ليس عبثًا أن بطاقات الهدايا وُجدت في هذا العالم.
فالهديّة تظل هدية، لكن للكلمات والمعاني أهميّة لا تقل.
لكن السيّد الصغير لم يكن يعرف الكتابة، لذا كان عليّ أن أقولها شفهيًا.
«لِنرَ… العبارة الشائعة هي…»
وضعت رأسي بين يديّ أفكّر بجهد.
«أحضرتها وأنا في طريقي؟ لا، هذه لا تصلح.»
مهما كانت رواية ليلة الإمبراطور قديمة، فهذه الجملة كانت سخيفة جدًا.
من هذا المنطلق، تمرّنت على تعليق أكثر تأثيرًا.
«لقد خبزتها وجئت؟»
لكن هذه كلمات عاميّة، فلا تصلح.
«…خبزتها في طريقي وأحضرتها معي؟»
قضيت وقتًا أُكرّر فيه عبارة «خبزتها في طريقي» مرارًا.
وربما لأن فترة الظهيرة كانت مرهقة، لم يستيقظ السيّد الصغير طيلة ذلك الوقت.
ثم، ومع مرور الوقت، بدأت أتثاءب.
«لقد أكثرت العمل هذه الأيام، لذا ربما أجهدت نفسي»
كنت أمشي ببطء تجاه السرير لإيقاظه، ووقفت أمام باقة الزهور التي حضرتها معي أوني.
«هل أذهب لمحل الزهور؟»
ثم، بينما أفكّر في أي محل أزوره، تذكّرت واحدًا.
«آه، يوجد ذاك.»
لكنه دائمًا ما يعارضني، لذا من الأفضل أن يقول العكس.
أخذت أنزع بتلات الزهرة واحدة تلو الأخرى وأنا أتابع الحديث:
«السيّد الصغير يحبني.»
«….»
«السيّد الصغير يخفي مشاعره تجاهي، الأمر صعب لأن السيّد الصغير يحبني كثيرًا، السيّد الصغير حقًا حقًا—»
«هيه!»
فوووش!
تجنّبت الوسادة التي طارت نحوي في التوقيت المثالي.
«لقد مضت مدة طويلة منذ أن رميت عليّ هذه الوسادة.»
كنت مسرورة، لكن السيّد الصغير تمتم ساخطًا:
«أتراني مهرجًا؟»
«سيّدي، لستُ أضحك إطلاقًا. أنت دائمًا تحت الغطاء، فعلى ماذا أضحك؟ أم هل ستدعوني إلى ذلك المكان؟»
نعم~~؟
حاولت أن أتصنّع الدلال بطريقتي، لكن الأمر لم ينجح.
بل إنه نظر إليّ وكأنه فقد الأمل، وعاد إلى داخل الغطاء.
ثابت كعادته. لكن الجو حار اليوم، ألا يشعر بالاختناق؟
على أي حال، كان عليّ أيضًا تحقيق هدفي.
اقتربت منه بجدّية، وأنا أُمسك بكيس البسكويت.
«أه… سيّدي الصغير.»
«….»
«إن لم تُجبني، فلن أتحرّك خطوة واحدة من هنا حتى تناديني.»
«…ماذا.»
رغم ذلك، هناك تغيير إيجابي واحد.
بات يردّ على كلامي سبع مرات من أصل عشر أسرع من قبل.
رفعت كتفيّ وتحدثت بفخر:
«حضّرت لك هدية.»
كنت أتوقّع أن يقول: “ارميها”، لكنه لم يفعل غريب.
بل إنه أطلّ بعينيه من تحت البطانية بشكل غير متوقّع.
وبقي يُحدّق في قطعة البسكويت التي أخرجتها طويلًا، وكأنه يتساءل عمّا أفكّر به.
تحمّست من ردة فعله، وتكلمت بحماس أكثر من المعتاد:
«سيّدي، سيّدي. إنها المرة الأولى التي أصنع فيها البسكويت بنفسي. هل تعرف لماذا؟ بالتأكيد لا. أنا نفسي لم أكن أعرف، لكنني سمعت أن اليوم هو يوم الزهور. هذا تقليد في دنكارت، أن تُعطي شيئًا يُمثّل الزهور لمن تحب. لذا، تفضل.»
