9
الفصل التاسع
***
توقفت حركة الجميع عند تلك الصرخة.
لم يستطع أحد أن يفهم بشكل صحيح لماذا أمر الأمير في تلك اللحظة الحرجة الراهبة البعيدة عنه بأن تمسك السيف وتُقدِم على قتل نفسها.
إيزابيل لم تَتخَلّف عنهم.
في خِضم الموقف الذي اختلط فيه الارتباك والفضول، حدقت إيزابيل في ليونيل بأهتمام.
كان من الصعب عليها فهم منْهَجِية فِكْرِه من المنطق.
‘ لما يقول ذلك لي الم يرى ما الحالة التي الت اليها اصابع يدي ‘.
حتى ان كان شيئا حققته بطلب من ليونيل.
” لماذا “.
حتى مع طرح هذا السؤال بلا وعي لم تتلقى اي جواب.
ومع ذلك وبينما كانت ايزابيل تتفادى السيوف يمنة ويسرة دون ان تجد سببا ليخالطها شعور كالصحو لوجود حدس ايزابيل الجواب على هذه التساؤلات بعد سماعها لليونيل.
لم تكن تضع احتمالا لنفسها بان يتغير وضعها اكثر ان عاودت رفع السيف فقط.
لكن ان تمسك السيف لتموت على اي حال داخل قدر يقود الى الموت الحتمي بدا امرا جيدا اكثر مما توقعت.
حسمت ايزابيل امرها ثم تراجعت قليلا واخذت تتلفت حولها كانت اسلحة الجنود متناثرة حول جثثهم.
من بينهم حاز سيف ذو قبضتين على جل اهتمامها.
“…. هذا هو………..”.
في مملكة كالينا موطن ايزابيل كانت كلمة سيف توحي على الدوام بالايبيه الذي يستعمل بقبضة واحدة اما ان احتاج المرء استخدام كلتا يديه لحمل سلاح ما فكان من البديهي ان يحمل فاسا او حربة بدلا من سيف.
ولكون ايزابيل نشات في تلك الثقافة وتدربت حد الاتقان على نهج الايبيه لم يخطر لها يوما ان تمسك سيفا ذو قبضتين وتقاتل على نهج طريقة امبراطورية اليابان.
‘ومع ذلك……….’
لم تستطع ايزابيل ان تزيح عينيها عن سيف الامبراطورية ذي القبضتين الذي تراه لاول مرة.
★كانت عقلانيتها تحذرها من ان الامساك بسيف يعود لنهج الامبراطورية الذي لم تجربه قط وفي ظرف خطير كهذا يعد ضربا من الجنون لكن غريزة المبارزة التي ظلت مطموسة تحت الرماد طغت على صوت عقلها ودفتها لتتجه نحو السيف بلهفة.
‘اذا استخدمت هذا هل ساتمكن من توجيه ضربة واحدة فعالة’
لَمَّ تَكُن إيزابيل تَعرِف كيف تُمسِك بالسّْيف ذو القبضتين بشكل صحيح، فبدأت تمسك بمقبضه الطويل هكذا وتهزه هكذا لتقدير الوزن والسيطرة.
“هيه، تمسكينه بالعكس.”
“آه، شكرًا…….”
“ولماذا يدك هكذا؟! هذا جنون. ما هذا بحق الجحيم؟”
عندها فقط، تفاجأ المهاجم باصابعها الناقصة وبدا مذهولا.
لكن إيزابيل لم تهتم وصبت كل تركيزها على سلاحها الجديد.
سيف الإمبراطورية ذو القبضتين طويل وثقيل، لكنه متوازن جيدًا. وبما أنها تستطيع استخدام كلتا يديها، أصبح التحكم في رأس السيف وصب قوة الجسم كلها عليه أسهل قليلًا.
أصبح لديها إحساس متزايد بأنها تستطيع القيام بذلك.
الموهبة الفطرية التي تقود إيزابيل كمبارزة كانت تعرف كيف يجب أن يُلوَّح بهذا السيف الذي بين يديها، دون أن يعلمها أحد.
‘ بؤرة ثقل السيف تقع في مكان قريب من يديّ، ان جمعت قوتي الجسدية كلها أثناء دوران جسدي، سأتمكن من تحريك قدمي بخفة……….’.
تخيلت إيزابيل عدة مواقف وأغمضت عينيها لتتأمل نفسها.
كان على المبارز أن يميز بين ما هو ممكن وما هو غير ممكن فعليًا. لأن أي خطأ في التقدير سيؤدي إلى الهزيمة والموت.
كانت الأعصاب والعضلات التي لم تُستخدم لفترة طويلة في حالة سيئة. علاوة على ذلك، لم تتناول وجبة لائقة حتى خلال الأيام القليلة الماضية.
