1
—
# الحلقة الأولى
“أرجوكِ، أتوسل إليكِ، لا تعودي للبحث عني بعد الآن. لقد سئمتُ ومللتُ من تصرفاتكِ هذه.”
كان صوتًا حادًا لم تسمعه يوريس منه قط.
الكلمات التي ألقاها، مشبعة بتعبير مليء بالازدراء، تحولت إلى خناجر لا تزال تجرح قلبها بعنف.
كانت تلك آخر جملة سمعتها يوريس من كايلرن قبل عام.
‘لماذا بحق خالق السماء؟’
أرادت أن تسأل. مهما فكرت، لم تجد سببًا.
‘كنا صديقين لا يفترقان. كنتَ تحبني أكثر من أي شخص آخر…’
لكنه لم يمنحها حتى فرصة السؤال. خلال الأشهر القليلة الأولى، كانت يوريس تبحث عنه بنفسها، وفي الأيام التي لا تفعل فيها ذلك، كانت ترسل رسائل.
لكن كايلرن رفض مقابلتها. كل الرسائل عادت مرتجعة.
‘هل هذا عقاب لطمعي الذي جعلني أريد أن أكون أكثر من مجرد صديقة؟’
تحول الألم إلى شعور بالظلم، ثم إلى غضب، وعندما خمد الغضب، لم يبقَ سوى اللوم الذاتي والتعلق المؤلم. عام واحد كان أقل بكثير من الوقت الكافي لنسيانه.
كانت الشمس تشرق وتغرب دون توقف. في ذلك الصباح العادي، تسلل نور الربيع عبر الستائر، يغمر وجه يوريس الملقاة على السرير دون رحمة.
لم تبدُ المرأة التي استيقظت للتو منتعشة على الإطلاق. كانت عيناها بلا تركيز، وتحتهما ظلال داكنة.
‘اليوم… هو ذلك اليوم. اليوم الذي يُقام فيه احتفال تنصيب كايلرن رسميًا كرئيس عائلة الكونت.’
شعرت يوريس بألم في صدرها عندما تردد اسم كايلرن في ذهنها، ثم أطلقت ضحكة ساخرة من نفسها.
‘مر عام بالفعل، فإلى متى ستظلين هكذا؟’
كما في كل يوم، نهضت من السرير، أدخلت قدميها في النعال، وارتدت رداءً بطريقة عشوائية، ثم خرجت من الباب.
“آنستي، استيقظتِ؟”
رحبت بها الخادمة لوني بابتسامة مرحة، بدت أكثر بهجة من الأيام الأخرى، فأجابتها يوريس بابتسامة خفيفة.
“السيد كايلرن زارنا هذا الصباح ثم غادر.”
“ماذا؟”
تجمدت يوريس كالجليد عند سماع هذا الخبر غير المتوقع. لوني، التي لم تبدُ متفاجئة بردة فعلها، رسمت ابتسامة حزينة وأكملت:
“عندما سمع أنكِ نائمة، غادر. لكنه طلب منكِ زيارة قصر هيبرون عندما تستيقظين.”
لكن يوريس، سيدتها الصغيرة، كانت قد بدأت تتحرك بسرعة.
خلعت رداءها بيد واحدة، وبيدها الأخرى جذبت يد لوني بسرعة متجهة إلى غرفة الملابس في نهاية الرواق.
“لوني، بسرعة.”
كايلرن بحث عنها. هذه الحقيقة وحدها جعلت قلب يوريس يخفق بقوة كأنه سينفجر.
لم تكن تعرف لماذا طلب منها الحضور في يوم الاحتفال، لكن مجرد فكرة رؤية وجهه كانت كافية. حتى لو كان السبب هو طعنها بخنجر آخر، شعرت بالفرح أولاً.
‘أستطيع أن أطوي حبي الذي كنت أكنه لك طويلاً. إذا استطعنا أن نكون أصدقاء كما في السابق، فهذا يكفيني. لن أطمع أكثر بعد الآن.’
لم تتحمل فكرة عالم بلا كايلرن. خلال العام الماضي، شعرت وكأنها في ظلام دامس.
بمجرد أن أنهت لوني تزيينها بحركات ماهرة، اندفعت يوريس خارج القصر دون أن تلقي نظرة على المرآة. لم تسمع حتى نصيحة لوني بتوخي الحذر كي لا تسقط، وصعدت إلى العربة في لمح البصر.
‘ربما هدأت مشاعر الكراهية تجاهي مع مرور الوقت. ربما يريد سماع تشجيعي قبل صعوده إلى المنصة، كما كنا نشجع بعضنا في طفولتنا.’
كان لا يزال أمام الاحتفال ساعات قليلة. طوال الطريق، تخيلت يوريس لحظة لقائها به مرات ومرات في ذهنها.
أخيرًا، وصلت إلى وجهتها. نزلت يوريس من العربة وقلبها يخفق بالترقب. تعرف عليها خدم قصر الكونت واستقبلوها بتحية.
تبعت دليلهم عبر غرفة الاستقبال، صعدت الدرج، ووقفت أمام باب غرفته المألوف.
“سيدي، لقد وصلت.”
ابتلعت يوريس ريقها دون وعي. خلف هذا الباب كايلرن. الرجل الذي رفض رؤيتها مهما توسلت، يريد اليوم أن يراها.
