2
التمهيد
«الأطفال لا يموتون ، بل ينامون للأبد في ذاكرة من أحبهم»
ـــ ـــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ـــ ــ
تجمد الدم في عروق آريا التي كانت تبصر حياتها أمام عينها متيقنة أنها على الأغلب قد جنت أو ربما ماتت بسبب برد عندما كانت في بلدة و سقطت في رصيف ، فمها كان ما حدث ما نراه الآن لم تحلم به حتى في حياتها ربما هي فقط في غيبوبة فكل شيئ يحدث بسرعة رهيبة
وقف على قدميه من فوقها و مازلت أنظاره مستقرة عليها ، الإبتسامة لم تَزُل من وجهه ، نفض الثلج الذي كان على ثيابه بحركة سريعة بيده و مد يده لها حتى يساعدها في وقوف مدن يدها لوهلة لكنها انسحبت فورا تراجعت عنه و وقفت بمفردها
رجيف قلبها لا ينفك عن توقف تراجعت بخطوات ثقيلة للوارء و هل تحتضن جسدها منكمش محاولة صمود عقليا لأطول فترة ممكنة
قالت محاولة أن تتحلى ببعض الشجاعة و الثقة رغم أنه من أكرد لو رأت ظلها الان لٱصيبت بسكتة قلبية
“هل أنا أهلوس أو أن ذئب تحول الي رجل فعلا؟”
رمقها بحيرة و ارتفعت حاجبيه عاليا أثناء تدقيقه في حالتها بدنية و تأكد من عدم إصابتها
“لا ، لقد تحولت بشكل عادي على ما أظن”
إبتلعت رقيها و عضت شفتيها بعصبية و قبل أن تقول شيئا ، مرى هفيف رياح يحمل معه صوت عواء ذئاب في قلب غابة لوزورد ، لف رأسه سريعا لمصدر صوت و اختفت كل ملامح سابقة من وجهه ، إختلاجت عينه و أمسك يدها فورا و اصبح يركض في مخرفة واضحة بين الأشجار إلي مصدر عواء
جر آريا معه و هو يركض دون إذن منها و مع كونها واعية أنه لا خطأ كبير أن تتبع هذا رجل ، لا يمكنها هرب منه و لا يمكنها أن تخاف من فكرة ايذاءه لها لسبب ما
غلب منطق عليها للمرة ثانية و حاولت سحب كف يدها منه ، إلا أنه كان يقبض عليها بشدة كانت وتيرة ركضه تزداد سرعة و هي لا تقوى على ركض أكثر من ذلك توقف لثواني عندما لاحظ عرقها و لهاث أنفاسها ، بسرعة خاطفة إنحى بسرعة و حملها على ظهره و أكمل ركض لكن بسرعة أكبر الآن
كان ظهره واسعا مبرز لها الفرق بين أكتافها و أكتافه ، أغمضت جفنيها لوهلة بسبب هواء الذي يضرب وجهها بسبب سرعته كبيرة و تمسكت به بإحكام حتى لا تسقط و تتأذى
خف وقع خطواته و إرتبكت بسبب ذلك إرتعش بدنها عندما لاحظت جمع ذئاب في بقعة ما هنا في ثلج مكسوي بالدم خاثر ، انحى و سمح لها بنزول من ظهره ، تقدم الي جمع الذئاب بخطوات سريعة راجفة و هو ينظر لما يحدث هناك في قلب حدث بينما هي بقيت متسمرة في مكانها لاحول ولاقوة لها
أصبحت عيناه جاحظاتين بعد أن استقرت على جرو الصغير ، ذو فراء رمادي أبرز إصابة له برصاص أسفل عنقه ، جثته باردة فقدت حرارتها معتادة ، كان نائبا لحد كبير و عضلاته مشدودة
نظر للدم محيط حول جثة جرو دم أحمر غامق متجمد جزئيا بسبب جوى و جرحه تخثر بالفعل ، لقد أدرك أنه قد مضت على أقل ثلاث ساعات على موت جرو صغير
جثا على ركبته و مد يده برفق نحو جثة جرو صغير يتحسس وجهه للمرة الأخيرة اخفض رأسه قبض بيده أخرى على ثلج يسحقه منحنيا رأسه أمام قدر لا يمكنه تغيره
تنهد بعمق كما لو أن هواء عالق في صدره يحمل في طياته وزن عمر كله و قال بصوت هادئ حتى لا يكسر صورة قائد لهم
