صدرت الأحكام على من حاولوا إيذاء كلارا.
كانت تهمة محاولة القتل.
نظرًا لأن الهدف كان ماركيزةً و قاصر، كان العقاب بالتأكيد أشد.
في هذه الأثناء، ظلت أديل طريحة الفراش في غرفة الضيوف بعد تلقي العلاج من طبيبٍ أرسلته عائلة الدوق.
كانت تعاني من كدمات في جميع أنحاء جسدها، مما جعل أي حركة تسبب ألمًا شديدًا.
لحسن الحظ، لم تُكسر أي عظمة.
و مع حلول المساء، زارتها كلارا.
كانت تحتضن دمية أرنب ممزقة قليلاً.
و بالطبع كانت تبدو لطيفة بشكل لا يُصدق..!
عندما وقعت عينا أديل على الدمية، عبست كلارا قليلاً.
“لستُ طفلة تحمل دميتها المفضلة اينما حلت.”
“نعم؟”
لكنكِ تحملينها الآن..؟
وتبدين رائعة معها!
بدت كلارا مرتبكة من ردِّ فعل أديل، فوضعت الدمية المسطحة في حضن أديل بسرعة.
“إنها مفيدة عندما تكونين مريضةً أو متعبة.”
“نعم؟”
“قلتُ إنها جيدة عند المرض! تلك الدمية!”
“آه…”
يبدو أنها الدمية التي كانت كلارا تحتضنها عندما تكون متعبة.
من مظهرها المسطح، يبدو أنها قضت ليالٍ كثيرة مع هذا الأرنب.
إذن، لا بد أنها شيء ثمين لها.
“أن تُعيريني سيد أرنب الثمينَ هذا…”
“إنه بطة.”
“نعم؟”
نظرت أديل إلى الدمية التي أعطتها إياها كلارا.
هل كان هناك منقار أصفر؟
لكن لم يكن هناك شيء من هذا القبيل.
إنه أرنب، وليس بطة.
“اسمه أوري (بطة).”
أضافت كلارا شرحًا كريمًا.
“عندما تحتضنينه، لن تشعري بالألم. لذا سأعيركِ إياه.”
ابتسمت أديل بلطف واحتضنت أوري.
بشكل غريب، بدا أن الألم خف قليلاً.
ربما كانت سحر الدمية، أو ربما بفضل قلق كلارا، لم تعرف.
“سأعتني به جيدًا وأعيده لكِ.”
“… افعلي ما شئتِ.”
“لكن، ألا تحتاجين أنتِ إلى…هذا الارنـ- أوري،
سيدتي الماركيزة؟”
كانت أديل قلقة على مشاعر كلارا. بعد والدها، حتى المربية التي وثقت بها خانتها.
“أنا بخير. كنتُ أعرف منذ زمن.”
“حتى عن السم…؟”
لم تجب كلارا، لكن ربما كان ذلك تأكيدًا.
بالطبع، مدير “وكالة التوظيف المؤقتة” الذي حصل على معلومات عن السم لم يكن ليفوت فرصة تحويلها إلى نقود.
لو دفعوا بسخاء، لَباع المعلومات لكلارا أو لدوق وينشستر، بما في ذلك نوع السم وترياقه.
بمجرد تحديد نوع السم، يصبح استنتاج الطعام الذي سيُخلط معه أمرًا بسيطًا نسبيًا.
“على أي حال، كان ذلك خطيرًا جدًا. لا أفهم لماذا وافق الدوق على مثل هذه الخطة.”
استخدام كلارا الصغيرة كطعم!
غضبت أديل، لكن كلارا بدت متعجبة.
“لماذا أحتاج موافقة الدوق؟”
“نعم؟”
“طلبتُ منه التعاون فقط. اتخاذ القرار وتنفيذ الخطة كانا من مسؤوليتي بالكامل.”
…آه.
حسنًا، كلام كلارا صحيح.
تحديد كيفية التخلص من المتآمرين داخل العائلة هو حق “رئيس العائلة” بالكامل.
‘يبدو أنني تدخلتُ بلا داعٍ.’
حتى بدون تدخل أديل، كانت كلارا ستقاوم بنجاح.
بل، أديل هي من تسببت في الإزعاج.
كادت كلارا تُصاب بأذى على الدرج بسببها.