‘هم…………….’
لكن الغريزة التي تدرك أنها قد تموت كمحاربة كانت تشتعل الآن أشد من أي وقت مضى.
فتحت إيزابيل عينيها ببطء، ورفعت السيف بكلتا يديها.
فويك-
المسار الذي قطعه السيف الأفقي كان مستقيمًا وحادًا إلى حد ما. لم يكن بالمستوى المثالي، لكنه كان كافيًا لمعركتها أخيرة كمبارزة.
“شكرًا لانتظارك.”
”انتظار؟ ماذا انتظر؟”
”ألم تكن ستقاتلني؟”
” هل انتِ مختلة عقليًا؟…..والآن ستحاولين مواجهتي بهذا؟”.
”سأبذل قصارى جهدي.”
أجابت إيزابيل بهدوء ووجهت السيف.
شعر المهاجم اندريتش الذي اتخذ جسمه وضعية مبارزة بالذهول مما يجري.
‘يبدو انها كانت فارسة من اقطاعية فرسان الهيكل، وفقدت اصابعها مما جعل عقلها يختل كذلك…’.
اندريتش. الذي كان مرتزقة سابقًا قام بتخمين ماضي إيزابيل على طريقته بسخرية.
اذا كانت فارسة وقد فقدت اصابعها، اذن لن تشكل اي تهديدٍ له.
إذا قُطعت الأصابع الصغيرة، فإن حياة المبارز تنتهي.
هذا لأن القدرة على التحكم في نصل السيف وطرفه وإضافة توتر إليه تتضرر بشكل لا يمكن إصلاحه.
قد يكون من الممكن الإمساك بالسيف بقوة والتأرجح به، لكن يمكن لأي فلاح أن يفعل ذلك.
لهذا السبب، كان كسر عظم الركبة وقطع الخنصر هما الطريقتان الأكثر شهرة لإعاقة المبارز.
‘يبدو أنها لم تستخدم مثل هذا السيف من قبل.’
من المضحك أن نرى كيف أن المبارزة، التي يبدو أنها كانت خبيرة في السيوف التي تُستخدم بيد واحدة مثل سيف المبارزة [ريبير] باعتبارها فارسة، لا تعرف حتى كيفية الإمساك بالسيف الطويل [لانغشفرت] بشكل صحيح.
قد يكون استخدام اليدين أفضل قليلًا لضمان قتالٍ بالقوة الغاشمة إذا تمكنت من التأرجح والقطع، لكن لا فائدة من تغيير السلاح دون القوة والمهارة، تمامًا مثل الطفل الذي يحمل أفضل سيف دون جدوى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن فقدان الخنصر يفسد القدرة على التعامل مع السيف ذي اليدين أيضًا.
”يا إلهي………”.
تنهد أندريتش واقترب من إيزابيل.
لقد نجحت في تفاديه حتى الآن بفضل المهارة المتبقية في جسدها، لكنه كان واثقًا من أنه إذا اشتبك بالسيف في قتال جاد، فسوف يسحقها بضربة واحدة نظرًا لوزنها الخفيف.
ظلت إيزابيل ثابتة، موجهةً سيفها الطويل نحوه، غير مدركة للمصير الذي سيأتي إليها.
أندريتش، الذي كان يدور بسيفه [كاتسبالغر] بثقة، شعر فجأة بالقشعريرة.
‘ما هذا؟’
كانت المرأة التي لم تعرف الإمساك بالسيف بشكل صحيح منذ قليل، الآن تشع حدة في أسلوبها.
كان من الصعب إيجاد أي ثغرة في وقفتها. حتى بعد أن قرر قتلهاا بالعنف، شعر أندريتش بالقشعريرة.
‘حتى مع كونها عاجزة، ما زالت تمتلك مهارة.’
أندريتش قاتل سابقًا ضد جانب فرسان الهيكل، وكانت مواجهتهم صعبة للغاية.
المبارزة ضد راهبة عملت معهم سابقًا لن تكون أقل شراسة من حيث العزيمة. قرر أندريتش قتلها بعناية فائقة.
فتحت إيزابيل عينيها على وسعهما.
‘إنه قادم.’
نظرت إيزابيل مباشرة إلى النصل المائل الذي وجهها أندريش بكل قوته.
غريزتها التي غمرتها تسربت إلى جسدها بالكامل وحركت إيزابيل.
رفعت ذراعها اليمنى لتشكل زاوية بالسيف ومالت بقدمها الى الجانب الاخر.
سيف أندريش انغمس في الهجوم، لكنه انحرف جانبًا بسبب دفاع إيزابيل البارع.
كانغ-!
حتى بعد صد الهجوم، توقعت إيزابيل الهجمات اللاحقة، فتراجعت خطوة واحدة ووجهت السيف أفقياً.