“فات الاوان على انقاذه ، ٱنقلوا جثة نوا للبلدة ….يجب إعادتها لأهله للمرة الأخيرة”
سكن صمت منطقة لوهلة ، تلاشت فيها حركة الذئاب منهم من ركز مع جرو الصغير الذي جثته كانت ممدودة في الأرض ينظرون للزغب الناعم تحت عنقه الذي قد تلوث بدم داكن جف مع البرد ، أما الآخرون امالو رؤوسهم إليها و انعكست صدمة في عيونهم ، رائحة بشرية حادة إخترقت جيوبهم الأنفية لقد كانت نظرات نحوها عدائية حتى أن بعض ذئاب أصدرت صوت زمجرة نفور منها
نظرت آريا نحوهم بينما أنفاسها تضيق في صدرها الهواء موجود حولها لم يعد يكفي رئتيها ، إرتعاش جسدها الآن ليس بسبب برودة بل بسبب الخوف قلبها يدق كالطبل في عقلها ، يدها حاولت أن تقبض اي شيئ أمامها حجر ، غصن اي شيئ فقط لتستخدمه كسلاح كل صوت حولها أصبح أعلى كل حركة من ذئاب شكلت تهديد لها
مرت رعشة خفيفة في عمود فقري لذاك الرجل و لف رأسه نحوهم ، كان جو مشحونا عيناه تقلبت بأرجاء بإنتباه حاد لما يحدث هنا تصلب فكه و قال بصوت عميق منخفض
“انزلوا أنظاركم عنها ، هذه رفيقتي لا تفكروا بالأمر حتى”
تجمدت كل ذئاب مكانها من وقع خبر عليهم ، منه من إنكمش حاجبيه و منهم من آمال رأسه بحيرة ، زمجرة أحد ذئاب من خلف و مرة أخرى ظهر ذلك ضوء الذي يعمي عيون آريا كامرأة سابقة رأت أن ذاك ذئب تحول الي بشري لديه جرح أسفل عينه ، ذو بشرة حنطية و عيون بيضاء و شعر ابيض مظفر مجموع في تسريحة ذيل حصان قصيرة و بكل تأكيد أكدت تلك عروق في عنقه و وجهه مشدود و شرارة هناك بين عينيه و قال بصوت قوي أقرب للإنفجار
“اتمزح معي ؟! كادين!!! ياحبيب والديك هذه فتاة بشرية! “
رفع كايدن أحد حاجبيه و رد بهدوء
“وإذن؟”
ارتفع و هبط صدر رجل حنطي في وتيرة تنفس غير متزنة أنفاسه حادة تضرب هواء نفسه و رد محاولا تحكم بأعصابه و عدم تقليل من مكانة قائده أمام بقية أفراد
“ماذا تعني بإذن ؟! كايدن إنها بشرية ، هل اهجئ لك لك كلمة ؟ باء و شين و راء و ياء و تاء ، بشرية ! “
لم يأخذ كادين رد إعتبار كبير على غضب رجل حنطي و رد بهدوء بعد أن نظر إليها لوهلة
“أنا لا أنوي رفضها في أي حال من الأحوال “
صفعها ادراك و ارتجفت رموشها عبست بجنبينها بإضطراب و بدأت دون وعي تتراجع للوارء كما أن هذا محيط ليس منطقة أمان لها بعد الان
“رفيقة؟….مالذي يعنيه هذا حتى؟!”قالت بصوت متردد خافت تتوسطه شهقة خريفية حاولت كبتها
ابتلعت رقيها بمرارة و هي تبحث عن مهرب ، هي لا تريد تفسير عقلانيا بل تريد فقط الان عودة لمنزلها
“أنا …لا هذه مزحة ، صحيح؟”قالت و هي تحدق لوجه كايدن بشحوب تتوسل في أعماق قلبها أن هذا مجرد كابوس
لم يقل شيئا لها و كان صمته ابلغ تأكيد لها ، لم تنتظر أكثر من ذلك ، لمحت شجرة قريبة ذات جذع سميك إستدرت فورا و ركضت نحوها قدمها حفيتان مزرقاتان تنزلقان فوق ثلج و أنفاسها تتقطع بين شهقة و الأخرى
سحبت نفسها لأعلى شجرة بعنف بينما أظافرها تنغرس بقوة في لحاف شجرة صعدت عند أطول فرع و اصبح يأن تحتها من ثقلها عليه
وبينما كانت تلهث باضطراب، التفتت للأسفل بعينين مذعورتين، وهي تصرخ بصوتٍ حاد
“ابقوا بعيدين عني! لا تقتربوا أيها السحرة المجانين!”