‘من أنا لأقلق على سيدة مثل الماركيزة؟’
شعرت أديل بالحرج ودفنت وجهها في الوسادة.
“قيل إن المربية كانت تُهدَّد من الأتباع.”
“هكذا إذًا…”
“لكن ذلك لن يغير شيئًا.”
كان هناك تردد خفي في صوتها الهامس.
‘… آه.’
أدركت أديل ما يعتمل في صدر كلارا.
كلارا تريد أن تسامح المربية.
كانت أديل تعرف ذلك لأن لديها نفس التجربة.
رغم إدراكها أن الحب الذي قيل لها كان كذبًا وأنها استُخدمت كأداة…
لم تستطع أديل التخلي عن أمها تمامًا.
حتى لو بدا ذلك غباءً، لم تستطع منعه.
“إذا أردتِ، يمكنكِ مسامحتها.”
“لا يمكن ذلك.”
“لكن..”
أليس هذا ما تريدينه؟
قبل أن تكمل أديل جملتها، قاطعتها كلارا.
“كيف تجرؤ على إدخال السم إلى قصري؟ هل تعتقدين أنني سأسامح على مثل هذا الفعل؟”
التسامح مرة واحدة قد يجلب خطرًا آخر.
إنه أمرٌ قاسٍ، لكنه حقيقة لا مفر منها.
كان على كلارا فعلُ هذا، لحماية الجميع في عائلتها و اتخاذ قرارٍ صارم.
أدارت أديل رأسها بهدوء لتنظر إلى الفتاة الصغيرة.
‘… آه.’
كانت عيناها حمراوين.
حمراء بشكل واضح لدرجة أن دموعًا حمراء قد تتساقط في أي لحظة.
ومع ذلك، ظل تعبير كلارا هادئًا كالمعتاد.
استدارت كلارا وجلست على حافة سرير أديل.
“أنا، بالتأكيد. سأحاسب المربية.”
بدت كلماتها كأنها تعزز عزمها.
لئلا تقودها مشاعر الحب إلى قرار خاطئ.
“… أنتِ الوحيدة التي قالت لي إنه يمكنني مسامحتها، يا أديل.”
“سيدتي الماركيزة…”
أمالت كلارا رأسها للخلف، فتساقط شعرها الفضي الجميل على كتفيها.
“في الحقيقة، هذا كلامٌ سخيف نوعًا ما.”
ظهرت ابتسامة خافتة على شفتيها.
“لكنه لم يكن سيئًا.”
عندما نظرت إليها مجددًا، عادت عيناها إلى لونهما الأزرق الجميل.
* * *
مرّت الأيام التالية بهدوء.
حسنًا، بالنسبة لأديل شخصيًا، لم يكن الأمر هادئًا تمامًا.
“يا إلهي، أديل! كنتُ أعلم أنكِ ستنجحين!”
عندما علمت روز أن أديل تحتل “غرفة الضيوف”، جاءت متباهية.
“سمعتُ أنكِ أنقذتِ الماركيزة؟ حقًا… لا توجد سيدة رائعة مثلكِ!”
يبدو أن هذه هي الطريقة التي انتشرت بها الشائعة.
أن أديل كانت من أنقذت كلارا.
لكن الحقيقة أنها لم تفعل سوى العرقلة.
روز، دون استئذان، جذبت أديل التي بالكاد استطاعت رفع جذعها، إلى حضنها بقوة.
“أديل، ابنتي العزيزة!”
‘آه، مؤلم…!’
“أنتِ فخري!”
كان الأمر غريبًا بعض الشيء.
بصراحة، لطالما تمنت أديل أن تعترف روز بها وتُظهر حبها.
وهذه اللحظة كانت تمامًا كما حلمت بها سابقًا.
ولكن…
‘أمرٌ غريب أنا لا أشعر بالسعادة.’
هل كان الأمر سيختلف لو أنها كانت أصغر سنًا؟
“إذًا؟ أي غرفة سمحت لي بها الآنسة كلارا؟ هل قالت إنه يمكنني الاختيار؟”
يا إلهي، هل ستصفعني إن قلت بصدق”لم يحدث شيء من هذا”؟
“الماركيزة قد وصلت.”
دخلت كلارا في تلك اللحظة.
دفعت روز أديل بعيدًا بسرعة واتجهت نحو الباب مبتسمة.
