استمتعوا
كان من أمسك بكتف بلير هو غرايسون.
عبست بلير في وجهها.
كان مجرد وجود غرايسون هو من استوقفها أمرًا مزعجًا بحد ذاته، ولم تكن تحب أن يلمس جسدها بلا استئذان.
وفوق كل ذلك، كانت بلير تتوق للعثور على إيميلي بسرعة.
“لمَ تفزعين هكذا، يا إيميلي؟“
ما إن نطق غرايسون باسم الشخصية التي تبحث عنها حتى تفاجأت بلير.
‘غرايسون يتظاهر بمعرفة إيميلي؟ لا شك أنه ينوي مضايقتها. سأجعله يندم حتى على مجرد التفكير في ذلك مجددًا.’
قررت بلير أن تتظاهر بأنها إيميلي لفترة حتى تكتشف سبب استدعاء غرايسون لها. فلو عرف أنها بلير، لما كشف عن نواياه الحقيقية أبدًا.
بصوت إيميلي الرقيق الناعم، قالت بلير:
“غرايسون، ما الذي تريده مني؟“
‘همم، لقد بدا ذلك كشيء قد تقوله بلير.’
عاتبت بلير نفسها داخليًا على هفوتها، لكن يبدو أن ضجيج الموسيقى الصاخبة حال دون أن يلاحظ غرايسون أنها ليست إيميلي.
“تأكدتُ أنه لا أحد حولنا، فلا داعي للتظاهر بأننا غرباء بهذا الشكل.”
‘هل كانت إيميلي على علاقة ودية مع غرايسون؟‘
شعرت بلير بالحيرة الشديدة من هذا الموقف. فغرايسون هو من حاول سكب مشروب على إيميلي في يومها الأول في وستكوت.
والذين يتآلفون مع غرايسون هم دائمًا من نفس طينته.
“لنصعد إلى الطابق الثاني ونواصل حديثنا.”
أومأت بلير برأسها موافقة على كلام غرايسون، وتوجها معًا إلى الطابق الثاني. ما إن وصلا حتى قال غرايسون:
“هل فكرتِ في الأمر؟ ألا تبدو خطتي جيدة؟ لقد سئمتُ من سيطرة ليو على فريق كرة القدم كأنه ملك. لو تسببنا في حادث يجعله غير قادر على رفع وجهه المغرور مجددًا، سيكون ذلك رائعًا. وسأمنحكِ ما تريدين أيضًا.”
ضحك غرايسون بابتسامة خبيثة،
وبدأت أطراف أصابع بلير ترتجف بخفة.
لم تكن تدرك تمامًا ما يرمي إليه غرايسون،
لكنها كانت متأكدة أن الأمر ليس جيداً.
‘لا أعرف تفاصيل خطته، لكن يبدو أنه ينوي استخدام إيميلي لتدمير حياة ليو. لا يمكنني السماح بذلك. كرة القدم هي حياة ليو. لكن لمَ لم تخبرني إيميلي بشيء؟ هل يهددها غرايسون؟ يجب أن أستمع أكثر.’
في تلك اللحظة، نادى أحدهم من خلفهما:
“بلير؟“
كان كايلب. شعرت بلير بقلبها يهوي عندما سمعت صوت كايلب يناديها.
‘هكذا يضيع كل شيء!’
لكن قبل أن تتمكن بلير من فتح فمها، قال غرايسون:
“بلير؟ إنها إيميلي.”
“آسف جدًا، يا إيميلي. لقد ارتكبتُ الخطأ ذاته مرتين اليوم.”
اعتذر كايلب بصدق، فتنفست بلير الصعداء داخليًا وقالت:
“لا بأس.”
“أنا سيئ جدًا في التمييز. سامحيني هذه المرة فقط.
لن أكرر الخطأ مجددًا. آه، لقد صعدتُ لأبحث عن بطاقاتي.
سأجدها وأعود للأسفل، فلا تهتموا بي واستمتعوا.”
لم يتبادل بلير وغرايسون أي كلمة حتى دخل كايلب غرفته وخرج منها مجددًا. كانت بلير تترقب أن يغادر كايلب الدرج بسرعة لتبقى وحدها مع غرايسون.
بعد قليل، خرج كايلب من غرفته حاملاً البطاقات،
مبتسمًا ببراءة لبلير وغرايسون وقال:
“بالمناسبة، يبدو أن الجميع يريدون لعب الورق الآن.
ألا تريدان الانضمام؟“
“أوه، حقًا؟ إذن سنشارك أيضًا.”
أجاب غرايسون نيابة عنها.
“غرايسون، لدينا حديث لم نكمله.”
حاولت بلير إيقافه، لكنه رد ببرود:
“يمكننا مناقشته بعد اللعبة. أنا أحب ألعاب الورق كثيرًا.”
لم تكن بلير ترغب في الانضمام إلى اللعبة مع غرايسون.
فلو انضمت إلى المجموعة، سيناديها أصدقاؤها باسم بلير، وعندها سيعرف غرايسون أن من كان يتحدث إليها لم تكن إيميلي،
مما سيحرمها من فرصة معرفة ما كان ينوي قوله لإيميلي.
‘هل أسأل إيميلي مباشرة؟ لكن من السياق، لا يبدو أمرًا جيدًا.
هل ستخبرني إيميلي بالحقيقة؟‘
لكن كايلب وغرايسون كانا قد بدآ بالنزول عبر الدرج بالفعل.
تبعتهما بلير إلى الطابق الأول وهي غارقة في أفكارها المضطربة.