تناثر بعض شعرها على وجهها و التصق بعضه فيها بسبب عرق كان هفيف رياح يغطي جو متمسكة بالغصن الذي هو منطقتها الآمنة واحيدة
أطلق رجل حنطي صفيرا طويلا عاليا بنغمة لاذعة صانعا سحابة من الاستفزاز بالهواء و دوت ضحكته مكان و قال لكايدن
“على أقل بشريتك ليست جبانة لحد فقدان الوعي ، هل تظن فعلا أن العالم سوف يتوقف لأجل شرح مايحدث لها الان “
إنكمشت معالم وجه كايدن بغيض واضح و نفور من رد ريغن و قبل أن يقفه عند حده قال ريغن لها بضحكة تدل على استهزازءه منها
“انتي يابشرية ، أخبرني هل تسلقك للشجرة جزء من خطة هرب عظيمة ؟ أم مجرد رد فعل بشري بائس؟”
أعلى تلك جرعة بدأت آريا تضع النقاط على الكلمات ، تحول من هيئة ذئب الي بشري لستوعب أنهم مستذئبون دوى صوت ريغن من أسفل كما لو أنه يقرأ افكارها بسخرية قاطعة
“نعم بضبط كما تظنين يا رفيقة القائد ، نحن مستذئبون”
صفعت هذه جملة آريا بقوة لم تتح لها فرصة حتى تغمض عينايه من صدمة كل شيئ في عقلها تبخر
“مستذئبون؟” همست بصوت مشروخ، بالكاد يخرج من حلقها
إقشعر بعدنها لوهلة و تسارع نبض قلبها أكثر من سابق فرصة اصابتها بسكتة قلبية بسببهم تزداد أردت أن تضحك و تصدق ان هذه مجرد نكتة لا غير لكن نظراتهم لم تكن مضحكة ابدا
“لا… لا لا، هذا غير ممكن ، هذه خرافات! قصص أفلام! لا وجود لمستذئبين!” ارتفع صوتها، لكن نبرة صوتها لم تكن نبرة شخص مقتنع بكلمته حتى
وجه ريغن عيونه الي كادين الذي كان ينظر نحوها بربية لا يمكنه فهم أو تحليل ما يفكر به قائد كاعادة و قال له
“كايدن أتعام ربما فتاتك ليست غبية كثيرا إنها فقط….جبانة نوعا ما ، يمكننا علاج هذا”
أسند كايدن رأسه للخلف و تنهد بقلة حيلة ، هو لا يفهم بشر كثيرا لكنه يعلم أنهم يخافون من كل ماهو جديد عليهم و رد فعلها متوفع تماما بل افضل مما تصور لقد كان يظن أنها سوف تفقد وعيها عند رؤيته يتحول في بداية من مدهش صمودها عقليا لحد ساعة
تقدم بخطوات سريعة نحو شجرة التي كانت أعلاها و ركل شجرة بقوة لم يكن يريد أذيتها… لكنه كان بحاجة لإنزالها قبل أن تؤذي نفسها، سقط ثلج مكدس بين أغصان فيها و سقطت هي أيضا فوق ثلج
عادت أنظار كايدن للجروي الصغير نوا ، هيا رياح خفيفة تركت خلفها صوت عزاء في جو ، مد كايدن يده و نزع سترته ، إنحنى قليلا و غطى بها جثة جرو صغير ، إعتدل في وقوفه و خرج منه صوت ثقيل
“شكلوا تشكيلة حِداد”
إرتفعت رؤوس الذئاب بسرعة ، و تحركوا واحد تلو الآخر على سكر دائرة حول جرو صغير ، توجت أصواتهم بصوت عواء بدائي عالي نابع من أعماقهم ليس ودعا الجرو صغير فقط بل لحماية وجوده في ذكرياتهم من نسيان
“لا… لا لا، هذا غير ممكن. هذه خرافات! أفلام! لا وجود لمستذئبين!” ارتفع صوتها، لكن نبرته خانتها، فخرج مرتجفًا، مذعورًا.
