استمتعوا
في هذه الأثناء، كانت بلير تستمتع بعطلتها، مستلقية في منزلها بكسلٍ واضح.
وفي تلك اللحظة، أخبرتها والدتها بوصول إيان.
‘إيان؟‘
نهضت بلير بسرعة لتستعد لاستقباله، متمنية في قرارة نفسها ألا تظهر عليها علامات الفرح الزائد بلقائه.
“بلير.”
ظهر إيان حاملًا بكلتا يديه صناديق مملوءة.
“إيان، ما كل هذا؟“
“فساتين الحفلة الختامية الخاصة بكِ وصلت.”
“كل هذا العدد؟“
قالت بلير بعينين متسعتين من الدهشة.
“نعم، قالوا في ماركة A إنها كلها لكِ ولا حاجة لإعادتها.”
فتح إيان الصندوق الأعلى وأراه لها وهو يقول:
“واو، إنه رائع جدًا.”
لمعَت عينا بلير. كان الفستان في الصندوق الأول عبارة عن ثوب بتدرجات لونية تمتد من الأزرق الداكن إلى الأسود الحالك،
يذكّر بضباب كثيف يعانق سطح بحيرة، في جمالٍ ساحر.
اقتربت بلير من الصندوق دون وعي،
كأنها مسحورة، وأخرجت الفستان.
رأى إيان تعبير وجهها فقال:
“ما رأيكِ؟“
“أعجبني جدًا. لم أتخيل يومًا أنني سأرتدي فستانًا بهذا الجمال.”
قالت بلير ووجهها متورّد من الحماس.
كانت تعتقد أن التسوق لم يعد يثيرها كما في السابق بعد ما مرت به، لكن لحظة رؤيتها للفستان أدركت خطأ ظنها.
“هل تريدين تجربته؟“
أومأت بلير برأسها، ثم حملت الفستان وتوجهت إلى غرفة الملابس.
بعد قليل، عادت بلير من غرفة الملابس إلى الغرفة.
كانت قد اعتادت ارتداء الفساتين من قبل، لكن هذا الفستان،
على عكس تلك التي ترتديها في حفلات العودة للمدرسة أو الكوكتيلات العادية، جعلها تبدو كممثلة في حفل توزيع جوائز،
مما أشعرها بشيء من الخجل.
“كيف أبدو؟“
قالت بلير دون أن ترفع عينيها لتلتقي بعيني إيان.
لكنه لم يجب.
“إيان؟“
نادته بلير بصوت أعلى قليلًا وهو شارد، فأجاب:
“آه، آسف. كنتُ شاردًا في أفكار أخرى.”
‘شاردًا في أفكار أخرى؟ هذا قاسٍ جدًا.’
قالت بلير بتعبير محرج قليلًا.
“أم… حسنًا، سأعود لأبدّل ملابسي.”
بينما كانت بلير تعود إلى غرفة الملابس، قال إيان من خلفها:
“جميلة.”
“…”
دخلت بلير غرفة الملابس مجددًا،
شاعرة بالارتياح لأن إيان لم يرَ خديها المحمّرين.
***
انتهت العطلة الشتوية القصيرة، وحلّ يوم العودة إلى المدرسة.
لم تشعر إيميلي من قبل أن العطلة التي كانت تحبها عادةً قد طالت هكذا.
كان العيش في منزل أليسيا خانقًا،
وكانت تتوق للعودة إلى المدرسة بسرعة.
فضلًا عن ذلك، لم تَعُد بلير قائدة فريق المشجعات هذا الفصل، وكانت إيميلي واثقة تمامًا أنها ستكون القائدة الجديدة.
لكن أحلامها المتضخمة تحطمت فور دخولها صالة الألعاب الرياضية لتدريب المشجعات.
“ما الذي تعنينه بأنكِ القائدة؟!”
صرخت إيميلي في وجه سيدار بحدة.
