عادت أديل إلى غرفتها.
لا داعي للشعور بالإحباط بسبب صفعة واحدة على الخد.
‘لأنني الآن، كما تعترف مملكة سيلمريا، بالغة، أي في السادسة عشرة!’
وهذا يعني أن بإمكان أديل إبرام عقود عقارية بمفردها.
لحسن الحظ، كانت تملك بعض الأموال التي لا يعلم عنها أحد.
‘منذ أن كنتُ في الرابعة عشرة،
عملتُ سرًا وجمعتُ المال تدريجيًا.’
لذا، هذا الصباح، ذهبت للبحث عن منزل للعيش فيه بشكل مستقل.
أعادت أديل قراءة قائمة العقارات المرشحة التي حصلت عليها من وكالة العقارات.
كان هناك ثلاثة خيارات تتناسب مع ميزانيتها.
جميعها أماكن صديقة للبيئة.
لدرجة أنها تشارك الغرفة مع الصراصير أو العناكب أو الفئران.
بينما كانت تتفحص تلك القائمة الرائعة بسعادة، جاءها خادم يبحث عنها مجددًا.
“الأقارب ينتظرونكِ.”
‘اليوم، هناك الكثير من الأشخاص الذين يطلبونني.’
كانت تتوقع سبب استدعائها هذه المرة.
تبعت الخادم إلى المدخل الرئيسي، حيث كان هناك أقارب يُطلق عليهم اسم “فصيل معارضي كلارا”.
كانوا على علاقة وثيقة بالماركيز السابق، لذا يكرهون كلارا بشدة لأنها ساهمت في الإطاحة به.
“هل صحيح أن تلك الطفلة الصغيرة استدعتكِ؟”
كيف علموا بهذا؟
لقد استدعتني كلارا بهدوء، لم يكن يفترض أن يعلم أحد.
“لم توافقي على أن تكوني وصيتها، أليس كذلك؟”
كانت أنظار الأقارب الحادة موجهة نحو أديل.
لكن لم يكن هناك سبب للخوف. فقد رفضت العرض بالفعل لهذا السبب.
“لا، لقد رفضتُ ذلك.”
“حقًا؟”
“هل أنا مجنونة؟ لأقبل مثل هذا المنصب؟”
“جيد، يبدو أنكِ تعرفين مكانتكِ.
هذا المنصب ليس لمثلكِ، فتاة غير شرعية.”
لم ترفض بسبب أصلها بالضرورة، لكن ما قالوه لم يكن خاطئًا تمامًا.
هزت أديل كتفيها وتسللت بين الأقارب.
“يا أنتِ.”
لكن أحد الأقارب أمسك كتفها بقوة بعنف.
“ماذا؟”
التفتت بنزق، فرأته ينظر إليها باحتقار.
“إذا غيّرتِ رأيكِ وفكرتِ في شيء غبي، فاعلمي أنكِ وأمكِ القذرة ستنتهيان مدفونتين في منجم الملح.”
شعرت بألم شديد في كتفها الممسك.
حاولت أديل تحرير نفسها من قبضته، لكن ذلك زاد الأمر سوءًا.
“هل فهمتِ؟!”
ازداد الضغط عليها بقوة أكبر.
في هذه اللحظة، حتى أديل، المؤمنة بالسلام العالمي،
شعرت برغبة في التمرد قليلًا.
رفعت أديل زاوية شفتيها بابتسامة خفيفة.
“إذا استمريت في إثارة غضبي هكذا، فقد تنقلب هذه الفتاة غير الشرعية التي لا تعرف مكانتها وتغير رأيها الآن.”
يبدو أنه لم يتوقع أن تجرؤ أديل على الرد.
كان ارتباكه المفاجئ ممتعًا نوعًا ما.
“يا لجرأتكِ، أي أمان تعتقدين أنكِ تملكينه؟!”
لكن رد فعله العنيف السريع جعل أديل تندم قليلًا.
لهذا السبب كانت تتجنب التورط مع الأقارب.