عادت أنظار كايدن لآريا و حاول أن يشرح لها بهدوء الموقف الذي كانت هي فيه
“كلما زاد بقائكِ هنا زادت نسبة موتك، لا يمكن أن تعودي لمنزلك لقد أغلقت حدود بين عالم البشر و عالم الخوراق لن تفتح إلا في ليلة قمرية تالية تعالي معي الي قطيعي نحن لا نؤذي البشر خاصة النساء و أطفال منهم”
وقفت آريا أمامهم و هي تشهد نظراتهم عدائية نحوها و رفضها بينهم قبضت على أطراف بيجامتها بقوة رغم إرتجاف كتفيها رفعت رأسها و نظرت لكادين بثابت و قالت بنغمة مترددة مكسورة
“اريد ضمان لسلامتي”
إرتفع حاجب ريغن بسخرية تفضح عما يدور في باله ، قبل أن ينطق ريغن بكلمة رفع كايدن يده مانغا إيه بذلك ، ثم نظر إليها مافهمت موقفها من منطقي أن تحاول بأي طريقة ممكنة ضمان سلامتها بين أشخاص لا تعرفهم في قلب غابة
إقترب منها بهدوء و منحها سكين من فضة أخرجه من غمد جلدي الموجود في صخره و قال لها
“خذي هذا ، لو شعرتي بالخطر ، فيمكنك طعني أولا به”
إتسعت عينها بذهول عندما وضع سكين في يده و نظرت إلى عينه بشكل صحيح لأول مرة لقد كانت عينه صادقتين معها ، صادقة بشكل مخيف
ترددت في قبول لكنها فضلت سكين بقوة أكبر و ردت بهدوء
“اتفقنا…”
لاحظت آريا أن أحد ذئاب في خلف صدر منه نفس ضوء من ريغن و كايدن و تحول لهيئة بشرية لفتتا فكرها الي حقيقية أن ذلك خاتم يلعب دور في تحولهم ، حمل رجل جديد الجرو الصغير ملفوف و ضمه إليه و بدأت مسيرة ذئاب بتشكيلة واضحة حيث كان ريغن و كايدن يمشون في منتصف أمامها رجل الذي كان يحمل جرو صغير و آريا خلفهما و ذئاب جزء من مقدمة و جزء في خلف
كلنا تقبض سكين فضة بقبضة يدها بقوة كما لو أنه هو منجاتها واحيدة ، رمقها ريغن بنظرة باردة و إرتسمت على شفتيه إبتسامة مائلة لا تحمل ذرة من دفئ و أعاد رأسه للأمام كما لو أنه فقط يعتبرها عثة لا غير ، حقيقية أنها تشعر بتهديد من رفيقها الذي عرفه طوال حياته و لم يرى منه سوى صبر و نضال تصير قرفه نحوها أكثر و قال لها
“قليل من ثقة نحونا يا بشرية ،من تظنين أنه متفرع لقتلكِ بيننا؟ “
أخير برز من بعيد ذاك نور الذي لا يدل إلا أخير عن خروجها من هذه الغابة ، توقفت خطواتها من أعلى تلك إلى مغطاة بالثلج رقيق و خرجت منها شهقة صغيرة دون وعي منها هناك في الاسفل كانت تلك بلدة ضخمة واسعة الأرض يحيط بها سور حجري ضخم يضرب في عمق الأرض ، و بوابة عملاقة داكنة تتوسط جدار على جانبيها أبراج مراقبة ينبعث منها وهج خافت
