«آه، أولئك الأوغاد حقًا»
دخلتُ الغرفة بعد أن تأكدتُ بحذر من أن أولئك الفتيان المتأنقين قد اختفوا من الممر.
كان الأمر أسهل بكثير لأن آريف هيونغ دخل في التوقيت المناسب. فبمجرد أن ودعتهم، دخلت الغرفة.
لكن ما يقلقني هو أن آريف هيونغ بات يلازم السيّد الصغير هذه الأيام باسم “المرافقة”.
ومع ذلك، وبناءً على هذا، أظن أنه سيكون في صفّنا على الأقل طالما أن هناك أشرارًا.
«ما شأنهم بالمجيء إلى غرفة لم يُدعَوا إليها أصلًا؟ وفوق ذلك، صاحب الغرفة مريض!»
أغلقتُ الباب وأنا أتمتم بالشتائم في داخلي، وفورًا التقت عيناي بعيني السيّد الصغير وهو مستند إلى رأس السرير.
آه… ما الذي أخرجك من تحت الغطاء؟
لكن ملامحه كانت جادة.
من الطبيعي ألا يكون الأمر مريحًا له؛ فالضيوف الذين يأتون فجأة أمر مرهق، خاصة حين يكونوا من النبلاء ومن أعمار مماثلة.
«لقد استمتعوا كفاية. تجولوا قليلًا، تقبّلوا كل شيء، وسيعودون قريبًا.»
تحدثت بلطف وأنا أقترب من السرير، لكن تعبير السيّد الصغير ازداد حيرة.
ولم تَبدُ عليه أي علامة ارتياح.
«هل أنت من أرسلهم حقًا؟ إذًا أنت…»
انتظرتُ لأعرف ما سيقوله.
لكنه لم يُكمل جملته. فقط ظلّ يحدّق بي بتعبير خافت.
فتحتُ النافذة لأُدخل بعض الهواء النقي.
في الحقيقة، عادةً لا أحب أن يخرج نَفَس السيّد الصغير إلى الخارج، لذلك لا أفتحها إلا عندما يكون هناك أشخاص آخرون.
«لطيف… رغم أنه لا يبدو كذلك، لكنه يملك جانبًا بريئًا بشكل مفاجئ.»
كان مختلفًا تمامًا عن أولئك الأوغاد الذين رأيتهم للتو.
جلستُ على الكرسي بجوار سريره، وأعدتُ إلى ذهني مشهد الفتيان قبل قليل.
كان مانيلانو ستيل، الذي وقف في المنتصف، الأبرز بينهم. مانيلانو يشعّ بجو مفترس نموذجي. شعره الرمادي المشابه للذئب وعيناه الصفراوان البراقتان كانتا لافتتين.
هل أُسميه “الطاغية المتحكم”؟
لكنه لا يزال مجرد طفل. على عكس مظهره، كان تفكيره سطحيًا وغير ناضج، لذا لم يكن مناسبًا أن يلتقي بالسيّد الصغير.
يعامل السيّد كدمية ويتنمّر عليه، ثم يتولّد لديه إعجاب بالجانب الهشّ الذي يتجاوز ذوقه، فيُصبح مهووسًا به.
«إنه الخصم الأسوأ والأخطر لسيّدنا الضعيف.»
«…لماذا تتنهد؟»
توقف السيّد الصغير للحظة قبل أن يسأل متسائلًا بتلميح.
يبدو أنه شعر بالخطر غريزيًا، فأسوأ شخصية ثانوية في القصة الأصلية كان ذاك الأحمق.
كنت سأقول له الحقيقة، لكنني أشرت إلى جبهتي وتظاهرت بالحيرة بلا سبب.
«أوه، ما العمل الآن؟ طالما أنهم هنا، سيحاولون مضايقة سيّدنا.»
لكن السيّد الصغير بدا هادئًا وكأنه كان يتوقع ذلك مسبقًا. بل ظلّ يحدّق بي وكأنه مهتم بشيء آخر.
كنت فضولية بعض الشيء، لكن ضاق الوقت، فقررت قول الحقيقة.
