت أن الضغط عليها في حالتها الحالية لن يكون مناسباً.
طرحت بلير سؤالاً آخر بلهجة خفيفة،
كأن الأمر السابق لم يعد مهماً:
“حسنًا… إذن، يا أوبري، هل يمكنكِ أن تخبريني كيف بدأ الحريق؟ أعتقد أنني بحاجة لمعرفة ذلك.”
“لا أعرف بالضبط. عندما دخلتُ غرفة الطهي لأول مرة، شعرتُ أن شيئاً ما غير طبيعي. من المفترض ألا تعمل الأفران ليلاً عندما لا يكون هناك من يشرف عليها، لكن الفرن كان ساخناً جداً، كما لو أنه عمل طوال الليل. كانت الغرفة مليئة بالحرارة.”
“همم… هل بدا وكأن أحدهم خبز الكعك طوال الليل؟“
“لا، لأن رائحة الكعك لم تكن موجودة أبداً.”
“إذن، هل الفرن عمل من تلقاء نفسه؟“
“لا أعرف. كان الفرن ساخناً جداً، ومع ذلك بدأتُ بخبز الكعك دون تفكير، لذا أعتقد أنها غلطتي.”
“ليست غلطتكِ يا أوبري. لو كان الفرن طبيعياً، لكان مزوداً بإعدادات مثل الإغلاق التلقائي أو خفض الحرارة عند الارتفاع المفرط. يبدو أن مستشعر الحرارة أو أحد الأجهزة كان معطلاً.”
بينما كانت تتحدث، شعرت بلير بشعور غريب يراودها.
كان الرذاذ التلقائي في غرفة الطهي معطلاً أيضاً.
‘لكن الفرن كان معطلاً أيضاً؟
حدوث عطل واحد أمر نادر، فكيف يحدث عطلان في وقت واحد؟
يبدو الأمر وكأن شخصاً ما تسبب في الحريق عمداً.’
فضلاً عن ذلك، لم يحدث شيء مشابه في القصة الأصلية.
في كل مرة كان يحدث شيء مختلف عن الأصل، كانت بلير تعتقد أنها ربما غيرت مسار القصة، أو أن هناك تفاصيل لم تعرفها.
لكن الصدف بدت متكررة أكثر من اللازم.
“أوبري، أليس لديكِ حصة دراسية بعد الآن؟ لنعد إلى الفصل.”
سارت بلير مع أوبري، التي بدت أكثر هدوءاً، نحو الفصل.
قبل أن تفترقا، سألت أوبري:
“هل سأصبح ناضجة مثلكِ عندما أصل إلى الصف الحادي عشر، يا بلير؟“
‘لا، بل بعد أن تتخرجي من الجامعة، وتعملي بجد في شركة،
ثم تجدي نفسكِ فجأة داخل قصة مراهقين.’
لم تقل بلير هذا الكلام بصوت عالٍ، واكتفت بابتسامة لطيفة.
“أوبري، هل أخبرتِ أحداً آخر عن الحريق؟“
“لا، لم أخبر أحداً. في الحقيقة، لولا حديثي معكِ اليوم، لربما كنتُ قلقة وخائفة لدرجة أنني كنتُ سأتحدث عن الأمر مع الجميع. قالوا لي إنه يجب أن أسبق بلير في نشر الرواية قبل أن تلومني وتنشر ذلك عني.”
حدّقت بلير في أوبري بعد اعترافها المفاجئ.
“بفضلكِ، شعرتُ بالراحة. شكراً لكِ. إذا سألني المدير عما حدث، سأقول بالتأكيد إنها غلطتي.”
ضحكت بلير على كلام أوبري اللطيف.
“لا داعي لذلك، يا أوبري. كما قلتُ لكِ اليوم مراراً،
المسؤولية تقع عليّ بالكامل. اذهبي بسرعة لحضور حصتكِ.”
لوّحت أوبري لها واتجهت نحو الفصل. ابتسمت بلير لها حتى اختفت، لكن ما إن غابت أوبري حتى تجمدت ملامحها وبدت باردة.
إذا كان هناك من أشعل النار عمداً، فهذا الشخص كاد يعرض آلاف الطلاب في المدرسة للخطر، فقط لإحراج بلير.
وهناك شخص يحاول الإساءة إليها. هل هما نفس الشخص؟
كان لدى بلير الكثير من الأعداء. لو كانت بلير الأصلية، لكان عليها التفكير في كل شخص محتمل واحدًا تلو الآخر، لكن لحسن الحظ، كان لديها دليل.
في رأيها، من بين من كانوا في مكان الحادث، كان هناك شخص واحد فقط قد يحاول الإساءة إليها. شخص يظهر بأكبر اختلاف عن القصة الأصلية، شخص يثير شكوكها باستمرار، شخص كان دائماً موجوداً عندما حدثت أحداث غير متوقعة تختلف عن الأصل.
فكرت بلير في شخص يمكن أن يساعدها على تحويل شكوكها إلى يقين. وجاءت فرصة الحديث مع هذا الشخص أسرع مما توقعت.