“ألم تسمعي؟ نتائج التصويت أظهرت أن سيدار هي قائدة فريق المشجعات الجديدة. عودي إلى مكانكِ الآن،
وكفي عن التذرع بالإصابة للتهرب من التدريب.”
قالت إيفلين لإيميلي ببرود.
“ابتعدي عن هذا. أنا وسيدار نتحدث الآن.”
دفعَت إيميلي إيفلين وقالت:
“لا أصدق نتائج التصويت!”
نظرت سيدار إلى إيميلي بتعبير يملؤه الشفقة وقالت:
“أنتِ من اقترحتِ كسر تقليد تعيين القائدة الجديدة من قبل القائدة السابقة واللجوء إلى التصويت. والآن لا تقبلين النتائج؟ إذن عودي إلى الطريقة القديمة إن شئتِ.”
“لا، ليس هذا ما أعنيه. أريني نتائج التصويت!”
صرخت إيميلي بصوت مرتفع.
مع ارتفاع صوتها، توقف حتى المشجعات الجديدات، اللواتي كنّ يتظاهرن بتجاهل الشجار، عن الحركة وركّزن أنظارهن عليهما.
“أنا… هاها، لم أقصد الصراخ. آسفة.”
“إن كنتِ آسفة، عودي إلى مكانكِ وتدربي.”
قالت سيدار بتعبير بارد متصلب.
نظرت إيميلي حولها، لكن الجميع تجاهلها.
‘غريب، في العادة كان يفترض أن يناصرني واحدة أو اثنتان على الأقل. لماذا يعاملنني الجميع كغريبة؟ لم يتواصلوا معي طوال العطلة، وكانوا يعلمون أن سيدار أصبحت القائدة دون أن يخبروني.’
شعرت إيميلي بالحزن يعتصرها.
في الحقيقة، لم تصلها أخبار قيادة فريق المشجعات لأنها لم تشارك في التدريبات خلال العطلة الشتوية.
كانت تعتقد أنها ستصبح القائدة حتمًا، فلم ترَ ضرورة للمشاركة في تدريبات مملة وروتينية، مما جعلها تتأخر في معرفة نتائج التصويت التي علِم بها جميع الفريق.
كان سبب تجاهل المشجعات لها يعود إلى عملية التجنيد السرية التي قادها لوكاس، إلى جانب تراكم أخطاء إيميلي في تصرفاتها وأقوالها.
لم تستطع إيميلي التركيز في التدريب، فتكررت أخطاؤها.
“لحظة، أوقفوا الموسيقى.”
أمرت سيدار بإيقاف الموسيقى ثم هاجمت إيميلي قائلة:
“إيميلي، كم مرة ستخطئين؟ لم تتقني الرقصات بعد،
فكيف كنتي تنوين المشاركة في التشجيع؟“
“أنا… إصابتي لم تُشفَ بعد.”
“لم يُكسر عظمكِ، أليس كذلك؟ أي إصابة لم تُشفَ حتى الآن؟
إن كان الأمر كذلك، ابتعدي عن التشجيع هذا الفصل.”
قالت سيدار بنبرة باردة.
كانت إيميلي دائمًا الأسرع في إتقان الرقصات ومساعدة الآخرين، فلم تتأقلم مع وضعها الجديد كمتعثرة.
“…سأحسن أدائي هذه المرة.”
قالت إيميلي بصعوبة وهي تفتح فمها المتردد.
نظرت سيدار إليها باشمئزاز،
ثم أشارت بإعادة تشغيل الموسيقى وتحركت إلى المركز.
‘كان يجب أن يكون ذلك مكاني.’
حتى في وقت الراحة، لم تجد إيميلي سلامًا داخليًا.
كانت المشجعات الصغيرات، اللواتي كنّ يحيطن بها عادةً في ضجيج، يتجمعن بعيدًا عنها دون أن يدعونها أو يوجهن لها كلمة.
