استمتعوا
لم تتحرّر تعابير الأطفال إلا بعد أن استمعوا إلى التفسير المُسهب الذي قدّمته أليسيا. ثم سرعان ما بدأ الجميع يتخيّلون أنفسهم داخليًا وهم يرتدون زيّ الإوزة السوداء مع أقنعة تغطي وجوههم.
“يبدو الأمر جيّدًا، أليس كذلك؟“
“أجل، يبدو أنه يتماشى مع فكرة حفلة الأقنعة أيضًا.”
تلقّت أليسيا المديح فارتسمت على وجهها علامات الحماس الشديد، وبدأت تروي كيف خطرت لها فكرة أوديل:
“شعرتُ أن اختيار الساحرة أو الشرير كما فعلنا العام الماضي لن يتناسب مع الأقنعة، وفي الوقت ذاته لم أرضَ بمجرد اختيار فستان أسود أو دانتيل يلائم الأقنعة دون مفهوم واضح. ثم فجأة، تذكّرتُ مشهدًا من فيلم شاهدته من قبل، فبرقت في ذهني فكرة الإوزة السوداء. بحثتُ بنفسي عن الزي، فما رأيكم بهذا؟“
تأمّل الجميع بعيون متلهّفة صور الأزياء التي عرضتها أليسيا على شاشة هاتفها.
“لكن إذا ارتدينا هذه الأزياء ووضعنا الأقنعة، لن يتمكّن أحد من معرفة هويّة الآخر.”
قالت كيمبرلي ذلك بعد أن أمضت وقتًا تتفحّص الأزياء.
“أن لا يعرف أحد هويّة الآخر؟ يا لها من فكرة ممتعة! أنا متشوّقة جدًا لمعرفة ما سيحدث في قاعة الحفل!”
“أجل، سيكون ممتعًا بالتأكيد.”
“إذًا، سنذهب، أليس كذلك يا بلير؟“
أومأت بلير برأسها. شعرت مجموعة بلير بالحماس، فاختاروا أحد الأزياء التي انتقته أليسيا بعناية، وملأوا وقت الغداء بأحاديث عن الحفل.
* * *
بعد انتهاء الدروس، اتّجهت فتيات فرقة المشجّعات إلى الصالة الرياضية للتدريب.
قبل بدء التدريب، كانت إيميلي تبدو متردّدة بعض الشيء، تتفحّص المكان من حولها وتنظر بصمت إلى المشجّعات الأخريات اللواتي أصبحن صديقاتها بالفعل.
لكن ما إن بدأ التدريب حتى تبدّل الجوّ كليًا. أظهرت إيميلي مهارة لافتة لمشجّعة جديدة، إذ كانت تتقن الحركات التي تراها للمرة الأولى بعد مشاهدة واحدة فقط.
بل إنها كانت تقف إلى جانب المشجّعات الجديدات اللواتي يجدن صعوبة في الحركات، تشرح لهن ببساطة وفق مستواهن.
في البداية، كانت المشجّعات الجديدات ينظرن إلى إيميلي على أنها تلك الفتاة الغريبة التي هربت من الصالة في أول يوم تدريب، لكن نظرتهن تغيّرت سريعًا.
بفضل قدرتها على أداء الحركات الصعبة بسهولة، وكونها مشجّعة جديدة مثلهن اجتازت الاختبار هذا العام –على عكس القدامى الأكثر صعوبة–، فضلاً عن شخصيّتها الودودة التي تقترب منهن دون تردّد، بدأت تبدو في أعينهن أكثر قربًا من بقية طالبات الصف الحادي عشر.
ومع انتهاء التدريب، أصبحت إيميلي مركز اهتمام المشجّعات الجديدات.
‘هل كانت إيميلي دائمًا بهذه الشخصيّة؟‘
شعرت بلير بشيء من الغرابة وهي ترى إيميلي التي تتحرّك بنشاط وثقة لافتة، على غير عادتها.
