1
مقدمة
“أنا متأكّد أنّي لم أدعك.”
امتلأت قاعة الضيوف بصوت متصنّع خفيف النبرة.
سكالين، الذي جاء ضيفًا عندي، رمق هارين الجالس بجانبي بنظرة غير راضية، وكأنّ وجوده يضايقه.
“لا تزال تحظى بحماية مبالغ فيها من أختك، على ما أرى.”
كان يبتسم، لكن ابتسامته كانت تمتزج بشيء من الحدة.
هاه… بدأ مجددًا اليوم.
“من الطبيعي أن تحمي الأخت شقيقها، خصوصًا إذا كان الطرف الآخر هو سمو الأمير… أليست هذه الحماية مراعاة فحسب؟”
وكأنه توقّع هذا الرد، رفع هارين فنجان الشاي بهدوء.
تلك كانت أريحية لا يمكن أن يتحلّى بها إلا صديق طفولة ذلك الأمير الماكر.
“لا أدري… لكن إن كان الطرف الآخر أنا، فلستَ بحاجة إلى كل تلك الحماية.”
قال سكالين ذلك وهو يلتقي بعينيّ ويبتسم ابتسامة خفيفة. يا للسخرية…
نظرتُ إليه وكأنني أقول: لن أستطيع إيقافك أبدًا، فسرعان ما غطّت كفّ كبيرة مجالي البصري.
لا أدري إن كان من الصواب أن أكون جالسة أمامه، بينما البطلة، سيران سيلياس، تقف خارج الباب.
تنهدتُ تنهدًا قصيرًا وسألته، فابتسم ابتسامة باهتة وكأنه كان ينتظر سؤالي.
“سأتوج قريبًا كوليّ للعهد.”
ولِمَ يقول أمرًا بديهيًّا بهذا الحماس العجيب؟
“نعم، مباركٌ لك…”
قدّمت له التهنئة بملامح مشوشة.
فهو الأمير الوحيد في الإمبراطورية، وتعيينه وليًا للعهد كان مسألة محسومة منذ البداية.
“أظن أني لم أتلقَّ جوابك بعد عن ذلك الأمر.”
إذًا… لم يأتِ لأجل إعلان التتويج فقط.
رفع سكالين زاوية فمه وهو ينظر إليّ.
“هل يمكنك منحي جوابك في ذلك اليوم…؟ جواب خاص.”
تلاقت أعيننا، وكان لون عينيه الحمراء اليوم يلمع أكثر من المعتاد.
رغم أن نبرته كانت مازحة، إلا أن سؤاله كان كافيًا لجعل وجنتي تحمران.
“..…”
وحين تشابكت نظراتنا في الفراغ، تدفقت إلى ذهني ذكريات ذلك اليوم المشرق.
كنت على وشك قول شيء بعدما أطلت النظر في عينيه، لكن…
“لا أعرف ما هو ذلك اليوم الذي تتحدث عنه، لكني لا أظن أن جواب أختي سيكون إيجابيًا.”
كان ذلك هارين، الذي التفتُّ نحوه فوجدته ما زال يحدّق في سكالين بعينين باردتين.
“ومن أين لك أن تجزم بذلك وأنت لا تعرف شيئًا عمّا جرى بيننا؟”
أطلق سكالين نبرة أشبه بصوت يائس، لكنها حملت شيئًا من السخرية الموجهة إلى هارين.
“الوغد…”
تمتم هارين بغضب، ويده تتحرك نحو خصره كما لو كان سيستلّ سيفه.
لكن… يا فتى، أنت حتى لا تحمل سيفًا الآن.
“إذًا، سأنتظر جوابكِ.”
قال سكالين وهو ينهض من مكانه، محافظًا على ابتسامته الهادئة حتى النهاية.
“… سترحل الآن؟”
سألته، فأجاب بابتسامة أخرى.
“لماذا؟ أتريدين أن أبقى أكثر؟”
“… لا.”
يا له من أفعى ماكرة.
حوّلت نظري بعيدًا، فسمعت ضحكته تتفجر بجانبي، مؤكدة أنه حقًا كذلك.
“إذًا، سأنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر.”
تركنا وهو يلوّح كعادته، بعد أن أربك كلًّا منا على طريقته الخاصة.
“إلى اللقاء إذًا، سيليا.”
ولم ينسَ أن يودعني أيضًا.
***
1.هل هذه هي الرواية التي أعرفها؟
لقد تقمّصت دور أخت الشرير في الرواية.
ذلك الشرير الذي يزعج البطل الطيب والبطلة المسكينة بلا توقف، ثم يموت ميتة مأساوية في النهاية.
لم أكن أحبه كثيرًا، لكن شخصيته كانت عميقة بما يكفي لأن لا أكرهه أيضًا.
مع ذلك… لم أرغب أبدًا أن أكون هذا الشخص.
فوق كل ذلك، أن أستيقظ فجأة وأجد نفسي متقمصة دور “أخت الشرير”؟
والأسوأ أنني حتى لم أكن أعلم أن الشرير في الرواية لديه أخت أصلًا.
