«روفيل، إلى أين أنت ذاهب؟»
صوتُ السيد المريض كان ناعسًا لكنه مخيف في آنٍ واحد.
«آه، هاها سيدي الصغير.»
لم أصدق أنني اصطدمت بالشخص الوحيد الذي أردت تجنُّبه في هذا الوقت المتأخر من الليل. ابتسمتُ بصعوبة وأنا أدير رأسي نحوه. وكما توقعت، كان السيد الصغير إدريك قد أصبح واقفًا بالفعل أمام الدرج حيث أقف. لم يكن هناك صوتٌ يُنذر بمجيئه، ولم أعرف متى نزل.
لا، كان يجب أن أعيده بسرعة إلى غرفته لأحقق هدفي.
أدركتُ وجود العربة التي تنتظرني في الخارج، فقلت: «سيدي الصغير، استيقظتَ مبكرًا. عليك أن تستريح أكثر لتتعافى من إرهاق السفر.»
حاولتُ التحدّث بنبرة مشرقة، لكن صوتي خرج متحشرجًا وكأنني أثبت توتري. رغم إحراجي، تابع هو حديثه بلا مبالاة:
«لا أستطيع النوم وأنت لست بجانبي. كما تعلم، لا يمكنني النوم دون أن تعانقني.»
« الأمر هكذا منذ فترة، صحيح؟ اصبر قليلًا حتى لو كان الأمر غير مريح. لقد تغلبت على أمراض أصعب، لذا لا بد أن يتحسن أرقُك قريبًا.»
ابتسم إدريك بصمت لسماعه هذه المواساة غير المنطقية. وقفتُ في ظل جسده الطويل، محاصرةً بشكوك عميقة.
(ما الذي يفكر به هذا الفتى، الذي عادة لا يتحرك خطوة واحدة من مكانه؟)
في السابق، رغم قسوته، كنتُ أستطيع فهم مشاعره نوعًا ما أما الآن، فلم أعد قادرة على تخمين ما يدور في ذهنه.
بالإضافة إلى ذلك، حدثت عدة تغيرات بيني وبينه.
بدأ فارق الطول بيننا يتسع بشكل ملحوظ. تغيرت العلاقة، وبدأتُ أنا بالتورط فيها تدريجيًا.
صار يضع ذراعه على كتفي أحيانًا، ويفرك جبينه بكتفي كما لو أنه يشتكي لي. وبعد لحظات من هذا، رفع عينيه، ناظرًا إليّ بوجه ناعس وعينين خضراوين داكنتين.
( انظروا إلى حبيب الشخصية الرئيسية هذا.)
من حيث البنية والجو، بدا وكأنه تغيّر تمامًا عن وصفه في الرواية الأصلية، كما لو أن شخصيته انهارت فجأةً دون توضيح منطقي.
نظر إليّ مستمتعًا بخوفي كأرنب مذعور، ثم سأل:
«لم تُجبني بعد. إلى أين أنت ذاهب؟»
« أتنزه فقط. القمر ساطع جدًا وجميل، لذا أردت استنشاق بعض الهواء في الفناء الخلفي.»
«تنزه ليلي؟ جميل.» ضحك بخفة من هذه الكذبة الطبيعية ثم تابع: «وأنت تحمل هذه الأشياء معك؟»
تبعَت عيناي نظرته إلى الحقائب في يدي. حقيبتان جلديتان ثقيلتان تبًا!
نسيتُ تمامًا وجود الحقائب بسبب توتري. شعرتُ بالارتباك، فرفعت الحقيبة وأنا منزعجة.
«شعرتُ بالملل أثناء خروجي، هذا متاع أحد الخدم ذهب في إجازة أمس، وطلب مني نقله.»
«ومن ذا الذي يطلب من خادمي شيئًا دون إذني؟»
(إدريك، الذي عاد حديثًا، لا يعرف أسماء جميع خدمه بعد، أليس كذلك؟)
أجبتُ بصوت مرتبك ومتردد قليلًا: «فيدريك.»
آسفة، فيدريك. إن التقينا مستقبلًا لا تغضب مني.
قلتُ ذلك والدموع في عيني، لكن إدريك ردّ عليّ وهو يلعب بشعري الفضي الذي وصل إلى أذني:
«فيدريك. فهمت. لديك صديق بهذا الاسم، إنه يشبه اسمي.»
« هل هو كذلك؟»
إدريك، فيدريك.
رغم اختلاف شكليهما تمامًا، كانت الأسماء متشابهة. ربما لم يكن ليدرك ذلك لو لم أذكره.
