16. حفل القصر الإمبراطوري (3)
آه، تسببت في مشكلة مرة أخرى……
من دون أن أشعر، اندفعت إلى الداخل عندما سمعت أصوات الشجار من الخارج.
“لااا!”
صرخت وأنا أحدّق في مؤخرة رأس رجل أطول مني بقليل، فالتفت إليّ.
‘سكالين…!’
من وراء كتف الفتى الذي بدا في منتصف سن المراهقة، ظهر وجه سكالين.
وبمجرد أن تلاقت عيناي بعينيه، اتسعت عيناه فجأة.
“ها… حتى أشياء غريبة بدأت تظهر الآن.”
قال الرجل ساخرًا وهو ينظر إلي.
شعر رمادي وعيون خضراء. حين واجهتُ وجهه، تجمّد وجهي على الفور.
كنت أعرف هذا الشخص.
رغم أن ظهوره في القصة الأصلية كان قليلًا، إلا أنه كل مرة يظهر كان يشعل التعليقات.
بل إن القراء أعطوه لقبًا خاصًا… كان وغدريك، أليس كذلك؟
“تسك، مهما يكن، يبدو أنه شخص محظوظ بشكل قذر.”
ترك ياقة سكالين بعصبية، ثم خرج من الغرفة متجاوزًا إياي.
لم يُظهر ذلك بوضوح، لكنه بدا مرتبكًا جدًا بظهوري.
حتى في القصة الأصلية، كان لسانه سليطًا، لكنه في الحقيقة جبان لا يُجيد فعل أي شيء.
“سمو الأمير!”
بعد أن خرج ديريك كليًا من الغرفة، أسرعت نحو سكالين.
كان متكئًا على خزانة الكتب وهو يسعل محاولًا التقاط أنفاسه.
‘كيف يمكن أن يضغط على هذا الطفل هكذا…’
حتى لو كان ذلك النبيل من إمبراطورية أوتوتيا الحليفة، فهذا وضع لا يمكن تقبّله.
لمس وريث وحيد للعرش يُعادل المساس بالإمبراطورية كلها.
“هل أنت بخير؟ هل أساعدك على النهوض؟”
مددت يدي لأدعمه، لكنه أبعدها بعصبية.
“لماذا جئتِ؟”
“ها؟”
نظرات سكالين كانت باردة، جامدة.
“لقد أفسدتِ كل شيء.”
كان غاضبًا بصدق.
ملامحه التي رأتني كعائق كانت صادمة ومربكة بالنسبة لي.
“لكن، أليس حضوري قد منع الأسوأ؟”
فلولا مجيئي ربما كان تلقى الضرب…!
سألت وأنا غير قادرة على فهم الموقف، لكن سكالين أجاب ببرود.
“وما الأسوأ برأيك؟”
“ماذا…؟”
“بسبب دخولكِ الآن، أضاع ذاك الأحمق فرصة لضربي. لو أنه وجه لي لكمة واحدة، كان سيتلقى عقوبة قاسية.”
عيناه الحمراوان ثبتتا في عيني. وجهه المتصلب بدا أشرس من كلماته.
“…إذن قبل قليل، ماذا كنتَ تفكر؟”
لكن، لماذا؟ حتى بعد أن شرح لي السبب، لم أستوعب الأمر.
بل شعرت ببعض الغضب من تفكير الأمير المتهوّر.
“هل كنتَ تنوي أن تُضرب عمدًا فقط ليُعاقب؟”
“…….”
“وماذا لو لم تكن لكمة واحدة؟ ماذا لو سحق وجهك بيديه الكبيرة؟ هل كنت ستعتبر ذلك فرصة جيدة أيضًا؟”
أردت أن أُصوّب تفكيره الخاطئ.
كونه يُفكّر فقط في عقوبة ديريك دون اعتبار لما قد يحدث له شخصيًا.
“بالنسبة لي، الأسوأ ليس أن يُعاقب.”
“…….”
“الأسوأ هو أن تتأذى أنت يا سمو الأمير.”
هل لم يكن يهتم بنفسه منذ البداية؟
أياً يكن، فتصرفه يبقى متهورًا وغبيًا.
كلماتي الحازمة جعلت سكالين يحدق في وجهي. عيناه بدتا أكبر وأعمق من المعتاد، لكن لم تعودا باردتين.
“…وأنتِ قد أضعتِ الفرصة تمامًا.”
قال ذلك فجأة ثم أدار وجهه عني بسرعة.
بدت حركته كأنه يهرب من نظراتي. وعندما هممت بمساعدته مرة أخرى، انتصب واقفًا فجأة.
“إلى أين تذهب؟”
رفعت بصري نحوه وأنا أجلس في مستوى عينيه.
“لن أخبركِ، أنتي الفضولية.”
قالها بصوت مازح يتردد صداه في الغرفة، ثم خرج تاركًا إياي خلفه.
لم أستطع حتى الإمساك به، فقد غادر بسرعة.
“ذلك الصغير…!”
لقد ساعدته، ومع ذلك!
ظننت أننا صرنا مقربين قليلًا، لكنه لا يزال ذاك الأمير المتجهم.
هاه، على أي حال……
لم أكن أعلم أن ديريك كان هكذا منذ الصغر.
