“أُحِبُّكَ، أَقْسِمْ لي بذلك. عندها سأتخلّى أنا أيضًا عن اسم الإمبراطوريّة” ، قالت ممثّلة دور جولييت و دموعها تتلألأ في عينيها موجّهةً كلامها إلى ممثّل دور روميو، الفوغليشيّ.
“حتّى لو لم تكوني أميرةً إمبراطوريّة، وحتّى لو لم تكوني نبيلةً بل متشرّدةً في الشّارع، فلا بأس.”
“آه، سأذهب إلى جانبكَ أنا أيضًا.”
عندما مات روميو واختارت جولييت المستيقظة الموت أيضًا، ساد الصّمت داخل المسرح.
أنا الّتي كنتُ أحبس أنفاسي خلف الكواليس مع الممثّلين، أطلقتُ أنفاسي المحبوسة مع تصفيقٍ انفجر فجأةً.
لم يمتلئ المسرح سوى بنصف طاقته تقريبًا.
ورغم ذلك، رأيتُ النّاس ما زالوا غارقين في التّأثّر يصفقون وهم يمسكون بروشوراتهم، فشعرتُ بالفخر.
بالنظر إلى الصّورة السّلبيّة لدى شعب الإمبراطوريّة عن فوغليش، فإنّ إثارة مثل هذا التّفاعل بحدّ ذاته يُعدّ نجاحًا.
“رغم ذلك، يبدو أنّ هذا نجاحٌ؟”
تمتمت مارغو.
“صحيح. غدًا ستنتشر الإشاعاتُ كالنّار في الهشيم، ولن يتمكّن أحدٌ من الحصول على تذكرة!”
رفعت ناتاشا ذراعيها وهي تصرخ “هيّا هيّا”.
“ماذا يفعل الجميع الآن؟”
اقترب كامبيل منّا وهو ينقل بعض الدّعائم الصّغيرة.
“اقترحت إيكلا أن نذهب لتناول العشاء مع الممثّلين الّذين تعبوا في التّمثيل اليوم.”
“إيكلا؟”
لسوء الحظّ، كان اليوم موعد لقاءٍ ثانٍ مع إيدموند بعد انتهاء العرض.
“آه، أنا مع زوجي وأختي الصّغرى، لذا سيكون الأمر صعبًا بعض الشّيء.”
بينما أفكّر في عذرٍ أقدّمه، لحسن الحظّ تكلّمت ناتاشا أولًا.
“حقًا؟ أنا لا مشكلة لديّ. إذن ماذا عن أوليفيا؟” ، سألتني بيكي وهي تنظر إليّ.
هل أقول إنّني جئتُ مع الكهنة؟
“تعالي معنا، أوليفيا.”
اقتربت إيكلا مبتسمةً مع الفوغليشيّ الّذي أدّى دور روميو.
“قال هذا الشّخص إنّه يريد بالتّأكيد مقابلة الآنسة أوليفيا.”
اقترب الرّجل منّي بمظهرٍ خجولٍ مختلفٍ عنه على المسرح.
“أنا، أنا. أُدعى فيريل.”
“مرحبًا. أنا أوليفيا.”
نطقُه للغة الإمبراطوريّة الّذي بدا مثاليًّا عندما كان يلقي الحوار على المسرح، يبدو الآن خرقًا جدًّا.
“بالمناسبة، هل هذه أوّل مرّة ترينه فيها أوليفيا؟”
أومأتُ برأسي لسؤال مارغو.
“أليس كذلك؟ لقد أُختير عندما كنتُ مريضةً …”
بالطّبع سمعتُ عنه من إيدموند.
“أداء دور روميو كان رائعًا.”
“شُـ، شُـكرًا. أردتُ بالتّأكيد، التّحيّة.” ، قال فيريل وعيناه تلمعان.
“المسرحيّة، مذهلة، جدًّا! التّمثيل، قلبي الّذي توقّف عنه منذ زمن. خفق!”