ثم—
“أوااااه…”
اتضح أيضًا أن الشرير، في طفولته، كان مجرد طفل باكٍ!
حقًا… مهما نظرتُ لا أستطيع أن أصدق ذلك.
شعر أسود داكن، وعينان زرقاوان، وهالة باردة كأنها تجمّد كل ما حوله—
ذلك كان الوصف الأول للشرير حين ظهر في الرواية.
“لماذا تبكي مجددًا، هارين!”
لكن… ذلك هو شكله بعد عشر سنوات، في بداية القصة.
الشيء الوحيد المطمئن في هذا الوضع، هو أنني تقمصت الدور قبل أن يصبح الشرير ذلك الرجل المجنون، بينما لا يزال طفلًا.
“ألم تقابل اليوم سمو الأمير؟”
وفكرت، طالما هو طفل، يمكنني إصلاحه وتغيير مجرى القصة…
لكن—
“الأمير… الأمير أخذ أشيائي… أوااااه!”
إصلاح ماذا؟ هذا الولد رخو لدرجة أن أعصابي تكاد تنفجر.
“مجدّدًا؟”
“أوااااه!”
“وماذا أخذ منك هذه المرة؟”
تقدّم أحد الحراس بتردد ورفع يده قليلًا.
“…دمية، يا آنسة.”
هاه، دمية؟
الشهر الماضي كان ديناصورًا، الأسبوع الماضي كتاب تلوين، واليوم دمية؟!
حتى لو اشتريت له أنواعًا مختلفة كي أضمن أن يبقى شيء، يأخذها كلها!
يغلي الدم في عروقي.
لكن هارين، الذي سيصبح يومًا ما الشرير المدبر، بدأ يبكي بصوت أعلى.
“أوااااااه!”
“كفى بكاءً يا هارين. سأخبر والدي ونشتري لكَ أخرى.”
وإذا عرف والدي أن هارين فقد شيئًا آخر بسبب الأمير، سيصبح وجهه البارد أكثر تجهمًا.
مجرد تخيل غضب دوق عائلة بارانتيس يجعل رأسي يؤلمني.
نحن—أنا سيليا، الابنة الكبرى، وهالين، الابن الثاني—أبناء الأسرة الوحيدة التي تحمل لقب دوق في إمبراطورية سيران، ونحظى بالكثير من الحب.
لكن… في كل مرة يعود فيها هارين من اللعب مع الأمير، يعود باكيًا.
ربما لو علم والدي، سيمنع هارين من الذهاب إلى القصر نهائيًا.
“أوااااه… حتى… حتى دمية التنين… أخذها…”
“…دمية التنين؟”
أدرت رأسي باستغراب، فأسرّت لي الخادمة آنّا.
“إنها… تلك التي أهديتموها له قبل نصف عام يا آنسة.”
“آه!”
تذكرت فجأة.
بعد فترة قصيرة من تقمصي هذا الدور، شعرت بالشفقة على الخادمة الذي كان يراقبني بخوف دائم، فأعطيته دمية كانت ملقاة في الغرفة.
وبدا حينها أنه أحبها كثيرًا، وشعرت بالفخر.
لكن… لم أتذكر أنها كانت دمية تنين.
لا عجب أنه يبكي اليوم أكثر من المعتاد.
وأين في هذا الطفل ما يشبه الشرير أصلًا…
ربتُّ على رأس هارين لأواسيه.
“لا تبكِ، سأعطيك دمية تنين أخرى.”
لكن هارين، وقد هدأ قليلًا، هز رأسه نافيًا.
“هذه كانت… أول هدية من أختي… إنها لي… حقًا لي!”
نظر إليّ بعينين لامعتين على وشك أن تدمع مجددًا.
آه… اللعنة…
“آنّا.”
أعتقد أنني بدأت أفهم لماذا أصبح هارين شريرًا فيما بعد.
***
سـكالين ديفيدسون—
الوريث الوحيد للإمبراطورية، وبطل الرواية الذي تقمصتُ فيها هذا الدور.
هو الذي كان دائمًا يحمي البطلة من هارين الشرير بلا رحمة.
في صغره، قد يحمل قليلًا من القسوة، لكنه في الأساس طيب وهادئ إلى حد ممل أحيانًا، لدرجة أن بعض القراء تركوا القصة بسبب براءته الزائدة.
ووفق إعداد الكاتب، فهو طفل طيب، لذا توقعت أن بضع كلمات مني تك
في لحل المشكلة.
لكن—
“أين المشكلة في أخذ لعبته فقط؟”
“… ماذا؟”
“فقدان شيء بلا حياة أقل حزنًا من فقدان شيء حي.”
كان يحدق بي بعينيه الحمراوين… بنظرة لم أظن أبدًا أن أراها في طفل بريء.
أعتقد أنني… ربما تذكرت البطل خطأ.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 5 - من هو الشرير؟ منذ 23 ساعة
- 4 - الإسطبل منذ 23 ساعة
- 3 - الأخوان منذ 23 ساعة
- 2 - خمس مرات منذ 23 ساعة
- 1 - مقدمة، هل هذه هي الرواية التي أعرفها؟ 2025-08-14
التعليقات لهذا الفصل " 1"