“آخ!”
أندريش، الذي كان يندفع ليضرب بقبضته بغض النظر عن صد هجومه، خفض رأسه بسرعة لتجنب السيف الذي انطلق نحو رأسه من يمينه. لم تفوت إيزابيل هذه اللحظة، فغيرت وضعية قدميها ولفت جسدها.
السيف، الذي كان سيتراجع للخلف، اندفع فجأة ليصيب كتف أندريش الأيسر.
الضربة الشديدة مع الطعن المفاجئ كانت مشابهة لأسلوب الآيبييه من كاليا.
‘اللعنة. ما هذا بحق الجحيم!’
تراجع أندريتش للخلف، وقد تفاجأ بالهجوم المتتابع الذي يراه للمرة الأولى. في هذه الأثناء، أخذت إيزابيل نفسًا خفيفًا وأمسكت بالسيف من جديد.
السيف ذو قبضة اليد الواحدة والسيف ذو القبضتين كانا سلاحين مختلفين تمامًا. ليسا فقط تقنيات التمرير بالنصل، بل حتى طريقة الوقوف وتحريك الجسد كلها مختلفة.
مع ذلك، سدّت إيزابيل هذه الفجوة بينهما بشكل ارتجالي. كانت تمسك السيف ذو القبضتين لأول مرة، لكن النقاط التي يجب استهدافها باستخدام سيف القبضة الواحدة لم تتغير.
إذا قُطع المعصم، يصبح الخصم عاجزًا؛ إذا طُعِنت الساق، يفشل في الركض؛ وإذا قُطعت الرقبة، يموت.
كانت إيزابيل تمتلك الموهبة لتحقيق هذه المبادئ البسيطة بأكثر الطرق فتكًا.
شعرت إيزابيل بتدفق موهبتها الكامنة، وتذكرت كم مضى من الوقت منذ شعورها بهذا الإحساس.
‘منذ ذلك اليوم، هذه أول مرة.’
منذ ان فقدت اصبعيها الخنصر، لم تنافس اي احد او تلمس سيفًا من بعدها، حتى محاولات إعادة التأهيل التي قامت بها لم تكن سوى محاولات فردية.
الآن، إذا لم تثق بنفسها، ستموت في لحظة.
هذا الواقع الواضح أزال كل الأفكار السوداوية وقام بتصفية من ذهن إيزابيل.
إيزابيل، التي كانت تخشى الإمساك بالسيف بسبب اليأس والعجز، شعرت ببهجة تغمرها في هذه المعركة التي قد تُكلفها حياتها.
“كانغ!”.
حاول أندريتش السيطرة على إيزابيل بالقوة. لكن متى ما بدا أن السيوف ستتشابك اثناء الهجوم، كان هجوم إيزابيل يأتي بسرعة فائقة، وعندما كان يحاول بصعوبة الدفاع ثم الهجوم المضاد، كانت تنسحب كما لو كانت تتوقع ذلك، فلا يستطيع الإمساك بها.
“اللعنة!”.
على عكس أندريتش الذي كان يصرخ بغضب ودهشة مما يجري، كانت إيزابيل تستمر في مراجعة وتحليل أفعالها حتى في هذه اللحظة.
‘يجب ان ازيد من قوة قبضتي اليسرى……… لا يمكنني التفوق عليه بقوتي الحالية او التنقيات التي تعلمتها، يجب عليّ استدراجه لاجبره على القيام بفتح ثغرات ‘.
كانت تقنيات إيزابيل الارتجالية عبقرية ولكنها سطحية كذلك و تفتقر إلى العمق، وعلى الرغم من أنها تمكنت بصعوبة من شن هجمات قاتلة بالسيف ذي القبضتين، لم تستطع سحقه.
الأصابع التي فقدتها كانت تقلل من كفاءتها بشكل كبير.
شعرت إيزابيل بمحدودية قدراتها، لكنها لم تسمح لتركيزها بالتشتت.
استغلت خفة خطوات القدمين السريعة التي تميز بها مبارزو مملكة كاليا لتعطيل تدفق المعركة واستهداف التوقيتات غير المتوقعة بحدة.
شعر أندريش بالقشعريرة تسري في عموده الفقري.
‘هل تستخدمني كهدف تدريب؟’.
تجنبت كل هجوم أو صدته، وإذا بدى أن أندريتش بدأ بتوقع تصرفاتها في الهجوم التالي، كانت تغير وضعيتها في لحظة.
لم يستطع أندريش مواكبة حركاتها إطلاقًا. شعر كما لو أنها تقرأ أفكاره.
أدرك أندريش أنه لا يمكن السماح لها بالتعود على الوضع، فاستعد للهجوم واندفع نحوها فجأة.