بما أن شخصيتي هارين وسكالين اختلفتا عن القصة الأصلية، فقد ظننت أن الآخرين سيكونون مختلفين أيضًا.
لكن صورة ذلك الذي كان يمسك بياقة سكالين عادت إلى ذهني.
السبب الذي جعله يثير غضب القرّاء في القصة، رغم قلة ظهوره، كان واضحًا.
فهو كان يحتقر ابن عمه الأصغر بينما يرتعد خوفًا من لقب ولي العهد.
مثال حي على “القوي على الضعيف والضعيف أمام القوي”.
وكان ذاك هو ديريك فيوليت، ابن العم الأكبر بست سنوات من سكالين.
“في القصة الأصلية، لم يُسمح بدخول ديريك إلا بعد أن أصبح سكالين ولي العهد، صحيح؟”
هذا يعني أنه ربما كان حقًا سيضرب سكالين لو لم أمنعه.
ولو حدث ذلك، لكان صدر بحقه منع دخول.
“هل يعني هذا أن ديريك سيستمر في الظهور لفترة؟ فقط لأنني منعته……؟”
لا يمكن أن أدعه يستمر.
هناك أمور كثيرة تقلقني بالفعل، فماذا لو أفسد ديريك شخصية سكالين أكثر؟
وفوق ذلك، في الوقت الحالي هو مجرد مراهق حاول إيذاء ولي عهد دولة أجنبية.
اليوم مرّت الأمور بسلام، لكن من يدري ما الحماقة القادمة.
“أحتاج إلى طريقة تمنعه من دخول إمبراطورية سيران لعشر سنوات كما في القصة الأصلية…….”
ولهذا أحتاج إلى دليل قاطع.
صحيح أن شهادتي كشاهد قد يكون لها وزن، لكنها وحدها لن تكفي.
فهو في النهاية ابن أخت الإمبراطورة الراحلة، ومن العائلة الإمبراطورية لأوتوتيا.
نظرت إلى المكان الذي كان فيه ديريك ممسكًا بياقة سكالين قبل قليل.
حتى لو كان شيئًا صغيرًا، لا بأس. كنت أبحث عن أي شيء قد يساعدني كدليل.
جلست على الأرض، غير آبهة بفساد ثوبي، وبدأت أفتش.
وبعد فترة……
“……هاه؟”
شيء ما يلمع تحت فراغ صغير أسفل الدرج لفت انتباهي.
مددت يدي بسرعة وأدخلتها تحت.
“وجدته!”
أمسكت به في يدي.
ذراعي اتسخت بالغبار، لكني كنت سعيدة للغاية.
فقد وجدت أخيرًا ما أبحث عنه.
الدليل القاطع الذي سيمنع ديريك من دخول إمبراطورية سيران لعشر سنوات.
***
“…….”
“…….”
أنا الآن أرتجف بشدة.
لو لم أكن في عربة تسير، ربما كنت سأسقط راكعة تلقائيًا.
بعد أن وجدت الدليل وحاولت النزول إلى قاعة الحفل في الطابق الأول، التقيت بأبي.
كان يتصبب عرقًا ووجهه متصلب وهو ينظر إليّ.
لقد علم باختفائي وظل يبحث عني طويلًا في القاعة.
تفحّص ثوبي الممزق مرة، ثم نظر إليّ مرة أخرى، وقال بصوت منخفض.
“لنعد.”
والآن…
كنت في العربة مع أبي، أحتمل صمتًا خانقًا.
“هذا… أبي!”
الأفضل أن أبدأ أنا بالكلام.
في الحقيقة، وأنا أسير خلفه نحو العربة، كنت أعدّ لنفسي عذرًا.
“كنت ألعب الغميضة مع أصدقاء جدد. آسفة يا أبي. في المرة القادمة سأتصرف بما يليق بلقب ابنة الدوق.”
لو بررت الأمر بهذا الشكل، قد تهتز صورتي قليلًا، لكن سأتجاوز الموقف.
كررت ما حضّرته في ذهني ثم رفعت رأسي لأنظر إليه بثبات.
“تعرف… أصدقاء جدد…”
“جسدكِ.”
“نعم؟”
“سألت إن كنتِ قد تأذيت.”
كان سؤالًا غير متوقع. قاطعني وهو يتأملني بعينيه، كأنه يبحث عن خدش ما في جسدي.
“……لا. لم أتأذَ.”
“هذا يكفي.”
ألقى نظرة عابرة على ثوبي المتسخ ثم حوّل نظره بعيدًا.
……ماذا؟
كنت واثقة أنه سيوبخني.
وجهه كان لا يزال يتلألأ بالعرق الذي لم يجف بعد.
لقد بحث عني بكل ذلك القلق… فلماذا لا يسألني شيئًا؟
شعرت بغصة في صدري وأنا أحدّق فيه.
رغم أنني طوال نصف السنة منذ تجسدي لم أره إلا قليلًا، ولم يكن بالنسبة لي سوى “والد سيليا”.
لكن، لسبب ما، شعرت أنه لا يجب أن أخفي عنه شيئًا.
“أبي.”
ناديت بخفوت، فالتقت أعيننا الزرقاء ببعضها البعض.
“أريد… أن أقابل جلالة الإمبراطور.”
التعليقات لهذا الفصل " 16"