بخلاف المرة الأولى، كانت الرواية قد اختلفت تمامًا لدرجة أن التفاصيل لم تعد مهمة الآن.
انشغلتُ في هذه الأفكار قبل أن أسمع صوته الغريب يقول بنبرة لم أعهدها:
«هل كنت تهتم به لأنني لم أكن هنا؟»
سألني وهو يعبث بياقتي، بينما بقيت أنا فاغرة فمي من الصدمة:
(ما الذي يقوله هذا المجنون؟)
«حسنًا. مثل هذه الأمور تحدث طوال الوقت. طالما أنك اشتقت لي وأحببتني أثناء غيابي فهذا يكفيني. إذًا، من أين بدأت؟ لعقٌ، عناق، لمس، غسل هل فعلت معه كل ما كنت تفعله معي؟»
(سيساء فهمي لو سمع أحد هذا الكلام! لعق يعني لعق غطاء الدواء! والباقي مهام طبيعية لخادم!!)
نظرتُ حولي بذعر.
لحسن الحظ، لم يكن هناك أحد سوى إدريك.
لا، ربما كان عدم وجود أحد أكبر مصائبي الآن.
«روفيل.»
غطت يداه، اللتان صارتا أكبر وأقوى من أيام الطفولة، يديّ فجأة. وبسبب ذلك سقطت الحقيبتان بسرعة على السجاد. حاولتُ سحب يدي مبتعدة وأنا أبتسم بإحراج. لكنه تمسّك بها بشدة.
عندما اضطر أخيرًا لإرخاء قبضته قليلًا، بدأ يمسح يدي بلطف، كأنه يتعامل مع شيء ثمين للغاية.
«هل صرتَ تحب شخصًا آخر غيري الآن؟»
«مستحيل. وجود سيدي الصغير معي هو أفضل شيء في العالم.»
«أجل. أنت من قال ذلك بنفسه. أنا نَفَسُك، لا يمكنك أن تعيش بدوني.»
ابتسم إدريك بخجل بينما همس لي بذلك.
كانت ابتسامته جميلة ونقية لدرجة أنني نسيت الموقف واكتفيت بالتأمل. لن يستمر الأمر كذلك مستقبلًا لأنه تعافى الآن لذلك أومأت برأسي لأجاريه.
شعرتُ بأن الجو المشحون قد خفّ قليلًا.
لكن قبل أن أرتاح تمامًا، سأل فجأة:
«لكن، لماذا تحاول الهرب رغم أنك تحبني هكذا؟»
«…»
«أنتِ التي قلتِ أنكِ ستموتين بدوني.»
تحوّل وجه السيد الصغير فجأة إلى وجه مفترس جائع.
اسمي روفيليا فلور.
نشأتُ كابنة في عائلة أحد كبار التجار في بيليكان، المدينة التجارية المركزية.
أدركتُ منذ طفولتي أنني تقمصت في رواية، من خلال الكتب التي قرأها لي والداي.
ويبدو أن كل شيء خرج عن السيطرة منذ ولدتُ مجددًا بذكريات حياتي السابقة، بعد أن دهستني شاحنة فاخرة.
طبعًا، في البداية، كنتُ فضولية قليلًا حول الشخصيتين الرئيسيتين، أجمل رجلين في العالم، لكن هذا الفضول سرعان ما تلاشى.
على عكس حياتي السابقة، كان لدي عائلة تحبني، والكثير لأستمتع به يوميًا.
لكن في يوم ما، انهرت فجأة دون سابق إنذار. كنتُ في السادسة عشرة عندما اكتشفوا أنني مصابة بمرض نادر.
كنتُ واثقة من أنني سأتعافى بفضل أهلي وقدرتهم المالية. لكننا كنا ساذجين. الدواء الذي حصلنا عليه كان مزيفًا، والدواء الحقيقي متاح فقط للنبلاء.
أدركتُ ذلك متأخرة جدًا. وعندما فقدت قدرتي على الحركة، عدتُ فجأة إلى الماضي.
قررت هذه المرة أن أنقذ نفسي. بحثتُ وتوصلت إلى أن سر نجاتي مرتبط بـ”نفَس الروح” من إدريك، الشخصية الرئيسية في الرواية.
لذا، قررت التنكر كخادم والاقتراب منه للحصول على فرصة للنجاة.
والآن، بعد كل هذا وفي موقف كهذا…ألم يكن من حقي أن أستفيد من المائدة التي أُعدّت مسبقًا؟
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 0"