“أحقا؟ كنت أظن أنّ السيد هارين قد تدرّب على الرماية في قصر الدوق بما أنّ مهارته فائقة، لكن يبدو أنّي أخطأت الظن.”
بالطبع، سيغدو سيّافاً عظيماً فيما بعد، ومن الطبيعي أن يمتلك أساساً متيناً من المهارات.
“… أو ربما لم ألحظ ذلك من قبل.”
ابتسم كبير الخدم ألكسند ابتسامة هادئة وقال.
“فلتنتهزوا الفرصة يا سموّ الأميرة، هل ترغبين في مشاهدته الآن؟”
أومأت برأسي ببطء. في الحقيقة، لم أكن أريد أن يتقن هارين فنون القتال بالسيف أو غيره، لكن ذلك لن يكون إلا محض طمع مني.
ثم إنّ الرماية ليست كالسيف… لعلها أقل خطراً.
حاولت إقناع نفسي بذلك وأنا أتبع خطوات الخادم. حسنا، ولنُنكر أنّ فضولي قد استيقظ.
“أختي!”
رآني هارين من فوق المنصّة مقبلة نحوه، فهرع إليّ مسرعاً.
“هارين! انتبه، لا تركض!”
لكنه ما لبث أن وقف أمامي وهو يلهث، ثم مدّ نحوي ورقةً كان يمسكها بفرح غامر.
“لقد أصبتُ الهدف بالكامل!”
“ماذا؟”
أراني لوحة الهدف، وكانت ممتلئة بثقوب متقاربة في الشريط الأصفر القريب من المركز.
تماماً كما قال ألكسند، كانت مهارته مذهلة، إذ أصاب المنطقة نفسها ثلاث مرات متتالية.
“واو، هارين! هذا رائع حقاً. أنا لا أحسن إطلاق سهم واحد حتى.”
أغرقتُه بسيلٍ من المديح المبالغ فيه، وهو يزهو ويتبختر من الفرح، حتى ارتفعت كتفاه كطاووس نافش ريشه. ولمّا صفّقت له بحرارة، أمسك بطرف ردائي وجذبني قائلاً.
“هيهي! والآن حان دور سموّ الأمير! هيا بنا، إنه بارع جداً أيضاً!”
سكالين؟
تذكرت أنّه في الرواية الأصلية كان يُشاد بمهارته القتالية، منافساً لهارين.
غير أنّ طبيعته الهادئة حالت دون أن يُظهر قوته كاملة.
رفعت عيني إلى المنصّة، حيث كان سكالين يراجع قوسه بجدّية تامة، ملامحه مركّزة كأنما هو أكبر من عمره بكثير.
بينما كان هارين يضحك ببراءة إلى جانبه، بدا سكالين مختلفاً تماماً.
‘أيُعقل أن يصدر مثل هذا التعبير الجادّ من طفل في التاسعة؟’
“أختي! أسرعي!”
شدّ هارين ردائي بحماس، فصعدت معه المنصّة على مضض ووقفت خلف سكالين.
“أتراه… سيتمكّن من إصابة ذلك؟”
الهدف بدا بعيداً للغاية، بالكاد أميّزه إن أمعنت النظر.
حتى لو كان نبيلاً يتلقى تدريباً منذ صغره، فالمسافة بعيدة يصعب على الكبار أنفسهم إصابتها.
“ما بالك، أختي؟”
“فقط أدركتُ كم أنك بارع ، هارين.”
“هاه؟”
نظر إليّ بعينين نقيّتين، فلم أجد جواباً. في الرواية كان يقال إن هارين يمتلك موهبة جنونية، والآن بدأت أفهم ما المقصود بذلك.
“… حالما نعود إلى الدوقية، عليّ أن أغلق ساحة التدريب تماماً.”
“هاه؟ ماذا قلتِ يا أختي؟”
“لا شيء.”
راودني قلق مفاجئ: ماذا لو أصبح هارين في المستقبل الشرير المدبر حقاً؟ هل سيظل يسمع كلامي هكذا؟ أم أنّه سيطيح برأسي بسهم واحد إن غضب مني؟
ووش—
بينما تزدحم رأسي بالهواجس، انطلق سهم سكالين كالبرق نحو الهدف، حتى أنّ صفيره اخترق حديثي مع هارين.