كان عقلها مشلولاً. وهي واقفة أمام الباب، لم تسمع شيئًا ولم ترَ شيئًا.
**كيييك**، رن صوت مفصلات الباب بهدوء، وأخيرًا ظهر ظهره.
كادت الدموع تنهمر. رؤية ذلك الظهر المألوف الذي اشتاقت إليه بجنون أثارت موجة من الذكريات الصغيرة التي غمرتها كالأمواج.
استدار كايلرن ببطء. تحت شعره الأسود الممشط بدقة، كانت عيناه الحمراوان تنظران إليها ببرود. وجهه، ببدلته السوداء ذات الزرين، كان لا يزال كالتمثال.
ما إن دخلت الغرفة حتى انتشر عطر مألوف يلسع أنفها. كبحت يوريس مشاعرها المتأجّة وحاولت الحفاظ على تعبير محايد بصعوبة.
“يوريس.”
اسمها تفتح كزهرة على شفتيه. ابتلعت كلمة “اشتقت إليك” وتقدمت نحوه. تقابلت أعينهما.
“منذ زمن.”
كعادته، تحدث بصوت مثالي ووجه مثالي.
“منذ زمن…”
لكن صوتها، مقارنة بصوته الهادئ، كان هشًا كغصن جاف. عجزت عن إكمال جملتها وعضت شفتيها.
“ليس لدي وقت طويل، فلن أطيل الحديث.”
سحب ربطة عنقه كأنها تضايقه واستمر:
“أنا سأتزوج نهاية هذا الشهر. وسأغادر إلى الخارج.”
“؟!”
كلماته جعلت قلبها يهوي إلى قدميها. لم تستطع يوريس الرد، فاكتفت بانتظار كلماته التالية.
“لذا، لا تبحثي عني بعد الآن. هذا طلبي الأخير.”
كان صوته جافًا، خاليًا من أي عاطفة.
لم يكن فيه حتى كراهية.
كان مجرد نبرة هادئة تنقل خبرًا عاديًا.
“…وماذا عن قصر هيبرون؟”
فتحت فمها أخيرًا، وخرج صوتها الممزق يرتجف.
“بطل هذا الحدث اليوم هو أخي.”
“ماذا؟”
أيزن، أخو كايلرن، هو الابن الثاني لعائلة هيبرون.
والآن، كايلرن، الابن الأكبر، يقول إنه سيتنازل عن لقب الكونت ويغادر إلى الخارج.
“لماذا؟”
لم يجب كايلرن على سؤالها، بل اكتفى بالنظر إليها بعينين هادئتين.
“…انتهى حديثي. اخرجي الآن.”
“لا!”
صاحت بصوت عالٍ، لكن وجه كايلرن ظل جامدًا.
“اخرجي.”
“أخبرني على الأقل لماذا تفعل هذا!”
عند صوتها العنيد، عبس كايلرن. رفع زاوية فمه بسخرية وتقدم نحوها بوقاحة.
“أنا؟ لماذا؟”
قالها باستهزاء ودفع كتفها بإصبعه. لم تكن قوة كبيرة، لكنها، وقد أصبحت هزيلة، فقدت توازنها وسقطت للخلف مع **صوتٍ عالٍ**.
لم تشعر بألم السقوط على مؤخرتها. الألم في قلبها كان أقوى. جلست يوريس على الأرض، تنظر إليه بعينين دامعتين.
“…أعيدوا يوريس إلى بيتها.”
أمر الخدم، ولم يعد ينظر إليها. كأن لا شأن له بها، استدار ومشى نحو مكتبه، تاركًا المرأة الساقطة خلفه.
* * *
كانت يوريس أكثر بؤسًا في العام الذي أعقب مغادرته مقارنة بالعام الذي بدأ فيه ينبذها فجأة.
غادر كايلرن إلى الخارج بالفعل، ولم تعد تسمع أي أخبار عن صديق طفولتها. كأنه لم يُسمح لها حتى بمراقبته من بعيد، كأنه اختفى من العالم تمامًا.
أصبح جسدها الهزيل أكثر نحولاً. كانت على قيد الحياة فقط لأنها تتنفس. عاشت كل يوم في حيرة.
‘لماذا؟ لماذا أصبحتَ تكرهني؟’
كل صباح، كان السؤال نفسه يعذبها.
كايلرن كان نور يوريس، طفولتها ذاتها.
أحبته كثيرًا لدرجة أنها لم تتخيل يومًا مستقبلاً بدونه. لذا، كان نبذه المفاجئ لها أمرًا لا تطيقه.
لكن مهما استرجعت الماضي، لم تجد شيئًا.
ظلت يوريس حبيسة غرفتها لفترة. كانت تبكي على سريرها يوميًا، وعندما تتعب تنام، وعندما تستيقظ، تنظر إلى النافذة بتعبير فارغ كأن دموعها نفدت.
“يوريس…”
أمها، فريلونا آيتر، التي كانت ترافقها أحيانًا، أمسكت يدها بقوة ذلك اليوم كأن لديها ما تقوله.
“…أمي.”
ردت يوريس بصوت ضعيف، فنظرت إليها فريلونا بحزن وقالت:
“هل تعرفين عائلة إريدوف الماركيزية؟”
أومأت يوريس برأسها ببطء، فتابعت فريلونا بحذر:
“…هل تفكرين في الزواج من ابنهم الأكبر؟”
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"