لقد نُجيتُ في اللحظة التي كدتُ فيها أسقط في هاوية الخطر المريع.
‘هل كان هذا حلمي حقًا؟’
شعرتُ بالارتباك حين سمعت إجابة ليون.
لقد خطر في ذهني مسبقًا أنّ هذا ربما يكون كابوسًا، فالأحداث غير المعقولة كانت تتكرر يوميًا، لكن سماعي من شخص آخر أنّ ما حدث كان ‘حلمًا’ كان صدمة مشابهة.
“في الحلم، لا شيء يُعتبر غريبًا. حتى لو ظهر وحش أو أنقذتُ إيفون، فهذا أمر طبيعي.”
وضعني ليون برفق على الأرض، ثم بدأ يتحدث بسلاسة وكأنه يخفف عنّي ثقل ما في قلبي.
“ظهوري في حلمك، إيفون، يدل على أنّني كنت جديرًا بالثقة. أن تتذكّريني في مثل هذه اللحظة المهددة، يثبت ذلك.”
في تلك اللحظات الحرجة، لم يخطر ببالي أن أفكر فيه.
كان هناك فقط شعور بالرهبة والخوف من السقوط أو مواجهة مأساة مروعة.
‘ربما، كان هناك قليل من التفكير في الحقيقة.’
قد يكون هذا انعكاسًا للوعي الباطن، وربما لو تكررت مثل هذه الأحداث، سأجد نفسي ألتفت إلى الشخص الأكثر موثوقية، أي ليون.
“…لكن من تعابير وجهك، يبدو أنّ إيفون لم تتذكّرني. أشعر وكأنّي دخلت حلمها بلا سبب.”
أضاف بضع كلمات وكأنه يقرأ أفكاري بوضوح.
“هذا مؤسف حقًا.”
لطالما رأيت ليون مرحًا ومتفائلًا، ولم أرَهُ من قبل يُظهر استياءً صريحًا كهذا.
نسيت الخوف الذي اجتاحني قبل لحظات، وبدأت أجيب بتلعثم.
“أمم، كنتُ مشغولة بالتفكير في الكثير من الأمور، سأحرص في المرة القادمة على تذكّرك أولًا!”
لوّحت بيدي للتأكيد أنّ الأمر لم يكن عن قصد.
“حسنًا، إذا قالت إيفون ذلك، سأصدقها.
لكن المرة القادمة، يجب أن تتذكّريني. فأنا زميلكِ.”
ابتسم كما لو لم يشعر بأي استياء، وشعرت براحة تامة في قلبي.
“لكن ليون، أين ذهبت تلك الكائنات التي كانت هنا؟”
تذكّرت الوحش الذي اختفى فور مواجهتي له مباشرة.
“لا أعلم بالتحديد.”
“حقًا لا تعرف؟”
“نعم، عندما وصلت، اختفى من تلقاء نفسه.”
كيف يمكن لشيء يهاجمني ليأكلني أن يختفي بهذه البساطة؟
لكن ليون هدّأ روعي، وكأنه يشرح أنّ الأمر طبيعي ضمن أحداث الحلم.
“الأمر بسيط.
كما قلت، كل هذا مجرد حلم، والوحوش تظهر وتختفي فيه بسهولة.”
وأضاف أنّه لا ينبغي التفكير في الأمر بجدية مفرطة.
“لكن، كيف وقع أنّ الوحش طاردك، إيفون؟”
توقفت للتفكير فور سماع السؤال.
“كنت عائدة من العشاء.
بعده، ذهب الجميع في اتجاه آخر لأعمالهم، وعندما وصلت إلى السكن، ظهر فجأة أمامي، ولم تتذكّر أي شيء مما حدث بعد ذلك.”
واعترفت بأنّها طُرِدت.
لم يكن لزامًا عليّ مشاركة كل التفاصيل مع ليون، فحسب قوله، كل ما حدث مجرد حلم ولن يتذكره في الواقع.
لكن، بوجود شخص موثوق أمامي، شعرت بالرغبة في البوح وطلب الاطمئنان.
“إيفون، حتى في الحلم كنت تعملين، أليس كذلك؟”
أظهر ليون تعاطفًا صادقًا، وكأنه يشاركها شعور الحزن من أن تعمل حتى في أحلامها.