كان هناك كوخ صغير للحراسة لم تنتبه له لكونه تفصيل صغير و أثناء وصولهم الي تلك نقطة خرج حارس من هناك بدى رجل في اوئل اربيعنات في عمره ذو لحية خفيفية و شارب كثيف ، تفوح منه رائحة اعشاب طبية ، كانت اسئلة متزاحمة في رأسه بدت عيناه كم يبحث جوي فوري
“كايدن! ماذا حدث حتى تتأخر هكذا ؟!” قال رجل بحيرة واضحة و هو يرفع شعره للأعلى من كل جهات بحدة
توقفت تسألات الرجل حارس عندما سقطت أنظاره لجثة جرو صغير ملفوف في سترة كايدن متواجد بين أحضان أحد رجال
“طفل إليناور و مورتي….لقد عاد إلي الأرض التي ولد فيها”
أزاح كايدن رأسه للجانب الآخر بينما كان يقبض على يده بقوة ملماة نفسه بسبب تأخره في إنقاذه ، حول طوال طريق كتم وجعه بشأن موت أحد أفراد قطعه لا يحق للألفا أن يظهر أي ضعف أمام من يجب أن يروه قدوة لا تتزحزح و لا تسقط
ريغن كان أكثر صمتا من سابق لا سخرية و لا استهزاء يخفف به حدة جو و يحاول تنسي طفل كان يركض يوم أمس أمامه ، عض شفته سفلى و ضم يده لصدره لا يمكنه إظهار أي ضعف أمام آخرين هو مساعد ألفا قطيع اي ضعف سوف يساء فهمه أنه غير مناسب ليتبع كايدن
آريا وقفت متيبسة لا تفهم أو تستوعب كثير مما يحصل كان حلقها جافا ، لم تستطع كلام او سؤال لقد كانت تفهم أكثر من أي شخص الآخر وقع موت فرد عزيز على الأسرة
رفع كايدن يده في هواء و أضاء خاتمه من جديد لكن بلون مختلف بنفسجي توتي ، و فتحت بوابة داكنة ضخمة من كلا جانبيها
رفع كايدن ببطئ في هواء اصابع يده لمست خاتم مضيئ بلون بنفسجي عميق توتي للحظة توقفت كل أصوات حولهم حتى انفاسها أصبحت ثقيلة لكثافة هواء حولها ، إهتزت الأرض تحدت أقدامهم و تحركت البوابة يبطئ رهيب مصدرة صوت طحن
تراجعت آريا دون وعي منها للوارء ،و إتسعت عيونها ذهولا مما تراه ، سرت قشعريرة على طول عمودها الفقري
في أعماقها أردت أن تلتفت و تركض بعيد عن كل هذا ، لكن لا مهرب أبدا خاصة بعد أن وصلت لهذه نقطة لف كايدن رأسه نحوها و لاحظ حالتها إقترب منها بخطوات بطيئة مطمئنة لها أنه لا يضمر شرا لها
“لا بأس أن تخافي ، أعرف أن البشر يخافون من هذه الأمور ، لا تؤذي نفسكِ بسبب الخوف هذا يؤذني”قالها لها أثناء محاولته تعبير عن وجهة نظره بصعوبة له محاولا إيجاد كلمات مناسبة لتهدئتها
مد كايدن يده نحوها فتحا كفه دعوة لها لإمساك يده و دخول معه الي بلدة معا لعلها تشعر ببعض طمائنينة هكذا ، نظرة آريا تارة الي عينه مبتسمة براحة لها و تارة الي كف يده موجه نحوها ، مدت يدها لوهلة لكنها انسحبت تدريجيا واضعت يدها في صدرها ضامة لها ، لا يمكنها منح ثقتها لغريب ظهر في اقل من ثلاث ساعات في حياتها
