ركبت أديل مقعد سائق العربة التي توقفت أمامها.
يا للحظ!
من حسن الحظ أن تمر عربة النقل الخاصة بمكان عملها الجزئي في هذا التوقيت.
“اعلمي أن أجرة الركوب ستُخصم من راتبكِ الأسبوعي.”
تمتم رئيسها القاسي، الذي كان يرتدي قلنسوة طويلة، بنبرة متذمرة.
رئيسها القاسي، “إيرل ويندروب”، كان في نفس عمر أديل.
بشرته شاحبة، وشعره أبيض ناصع.
رغم لونه الشفاف، كانت أديل دائمًا تتذكر ليلة مظلمة عند رؤيته.
ربما لأن مزاجه يبدو دائمًا سيئًا؟
“إذًا، إلى أين؟”
“قصر ميريوذر.”
التفت إيرل نحو أديل، بشفتيه المعوجتين.
“سمعتكِ تقولين خمسمئة وخمسة وسبعين الف مرة إنكِ ستغادرين منزلك.”
“لقد غادرت!”
ضربت أديل حقيبتها الجلدية الموضوعة على ركبتيها.
ضحك إيرل بسخرية وعاد يركز على الطريق.
“ثم ماذا، لماذا تعودين الآن؟”
“حسنًا…”
عندما ترددت أديل، تقوّست شفتاه كأنه فهم شيئًا.
“لقد رأيتِ شيئًا، بعينيكِ هاتين.”
لم تجب أديل.
“…تسك مزعج.”
قال ذلك، لكنه زاد من سرعة العربة.
“إيرل، اسمع. ربما…”
تصاعد قلق أديل.
فهي تعملُ في “مكتب إرسال القوى العاملة”، وهو مركزٌ تلتقي فيه شتّى شائعاتِ العاصمةِ الملكيةِ ومعلوماتِها.
إيرل، ابن مدير الوكالة بالتبني، كان يعرف كل تلك المعلومات.
“اعلمي أن راتب الأسبوع القادم لن يكون موجودًا.”
قال ذلك وأعطاها ظرفًا صغيرًا من جيبه.
“ما هذا؟”
“تأمين.”
“…!”
شعرت أديل فجأة بتصلب جسدها.
في مكان عملها، كلمة “تأمين” تعني “ترياق”.
“هل اشترى أحدٌ من ميريوذر سمًا؟”
“ليس هذا فحسب.”
أوقف إيرل العربة مؤقتًا بالقرب من الباب الخلفي لقصر ميريوذر.
كانت هناك عربة أخرى تقف بالقرب من الباب الخلفي.
بدت وكأنها لتوصيل شيء ما، لكن وجوه الأشخاص الذين يرتدون زي الموصلين كانت مألوفة.
كان هنالك بعضُ الأقارب و الأتباع و كانوا جميعهم من الذين كانوا يتصرفون كلسان الماركيز السابق.
حين حاولت أديل القفز من العربة، أمسكها إيرل.
“اذهبي من الباب الرئيسي.”
عندما توقفت العربة في الشارع الرئيسي، قفزت أديل واندفعت نحو الباب الرئيسي دون أن تشكر إيرل.
توقفت عند المدخل ونظرت حولها، فكانت الخادمات اللواتي ينظفن ينظرن إليها بغرابة.
لكن ذلك لم يدم طويلًا.
كالعادة، تجاهلن أديل وواصلن عملهن.
كان هذا الهدوء معتادًا.
‘ألم يحدث شيءٌ بعد؟’
تمنت أديل ذلك وهي تصعد الدرج المركزي مسرعة.
وصلت إلى المكتب بسرعة وفتحت الباب دون طرق.
“الماركيزة…!”
توقف نداؤها المتعجل دون إكمال.
كانت الرسائل والأوراق التي كانت تقرأها كلارا مبعثرة على المكتب، لكن الكرسي الذي كانت تجلس عليه كان خاليًا.
وفي تلك اللحظة..
-طِق.
تساقطت قطرة من سائل لزج من زاوية المكتب إلى الأرض.
لم يكن من الصعب تخمين ما قد يحتويه ذلك السائل.
‘هل هذا حقيقي؟’
لم تصدق ما رأته عيناها.
كلارا ليست سوى طفلة في العاشرة.
مهما كانت عبقرية، هل يمكن لأحد أن يسمم طفلة بالكاد تصل إلى خصر بالغ؟
‘أيها الحمقى الأوغاد!’
استدارت أديل من المكتب وركضت نحو نهاية الممر.
إذا كانت كلارا قد سُمِمت وأُغمي عليها، فسيحاولون نقلها بسرعة إلى العربة خارج القصر.
‘الوصول إلى الباب الخلفي أسرع عبر درج الخدم.’
نزلت الدرج الضيق، فرأت المربية تسرع حاملة كيسًا كبيرًا على كتفها.
“تبدين مشغولةً، يا مربية.”
توقفت المربية مصدومة عند سماع كلام أديل.
“آ-آنسة أديل؟!”
ابتسمت أديل بسخرية ونزلت بقية الدرجات.
“يبدو أن هناك أمتعة تحتاج إلى نقل عاجل؟”
“…!”
كانت عينا المربية ترتجفان بلا توقف.
“هل هذا ما قصدتِه بالعناية بصحة الماركيزة؟”
“مـ-ما الذي تقصدينه…”
“لا يمكنكِ إنكار ذلك، أليس كذلك؟”
عندما اقتربت أديل فجأة، فقدت المربية توازنها وتمايلت.
“آه!” صرخت المربية، مذهولة، وهي تحاول الإمساك بالكيس.