استمر الألم في كتفها الممسك، وكأنه على وشك أن ينكسر.
بدت نواياه واضحة، لن يتركها حتى تتوسل وتعترف بخطئها.
“أيتها الفتاة، هل تحتاجين إلى درس قاسٍ لتتعقلي؟!”
بينما كان يصرخ بها، كانت أديل على وشك الرد.
“نعم، تفضل―”
لكن قبل أن تكمل جملتها الساخرة، تدخل صوت غريب من أعلى الدرج.
“ها انتِ هنا.”
نظرت أديل إلى مصدر الصوت.
على الدرج، كان هناك رجل.
رجل ذو شعر أشقر كأنه مصنوع من أشعة الشمس، وملامح وسيمة.
حتى في حركته البسيطة وهو ينزل الدرج بأرجله الطويلة، كان هناك أناقة فطرية.
عندما التقت عيونهما، ابتسم ابتسامة كتلك التي تُرى في اللوحات.
جميلة جدًا، لكنها تبدو مصطنعة نوعًا ما.
“كيف سارت الأمور التي طلبتها منكِ؟”
طرح سؤالًا مفاجئًا.
وكان ينظر إلى أديل أثناء حديثه.
كادت أديل أن ترد بـ”ماذا؟”، لكنها فهمت قصده بسرعة.
إنه يساعدها.
للخروج من بين هؤلاء الأقارب المزعجين هنا.
رفعت أديل رأسها بثقة.
“لقد أعددتُ كل شيء كما أمرتَ.”
هل توقع أن تتجاوب معه بهذه السرعة؟
ابتسم بمظهر يبدو مفتونًا.
“جيد، لابأس.”
عندما وصل إليهم، ألقى نظرة هادئة على كتف أديل.
القريب الذي كان يمسكها، والذي كان يحدق فيه بدهشة،
أرخى يده أخيرًا.
“الـ- الأمر ليس كما تظن!”
حاول أن يبرر نفسه مباشرةً.
“بالطبع، أعلم أن الأمر ليس كذلك. إلى اللقاء لاحقًا.”
لكنه لم يُعطَ فرصة للدفاع عن نفسه.
بل أُضيف طلب واضح بمغادرته للمكان.
تبادل الأقارب اللذين كانوا واقفين مند البداية تحيات خرقاء واعتذارات غريبة، ثم غادروا مسرعين.
بعد قليل، بقيت أديل وحدها في بهو المدخل مع هذا الرجل الوسيم المذهل.
وأخيرًا، أدركت هويته.
‘دوق وينشستر…’
عادةً ما يكون كبار النبلاء و الدوقات رجالًا عجائز ببطون منتفخة.
لكن دوق وينشستر هذا حطم هذه الصورة النمطية ببراعة.
في الثامنة عشرة من عمره أصبح رجلًا يجعل القلب ينقبض بمجرد النظر إليه.
سيد هذا العصر الأعظم، دائمًا يحمي الضعفاء ويظهر اللطف للجميع.
هل تدخل للتو لإبعاد الأقارب عني عمدًا؟
هو حقًا يليق بسمعته.
“شكرًا لمساعدتكَ، سيدي الدوق وينشستر.”
“على الرحب، الآنسة أديل ميريوذر.”
كيف عرف اسمي؟
بينما كانت أديل تتساءل، مدّ إليها منديلًا يبدو ثمينًا.
“قد تحتاجين هذا.”
لم تفهم أديل لماذا افترض أنها بحاجة إلى منديل.
“لا، أنا بخير.”
عندما رفضت، شعرت أنه ينظر إليها كأنها كائن غريب.
آه، فهمت.
ربما هذا الرجل غير معتاد على الرفض أصلًا.
يُقال إنه لا يوجد أحد في العاصمة لا يحبه.
إذن، ربما يجب أن أقبله.
الامتثال لسلوك الأغلبية واجب المواطن العادي، أليس كذلك؟
“حسنًا.”