نظر إلى البسكويت بدهشة وكأنه يقول: «هل هذه صخرة؟» ثم نظر إليّ وكأن تعبير وجهه يقول: «لمَ سألتني إن كنت ستفعل هذا؟»
ضحكت، ووضعت البسكويت في يده.
ثم فجأة سحبتها منه مجددًا.
تغيّر تعبير السيّد الصغير، وأصبح أكثر جديّة.
«ما الذي تفعله؟»
لكنني لم أكترث، بل كسرت البسكويت نصفين، ووضعت قطعة في فمي وقطعة في فمه.
قطّب جبينه من فعلي المفاجئ.
لو كانت صحته أفضل، لربما ضربني.
«سأتناوله الآن. وكالعادة، أحب طعمه أكثر عندما يكون مع السيّد الصغير عن أي شخص آخر.»
كانت هدية ناجحة.
لكن السيّد الصغير مضغ البسكويت كأنه حجر، ثم عاد مجددًا إلى تحت الغطاء.
حسنًا، هذا كافٍ.
فهو في النهاية شخصية لا يفتح قلبه حتى لوليّ العهد الوسيم أو الشخصية الثانوية الجانبية.
«بالمناسبة الشخصية الثانوية… حان الوقت لظهوره تدريجيًا.»
فكّرت في ذلك وأنا أتابع مضغ البسكويت.
كان هناك دائمًا فتى مزعج من فرع عائلة دنكارت.
«يظهر عادة في مثل هذا الوقت. هل سيظهر هذه المرة؟»
*****
«يوم الزهور ليذهب إلى الجحيم.»
نظر مانيلانو ستيل إلى الخضرة الناضجة خارج النافذة وتمتم بضيق.
سافر أسبوعًا من أقصى شمال القارة، المحاطة بالثلوج، إلى قلب الجنوب الشرقي.
كانت حادثة مفاجئة لا علاقة لها بطبيب.
منذ القدم، كانت كلمات آل دنكارت بمثابة أوامر مُطلقة.
لكن السبب الحقيقي هو أنهم أعلنوا هذه السنة عن دعوة النبلاء إلى قصرهم لتعزيز أواصر العائلة.
كان والديه في غاية السعادة، أما هو فلم يكن كذلك.
هل هناك فائدة حقيقية من هذا كله؟
من دون بليڤان المحترم، لم يكن هناك ما يثير اهتمامه. فقد أنهى منذ زمن تفسير النقوش القديمة، وهو مشروع أكاديمي.
كانت الكونتيسة غير راضية عن نقره المستمر على الأرض بحذائه لتزجية الملل، لكنها لم تُعلق.
فهو من وجهة نظر الآخرين، الابن المثالي للكونت.
ابتسمت الكونتيسة وتحدثت مع الكونت عن شؤون متنوعة.
وفي تلك اللحظة، التقطت أذنا مانيلانو عبارة مثيرة للاهتمام:
«ذاك الفتى الذي لا يعرف حتى كتابة اسمه الأخير هو الوريث؟»
وكأن الملل قد غادره فجأة، تلألأت عيناه الصفراء اللامعة.
كان وجهه كوجه وحش عثر على فريسة جديدة.
«صحيح. دوقة دنكارت أصبحت أكثر انعزالًا. ويقال إنه يرمي الأشياء على المعلّمين الثمينين. فهل يستطيع حتى توقيع اسم العائلة؟»
قالت الكونتيسة بنبرة حزينة، لكن الارتياح كان ظاهرًا في عينيها.
فطبع ابنها السيء قد ورثته له.
«يقال إنه لا يستطيع تحريك قدميه حتى. إنه فشل دنكارت بكل معنى الكلمة.»
ثم أتبعت ذلك بسخرية:
«في النهاية، هو لقيط بلا أصل.»
وبينما كانت تنظر إلى مانيلانو، كانت الكبرياء في ابنها تتلألأ بوضوح.
كان قد جذب بالفعل انتباه العائلة الإمبراطورية لمواهبه المتميزة.
استمع مانيلانو لثرثرة والدته وهو يبتسم بخبث:
«أعتقد أن هذا سيكون ممتعًا.»
وعندما حان الوقت المنتظر، حيّى مانيلانو الدوقة باحترام.
ثم تبادل نظرات ذات مغزى مع أبناء عمومته من نفس الجيل.
كانت عيونهم تلمع بخبث وكأنهم يخططون جميعًا لنفس الشيء.