“أوه، سيدتي الماركيزة! مرحبًا بكِ! كنتُ في انتظارك!”
لكن الدهشة لم تدم طويلًا، فقد أجابت كلارا بوجه خالٍ من التعبير.
“لماذا؟”
“لأن أديل أنقذتكِ، أليس كذلك؟”
يبدو أن الوقت قد حان لتسمع روز الحقيقة.
أن أديل لم يكن لها أي فضل في ما حدث.
“صحيح، لقد أنقذتني.”
…ماذا؟
“لكن ما علاقة هذا بكِ يا سيدة روز؟”
“مـ… ماذا؟”
لم تستطع روز الرد، كانت مدهوشةً تمامًا.
“اخرجي من هنا الآن.”
قالتها كلارا، وهي تمرر أصابعها عبر شعرها الفضي المتلألئ.
في تلك اللحظة، بدا مظهرها كأنها تجسيد للقداسة.
وبعد أن تم تنفيذ الأمر كما قالت، همست أديل لا إراديًا.
“أنا احترمكِ بشكلٍ أكبر الآن.”
ليس هذا فقط بل قالتها بصوت مسموع.
لم ترَ أديل أحدًا يتمكن من إخضاع روز بهذه البساطة من قبل.
حتى ماركيز الأسرة السابق كان يفقد أعصابه أمامها.
“هل كنتِ بخير؟”
“نعم.”
“هذا جيد.”
قدمت كلارا مجموعة من الوثائق.
“ما هذه؟”
“اطّلعي عليها.”
كانت أوراقًا تعرض عقارًا فاخرًا في العاصمة، يحتوي على صالة استقبال، وغرف نوم، ومكتب.
لم يكن هناك منزل أكثر فخامة يمكن أن يعيش فيه نبيل أعزب.
“هل تفكرين في شرائه، سيدتي الماركيزة؟”
“نعم.”
“الوقت الآن غير مناسب للشراء… ماذا لو أجلتِ القرار قليلاً؟”
حاولت أديل أن تُظهر معرفتها، فهي كانت تبحث عن سكن صغير مؤخرًا، واكتسبت بعض الخبرة.
“أعلم. لكن الطبيب قال إنكِ ستتعافين خلال ثلاثة أيام، لذا لا مفر.”
“عذرًا؟”
وما علاقة شفائي بشراء هذا القصر؟!
“إذا أعجبكِ، فهذا يكفي. لا يحتاج إلى ترميم، لذا فور تعافيكِ، سنذهب و…”
“لحظة من فضلكِ!”
كادت أديل أن تتدحرج من السرير وهي تحاول النهوض.
لكن الألم في ظهرها أسقطها مجددًا.
احتضنت أوري وهي تتمنى أن يعمل سحره الآن.
“هل… هل تعنين أنكِ ستهدينني هذا المنزل؟ لماذا؟”
حدّقت كلارا في أديل، ثم أجابت ببساطة وكأن الأمر طبيعي.
“لأنكِ أنقذتِ حياتي. وحياتي ليست رخيصة الثمن.”
“لا، هذا ليس صحيحًا.”
حين هدأ الألم بفضل أوري، تمكنت أديل من رفع جذعها قليلًا.
جلست على ركبتيها على السرير دون أن تنتبه.
“حتى لو لم أكن هناك، كنتِ ستنجين.”
“ربما.”
“لذا…”
“أو ربما لم أكن سأنجو. من يعلم ما الذي كان سيحدث؟”
في تلك اللحظة، انبعثت من وجنتيها البيضاوين، المتوردتين كالمارشميلو، هيبة النبلاء وحكمتهم.
كادت أديل أن تقون بقرص خديّ كلارا، لكنها تماسكت.
“على أي حال، هذا كثير جدًا. يكفيني لطفكِ.”
“أنا لا أقدم اللطف. خذي المنزل فقط.”
لكن مواصفات ذلك المنزل كانت تخبر بالكثير.
تصميم يسمح بدخول الشمس إلى كل الزوايا.
يقع في حي آمن، مناسب للعيش بمفردها دون قلق.
وأرضه مرتفعة، فلا خوف من الأمطار.
“حسنًا، سأجهزه لتقومي بجولة بمجرد تعافيكِ.”
لكن حين كانت كلارا على وشك المغادرة، نادت عليها أديل مجددًا.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 6"