لم يبدو عليه غضب ، نظر لكن يده لوهلة و قضيب عليه بقوة خف بريق في عينه أنه فقط قليل من خيبة الأمل لكن لا داعي لقول ذلك علنا ، هي بشرية لن تشعر بنفس مشاعر التي يشعر بها هو نحوها و كم أنه تمنى دوما مقابلة رفيقته في أسرع وقت ممكن له الرابطة لا تفرض المشاعر بل تقويها فقط
نظر نحو ريغن دون أن ينبس اي كلمة اقتلع ذاك وشاح من رقبته و تركها عارية مجردة له بعنف لم يتوقعه الطرف الآخر
“هاي! هاي!! هاي !!! مالذي تفعله ؟!”صاح ريغن بحدة و هو يرفع حاجبيه بغضب و استنكار يلتمس بكلا يده رقبته عارية التي انتزع منها كادين الدفئ
لم يعطيه كادين وجهه و لف أحد طرفي وشاح حول معصم يده بإحكام ثم مد طرف الآخر لآريا ، نظرة لثواني معدودة للطرف الذي منحه لها من وشاح و لفت معصمها بيع أيضا الان بات بينهما رابط بالوشاح
رمقهم ريغن بعبوس واضح و تمتم ببعض كلمات غير مفهومة أثناء لفه ذراعيه على نفسه بسبب برد ، متذمر من واقحة كليهما قبل أن يكتفي بتحديق للثلج أسفله و قال بعبوس و صوت خافت
“انتظر فقط حتى احصل على رفيقة….”
مشى كادين أولا و هي خلفه برابط يربط بينهما بالوشاح الاحمر قديم و ريغن سبقهما لشعوره أنه طرف ثالث في صورة معهم
تقدمت آريا خلف كايدن الي داخل بلدة رافقها وقع خطوها فوق ثلج ضرب هواء مختلف وجهها ليس فقط أبرد بل اثقل
رائحة رماد صادر من حداد هناك إخترقت انفها ، الخشب المحترق من النار الكبرى بعيدة في قلب بلدة هناك وصل إليها ، رائحة أعشاب ونباتات طبيعية تفوح في مناطق متعددة من مدخل بلدة كل هذه روائح بدت بدائية لها لم تستنشق كثيراً في بلدتها ، لكن ما أن رفعت بصرها أدركت أن البلدة ليست بدائية كما كانت تتصور بل مزيجا من من بيوت حجرية مبنية بالحجر لم ترى مثله قطا و أخشاب لم تعرف بوجودها حتى
اخترقتها عيون التي كانت موجهة نحوها توقفت حركة في سوق توقفت معاملات بيع و شراء بين أهل بلدة ، أميك أحد أطفال جانب معطف أمه التي كانت قد تراجعت للوارء
لم تكن آريا مدركة أن رد فعل موجه نحوها لم يكن إلا بسبب رائحتها البشرية ، التي لم تكن إلا دلالة على كونها دخيلة في أرض ليست بأرضيها
إرتفعت همسات و همهمات بين سكان البلدة ، كانت نظرتهم نحوها تلتهمها من الاعلى الى الاسفل بلا حساب أو رقيب
نظر كايدن الي ريغن معطيا له أمر صامت بالتدخل و ايقاف مايحدث الان ، فهم ريغن ما لمح له كايدن و تقدم بكسل واضح رافعا صوته بأعلى صيحة له
“ايها قوم! هذه رفيقة قائد كايدن ! من يجرؤ على اعتراض فل ينطق الان ! “
حل صمت قوم حاضرين و تراجعت أنظارهم ، بدأ البعض يعود لعمله ، و عادت حياة للسوق جزئيا ، قد يكون كادين بالنسبة لهم القائد الأصغر لكنه لا يتخذ مثل هذا نوع من قرارات دون حساب لنتيجة ذلك