لكن المنديل عاد إلى جيب بدلته الأنيقة مع رده القصير.
‘هل أغضبته؟’
لا، مستحيل.
سيد محبوب من الجميع لن ينزعج من شيء تافه كهذا…
“بالمناسبة، لا أعرف كيف أفسر كلامكِ هذا.”
… لقد أغضبته حقًا!
“لا، أنا-!”
هرعت أديل لتبرير نفسها.
إغضاب شخصية رفيعةِ المستوى هو أمر مجنون.
“سمعتُ أن الآنسة ميريوذر رفضت عرض الماركيزة.”
آه، لم يكن يتحدث عن المنديل.
للأسف، كان الأمر أكثر خطورة.
يبدو أن الدوق سمع كلامها الذي قالته لاستفزاز الأقارب.
‘دوق وينشستر هو من أطاح بالماركيز السابق بناءً على الأدلة التي جمعتها كلارا.’
وليس هذا فحسب.
بل كان أول من رشح كلارا، الفتاة الصغيرة، لتكون الماركيزة القادمة.
هذا يعني أنه من “فصيل مؤيدي كلارا”.
لن يرحب أبدًا بفكرة أن شخصًا عديم النفع مثل أديل تتطفل على كلارا.
“آسفة. كنتُ غاضبة وتحدثتُ دون تفكير، ليس لدي أي نية لأكون وصية الماركيزة.”
أجابت أديل بوضوح.
توقعت أن يطمئن ويغادر، لكنه أستمر بالكلام.
“لماذا قمتي بالرفض؟”
لم تفهم دوافعه. لكن السؤال لم يكن صعبًا،
فأجابت ببساطةٍ.
“لقد رأيتَ الضجة منذ قليل. لو تدخلتُ،
سينقلب القصر رأسًا على عقب.”
“لقد رأيتُ، كيف تغلبتِ عليهم بكلامكِ ببراعة.”
بدت كلماته كأنها تمدحها.
‘هل يريد مني أن أكون الوصية؟’
دار هذا السؤال في ذهنها للحظة.
لكنها أدركت فورًا أن ذلك مستحيل.
أديل غير شرعية.
النبلاء يعاملون الأطفال غير الشرعيين كالأوساخ.
ودوق وينشستر هو قمة هؤلاء النبلاء.
“كان ذلك مثيرًا للاهتمام.”
“ماذا؟”
“ربما تمتلك الآنسة ميريوذر موهبة غير متوقعة ومفيدة.”
“أنتَ مخطئ.”
“أنا لا أخطئ.”
عبست أديل تلقائيًا لرده المتعجرف.
ربما لم يشك هذا الرجل في نفسه يومًا.
لذا يقول بثقة أنه “لا يخطئ”.
‘إنه… عكسي تمامًا.’
شعرت أديل فجأة بضيق من هذا الرجل.
“أدركتُ ذلك عندما رددتِ على كلامي بسرعة.
ربما هذه الحاسة فطرية لديكِ.”
واستمرار سماع المديح غير المعتاد جعلها تشعر بعدم الراحة.
لم تكن تريد سماع مثل هذا الكلام من غريب.
“الماركيزة أيضًا تمتلك نظرة ثاقبة للأشخاص―”
“لا!”
شعرت أديل بالضيق من الاستماع، فقطعت كلامه بسرعة.
“همم؟”
تساءل عما كانت تنفيه.
“أعني، ليس لدي موهبة أو قدرات فطرية. لا شيء!”
“أنتِ متواضعة جدًا.”
“ليس تواضعًا، أنا جادة!”
نظر إليها بدهشة للحظة.
ثم، بعد صمت، سأل مجددًا: “إذن، تقولين إنني لا أملك نظرة ثاقبة للأشخاص؟”
نعم، هذا بالضبط قصدي!
أخيرًا، فهمني هذا الرجل!
“نعم! صحيح! هذا هو مقصدي!”
أجابت أديل بحماس.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "2"