إن كانت ذاكرتي صحيحة، فذلك الرجل هو الأمير الأول “إيدموند رايهارت”.
“أوليفيا! أنا أوليفيا.”
هو أكثر الشخصيات في الرواية التي تؤمن بالإنجازات فقط.
فطالما تحقق الأداء المطلوب، لم يكن يهمّه إن كنتَ غريبًا أو من عامّة الناس، إذ كان يمنح مكافأة تليق بالنتائج.
بمعنى آخر، إن لم تُحقّق إنجازًا، فلن يشفع لك كونك من النبلاء أو مخلصًا له منذ زمن. كان سيتخلّى عنك ببساطة.
ولهذا كان مكتبه مكوّنًا بمعظمه من كبار الموظفين، بينما يختفي نصف الجدد دائمًا.
تذكّرتُ الإشاعات التي تدور حول مكتب الأمير الأول، فحرّكتُ أصابعي بتوتر.
رغم أنني ذكرتُ اسمي، لم أتلقَّ ردًّا يُذكر.
“آه، أنتِ إذًا.”
هل يعرفني؟! كان يُقال إن أسوأ ما قد يحدث هو أن يتذكّرك مديرك بالاسم.
“كنتِ تتحدثين مع لوسيد في الحديقة قبل قليل.”
“ها؟ تقصد صاحب السمو الأمير الثاني؟”
متى تحدثتُ أنا مع الأمير الثاني؟
“هل يمكن أن تكون قد اختلطتَ عليّ بشخص آخر …؟ لم ألتقِ من قبل بشخص رفيع المقام مثله.”
زمّ إيدموند حاجبيه بحدة حتى كادا يلتقيان.
“هل تعرفين مدى حِدّة بصري؟ ثم إنّ ذاكرتي ممتازة، أُميّز ملامح الناس من أول نظرة.”
هل هذا … نوع من التباهي الآن؟
لكن، كيف لي أن أكون قد تحدثتُ مع أمير؟
“لا تقلّي … هل كان ذا الشعر البني …؟”
“نعم. ذاك الرجل بالذات. أتتظاهرين بعدم معرفته الآن؟”
إذًا، ذلك الشخص الذي دلّني على الطريق بطريقة خاطئة، ذلك الوقح عديم التهذيب …
“يا إلهي.”
كان الأمير الثاني؟!
لكن لماذا دلّني على الطريق الخطأ إذًا؟!
من المستحيل أن تكون شخصيته سيئة إلى هذا الحد …
لابد أنه تعمّد ذلك لإزعاجي لأنني من طرف إيدموند.
“يبدو أنكِ تفضلين الانحياز إلى جانب لوسيد بدلاً منّي، أنا الذي يجري في عروقي دماء الغرباء. لا بأس، إن كنتِ ترغبين في ذلك، أستطيع إعفاءك فورًا. على أيّ حال، تأخّركِ اليوم يوحي بأنكِ لن تصمدي شهرًا في هذا المكان.”
هل يعني هذا أنه يرى أنني غير كفوءة؟! هذا استفزاز صريح لكرامتي ككورية!
“لقد سألتُ عن الطريق فقط، لذا يؤسفني أن تُسيء فهمي هكذا.”
في هذه الرواية، إيدموند هو البطل الرئيسي.
وهذا يعني أن الانحياز إلى جانب لوسيد سيقود إلى الفشل الاجتماعي.
وفوق ذلك، لوسيد يكره الغرباء وينتهج سياسة إقصائهم، لذا سيكون من الصعب إيجاد مَن يدعمني إن وقفتُ معه.
“سأعمل هنا، بكل تأكيد! الطول والقِصر يُعرفان بالمقارنة، أليس كذلك؟!”
خمسة عشر عامًا من الدراسة في هذه الحياة، وسنوات من الكفاح في الحياة السابقة. لا تستخفّ بي!
“إن طردتَني، ستندم على ذلك لاحقًا!”
سأُريه ما يستطيع طالب كوري تحقيقه بجهده!
***
“… ألم تقولي إنني سأندم؟”
كنتُ أريد أن أُريه ما أستطيع فعله حقًا، لكنّي ارتكبتُ خطأً في حساب بسيط.
“في الحقيقة، لم أتلقَّ بعدُ شرحًا عن طبيعة العمل، لذا لم أكن أعرف طريقة الترتيب المناسبة. فصنّفتُ الأوراق بحسب الفترات الزمنية، وأخرى بحسب المشاريع، وهذه قسمتُها إلى المشاريع الرابحة والخاسرة وفق ترتيب أبجدي.”
“… ها، هاهاهاها!”
بدأ إيدموند يضحك فجأة.
ما به؟ هل جُنّ؟!
“تبدين مسلّية فعلاً.”
“أه … شكرًا؟”
ابتسم قليلًا، ثمّ بدأ يقلب الأوراق بتركيز.
“كنتُ أرتّبها عادة حسب الزمن، لكن تصنيفكِ حسب نوع المشروع أكثر فاعلية. يبدو أنني سأتّبع هذا النظام من الآن فصاعدًا.”
كان في عينيه بريق رضا.
“أيتها المستجدة.”
“نعم!”
أجبتُ بسرعة وأنا أستقيم في جلستي.
“كنتُ أظنّكِ ستهربين. لكن، لا بأس … سأعترف بصلابتكِ هذه.”
قال ذلك وهو يرمقني بعينيه الحمراوين، كأنه يحاول فهم السبب الحقيقي الذي يجعلني أتمسّك بالبقاء هنا بكل هذا الإصرار.
التعليقات لهذا الفصل " 4"