تظاهرت إيميلي بعدم الاكتراث،
لكن شعورًا بالغرابة والبؤس لم يفارقها.
‘ما الذي حدث دون علمي؟ لماذا يتجاهلنني جميعًا؟‘
انتهى التدريب أخيرًا.
لم تشعر إيميلي من قبل أن تدريب المشجعات كان بمثابة جحيم.
بحثت عن أليسيا لتعود معها إلى المنزل.
رغم تجاهل أليسيا لها خلال التدريب لأسباب لا مفر منها،
اعتقدت إيميلي أنها سترافقها في طريق العودة على الأقل.
لكن، على عكس توقعاتها،
انطلقت أليسيا إلى موقف السيارات فور انتهاء التدريب.
بينما كانت المشجعات يخرجن من الصالة في مجموعات صغيرة يتبادلن الأحاديث، بقيت إيميلي وحيدة.
تظاهرت إيميلي باللامبالاة واتجهت نحو المنزل.
‘لا أعلم كيف أقنعوا المشجعات ليجعلوا سيدار القائدة، لكن هل يظنون أنني سأستسلم هكذا؟ لقد أطحتُ ببلير من قبل،
وسأجعل سيدار تنهار أيضًا.’
***
في اليوم التالي، وقت الغداء، كانت إيميلي تنظر إلى طاولتها الفارغة حائرة، لا تعرف أين تضع نفسها من الإحراج.
لم ترَ أليسيا حتى، فتملّكها الرغبة في التخلص من صينية الطعام والخروج من الكافتيريا فورًا.
لكنها شعرت أن الجميع ينظرون إليها خلسة، فلم تستطع.
نظرت إيميلي حولها ثم جلست على الطاولة متظاهرة بالهدوء.
ولحسن حظها، شعرت بشخص يجلس معها فور جلوسها.
رفعت إيميلي رأسها من هاتفها الذي كانت منهمكة به، مطمئنةً قليلًا.
لكن من رأتهم أمامها لم يكونوا أصدقاءها الذين تناولوا الطعام معها الفصل الماضي، بل غرباء لم ترهم من قبل.
‘يبدون أقل شأنًا من أن أصادقهم،
لكن… على الأقل أفضل من الجلوس بمفردي.’
ترددت إيميلي ثم ابتسمت.
“يبدو المكان شاغرًا، هل يمكننا أخذ كرسي؟“
شعرت إيميلي بالإهانة لأن أشخاصًا أقل منها مرتبة تجرؤوا على طلب شيء كهذا.
لكن بينما كانت تتردد، لم ينتظروا إجابتها، بل أخذوا الكرسي وجلسوا على طاولة مجاورة، متجاهلينها كأنها غير موجودة،
منغمسين في حديثهم.
‘لم أعد أحتمل أكثر.’
نهضت إيميلي فجأة، حملت صينيتها،
واتجهت بخطى سريعة نحو الخروج.
وعندما اقتربت من الباب، رأت أصدقاءها السابقين الذين كانوا يتناولون الطعام معها الفصل الماضي.
كانت أليسيا وآني تضحكان مع لوكاس على طاولته.
وقفت إيميلي تنظر إليهم بذهول.
“أوه، إيميلي جاءت؟“
حيّتها آني.
كانت تحيتها طبيعية للغاية،
حتى أن إيميلي فكرت للحظة أنها قد تنضم إلى الطاولة.
لكن عندما التقت عيناها بعيني لوكاس الذي كان ينظر إليها من جانب آني، أدركت أن جلوسها هناك قد يعرضها لما هو أسوأ مما مرت به للتو.
“أنـ… أنا…”
“ما بكِ، إيميلي؟“
سألتها آني.
“بالفعل، ما بكِ، إيميلي؟“
كرر لوكاس كلام آني. لم تجب إيميلي،
بل استدارت وغادرت المطعم على الفور.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 102"