كانت إيميلي تتحرّك في الصالة بكلّ حيوية، كالسمكة التي عادت إلى الماء، وكأن شيئًا لم يحدث في أول يوم تدريب لها مع فرقة المشجّعات.
* * *
“نكتفي بهذا القدر اليوم.”
مسحت بلير العرق المتدفّق وأعلنت انتهاء التدريب.
“تعبتم جميعًا، شكرًا لكم.”
كانت بلير على وشك إنهاء التدريب، عندما ظهرت المعلّمة إليوت، المسؤولة عن فرقة المشجّعات التي نادرًا ما تُظهر نفسها،
من خلف الصالة، مقاطعة كلام بلير.
“أجل، يا رفاق، لقد بذلتم جميعًا جهدًا عظيمًا.
وبعد الانتهاء، أريد من بلير أن تتفضل بملاقاتي للحظات.
إيميلي وسيدر، ابقيا مع بلير أيضًا.”
‘ما الأمر؟‘
شعرت بلير بالحيرة من ظهور المعلّمة إليوت، التي لا تظهر كثيرًا في الأحداث الأصلية، واقتربت منها مع إيميلي.
“أنتِ إيميلي، أليس كذلك؟ سمعتُ أنكِ أظهرتِ مهارة مذهلة في الاختبار.”
احمرّت خدّا إيميلي عند كلام إليوت، وقالت:
“شكرًا لكِ. هل يمكنني معرفة سبب استدعائنا؟“
“ما رأيكِ أن ننتقل للحديث في مكتب المدرّب كارتر لفريق كرة القدم بدلاً من هنا؟ لا أريد أن أُبقي الجميع ينتظرون.”
شعرت بلير بالمزيد من الحيرة مع ذكر مدرّب فريق كرة القدم فجأة.
* * *
توجّهت إيميلي وبلير وسيدر وإليوت إلى مكتب داخل غرفة تبديل ملابس فريق كرة القدم. لم يكن المدرّب قد وصل بعد.
“بلير، إيميلي، سيدر، ألا تشتعلون حماسًا لهذا الموسم الجديد؟ فصل دراسي جديد، موسم جديد، مشجعات جديدات، ونجمتنا الصاعدة المتألقة، إيميلي!”
كانت إليوت تبدو متحمّسة للغاية.
“نعم، يا معلّمتي، لكن ما سبب استدعائنا إلى هنا؟“
سألت بلير.
“كنتُ أنوي الانتظار حتى يصل المدرّب كارتر لأشرح،
لكن بما أنكِ سألتِ يا بلير، سأخبركِ الآن.”
فتحت إليوت فمها بنبرة مفعمة بالحماس:
“ما رأيكم أن نجرّب تشجيع الألعاب البهلوانية؟“
“ماذا؟ تشجيع الألعاب البهلوانية؟“
تشجيع الألعاب البهلوانية هو نوع من التشجيع يعتمد على مهارات الجمباز، مثل الشقلبة، والأهرامات البشرية، والقفزات، وهي حركات عالية الصعوبة. كان تشجيع ويستكوت يركّز عادةً على الهتافات وحركات الدعم بدلاً من الحركات البهلوانية.
“لقد حصلنا أخيرًا على شخص قادر على أداء الحركات البهلوانية، وبعد سماعي عن أداء إيميلي في الاختبار، خطّطتُ للكثير.”
نقرت إليوت على مؤشر العرض وأظهرت عرضًا تقديميًا بحماس، حيث كانت الشاشة تعرض حركات عالية الصعوبة مثل رمي الأشخاص في الهواء، والدوران، والقفز.
“لكن يا معلّمتي، هذه الحركات تبدو خطيرة جدًا.
لقد توقّفت إيميلي عن ممارسة الجمباز منذ زمن طويل.”
نظرت بلير إلى إيميلي وتابعت:
“فضلاً عن ذلك، إيميلي هي الوحيدة بيننا التي تمتلك أساسيات الجمباز. إذا كانت ستقوم بالشقلبة بمفردها، فقد يكون ذلك ممكنًا، لكن لا أحد يستطيع مساعدتها في أداء هذه الحركات.”
