استمتعوا
رينغ رينغ رينغ- كليك
“مرحبا؟ أمي!”
كانت إيميلي، التي تنتظر بقلب مملوء بالتوتر والقلق انتهاء نغمة الاتصال، تصرخ بصوت عالٍ فور تلقي الرد.
“إيميلي؟ كم الساعة الآن لتتصلي؟
ألم يكن اليوم هو حفل التخرج؟”
ما إن سمعت صوت أمها حتى انهمرت الدموع التي كانت تكبحها من عيني إيميلي.
“أمي! هل يمكنكِ الحضور لأخذي الآن؟”
“إلى كالاباساس؟ كيف أذهب في هذا الوقت؟
ما الذي يحدث، إيميلي؟”
“…إذا لم تستطيعي القدوم، فاتصلي بمحامٍ على الأقل.”
قالت إيميلي وهي تبكي.
“محامي؟ ما الذي تعنينه؟ أين أنتِ، إيميلي؟”
ارتفع صوت والدة إيميلي فجأة، وكأنها استيقظت للتو وأدركت أن ابنتها في ورطة غير عادية.
“أنا في مركز شرطة كالاباساس.”
“مركز الشرطة؟ ما الذي فعلتِه بحق السماء!”
“ألا يمكنكِ المجيء دون قول مثل هذه الأشياء؟”
عندما صرخت إيميلي وهي تنتحب،
ساد الهدوء فجأة في مركز الشرطة الصاخب.
كانت إيميلي، التي ترتدي فستانًا بمفردها وسط مركز مليء بالمجرمين والمشردين، لافتة للنظر بالفعل.
بدأ الناس، الذين كانوا يرمقونها بنظرات خفية،
يتفرجون عليها علانية الآن.
وضعت إيميلي السماعة بعصبية وجلست على الأرض.
حتى الأمس فقط، كانت تشعر وكأنها تسير فوق الغيوم،
لكن في يوم واحد، شعرت وكأنها سقطت إلى القاع،
بل اخترقت الأرض إلى الجحيم.
احتضنت إيميلي نفسها بذراعيها وبدأت بالبكاء.
كان الأرضية باردة، لكنها لم تكن في حال تسمح لها بملاحظة ذلك.
تحول نحيبها الهادئ إلى عويل يهز جسدها بالكامل.
“إيميلي جونسون؟”
نادى عليها الشرطي الذي أحضرها.
مسحت إيميلي عينيها المشوهتين بالمكياج الذي ذاب و أتسخ، وقالت:
“نعم؟”
توقفت دموعها لحظة، متأملة أن يكون والداها قد دفعا الكفالة أو أرسلا محاميًا.
“إذا انتهيتِ من المكالمة، فتوجهي إلى هناك.”
نظرت إيميلي إلى الجهة التي أشار إليها الشرطي.
“آه!”
غطت إيميلي فمها بيديها وأطلقت صوتًا غريبًا دون قصد عندما رأت ما أشار إليه.
‘ظننت أنني وصلت إلى القاع، لكن يبدو أن هناك ما هو أسوأ.’
كان المكان الذي أشار إليه الشرطي هو الحجز.
كان الحجز مكتظًا بالكامل، مليئًا بأشخاص لم تكن لتقترب منهم أبدًا لو قابلتهم خارجًا.
“إلـ… إلى هناك؟”
سألت إيميلي بصوت مرتجف.
أومأ الشرطي برأسه بلا مبالاة دون أن ينظر إليها.
“لكن والداي قد يأتيان قريبًا. ربما يدفعان الكفالة.”
نظر إليها الشرطي ببرود وقال:
“نتحدث بعد دفع الكفالة.”
“لكن أنا… ما زلت طالبة ثانوية. أنا قاصر.”
“…؟”
نظر إليها الشرطي بتعبير يقول “وماذا في ذلك؟”
“أعني، لم يُحكم عليّ بعد، فهل يجب أن أُحبس في مكان كهذا؟”
سألت إيميلي بصوت مرتعش.