ضحكتُ وقد قلتُ لنطقه الخرق والنّحو المتقطّع ، <إذا كان صعبًا، لا داعي لاستخدام لغة الإمبراطوريّة.>
{أنا أجيد لغة أريان ولغة نيكيتا أيضًا.}
بما أنّني لا أعرف أيّهما نيكيتا أو أريان، تحدّثتُ باللّغتين معًا، فانبعثت كلماتٌ سريعةٌ كأنّ فمه مزوّد بمحرّكٍ مختلفةً عن سابقها.
{لقد تأثّرتُ حقًّا جدًّا. تركتُ التّمثيل منذ زمنٍ طويل بسبب الواقع، لكنّ لحظة قراءة هذا السّيناريو! واو، يجب أن أجرب هذا. يجب أن أفعل هذا! هكذا شعرتُ.}
كان هذا الشّخص يتحدّث بهذه السّرعة.
{كنتُ أعلم بوجود تمييز ضدّ فوغليش، لكنّ التّمييز الّذي شعرتُ به بعد قدومي إلى الإمبراطوريّة كان أكثر ممّا تخيّلتُ. عندما فكّرتُ في مدى صعوبة الأمر على الفوغليشيّين الّذين عاشوا هنا طوال الوقت، شعرتُ أنّني يجب أن أؤدّي هذه المسرحيّة مهما كان الأمر صعبًا عليّ. بعد أن وافقتُ، أدركتُ الخطأ. لم أكن أعرف سوى التّحيّات بلغة الإمبراطوريّة. في الواقع، لغة الإمبراطوريّة لها ترتيب كلماتٍ معاكسٍ تمامًا لنا، لذا كان التّعلّم صعبًا جدًّا، لكن بفضل ترجمة إيكلا الدّؤوبة للحوار، تمكّنتُ من التّمثيل بطبيعيّة.}
{كنتَ طبيعيًّا جدًّا أثناء التّمثيل اليوم.}
{هذا أعظم مديحٍ حقًّا! على أيّ حال، السّبب في رغبتي برؤيتكِ هو أنّني أردتُ شكركِ على كتابة سيناريو كهذا. سمعتُ أنّكِ الشّخص الّذي أعاد تطوير منطقة أومفا أيضًا؟ يعرف جميع الفوغليش السّاكنين في منطقة أومفا عنكِ.}
قال فيريل ذلك ثمّ مدّ السّيناريو الّذي يمسكه بقوّة.
{لذا، عندما أعود إلى نيكيتا لاحقًا. هل يمكنني عرض هذا السّيناريو في نيكيتا؟}
{روميو وجولييت؟}
لم أسمع أنّ الفوغليشيين يميّزون ضدّ شعب الإمبراطوريّة.
{ليس شعب الإمبراطوريّة و فوغليش ، بل نيكيتا وأريان.}
{هذه فكرةٌ جيّدةٌ جدًّا؟!}
بهذه الطّريقة، ربّما يتحقّق حلم توحيد أريان ونيكيتا؟ عندها قد يتمكّن الفوغليش في الإمبراطوريّة من العودة إلى وطنهم.
لا أعرف إن كانت مسرحيّتي الواحدة ستؤثّر إلى هذا الحدّ، لكنّ التّفكير في الأمر جعلني أشعر بالفخر الشّديد، فأومأتُ برأسي بسرور.
{إذن كم تفكّرين في رسوم الحقوق؟}
{ماذا؟ لا داعي لذلك.}
رغم أنّني عدّلتُ قليلًا، إلّا أنّها في النّهاية قصّة شخصٍ آخر.
مهما كان عالمًا مختلفًا، فالضّمير سيؤنّبني لو لم أشعر بذلك.