أما آريا كانت وراء كايدن درعها الوحيد هنا ، عيناها تدور في كل اتجاهات لإدركها أنها في قلب عش مستذئبين
نظر كايدن لآريا التي كانت أكثر هدوء مما توقع و حاول طمأنتها
“لا تقلقي ، من قوانين أن لا نؤذي البشر الضعفاء مجردين خاصة النساء و أطفال منهم ، لن يؤذيكِ احد هنا”قالها و هو يتحقق من ردودها حتى لا تشعر بخطر مرة الأخرة
سار كل من ريغن و كايدن في مقدمة بينما آريا مازلت خلف كايدن يده ممسكة بطرف وشاح و يد تقبض على سكينة فضة و مازلت بعض أنظار ممتلئة بالفصول و رقية تطاردهم ، إقتربو من منزل حجري قديم على جانب طريق يبدو اقدم بين منازل ، تغطيه نباتات ملتصقة في جدار ، و نافذته مفتوحة ينفذ منها بخار كثيف محمل برائحة عشبية لاذعة تخترق انف بقوة دفع آريا لتغطية انفها فورا بتجعد واضح لوجها
قال كل من ريغن و كايدن بصوت واحد دون أن ينظرا نحوها حتى
” غطي أنفك ، ٱوما تضع أعشاب سامة للبشر”
قبل أن ترد آريا فتح باب من داخل بقوة و خرجت منه أبخرت دافئة تحمل رائحة أعشاب مغلية ، مع صوت عميق لعجوز تسعل
“ٱوما…” تمتم ريغن بصوت مسموع عيناه اللتان كانتا غضبيتين طوال وقت من آريا بدأت ترمش بسرعة كأنهما تحاولان الهرب
ما أن دقت عصا العجوز الأرض ، تجمد ريغن مكانه و إبتسم إبتسامة مشدودة قليلا محاولا عدم جعلها تلاحظه
خرج من ذاك بخار كثيف عجوز ظهرها منحني حلزون ، عصاها تصدر صوت نقر في كل خطوة تخطوها نحوهم عيونها رمادية غائمة انزلقت نحو آريا التي كانت تستعد للركض في أي لحظة مثل ريغن بضبط
نظرت عجوز فورا نحو ريغن بحدة و رفعت عصها و ضربت ساقه دون إنذار قائلة بضيق
“هل أخير ضربك جنون و أحضرت بشرية الي هنا ؟!”
سقط ريغن على أرض متمسكا بساقه التي ضرب منها ، لقد ضربته عجوز خشب زاركا واحد من أكثر اخشاب ألما في حياة و يحاول تبرأت إسمه
“أنا بريئ! إنها رفيقة كايدن لماذا أنا من تضربينه دوما ؟! أنا فقط ديكور إصطحبه كايدن معه ! “قال بعصبية نافذة منه و هو بتحسس عظمه إن كان قد كسر ام لا
رفعت حاجبيها الأيسر بنظرة حادة و قالت دون أن تعيد انظارها نحوه
“الديكور لا يتكلم”
إقتربت عجوز من آريا و إستنشقت رائحتها بنفور واضح منها لكنها أطلقت شهقة خفيفية و بدأت تحسب بعض الأمور في رأسها يابس
“رائحة ليست بشرية فقط ، هناك روائح أخرى ، رائحة بشرية طاغية فقط…”
إلتقطت آريا كلمات من عجوز دون أن تفهم معنى عميق بشأنها قبل أن تقول اريا شيئا صاحت تلك عجوز داخل منزلها
“يا بنات! اهبطنا فورا !”