“ماذا فعلتِ قبل العمل، إيفون؟”
في البداية شككت إن كان من الضروري سرد كل شيء، لكن بما أنّه مجرد حلم، قررت أن أشارك بعض تفاصيل يومي.
‘لقد مضى أكثر من شهر منذ بدأت العمل في هذا القصر.’
توقفت للحظة، واستحضرت كل لحظة أمضيتها هناك، كأنها صور خاطفة تمر أمام عيني.
‘ماذا كنت أفعل قبل أسبوع من اليوم الأول للعمل؟’
شعرت أنّ شيئًا مهمًا حدث، لكن لم أستطع تذكره بدقة.
“هل هناك شيء، إيفون؟”
راقبني بقلق، لكنني اكتفيت بالرد: “لا شيء.”
ربما لم يكن أمرًا ذا أهمية، فمن المستحيل تذكر كل ما يحدث يوميًا.
—
عند التفكير، أدركت أنّ الحظ لم يلبث أن يبتعد عني.
حتى عندما تعاونت مع من كنت أخدمهم،
‘إيفنيا روزيفينا’، لتظل محاصرة في غرفة وتواجه موتًا مريعًا بالنيران، كنت أظن أنّ الأمور تسير بسلاسة.
ورغم أنّها غالبًا ما تُذكر كمفقودة، لم يكن الوضع سيئًا تمامًا.
كنت أزينها كالمعتاد وأغادر الغرفة، وحينها حصلت العائلة الجديدة على مكافآت سخية.
ظننت أنّ كل شيء سيكون على ما يرام بعد إعادة بناء القصر وتبدّل الملكية.
حتى أصبت بحادث بسيارة النبلاء وفقدت إحدى عينيّ وأصيب ساقي بالعرج.
لكن سوء الحظ لم يتوقف هناك.
[ 📜 البند الخامس:
لا تسفك دمًا في الحديقة.
‘هم’ قد يهاجمونك على هيئة زهرة جميلة.”
‘هم يحبون أكل البشر منذ زمن بعيد.
إذا لم ترد أن تكون فريستهم، لا تنزف في الحديقة.’]
ضحكت داخليًا، فقبل إعادة بناء القصر لم أرَ مثل هذه القواعد.
كنت أظنها مجرد مزحة، لكن الصدمة أتت حين ذهبت للحديقة ورأيت الدم.
وفجأة، بدأت الزهور تنمو بشكل هائل تحت السماء الملبدة بالغيوم والمطر.
نمت زهرة صغيرة بسرعة حتى أصبحت أكبر من جسدي، واندفعت نحوي كما لو كانت جذورها ساقين.
‘تبا!’
أدركت أنّ قواعد العمل لم تكن للعب، وبدأت أهرب مذعورة.
“آه!”
تعثرت عند حجر، والزهرة ابتسمت بطريقة مرعبة وهاجمت جسدي.
أُبتلع أحد الخدم على يد ‘الشيء’.
لكن القصر يحتاج لعاملين، وكان يجب تعويض المفقود.
ومرّ الوقت، وعملت شخص باسم ‘إيفون’ لتملأ هذا الفراغ.
—
بعد ذلك، أخذني ليون إلى الغرفة، قائلًا: “بما أنّه حلم، لا بأس.”
لحسن الحظ، لم يكن هناك ضجيج كالمرّة السابقة.
لكن لسوء الحظ، كان هناك أمر وحيد مزعج:
‘اليوم هو الجمعة أيضًا، أليس كذلك؟’
استمر الكابوس، وكان اليوم يعيد نفسه.
‘هذه المرة يجب أن تكون مختلفة.’
لا أعلم كيف أوقف هذا الكابوس المتكرر، لكن لا يمكنني البقاء مكتوفة اليدين.
‘يجب أن أتصرف بشكل مختلف من البداية حتى النهاية.’
مثل تأثير الفراشة، سأحاول كسر دائرة الماضي.
‘أول خطوة: ألا أنزف الدم في الحديقة.’
كما هي العادة، علمت أنّ الآنسة جولييت طلبت مني الحضور، فجمعت إرادتي وتحركت تحت السماء الملبدة بالغيم.
التعليقات لهذا الفصل " 15"