«لا تقلق إذا عادوا لاحقًا، سأتولى أمر إعادتهم دون أن يروك. آه، وبخصوص عشاء الليلة»
قلت ذلك متذكرة ما قاله لي كبير الخدم: “يجب أن تحضر”.
«لنحاول عدم الحضور.»
«….!»
كان ذلك الحدث برعاية دنكارت، ومن الطبيعي أن يُرحب بالضيوف. بل كان من الواجب على ربة القصر والوريث المنتظر، إدريك، أن يشارك فيه.
لكن لا فائدة من الذهاب.
ما جدوى حضور فتى لا يستطيع تناول حتى قطعة خبز واحدة داخل غرفته؟ لماذا يعود بمعدة مضطربة؟
«إذا جاء كبير الخدم لاحقًا، تظاهر بالمرض. فقط ابقَ تحت البطانية كالعادة. سيكون أفضل لو صفعتني صفعتين كمثال.»
«…حقًا لست مضطرًا للذهاب؟»
«لماذا؟ هل لا تثق بي؟»
«الثقة أو عدمها ليست المشكلة.»
تحدثتُ بصوت أكثر هدوءًا من المعتاد لأُطمئن السيّد:
«النهج الذي تريده الدوقة هو ألا يُظهر السيّد أنفه أصلًا. بذلك، سيتذمّر الناس في الخفاء قائلين إن الوريث يرفض أداء واجبه.»
«….»
«لا تقلق. مهما بلغ الضيف من الأهمية، لا يمكنهم إجبار ابن الدوق.»
لكن لم يبدُ عليه الارتياح إطلاقًا.
لماذا؟ هل هناك شيء آخر؟
لا… أنا أعرف السبب.
«لا داعي لإعارة اهتمامك لهؤلاء النبلاء. فالإمبراطورية في النهاية ستكون ملكك.»
ارتبكتُ وأنا أحاول مواساته. لم ألتقِ وليّ العهد بعد، ومع ذلك قلت هذا الكلام كله.
لكن السيّد الصغير بدا هادئًا، ربما لأنه اعتاد سماع هذياني. ليس غريبًا أن يراودني الضيق في النهاية.
رمقت العكّاز المائل بجانب السرير وقلت:
«على كل حال، سأُدبّر الأمر. فقط تحمّل يومًا أو اثنين. لا تقلق، سأكون نافع لك عندما تحتاج إليّ، مثل هذا الصديق.»
«….»
«لكنني لن أطلب منك أن تبقى معي أو تهتم بي كصديقك هذا. طبعًا، إن فعلت، سأرتفع للسماء أعني… فقط لا تحدّق بي هكذا.»
استلقى السيّد مجددًا دون أن يرد.
لكنه لم يُغطِ نفسه بالبطانية أو يُدِر ظهره، لذا استطعت النظر إلى وجهه من الأمام.
آه… إنه مُبهر.
للمرة الأولى أراه بهذا الوضوح في وضح النهار، لكن ربما بسبب ضوء الشمس الساطع، بدت وسامته أكثر تألقًا.
لن يكون من المبالغة القول إنه لو رآه أحد أولئك الفتيان قبل قليل، لتأثر بعضهم… وربما فُتن بعضهم الآخر.
شعرت بالقلق، فلم أجد بدًّا من قول جملة إضافية:
«سيّدي، عليك أن تكون حذرًا، فجميع الرجال ذئاب.»
وعندما سألني: «وماذا عنك؟»، أجبته مبتسمه:
«مستحيل. أنا خادم السيّد قبل أن أكون رجلًا.»
كلينك!
صدر صوت قويّ من جهة الباب.
وعندما التفتنا معًا، رأينا ريمسون وقد أسقط زجاجة الدواء على الصينية الفضية.
بدأ يتمتم بأشياء غريبة مثل: «لا أصدق أنك تتخلى عن كرامة الرجل الآن!»
لكن الغريب أن السيّد الصغير كان يراقب الموقف فحسب. لم يعد يضرب أحدًا سوى أنا… ولم يعد يرمي الأشياء ليطلب من أحدهم المغادرة.