من ذلك درج نزلت أربع فتيات متقاربة في العمر في منتصف عشرينات كل وحدة تشبه الأخرى مع فروقات بسيطة في طباع الوجه ، أعطت العجوز أوامر واضحة لهنا و قالت
“أريد هذه فتاة نظيفة قبل عشاء”
رددنا بصوت واحد بنغمة طاعة ” حاضر جدتي “
قبل أن تقول آريا اي شيئ للإعتراض ، كلامها قُطع حين أمسكت بها واحدة بذراعها، والأخرى من خصرها، وواحدة من كتفيها، والرابعة أمسكت بقدمها لئلا تهرب. بدأت الفتيات في سحبها نحو ممر جانبي، وصرخاتها تملأ البيت و هي تصيح بأعلى صوتها
“كـاااايدن! قل لهم أن يتركـــ… أيتها المجنونة! شعري!!”
ردّت إحدى الفتيات و هي تمسك بشعرها بقوة و تنظر للأطراف تالفة منه بعين واسعة مرتعبة من حقيقة أن هذه بشرية لا تهتم بشعرها حتى بشكل صحيح
“ستشكريننا لاحقًا عندما تزول هذه الرائحة و عندما ننقذ جسمكِ مسكين من تعفن و ضياع”
دفعت الفتيات آريا الي غرفة حوض و اغلقنا الباب خلفهم ، بينما صياح و صراخ آريا لازال مستمرا
ابتعل كادين ريقه و تمتم بصوت خافت لريغن
“لا يموت البشر بسبب بعض ماء دافئ و اعشاب صحيح..؟”
رد ريغن عليه بنفس نبرته
“إنها تقاوم و تشتم هناك ، هذه علامة جيدة أنها لازالت حية ، خف عندما تصمت فقط”
كانت عيون ٱوما تغوص في كايدن و هي تراقب ردود فعله من حركة ساقه سريعة في أرض و ضربه الأرض بسرعة بها بسبب توترته أو عضه لشفتيه و عيونه صوب غرفة حمام في آخر رواق
“رائحة تلك بشرية تثير حكة في انفي ،تواجدها تحت سقف بيتي يجعل نار مدفأة اقوى من لازم” قالت بحزم و هي تضرب بعصاه الأرض بشدة
رد كادين عليها” تلك بشرية رفيقتي”
توقفت ٱوما عن تذمر و حدثت نحو عيون كايدن لثواني لتتحرى صدقه و ردت
” رفيقة؟ أنت متأكد؟ هذا ليس شعورًا مزيفًا، أو رد فعل جسدي؟”
أجاب ريغن نايبة عنه و هو يلتقط وشاحه من الأرض بعد أن سقط من عملية اختطاف آريا
“رفيقته بكل تأكيد لقد أعطها سكين نحاس لتشعر بأمان حوله فقط ، هل هناك دليل أقوى من هذا؟”
ردت ٱوما و هي تنظر نحو ريغن بنظرة تحوي بأنها تتسائل كيف له أن يبقى حيا حتى الآن
“لا اذكر اني سألتك يا ريغن”
اخفض ريغن رأسه بخنوع و تمتم ” احيانا انسى أن ديكور لا يتكلم”
نظرة اوما نحو كادين هذه مرة و قالت تقبض على عصاها بقوة أكبر
“أنا أشك في كون تلك فتاة ، بشرية خالصة”
رفع كل من كايدن و ريغن رأسهما بسرعة جهة عجوز ، رمش ريغن لوهلة لإدراكه شيئا نسيه هو و كادين و قال بكلمات موجهة الي كايدن
“مهلا … أين سكين فضة ؟”
ـــ ـــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــ ــــ ــــ ــــ ـــ ــ
الخاتمة
أكثر من 3000 كلمة في يومين ، هذا فعلا إنجاز !
شكر لمن يتابع و يقرأ رواية هذا فعلا يسعدني، التعليق يحفزني على نشر أسرع
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 2 - عبور الغابة 2025-07-01
- 1 - خطوة نحو القدر 2025-06-29
التعليقات لهذا الفصل " 2"