بعد التحيات الشكلية، نزل الفتيان إلى الطابق الثاني وكأنهم قد اتفقوا مسبقًا.
وهناك، أمام باب مغلق بإحكام، التقوا بخادم ذو شعر فضي، يبدو في نفس أعمارهم.
«أهلًا بكم، سادتي. أنا روڤل، خادم السيّد إدريك.»
ألقى التحيّة بانضباط تام وأسلوب لا عيب فيه، لكنه بدا سخيفًا في نظر مانيلانو.
فالخادم هو السيّد الحقيقي.
لا بد أنه فتى بلا أُصول.
قال مانيلانو بابتسامة مزيفة:
«جئت لتحيّة السيّد الصغير. افتح الباب.»
لكن ما حدث أربكه.
فقد وضع الخادم إصبعه الطويل على شفتيه فجأة.
وكانت ملامحه صارمة أكثر من أمين مكتبة القصر الإمبراطوري.
«شش.»
—ما، ما هذا؟!
ما الذي يحدث؟ هل أصاب السيّد الصغير نوبة؟ أم هل الطبيب يعالجه؟ أم أن الوقت فقط سيء؟
كان أبناء النبلاء في حيرة، لكن الخادم تحدّث بجديّة:
«إنها قيلولة السيّد الصغير.»
للحظة، شكّ مانيلانو في سمعه. هل سمع هراءً؟
لكن بالنظر إلى وجوه أبناء النبلاء المذهولين، لم تكن أذناه وحدهما من أخطأ.
استعاد هدوءه بسرعة.
«قيلولة… نعم، لقد نشأ من خلفية متواضعة، فلا يُدرك أهمية الضيافة الأرستقراطية.»
بدلًا من الترحيب الرسمي، يختار النوم.
سأل مجددًا بابتسامة خفيفة:
«أفهم. متى يستيقظ؟»
«يصعب عليّ إعطاء وقت محدد. الدواء الذي يتناوله السيّد قوي جدًا. أعتذر.»
وضع الخادم يده على صدره بأسف مهذب.
كانت تصرفاته راقية ومهذبة.
لكن بطريقة ما، كانت تثير أعصاب مانيلانو، فهو لم يعتد الرفض من أحد.
فكر للحظة فيما سيفعله.
واتّخذ قراره بسرعة.
من المنطقي أن يتراجع الآن. فالدعوة إلى القصر لا تعني دعوة إلى الغرفة.
ضيّق عينيه، واختار طريقه.
«عندما يستيقظ السيّد—»
«آه السير بليڤان!»
في تلك اللحظة، ارتفع صوت الخادم بشكل مختلف عن السابق.
ذلك الصوت الترحيبي تسبّب في اضطراب كبير بين أبناء النبلاء.
ماذا؟ السير بليڤان؟!
قائد فرسان السلسلة السوداء، الذي بلغ رتبة سيّد السيف مبكرًا، سيف الإمبراطورية بليڤان كارتل.
أليس هو الحلم الدائم لأبناء النبلاء؟
خصوصًا مانيلانو، الذي كان مهووسًا بفنون القتال كما هو حال محاربي دنكارت القدماء.
أدار رأسه بسرعة باتجاه ما كان ينظر إليه الخادم.
«ألم يغادر القصر بأمر من الدوق؟ هل عاد فعلًا؟»
لكن آماله تلاشت سريعًا.
فبليڤان معروف بصرامته المخيفة، أما هذا الرجل أمامهم، فكان هادئًا كزهرة زنبق.
أشبه بقدّيس لا فارس.
اقترب بهدوء وتحدث بصوت نقي:
«لا، لكنك السير آريف من فرسان السلسلة السوداء، أليس كذلك؟ أهلًا بك.»
«نعم، يا روڤل. لتُغمر بالبركة، أنا آريف بروير.»
بقي الانزعاج من الخداع يلازمه قليلًا.
أخذ مانيلانو يراقب آريف بصمت.
«آريف بروير، أعظم محارب من آل بروير الهابطة»
وبحسب ذاكرته، كان قويًا للغاية رغم عينَيه الودودتَين. مما يعني أنه خصم صعب لو ارتكبت أي خطأ بسيط أمامه.
«لا يمكنني أن أكون مادة للثرثرة بسبب شيء كهذا.»
ألقى مانيلانو تحيّة سريعة بابتسامة زائفة.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 15"