أشارت بلير إلى الأهرامات البشرية والقفزات.
“بلير، أليس لهذا السبب تجمّعنا في مكتب المدرّب كارتر؟“
ما إن أنهت إليوت كلامها، حتى دخل كارتر مع عدد من لاعبي كرة القدم إلى مكتبه.
على عكس وجه إليوت المشرق، بدا كارتر قلقًا وهو يقول:
“أنتم هنا جميعًا. أعتذر عن التأخير.”
“لا بأس، يا مدرّب. نحن ممتنون لتعاونكم معنا.”
رأت بلير ليو بين الداخلين خلف كارتر.
تقاطعت أعينهما،
فبدت عليه علامات الحيرة كأنه لا يعرف ما يجري.
“بما أن فرقة المشجّعات ليس بها شباب، قرّرنا استعارة بعض لاعبي فريق كرة القدم مؤقتًا. لقد وافق مدير المدرسة بالفعل.
فمع تاريخ فريق كرة القدم العريق في ويستكوت،
كان تشجيعنا دائمًا نقطة ضعف نسبيًا.”
شرحت إليوت بفخر لبلير وإيميلي وسيدر المندهشات.
“يا معلّمة إليوت، كما قلتُ من قبل،
إذا أثّر ذلك على تدريبات كرة القدم، سيكون الأمر صعبًا.”
بدا كارتر، على عكس إليوت، غير متحمّس.
“بالطبع، سنتجنّب أوقات تدريب كرة القدم تمامًا.”
“قلتِ إلى موعد حفل العودة للمدرسة فقط، أليس كذلك؟“
“نعم، فقط حتى عرض منتصف الشوط في مباراة العودة. سنستعير نجوم فريق كرة القدم لفترة قصيرة.”
“مباراة العودة هي الأهم في الموسم. سيكون هناك مستكشفين أيضًا. إذا أرهقناهم لدرجة تؤثّر على أدائهم في المباراة،
سيكون ذلك مشكلة.”
قال كارتر بقلق واضح.
“لا تقلق، لاعبونا سيقتصر دورهم على تلقّي إيميلي من الأسفل فقط. إيميلي هي من ستقوم بالحركات الصعبة.
أليس كذلك، إيميلي؟“
ابتسمت إليوت لإيميلي بحرارة.
أومأت إيميلي مبتسمة. لم تكن لترفض فرصة لفت الأنظار إليها، خاصة أنها كانت تبحث عن طريقة للحدّ من نفوذ بلير في الفرقة.
“لحظة يا إيميلي، الأمر ليس بهذه البساطة. هذه الحركات تتطلّب ليس فقط أساسيات الجمباز، بل مهارات تشجيع متقدّمة أيضًا. الوقت حتى مباراة العودة ضيّق جدًا، ولن يكفي للتدريب الكافي. لا تتسرّعي في القرار، وإذا شعرتِ أن الأمر صعب، لا بأس برفضه.”
حاولت بلير منع إيميلي، لكن كلامها لم يرق لإيميلي.
‘ربما تخاف أن تفقد الأضواء التي تستحقّها.’
“أعتقد أنني سأكون بخير،
طالما أن لاعبي كرة القدم يستطيعون التقاطي بأمان.”
قالت إيميلي مبتسمة.
“وماذا عنكِ يا سيدر؟“
“سأتبع رأي بلير.”
سمعت إليوت ردّ إيميلي وسيدر، وبدأت تحاول إقناع بلير:
“إيميلي تقول إنها تستطيع، وسيدر ستوافق إذا وافقتِ أنتِ.
بلير، ألا تستطيعين فعل هذا على الأقل؟“
نظر الجميع، بمن فيهم بعض لاعبي كرة القدم،
إلى الحركة التي أشارت إليها إليوت، وفتحوا أفواههم دهشةً.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 28"