تنهد فيرنر بعمق، وتسللت ظلال الإحباط إلى وجهه، كما لو أن عجزه عن تحقيق هدفه من هذا الحديث يثير استياءه.
وجدت أنيتا هذا المشهد مسليًا بشكل غريب.
‘بضع كلمات فقط، وعندما لم تسر الأمور كما يريد، بدأ يظهر انزعاجه’.
كلما طال الحديث، تأكدت أكثر من أنها كانت بالنسبة له مجرد كيان تافه. شعرت بحزن وألم يعتصران قلبها، مما زاد من صداعها. أم أن الصداع كان بسبب نزلة البرد؟.
للحظات، نسيت مرضها بسبب وجود فيرنر، لكن الآن عادت الأعراض بقوة: رأسها ينفجر من الألم، أنفاسها ساخنة كالنار، فمها وشفتاها جافتان كالصحراء، وحلقها متورم يؤلمها عند كل بلعة.
كل ما أرادته هو أن تترك فيرنر وتستلقي على سريرها، لكنها لم تستطع تركه واقفًا عند الباب، لا تعرف ماذا قد يفعل.
“أنيتا، لم أكن أعلم أنكِ تعانين لهذا الحد. أعترف أن والدتي كانت وقحة معكِ أحيانًا، لكنها كانت تشعر بالراحة معكِ. كنتِ مثل ابنة لها، لأنها لم يكن لديها سوى ابن واحد، فكانت متحمسة. لم تكن تنوي إيذاءكِ عن عمد.”
‘لماذا لا تفهم؟ لا أهتم بظروف والدتك بعد الآن. لا توجد كلمات أو أعذار يمكنها استعادة الزمن الماضي أو شفاء الجروح التي تسببتَ بها.’
“أنا أيضًا… لم أدرك قيمتكِ لأنني اعتدت وجودكِ بجانبي. لكن، أنيتا، أنتِ أيضًا مخطئة.”
“ماذا؟”.
“أعلم أن الشائعات أحبطتكِ وجعلتكِ تشعرين بالخيانة. لكننا نعرف بعضنا منذ أكثر من عشرين عامًا، وزوجان منذ خمس سنوات. كيف استطعتِ التخلي عن كل ذلك دون محادثة واحدة؟ لو تحدثتِ إليّ قبل الذهاب إلى المحامي…”.
“لو تحدثتُ إليك، ماذا كان سيحدث، يا فيرنر؟”
لم تعد تطيق الاستماع.
“كنتُ دائمًا أتحدث. أخبرتك أنني أعاني بسبب والدتك. أردتُ قضاء وقت جيد معك. كنتُ قلقة بشأن عدم الإنجاب. كنتُ دائمًا أتحدث، لكنك ماذا فعلت؟ طلبت مني الصبر، قلتَ إنك مشغول، وطمأنتني بشأن الأطفال بينما كنتَ تعطيني أدوية منع الحمل سرًا. ثم، عندما عادت روديلا، خنتَني معها وكأنك تنتظرها.”
“أنيتا…”.
“عشرون عامًا من المعرفة؟ خمس سنوات زواج؟ نعم، كنتُ أعتز بذلك وحاولتُ الحفاظ عليه. لكنك أنت؟ ماذا فعلت؟ أحببتَ روديلا. نعم، فهمتُ ذلك. حتى عندما علمتُ أنك لا تزال تحبها، كنتُ على ما يرام، لأنني أنا من تزوجتك، وكان بيننا واجب ومودة زوجية. ظننتُ أن عودتها لن تؤثر فينا بسبب تاريخنا الطويل. لكن الصداقة والثقة كنتُ أنا من بنيتها بمفردي، أليس كذلك؟”.
“أنيتا، أرجوكِ!”.
صرخ فيرنر، مقاطعًا كلامها، وأمسك ذراعها بقوة جعلت جسدها يترنح.
كانت الحمى تجعلها بالكاد تقاوم، فانزلقت ركبتاها وجلست على الأرضية الباردة، وذراعها لا تزال في قبضته.
“آه!”.
ترددت صرخة أنجي المذعورة في الهواء.
“آنسة أنيتا!”.
كان صوت إيريك المصدوم يتردد بينما كانت أنيتا تحاول استعادة أنفاسها، مطأطئة رأسها على الأرض. سمعت خطوات أحذية تقترب بنغمة منتظمة لكن سريعة، كما لو كانت تعزف لحنًا عاجلاً. شعرت بقبضة فيرنر ترتخي، فسحبت ذراعها بسرعة ورفعت رأسها.
قبل أن ترى الوجه، لاحظت حذاءً لامعًا وسروال بدلة مكوٍ بعناية فائقة. تتبعت الخطوط الطويلة لساقيه، مرورًا بحافة معطف الفراك الذي يغطي خصره من الجانبين، والخصر النحيف، والظهر العريض، ثم رأت شعره الأسود الكثيف كالليل.
‘لماذا هو هنا؟’.
رمشت أنيتا بعينيها، عاجزة عن فهم الوضع، وكأن عقلها المرهق بالحمى يرفض استيعاب المشهد.
ركضت أنجي وجلست بجانبها، ويداها ترتجفان وهي تحاول فحصها.
“آنستي، آنسني، هل أنتِ بخير؟ ما الذي يحدث؟ يا إلهي، هذه الحمى! ماذا أفعل؟”.
اختلط صوت أنجي المذعور بصوت إيريك القلق: “آنسة أنيتا، هل أنتِ بخير؟”.
ثم جاء صوت فيرنر، بنبرة متعجرفة: “من أنت؟ كيف تجرؤ على اقتحام منزل زوجتي؟”.