لم تفوت أديل الفرصة وسحبت الكيس بقوة بذراعيها.
في ذلك الوقت ارتعش الكيس. و حدثت حركة مفاجئة بداخله.
هل هي لم تفقد الوعي؟
“لا!”
مدت المربية يدها بعد أن أفلتت الكيس.
لوى أديل جسدها لتبعد الكيس تمامًا عن المربية.
لكن في تلك اللحظة، دفعها شيء بقوة نحو أسفل الدرج.
“…!”
شعرت للحظة وكأنها تطفو في الهواء.
ضمت أديل كلارا بقوة إلى صدرها لتحميها من الصدمة قدر الإمكان.
لم تفهم لماذا فعلت ذلك.
لكن أليست كلارا طفلة تحتاج إلى الحماية؟
سقطت أديل على الأرض مع صوت ارتطام.
“ماذا تفعلين؟”
هل سمع أحدهم الضجيج؟
اقترب شخص ما من الأسفل.
رفعت أديل رأسها بأمل، رغم الألم، لتتعرف على الشخص.
“…آه.”
لكنها شعرت باليأس.
كان تابعًا متنكرًا في زي موصل.
أدرك الوضع بسرعة وصرخ ليستدعي زملاءه من الأسفل.
سمعت أديل صوت أحذية تقترب.
كان عددهم كبيرًا لدرجة أن أديل شعرت بقشعريرة.
“أيتها القذرة، كيف تجرئين على التدخل! اسحبوها معها!”
أمسك أحدهم بشعر أديل و جره.
“آخ!”
في نفس الوقت، شعرت برد فعل قوي من داخل الكيس يجذبها.
هل كلارا مستيقظة حقًا؟
على أي حال، كل ما فعلته أديل هو أن ضمت الفتاة الصغيرة التي تتشبث بها بقوة أكبر.
كتمت أنينها و هدأت نفسها بكلمة “لا بأس”.
عندما لم تتحرك أديل، بدأت الأحذية الصلبة تتراكم فوق رأسها.
شعرت أن رأسها سيتحطم.
أغلقت أديل عينيها بإحكام.
“آه!”
ملأ صراخٌ الدرج الضيق.
لم يكن صراخها.
‘إذًا من؟’
أدارت رأسها بصعوبة، فرأت تابعًا رأسه محطم في الحائط.
واليد التي تمسك برقبته بقوة كانت…
‘دوق وينشستر؟!’
لماذا هو هنا؟
عندما التقت أعينهما، ابتسم ابتسامة مثالية رغم الوضع.
“ألم أقل لكِ؟”
“ماذا؟”
كانت أديل تعتقد أنها رأت العديد من المجانين.
لكن شخصًا يمسك إنسانًا بيد واحدة وكأنه سيسحقه، ويبتسم بهذه الانتعاشة، كان الأول من نوعه.
لم تكن أديل الوحيدة المذهولة.
تجمد الأتباع جميعًا ولم يتحركوا.
“التقينا مجددًا، أليس هذا ممتعًا؟”
ممتع؟ إنه مرعب!
“نـ- نعم.”
لكنها لم تستطع قول شيء آخر.
كان من النوع الذي لا تريد الاقتراب منه.
بعد ظهور دوق وينشستر، ترتب الموقف بسرعة.
لقد أحضر فرقة تحقيق العاصمة المسؤولة عن الأمن، وألقوا القبض على الأتباع والمربية في مكان الحادث.
لحسن الحظ، لم تُصب كلارا بأذى.
بل وأدلت بشهادتها بوضوح للمحققين.
كانت أديل جالسة على الدرج عندما اقترب منها محقق.
“نود أخذ إفادتكِ، هل يمكنكِ الآن؟”
“نـ- نعم.”
أمسكت أديل مسند الدرج بيدها المرتجفة.
يبدو أنها أصيبت في ظهرها عند السقوط.
لقد كان الألم المفاجئ قويًا للغاية.
فجأة، تدخل شخص بين أديل والمحقق.
كان دوق وينشستر.
“تحدث معي أولًا. جدولي مزدحم، والآن هو الوقت الوحيد المناسب لي.”
كلامه، وهو ينظر إلى ساعته، لم يكن طلبًا بل أمرًا.
“آه، نعم! مفهوم.”
نسى المحقق طلبه من أديل ونزل الدرج مع الدوق بسرعة.
شعرت أديل بالحيرة لكونها تُركت وحدها، لكنها كانت ممتنة لتدخل الدوق.
يمكنها الآن الحصول على بعض الدواء.
مع أنها لم تكن متأكدة إن كانت روز ستساعدها بوضع الدواء على ظهرها.
لكن في تلك اللحظة، اقترب طبيب يرتدي رداءً أبيض مع ممرضات من أديل.
“الآنسة ميريوذر، هل يمكننا فحص جروحكِ؟”
كان وجهًا غريبًا تراه لأول مرة.
بسبب الوضع المعقد في قصر الماركيزة، شعرت أديل بالحذر تجاه هؤلاء الغرباء.
هل هم متسللون استغلوا الفوضى؟
أظهر الطبيب شارة صغيرة على ردائه.
كانت شعار عائلة وينشستر.
“رغم مهاراتي المتواضعة، فأنا أخدم دوق وينشستر.”
الدوق؟
بالتفكير في الأمر، هو من طلب من المربية معالجة جرح وجه أديل في المرة السابقة.
يبدو أنه طلب من الطبيب معالجتها هذه المرة أيضًا.
أدارت أديل رأسها لتنظر إلى الدوق وهو يخرج من الباب الخلفي مع المحقق.
لكن سقطت مغشيًا عليها بسبب ألم ظهرها في النهاية.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"