“الجميع هنا في نفس الوضع.
لو كان الحكم قد صدر، لكنتِ في السجن وليس هنا.”
رد الشرطي بجفاء.
أدركت إيميلي أنها ستُحبس في الحجز قريبًا، ولا مفر من ذلك.
استسلمت إيميلي وبدأت تسير بخطوات متثاقلة لا ترغب في التقدم.
صرير-
فتح الباب الحديدي البارد.
دخلت إيميلي إلى الحجز بعينين خائفتين،
وما إن دخلت حتى أغلق الباب خلفها بصوت مدوٍ.
‘أخ، الرائحة.’
أول ما شعرت به إيميلي عند دخولها الحجز كان الرائحة الكريهة المروعة.
رائحة أجسام وملابس غير مغسولة،
وما لم تكن تريد تصديقه، رائحة براز مختلطة بها.
حاولت إيميلي التنفس من فمها فقط بينما تبحث عن مكان للجلوس.
بعد قليل، استقرت إيميلي بالقرب من القضبان الحديدية.
كان المكان أقل رائحة نسبيًا،
ويبدو أنه يتيح الهروب السريع إذا حدث شيء.
جلست إيميلي على الأرض بحذر وهي تراقب المحيط، عندما:
طق-
“آه!”
لمسها أحدهم.
نهضت إيميلي مذعورة بسرعة، لتجد نفسها تواجه شخصًا ينظر إليها بنظرات حادة كأنها تريد قتلها.
“ما هذا؟ هذا مكاني.”
“آسـ… آسفة. لم أكن أعلم أن له صاحبًا.”
“حسنًا، طالما فهمتِ، اخرجي.”
هرعت إيميلي بعيدًا عن المكان،
وترددت أصوات السخرية منها في أرجاء الحجز.
في صباح اليوم التالي،
استيقظت والدة إيميلي منذ الفجر وتوجهت إلى مركز شرطة كالاباساس لزيارة ابنتها.
بعد قليل، خرجت إيميلي تتعثر خلف الشرطي،
بمظهر أكثر إرهاقًا بكثير مقارنة بالليلة الماضية.
لم تتفوه إيميلي بكلمة بينما كانت أمها تدفع الكفالة،
محدقة في الأرض بذهن شارد.
بدا أن والدة إيميلي لديها الكثير لتقوله،
لكنها لم تتحدث إلى ابنتها التي بدت وكأن روحها غادرتها.
دوي-
لم تبدأ إيميلي في استعادة وعيها إلا بعد ركوبها سيارة والدتها من طراز فورد.
شعرت بمقاعد السيارة القديمة المألوفة وكأنها غيوم ناعمة مريحة.
“عشرة آلاف دولار.”
“…ما الذي تعنينه؟”
“هذا ما كلفني إخراجك بكفالة.”
“….”
“هل أنتِ مستعدة الآن لتخبريني لماذا فعلتِ ذلك؟
لم أصدق أذنيّ حين سمعت.”
تجاهلت إيميلي كلام والدتها ونظرت من النافذة.
“والدك يسبب لي المتاعب منذ زمن، لكن لماذا أنتِ؟ لقد سمحت لكِ بفعل كل ما تريدين، وبقيتِ في كالاباساس لأنكِ أردتِ ذلك. قلتِ إنكِ تريدين التخرج من هنا فقط، وإذا فعلتِ ذلك لن تطلبي شيئًا أو تعاندي بعد ذلك. لكنكِ تتسببين بمثل هذا الأمر المجنون؟”
صرخت والدة إيميلي دون توقف حتى احمر وجهها.
“….”
“إيميلي، لماذا تفعلين هذا؟ قولي شيئًا!”
بعد صمت طويل،
استمعت إيميلي إلى صراخ والدتها المليء بالغضب وقالت:
“…لكن من أين أتيتِ بعشرة آلاف دولار؟”
كأنها لم تسمع شيئًا مما قالته والدتها، استسلمت والدتها وقالت:
“من صديقتكِ بلير.”