:زوجتي؟’.
كان الأمر مثيرًا للسخرية، لكن الحمى استنزفت طاقتها، فلم تملك القوة لتصحيح كلامه. كانت أنفاسها ملتهبة، وكل نفس يشبه صراعًا.
تحدث إستيبان، الذي كان يقف كحاجز بينها وبين فيرنر، بنبرة هادئة لكن لاذعة: “في مدينة ألتوا، هناك مستشفى سيلترييت. أنصحك به.”
“ماذا؟ عن ماذا تتحدث فجأة؟”.
“لديهم قسم أمراض عقلية ممتاز. هناك أطباء جيدون، سيعتنون بك جيدًا.”
“ما هذا الهراء؟ أنت من اقتحم المنزل وتتحدث عن مستشفى عقلي؟ يبدو أنك أنت من يحتاج إليه.”
“آنسة أنيتا ليست متزوجة، فكيف تتحدث عنها كزوجتك؟ ربما أنت بحاجة إلى فحص عقلي.”
طرق إستيبان على صدغه بإصبعه بنظرة ساخرة، فاستشاط فيرنر غضبًا وأمسك بياقته بقوة.
“يبدو أنك أنت من يحتاج إلى مستشفى عقلي! كيف تجرؤ على اقتحام منزل شخص آخر وتتصرف هكذا؟”.
لم يحاول إستيبان الإفلات، بل حدق به بهدوء، عيناه تلمعان بالثقة. تدخل إيريك لتوضيح الموقف بنبرة هادئة لكن حازمة: “من الأفضل أن تتركه، يا سيد شرايبر.”
أدرك فيرنر أخيرًا أنه ليس وحده، فالتفت إلى مصدر الصوت. تعرف على إيريك بعد لحظة تأخر.
“المحامي…؟”.
“نعم، التقينا من قبل. من الأفضل أن تتركه، يا سيد شرايبر. إنه الدوق الصغير.”
“ماذا؟”.
“إنه الدوق الصغير من عائلة رينشتاين.”
صُدم فيرنر، وبقي يحدق في إستيبان، يداه متجمدتان على ياقته. ثم أفلت يده ببطء، كما لو كان يستيقظ من حلم، وتراجع خطوة إلى الوراء، عيناه تتجولان في المكان بدهشة.
أنيتا لا تزال جالسة على الأرض، وأنجي وإيريك يحاولان مساعدتها، وأمامها يقف الدوق الصغير من عائلة رينشتاين، كجدار بشري يحميها.
‘رينشتاين.’
تدفقت الذكريات كالسيل: رسالة عائلة رينشتاين التي طالبتها ببيع منزل البحيرة، المحامي الذي ساعدها في الطلاق، والآن الدوق الصغير الذي يقف كحامٍ لها دون تردد.
كل هذه الأمور التي تجاهلها سابقًا أصبحت الآن واضحة وذات معنى.
“أنيتا…”.
توقفت عينا فيرنر عندها، متجاوزتين إستيبان، وكأنه يبحث عن إجابة في وجهها الشاحب.
“هل كنتِ أنتِ من خانني؟”.(اعععععههههه فكوني عليه 🪓)
تجمد الجميع بدهشة من هذا السؤال المفاجئ، لكن فيرنر كان جادًا، عيناه مليئتان بالشك.
“هل طلقتِني بسبب هذا الرجل؟”.
أشار بإصبعه إلى إستيبان. أغلقت أنيتا فمها، غير راغبة في إضاعة كلمة واحدة على هذا الافتراض السخيف.
حدقت أنجي بغضب، وكأنها مستعدة للانقضاض عليه. مرر إيريك يده على شعره بحيرة، غير متأكد من كيفية تفسير الموقف. أما إستيبان، فقد نظر إلى الإصبع الموجه إليه بابتسامة خفيفة، وكأنه يستمتع بالمشهد.
“ههههه!”.
كسرت ضحكة صاخبة الصمت المحرج. التفت الجميع، حتى فيرنر الذي كان يقف عند الباب، إلى مصدر الصوت.
دخلت داليا، حاملة حقيبة طبية، تضحك بشدة وكأنها لا تستطيع التوقف. ثم غيرت تعبيرها فجأة إلى جدية تامة، وتقدمت بخطوات واثقة لتجلس بجانب أنيتا.(داليا شافت الوضع ما ينمزح فيه راحت تكسب رزقها)
“آنستي، هل تشعرين بالدوار؟”.
أومأت أنيتا برأسها بضعف، وكأن الحركة تتطلب مجهودًا هائلاً.
“يجب أن تستلقي. هل يمكنكِ النهوض؟ أم أحملكِ؟”.
“لا، يمكنني النهوض.”
“سأحملكِ، أنيتا!”.
تقدم فيرنر نحوها، لكن إستيبان أوقفه بحركة قدم خفيفة، كما لو كان يرسم خطًا غير مرئي. حدق به فيرنر بغضب، لكنه تذكر مكانته كدوق صغير وأشاح بنظره جانبًا.
“حتى لو كنتَ دوقًا صغيرًا، لا يحق لك التدخل في شؤون الزوجين.”
“أنا لا أتدخل في شؤون زوجين”، رد إستيبان بهدوء، “لأنك وأنيتا لستما زوجين”.
سحر جلب الحبيب حق روديلا انتهى لازم تجدده لأن مع الوضع الحالي ابغا مشاهد للبطلين مو للحثالة
بس صدق احس مثلث الحب بين إيريك وإستيبان فيرنر مو معهم 🤣
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 38"