{لكنّها قصّةٌ فكّرتِ فيها أنتِ. هذا السّيناريو يستحقّ ذلك بجدارة!}
{حقًّا لا بأس. إن كان سيناريو كُتب من أجل فوغليش يمكن أن يحقّق توحيدهم، فما أفضل من ذلك.}
نظرتُ إلى السّاعة خلسةً.
بهذه الطّريقة سأتأخّر عن موعدي مع إيدموند.
{لم أصنع المسرحيّة لكسب المال الكبير. لذا من فضلك، استخدمه كثيرًا في أعمالٍ طيّبة.}
بدا فيريل متأثّرًا بكلامي، فأومأ برأسه بتعبيرٍ حازم و قال:
{أعدكِ. أنا أيضًا لن أتلقّى أيّ مقابلٍ مادّيّ لهذا السّيناريو. وإن احتجتِ مساعدتي لاحقًا، سأساعدكِ مهما حدث.}
{حتّى الكلام وحده يمنحني شعورًا بالأمان.}
“إذن أوليفيا ستذهب معنا للعشاء”
“أوه، أنا أستثني نفسي. لديّ رفيقٌ أيضًا.”
“بدوتِ وحدكِ عندما جئتِ؟”
كنتُ أفكّر في استخدام الكهنة كعذر، لكن إيكلا أمالت رأسها.
“أجل، جئتُ وحدي، لكن بعد انتهاء المسرحيّة لديّ موعد.”
“أوه، كذلك. هل لديكِ موعدٌ غراميّ؟”
غطّت إيكلا فمها وضحكت.
“نعم، في يومٍ كهذا يجب مقابلة السّيد غالرهيد. كلاكما مشغولان بالعمل ولم تريا بعضكما منذ زمن.”
ربتت مارغو كتفي كأنّها تفهم كلّ شيء.
「أوليفيا، آسف لكنّني ساعدتُ صاحب السّمو لوسيد هذه المرّة أيضًا.」
بعد إغمائي، كان غالرهيد يزور المعبد يوميًّا مثل إيدموند. وبعد استيقاظي، طلب إذني في مساعدة لوسيد.
لم نكن بعد في علاقةٍ رسميّة، وحتّى لو كنا، لا حاجة لأخذ إذنٍ في كلّ شيء. لكنّه يبدو متردّدًا لأنّه موظّف إيدموند ويساعد لوسيد.
“يعتقد الآخرون أنّ غالرهيد موظّف صاحب السّمو لوسيد؟”
تذمّر كامبيل.
“من وجهة نظر السّيد غالرهيد، لا خيار لديه. هو أجنبيّ أيضًا. على أيّ حال، يريد مساعدة الأجانب. أنا أفهم هذا الشّعور.”
كان لوسيد يدفع بإنشاء أكاديميّة للأجانب بقيادة غالرهيد.
وكان غالرهيد يديرها بناءً على تجاربه، فاكتسبت شعبيّةً كبيرة.
“صحيح، لغالرهيد أسبابه. وقد طلب الإذن من صاحب السّمو إيدموند أيضًا.”
بينما أدافع عنه، ظهرت باقةٌ حمراء نابضةٌ من الخلف فجأة.
“تهانينا على المسرحيّة النّاجحة.”
“غالرهيد؟”
سلّم باقة الزّهور إلى حضني مبتسمًا.
“أوه، السّيد غالرهيد. مضى زمن.”
“نعم، فعلًا.”
مدّ غالرهيد يده إليّ مبتسمًا بخفّة.
“أوليفيا، هل نذهب لتناول العشاء معًا؟”
شعرتُ بنظرات الجميع، فحملتُ الزّهور بإحراج.
“آه، ماذا أفعل. لديّ موعدٌ سابق اليوم.”
“آه، كذلك.”
ابتسم غالرهيد بإحراج. يجب أن أقطع مع غالرهيد تمامًا الآن. لكن قول “دعنا ننتهي” أمام الآخرين سيكون قاسيًا جدًّا عليه.
التعليقات لهذا الفصل " 71"