***
في فترة ما بعد الظهر، بعد انتهاء جميع الحصص،
كانت بلير تخرج من صالة الألعاب الرياضية بعد تدريب التشجيع.
كان هناك من ينتظرها خارج الصالة.
“بلير.”
كان إيان.
“إيان، ما الذي أتى بك؟“
“ظننتُ أنكِ ستكونين هنا.”
“أتيتَ لرؤيتي؟ ألم تعُد إلى المنزل حتى الآن؟“
عندما سألته بلير بدهشة، أجاب إيان:
“انتهيتُ للتو من أعمال مجلس الطلاب.”
لاحظت فريق التشجيع إيان ينتظر بلير،
فمررن بجانبهما ببطء بعيون مليئة بالفضول.
لم يهتم إيان بنظراتهن المتلهفة، وسار نحو بلير،
ثم أخرج شيئاً من حقيبته.
انتفضت بلير مفاجأة عندما اقترب منها فجأة،
فأمسك إيان أذنها برفق بيد واحدة وقال:
“ابقي ساكنة للحظة.”
بدأ إيان بوضع شيء على أذنها بعد أن أنهى كلامه،
وشعرت بلير بحرارة لحظية في المكان الذي مرت به يده.
“آه، إنه ساخن.”
“من الطبيعي أن يكون ساخناً.”
“حقاً، إنه ساخن جداً.”
“ألم يُطلب منكِ وضع المرهم بانتظام؟ لماذا لم تفعلي؟
قد يترك ندبة.”
قال إيان وهو ينقر بلسانه مستاءً.
شعرت بلير بالحرارة تنتشر من أذنها إلى كامل جسدها.
بعد أن انتهى إيان من وضع المرهم بعناية، ألصق ضمادة على حافة أذنها بإحكام. عندما ضغط عليها بقوة لتثبيتها، عبست بلير قليلاً من الألم، فأبعد إيان يده عن أذنها فوراً.
وضع إيان أنبوب المرهم في يدها.
“هل شعرتِ بألم؟“
“لا. نسيتُ حتى أن أذني مصابة بعد خروجي من المستشفى،
لذا نسيتُ وضع المرهم.”
“مع ذلك، ضعيه بانتظام. الحرارة التي تشعرين بها في البداية ستخف تدريجياً مع الاستمرار.”
أمسكت بلير المرهم الذي أعطاه إيان بقوة، كأنه شيء ثمين.
‘كنتُ أنوي البحث عن إيان على أي حال.’
“إيان، أردتُ أن أقول…”
نظر إيان إليها بانتظار، محدقاً فيها بعينين ثابتتين.
نظرت بلير حولها. لم يكن المكان مناسباً للمحادثة.
“هل يمكننا الحديث في مكان آخر بدلاً من هنا؟“
اقترح إيان، بعد سماع كلامها،
أن يتحدثا في غرفة مجلس الطلاب، فاتجها معاً إلى هناك.
كانت المسافة بين صالة الألعاب الرياضية وغرفة مجلس الطلاب بعيدة نسبياً، فاستغرق الوصول بعض الوقت.
ما إن وصلا وأغلقا الباب، قالت بلير:
“إيان، تتذكر حادثة تلويث خزانة إيميلي التي حدثت مع فريق التشجيع سابقاً؟ ألم تُخبرني حينها عن الجاني؟“
“أنا؟ لا أعتقد أنني فعلت.”
“صحيح، لم تذكر اسمها صراحةً. لقد أعطيتني تلميحاً فقط.”
كان إيان قد أخبر بلير أنه رأى إيميلي تلك الليلة، وأعطاها نظرة ذات مغزى. بفضل ذلك التلميح، تمكنت بلير من اكتشاف أن الأمر كان من تدبير إيميلي نفسها.
“كيف عرفتَ حينها؟ أنها هي؟“
“أعتقد أنني قلتُ إنني اكتشفتُ ذلك أثناء عملي في مجلس الطلاب.”
رد إيان بتعاون، رغم نفيه لإخبارها مباشرة.
“لكن بعد أن فكرتُ في كلامك، غرفة مجلس الطلاب بعيدة جداً عن غرفة الخزائن، بل إنها في مبنى آخر.”
نظرت بلير إلى إيان بعينين مليئتين بالثقة وهي تتحدث.
عندما لم يرد إيان، تابعت:
“كان من الممكن أن يكون شخص آخر قد جاء وغادر غرفة الخزائن دون أن تراه، لكنك قلتَ إن إيميلي كانت تتدرب بمفردها. لم ترَ ذلك أثناء بقائك لأعمال مجلس الطلاب، أليس كذلك؟ كيف عرفتَ؟“
تنهد إيان تنهيدة خفيفة، ثم أجاب:
“تسألين عن أمر مضى في هذا التوقيت لأنكِ تعتقدين أن شخصاً ما أشعل النار عمداً، أليس كذلك؟“
أومأت بلير برأسها قليلاً.
“بما أنكَ أعطيتني الجواب في المرة السابقة،
تساءلتُ إن كنتَ تعرف شيئاً هذه المرة أيضاً.”
نظرت بلير إلى إيان بعينين متوسلتين.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 39"