* هو قاللها ملاك الي معناها آنجيل بالانجليزي Angel
حينها قال إنّني أشبه الملاك، لكن هل كان في الحقيقة يتذكّر أخته؟
تصفّح غالرهيد أرجاء المتجر ببطء.
“وأختك، أيُّ نوعٍ من الدُّمى تُحبّ؟”
“الدمى التي لها شعرٌ أزرقُ وعيونٌ زرقاء.”
“هاه؟”
سارع غالرهيد إلى الإيضاح، وكأنّه خشي أن أُسيء فهمه.
“أنا لا أبحث عن دمية كهذه بسببكِ، أو ما شابه ذلك …”
كان يحرّك يديه بتوتّر، ثمّ أطلق بضع سعلاتٍ مصطنعة قبل أن يتابع: “كما تعلمين، ليس بين الغرباء مَن يعيش برغدٍ ورفاهية. ونحن لم نكن استثناءً. لذا لم تكن لدى أختي دميةٌ قماشيّة واحدة مثل بقيّة الفتيات.”
كنت أعرف جيّدًا حال الغرباء.
عشتُ في المعبد وشهدتُ مثل هذه القصص كثيرًا.
“لم تطلب منّا شيئًا يومًا، لكن في أحد الأيام، مررنا أمام متجرٍ للدُّمى. توقّفت طويلًا أمام دميةٍ لها شعرٌ أزرق وعيونٌ زرقاء، ووقفت تحدّق عبر الزجاج طويلًا. ومنذ ذلك اليوم، صارت تمرّ هناك صباحًا ومساءً، تُلقي التحيّة على تلك الدمية التي سمّتها بنفسها، وتُحدّثها كأنّها صديقتها. كنتُ أريدُ أن أهديها تلك الدمية في عيد ميلادها القادم، فبدأت أجمع المال سرًّا. لكن …”
اختفى الابتسام من وجهه، وتجمّد فمه في صمتٍ متوتّر.
“اندلعت الحرب الأهليّة. في ذلك الوقت، كان يُعدّ ظهورُ الغُرباء في العاصمة جريمةً تُعاقَبُ بالإعدام رميًا بالرصاص. كان الجوّ مرعبًا، فهرب الجميع، مواطنين وغرباء على حدٍّ سواء. قررنا نحن أيضًا الفرار جنوبًا.”
مدّ غالرهيد يده نحو إحدى الدُّمى، وتابع بصوتٍ خافت: “أُقرّ أنّني فكّرتُ بأنّها فرصة. قلتُ لنفسي: وسط الفوضى، لن يُلاحظ أحد إن اختفت دميةٌ من متجرٍ صغير. فهربتُ من المنزل، وتسلّلتُ إلى المتجر وسرقتُ الدمية. لكن في طريق العودة صادفتُ الجنود. حاولتُ الهرب، لكن ما جدوى ركضِ طفلٍ أمام رجالٍ مسلّحين؟ أمسكوا بي سريعًا، وأُصبتُ هنا.”
مسح بيده اليمنى مكان الجرح القديم، حيث ترك الرصاص أثره.
“لكنّ أحد الجنود رقّ لي وخلّى سبيلي. وعندما عدتُ إلى المكان لاحقًا … كانت الدمية قد اختفت.”
شعرتُ بأنّ حلقي يجفّ.
“إذن، عندما ناديتَني ‘آنجيل’ أول مرة …”
“تذكّرتُ أختي على الفور. إن كانت تلك الدميةُ قد تحوّلت إلى إنسانة، لكنتِ أنتِ، أوليفيا، تشبهينها تمامًا.”
تجمّد عقلي.
هل … الدمية التي يتحدّث عنها هي أنا؟
في هذا العالم، لا بدّ أنّ ثمّة دمى أخرى بشعرٍ أزرق وعيونٍ زرقاء، لكن … كلُّ ما يقوله يشير إليّ.
“هل كانت لتلك الدمية … اسمٌ أطلقَته أختك؟”
“آه، نعم. وأقسم أنّني لا أختلق هذا …”
رمش بعينيه، ثمّ حكّ عنقه بخجلٍ واضح.
“أوليفيا.”
“هاه؟”
“الاسم الذي سمّتها به … كان أوليفيا.”
رفع يده ليُخفي وجهه، لكنّ احمرار وجنتيه فضحَه تمامًا.
التعليقات لهذا الفصل " 50"