“بلير أعطتكِ المال؟!”
صرخت إيميلي وتصلب وجهها.
لم تكن تريد أي علاقة ببلير أو ويستكوت بعد الآن، فقد أهانوها.
“ما الذي يحدث معكِ؟”
“كيف قابلتِ بلير؟ هل توسلتِ إليها للحصول على المال؟”
“من قابل من؟ وما قصة التوسل هذه؟”
“إذن كيف حصلتِ على المال من بلير؟”
قالت إيميلي وهي ترتجف.
‘ما الذي تخطط له؟ كيف تريد أن تلعب بي مجددًا؟
لا أريد البقاء في الحجز، لكن هذا مقلق.
بلير لن تقدم معروفًا كهذا دون مقابل.’
فكرت إميلي.
“بعد أن أنهيتِ المكالمة أمس، اتصل بي شخص قال إنه محامي عائلة بلير. اعتذر عن الاتصال المتأخر وقال إنكِ في مركز الشرطة، وإذا احتجنا مساعدة فلنتصل.”
“أعيدي المال فورًا.”
“كيف أحصل على عشرة آلاف دولار الآن؟ بفضل بلير تمكنا من دفع الكفالة وأخذكِ بأمان، فلماذا تصرخين فجأة؟”
“لماذا تقبلين مالًا كهذا بتهور؟”
“بتهور؟ ماذا كان عليّ أن أفعل وأنتِ تواجهين السجن؟ كيف كنا سنجد محاميًا بحالتنا؟ بلير قالت إنها صديقتكِ وتريد مساعدتكِ.”
“أمي، أرجوكِ لا تصغي إليها وثقي بكلامي فقط!”
صرير-
توقفت السيارة مع كلمات إيميلي الأخيرة.
لم تكن قد وصلت ميزوري بعد،
فلم تفهم إيميلي لماذا أوقفت والدتها السيارة مبكرًا.
بدا المشهد خارج السيارة مألوفًا.
بعد لحظة، أدركت إيميلي أين هي، فتصلب وجهها.
“لماذا أتينا إلى هنا؟ هل بلير من أمركِ بذلك؟”
“إيميلي، هذا المكان الذي كنتِ تعيشين فيه.
منزل أليسيا. لقد توسلتِ كثيرًا للبقاء هنا.”
شحب وجه إيميلي.
كانت والدتها محقة، لكن ذلك كان قبل أن تتغير الأمور.
“كان ذلك حينها. لا أريد البقاء في هذا المنزل ساعة، بل ثانية واحدة. انطلقي بسرعة قبل أن يرانا أحد!”
صرخت إيميلي بصوت عالٍ.
“أرجوكِ لا تصرخي وتحدثي بهدوء، إيميلي!
إلى أين تريدين الذهاب إذن؟”
“إلى ميزوري. إلى منزلنا.”
قالت إيميلي ويداها ترتجفان.
شعرت أنها إن لم تغادر الآن، ستعود إلى السجن كما حدث أمس.
“هذا غير ممكن.”
حدقت إيميلي في أمها بعينين متسعتين بعد كلماتها الحاسمة.
“أنسيتِ؟ لقد خرجتِ بكفالة. من شروط الكفالة ألا تغادري ولاية كاليفورنيا. إذا خالفتِ ذلك، ستُسجنين مجددًا، هكذا قال الشرطي.”
“لا أريد البقاء في كاليفورنيا لحظة أخرى،
خاصة في كالاباساس!”
“ماذا ستفعلين إذا أُعيد اعتقالكِ، إيميلي؟”
“آه!”
بدأت إيميلي تصرخ وتتحرك بعنف وهي غاضبة.
تخلت والدة إيميلي عن تهدئتها،
ونظرت إلى ابنتها التي بدت وكأنها تفقد عقلها بخوف.
في تلك اللحظة، فُتح باب منزل أليسيا، وعندما رأت إيميلي من خرج، اتسعت عيناها بدهشة.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل "108- التشابتر الجانبي الثاني "