توجه كايلب وغرايسون نحو القاعة حيث تجمع الجميع،
وتبعتهما بلير على مضض.
بينما كانت تنزل الدرج، لمحت بلير شخصية مألوفة.
لم يلاحظها كايلب وغرايسون اللذان كانا يتقدمان،
لكن بلير كانت متأكدة.
‘تلك الملابس والشعر الأسود لا يمكن أن يكونا إلا لإيميلي.’
وفجأة، خطرت لها فكرة بارعة تتيح لها تجنب كشف غرايسون لأمرها، مع ضمان بقائها معه بمفردهما فور انتهاء اللعبة.
“سأمر بالحمام أولاً. اذهبا أنتما.”
“حسنًا، يا إيميلي. نلتقي في تلك القاعة التي افترقنا عندها.”
صاح كايلب خلف بلير وهي تركض،
فأشارت بيدها دون أن تلتفت لتؤكد أنها سمعت.
“إيميلي!”
“يا إلهي، بلير! لمَ تركضين بهذه السرعة؟“
استقبلت إيميلي بلير بابتسامة، كأن تعبيرها المتصلب الذي غادرت به المجموعة لم يكن موجودًا يومًا.
“أمم، إيميلي، تعالي معي إلى الداخل أولاً.”
أمسكت بلير بيد إيميلي ودخلتا الحمام. ثم خلعت العقد من رقبتها.
كان العقد ثقيلاً نوعًا ما، مزينًا بألماسة فاخرة في المنتصف محاطة بألماسات صغيرة. وضعت بلير العقد في يد إيميلي، ثم أخذت العقد الزجاجي البسيط من رقبة إيميلي وعلقته حول رقبتها.
“لِمَ تعطينني هذا؟“
سألت إيميلي بصوت يبدو وكأنه يرتجف قليلاً.
أخذت بلير العقد من يد إيميلي الواقفة ساكنة،
وعلقته حول رقبتها وهي تقول:
“يناسبكِ جيدًا. كأن العقد وجد صاحبه الحقيقي.
ما رأيكِ، يا إيميلي؟“
“… شيء ثمين كهذا، ماذا لو أضعته أو خدشته؟“
“لا بأس، حتى لو خدش قليلاً.
انظري، الآن لا أحد يعرف من منا من. ألستِ فضولية، يا إيميلي؟
هل سيعرفون أننا تبادلنا العقدين؟
أم أنهم سظنونكِ أنا بسبب العقد وحده؟“
لم تجب إيميلي، بل ظلت تحدق في صورتها في مرآة الحمام، تتلمس العقد بأصابعها.
“أعتقد أن لا أحد سيفرق بيننا بدقة.
ما رأيكِ أن نتظاهر بعدم معرفتنا حتى يكتشفنا أحدهم؟“
لم ترد إيميلي.
“إن لم ترغبي، لا بأس.”
“لا، أريد ذلك. أنا فضولية أيضًا.”
ما إن أنهت بلير كلامها حتى أجابت إيميلي بسرعة.
ابتسمت بلير لرد إيميلي، وتوجهتا معًا إلى القاعة.
***
على عكس اللحظة التي غادرت فيها بلير القاعة،
كانت الآن ممتلئة بالراقصين. شقتا طريقهما بين الحشود نحو المجموعة، فاستقبلتهما أليسيا بحرارة وقالت:
“ما الذي يحدث؟ لمَ أتيتما معًا؟
لقد اختفيتما فجأة، ماذا كنتما تفعلان؟“
لكن نظرة أليسيا لم تكن موجهة إلى بلير، بل إلى إيميلي.
“فقط… كح.”
بدأت إيميلي بالحديث بصوتها الهادئ الناعم المعتاد،
فوخزتها بلير في ظهرها خفية.
“تقابلنا في الحمام وأتينا معًا.”
ارتفع صوت إيميلي ليصبح مشابهًا لصوت بلير. لم يكن الصوتان متطابقين، لكن في خضم ضجيج القاعة الممزوج بالموسيقى والأحاديث، لم ينتبه أحد للفارق.
لم تكن أليسيا وحدها من لم يلاحظ، بل سيدار وإيفلين أيضًا.
رحبن بإيميلي بابتسامات، دون أن يلقين نظرة تذكر نحو بلير.
شعرت إيميلي ببعض التوتر في هذا الجو الجديد،
لكنها طرحت سؤالًا:
“ماذا كنتم تفعلون؟“
“سنبدأ لعبة الورق الآن، لكن ما رأيكِ أن ترقصي مع ليو أولاً؟
لم ترقصي ولو مرة منذ وصولكِ إلى الحفل.”
دفعت أليسيا ظهر إيميلي،
فنظرت إيميلي إلى بلير كأنها تستأذنها.
أشارت بلير بعينيها أنه لا بأس وأن عليها الذهاب.
أعطت إيميلي إشارة الموافقة للرقص،
فذهبت أليسيا إلى ليو وهمست بشيء في أذنه.
بعد لحظات، نهض ليو من مكانه وتوجه مع إيميلي إلى وسط القاعة. بدأ الاثنان يتحركان ببطء متلاصقين على إيقاع موسيقى البلوز البطيئة.
في البداية، كانت حركات إيميلي خجولة، لكنها سرعان ما اعتادت الرقص، فقربت جسدها من ليو أكثر. ثم أخذت يده التي كانت تمسك بها ووضعتها على خصرها، وطوقت عنقه بذراعيها.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 32"