“ما هذا…؟”
نظرتُ إلى الأمام بدهشة، فإذا بسكالين يعيد قوسه بهدوء، وكأنه لا يعبأ بنتيجة الرمية.
“إصابة مباشرة!”
ارتفع صوت أحد الخدم وهو يلوّح بلوحة الهدف من بعيد.
إصابة؟ أيمكن أن يكون السهم قد استقر في قلب الدائرة من هذه المسافة؟
إن كانت إصابة مباشرة، فالمعنى واضح… لقد أصاب المركز تماماً.
حتى هارين، لم يستطع سوى إصابة الدائرة الصفراء المحيطة بالمركز، أما أن يصيب النقطة في قلب الهدف مباشرة… فهذا أمر يفوق الخيال.
انتفضت من مكاني مذهولة، فاغرةً فمي أحدّق في سكالين، فإذا به يسلّم القوس إلى الخادم وكأنّ ما فعله أمر اعتيادي لا يُستحق حتى أن يُذكر، دون أن يلوح في وجهه أدنى أثر للابتهاج.
“سموّ الأمير! إنّه حقاً مدهش! إصابة أخرى مباشرة!”
“هارين، لا تقفز كثيراً.”
كان هارين يقفز من الفرح وكأنه هو من أصاب الهدف، لكن سكالين لم يُبدِ أي اهتمام.
كل ما فعله أن قطّب حاجبيه قليلاً، مستنكراً تلك الضجّة.
للحظة كدتُ أقفز مثل هارين من الدهشة، غير أنّ برود سكالين أطفأ حماسي في الحال.
إن كان لا يتفاعل مع حماسة هارين نفسه، فهل سيلتفت أصلاً إلى مديحي؟ لا أظن.
أخفيت دهشتي بصعوبة، فلم أشأ أن أرى ملامحه تنقبض أكثر إن رآني متحمّسة.
فاكتفيت بالتفرج من بعيد على هارين وسكالين.
لكن فجأة، التفت سكالين للخلف، والتقت عيناه بعيني.
“……”
“……”
“… ماذا؟”
لماذا؟
كنت واثقة أنّه سيشيح بصره على الفور، لكنه ظلّ يحدّق بي لثوانٍ متواصلة.
قلت ذلك سريعاً لأكسر صمت الجوّ الثقيل، واستدرت لأصعد العربة. لكن… لماذا أشعر أنّ الأمر لم ينته بعد؟
كان هدفي اليوم أن ألطف العلاقة معه ولو قليلاً. فلماذا أرحل وأنا أشعر أنني لم أحقق شيئاً؟
ترددت لحظة، ثم التفت عند باب العربة أستجمع شجاعتي الأخيرة.
“سموّ الأمير!”
التفت إليّ حين ناديت، فالتقت عيناه بعيني مجدداً. يا للعجب، كم كانت تلك النظرة عزيزة عليّ الآن!
صحيح أنّ بروده طوال اليوم أزعجني، لكنني في تلك اللحظة لم أعد أهتم بشيء.
لا بأس… فلن أخسر شيئاً إن حاولت.
“سموّ الأمير! شكراً لكَ على المشهد الرائع اليوم. لم أرَ في حياتي سهماً يصيب قلب الهدف من تلك المسافة البعيدة. أرجو أن تريَني ذلك مجدداً في المرة القادمة!”
ابتسمت له ابتسامة صافية من القلب، لكن لم يصلني أي ردّ، فارتبكت سريعاً وصعدت العربة على عجل.
“… أيها السائس، انطلق فوراً!”
تحرّكت العربة ببطء، وفي تلك اللحظة فقط لمحته عبر النافذة.
‘أهذا وهم أم حقيقة؟’
بدا وجه سكالين للحظة محمّراً كعينيه الحمراوين.
‘هل يمكن أن يُعدّ هذا نجاحاً… ولو قليلاً؟’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"