«هل هذا تغيّر إيجابي؟ هل أثمرت زهرتي بشكل واسع؟»
ابتسمتُ بسعادة.
لم أكن أعلم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.
*****
مذلة.
لم تكن هناك كلمة تُعبّر عن شعور مانيلانو أكثر من هذه الآن.
نعم.
منذ ذلك اليوم، شعر بإهانة عميقة.
لقد تعلّم دون قصد المعنى الحقيقي لكلمة لم يكن يعرفها إلا من القاموس.
روڤل، كل هذا بسببه. ذلك الخادم اللعين.
«ماذا أفعل الآن؟ إنه وقت التأمل للسيّد.»
«آه، لقد تأخرت قليلًا. السيّد لا يزال يتناول الطعام.»
«نعم؟ هل انتهى الآن؟ من الصعب تحديد الوقت لأنه يتناول دواءه فورًا بعد الطعام، ثم ينام.»
وكان هذا السيناريو يتكرر باستمرار.
وكنتيجة، بدأ أبناء النبلاء يشعرون بالملل واحدًا تلو الآخر، وغادروا.
لكن رغم أن مانيلانو تعلّم طعم الإهانة، إلا أنه لا يزال يجهل طعم الهزيمة.
كلما زاد عناد ذلك الخادم، ازداد هو إصرارًا بدلًا من الاستسلام. بل وطلب من والديه تأجيل موعد عودته.
اليوم، مانيلانو أظهر أنيابه وهو ينظر إلى الخادم الذي يقف أمام الباب مثل الحارس.
خادم عائلة ستيل شعر فورًا بشعوره المزعج، فانحنى أمام وجهه المرعب.
لكن الخادم لم يخضع. رغم أنه كان يبتسم، إلا أن مانيلانو رأى بوضوح:
كان وجهه يقول: «لا فرق بيننا، فلا تبالغ في شأنك.»
«أعتذر بشدة، السيّد مانيلانو.»
«وماذا الآن؟»
«السيّد يرغب أن يكون بمفرده في هذه اللحظة.»
كان مانيلانو على وشك أن يصرخ: «متى سيخرج هذا الأحمق أصلًا؟»، لكنه عضّ على شفتيه.
فما أقلقه أكثر من الخادم كان آريف، الذي ظلّ يرافقه كظله خلفه.
تلك النظرات… لقد رآها كثيرًا من فرسان العائلات المعادية.
«…إنهم يراقبونني بالفعل.»
لو فعل شيئًا، فلن يُسامحوه.
لذا، لم يعد يستطيع إجبارهم، واضطر مانيلانو إلى الاستدارة.
لكن، إلى جانب الغضب، راودته تساؤلات أخرى.
«…كيف عرف اسمي؟»
منذ تلك اللحظة، بدأ الحادث يتخذ منحى غير متوقع.
فصوت الاعتذار الصادق: «أعتذر، السيّد مانيلانو.»، بقي واضحًا في ذاكرته.
نعم، لو فكّر في الأمر… الخادم كان يعرف اسمه منذ أن زارهم أول مرة مع أبناء النبلاء الآخرين.
وسرعان ما توصّل إلى استنتاج منطقي:
«لقد حفظه مسبقًا.»
خدم العائلات النبيلة عادةً ما يتعلمون أسماء وأشكال العائلات الكبرى من خلال الصور واللوحات.
ولم يكن يتوقّع أن أول لقاء بينه وبين شاب لا يملك من الملامح سوى ما يجعله يُخطأ فيه على أنه فتاة، سيكون كذلك.
«كان جريئًا أيضًا في حضوري.»
كما أنه سمع أحدهم ينادي السيد آريف بـ “هيونغ” ذات يوم.
أن يكون صديقًا لفرسان السلسلة السوداء منذ البداية إلى النهاية!
«إذًا، هل هو أيضًا ابن غير شرعي لأحد النبلاء؟ مع أنه بدا فظًا جدًا على أن يكون كذلك.»
فضوله تجاه ذلك الخادم اللعين لم ينطفئ أبدًا.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 16"