“آه!”
انغرس سيف إيزابيل في ذراع أندريتش الأيمن الذي اندفع كالدب الغاضب. لكن أندريتش، الذي كان قد اتخذ قراره بالفعل، تحمل الألم ومد يده الأخرى ليقبض على عنق إيزابيل ليسحقه.
“أمسكت بك! ماهذا… كهح…”
أندريتش، الذي كان يشد قبضته واثقًا من النصر، ابتلع أنفاسه بسبب الألم الحارق الذي شعر به في صدره.
وخارت قواه من يديه لا إراديًا.
تخلى أندريش في النهاية عن عنق إيزابيل وأحنى رأسه.
كان هناك خنجر مغروس في صدره، بالقرب من قلبه.
“…. جنون….. متى تمكنت…..!”.
“لا يهم، بوركت جهودك”.
بعد كلمات إيزابيل الأخيرة، انهار جسد أندريتش أرضًا.
سقط مُبارز، ونجا مُبارز.
ورغم أن عشرات الأشخاص كانوا يشاهدون المشهد، إلا أن الصمت خيم المكان.
حاولت إيزابيل تهدئة القشعريرة التي اجتاحتها دون وعي، بينما تستعيد في ذهنها لحظة قطعها وطعنها لأندريتش.
‘……….لقد…فزت.’
بعد أن قُطع كِلا خنصريها وتخلّت تماماً عن محاولات إعادة التأهيل، لم تتوقع إيزابيل مطلقاً أن تكون قادرة على فعل أي شيء بالسيف مرة أخرى.
لكن في هذه اللحظة تحديداً، شعرت كأنها طعنت قدرها هي أيضاً، رفقة الرجل الذي قتلته قبل برهة.
كنتُ أريـد الموت.
لماذا منحتها الإلهة من بين كل المواهب الممكنة موهبة تقتل الآخرين بها؟ ولماذا أخذ أصابعها أيضًا؟.
ظل هذا السؤال يجوب ذهن إيزابيل لفترة طويلة ولم تعرف اجابته قط.
‘…….ربما سأموت في هذا الطريق أيضًا’.
نظرت إيزابيل إلى المهاجمين داخل قاعة المُثول. بعضهم رفعوا شفرات سيوفهم نحوها بالفعل.
لا تدري كم واحداً ستواجهه بعد الآن. لكن حتى وإن ماتت….. شعرت إيزابيل بقناعة تامة بأنها ستموت بلا أي ندم إن ماتت.
قادتها تلك الغريزة المطلقة للعودة الى قاعة العرش.
_ _ _
توضيح مبسط لسالفة انواع السيوف عشان ما تصدعو مثلي.
سيف ذو القبضة الواحدة يقدر يحمله المبارز بيد واحدة فقط وبالعادة تكون اليد الأخرى خلف الظهر، سيف ذو القبضتين سيف ثقيل الوزن ويحمله المهاجم بكلتا اليدين ومن أساليب المبارزة بينهم:
سيوف ذو القبضة الواحدة ⤿
الآيبييه: الأسلوب الي تتميز فيه مملكة كاليا وجنودها وبطلتنا ايزابيل كمان، ومن مزايا سيف الآيبييه طول نصله الطويل جد حيث طوله 110 سم بينما وزنه أقل من كيلو واحد يقدر تقريبا بـ770 غرام.
الريبير: سيف خفيف كذلك ويشبه الآيبييه لكن أندريتش كان يظن ان أيزابيل متقنة لأسلوب السيف هذا مو الآيبييه، الفرق بينه وبين الآيبييه بالوزن وبالطول كذلك الريبير طوله يترواح بين 110-130 سم ووزنه لا يقل عن كيلو ويترواح الى كيلو ونصف.
سيوف ذو القبضتين ⤿
اللانغشفرت: السيف الي قاتلت فيه إيزابيل اندريتش سيف ثقيل الوزن و طويل النصل طول نصله لا يقل طولاً عن 120 سم ووزنه يترواح بين 1.5 -2.5 كيلو و يتميز بمقبض اليد الطويل ليسمح لليدين لامساكه بكل اريحية.
الكاتسبالغر: السيف الي كان يحمله اندريتش وقاتل فيه ضد إيزابيل سيف شائع بين البلطجية والمرتزقة ويعتبر الاقصر بين جميع انواع السيوف الي تم ذكرها بالقائمة حيث طوله عادة لا يتعدى الـ90 سم ووزنه يتراوح بين 1.0-1.2 كيلو
_ _ _
***
ترجمة وتدقيق: Bambi,j
توفير الراوي: قائد فريق روكسانا
للتواصل:Bambi.707i
***
التعليقات لهذا الفصل " 9"