الفصل 19
بمجرد توصلها إلى اتفاق مع الدوق، لم تضيع أديل المزيد من الوقت.
خلعت مئزرها ولفّت الدفتر به، ثم نهضت وخرجت بحذر إلى الرواق.
بعد ذلك، نزلت بسرعة إلى الطابق الأول.
أثناء مرورها بالقرب من المدخل، سمعت صوت رالف يتحدث مع شخص ما عند أسفل السلالم.
“ألا يعقل… لم يأتِ رد حتى اليوم؟”
بسبب النبرة اليائسة في صوته، ظلت أديل تتنصت دون قصد.
“مهلاً، من هناك؟”
لكن رالف شعر بحركتها ورفع صوته.
أسرعت أديل إلى الطابق السفلي، عبرت ممر الخدم، وخرجت إلى الخارج.
على الرغم من وقوع حدث مفاجئ، فقد تمكنت من تهريب الدفتر بسلام.
* * *
في هذه الأثناء، كانت كلارا غاضبة لأنها طفلة.
لماذا صُنع هذا العالم بهذا الظلم تجاه الأطفال؟
أثناء تناولها وجبة خفيفة بعد الظهر والتجول في الحديقة، سمعت همهمات من زاوية ما.
“يجب ألا يصل هذا إلى أذني الماركيزة أبدًا.”
كان صاحب الصوت هو السير توماس.
شخص لم يرحب بتولي كلارا لقب الماركيزة.
“أعلم، أعلم.”
والمفاجئ أن الشخص الذي وافقه كان أولسون.
“سأكون حذرًا. على أي حال، من الجيد أنه لا يوجد الكثير من اللقاءات للماركيزة مع النبلاء الآخرين… آه!”
لم ترغب كلارا في استراق السمع، فتقدمت بجرأة أمام الرجلين.
“سـ-سيدتي الماركيزة!”
“كيف وصلتِ إلى هنا؟!”
فوجئ الرجلان، اللذان كانا يتعاركان دائمًا في غرفة الاجتماعات، بنفس التعبير.
“ما الذي لا يجب أن أعرفه؟”
“لا شيء، لا شيء.”
“نعم نعم، كلام أولسون صحيح.”
“يا الهي، لم أكن أعلم أنكما تتفقان بهذا الشكل.”
استدارت كلارا بحدة فتبعها أولسون بقلق.
“نحن صادقون، ليس هناك شيء يذكر!”
“أنا من سيقرر ذلك. لذا، جهز العربة.”
“ماذا؟ إلى أين تذهبين؟”
“إلى أي مكان.”
نظرت كلارا إلى أولسون بوجه متجهم.
“أي مكان مليء بالنمامين سيكون مناسبًا. و سأسألهم عن شؤون عائلتي واحدًا تلو الآخر كالحمقى.”
فزع أولسون وتوماس وحاولا منعها.
“لا، لا يمكنكِ السؤال عن مثل هذه الأمور! سيدتي الماركيزة، أرجوكِ…”
“إذا كنتما لا تريدان ذلك، أخبراني الآن.”
أمام إصرار كلارا، اضطر الرجلان أخيرًا إلى الإجابة بصراحة.
كان ما اتفقا على إخفائه يتعلق بأديل.
حتى الآن، كانت أديل تُعرف فقط بـ”الابنة غير الشرعية”.
طفلة وُلدت من علاقة بين رجل وامرأة غير متزوجين.
لكن مؤخرًا، أُضيفت إشاعة مروعة إلى ذلك.
“إشاعة؟”
“هـ- هذا…”
تردد الرجلان مجددًا.
“إنها غير مناسبة تمامًا لتسمعها الماركيزة الصغيرة…”
“هل يقولون أن السيدة روز جاءت من المنطقة التاسعة؟”
شحبت وجوه توماس و أولسون.
ربما كان ذلك لأن كلارا نطقت بكلمة “المنطقة التاسعة”.
في الحقيقة، لم تكن كلارا تعرف الكثير عن المنطقة التاسعة.
فقط سمعت أنها منطقة تعيش على تحويل رغبات البشر إلى مال.
وأن النبلاء، وحتى سكان العاصمة العاديين، يعاملون سكان المنطقة التاسعة كالقمامة.
“كنتُ أتمنى إبقاء ذلك سرًا، لكن يبدو أن الخبر تسرّب.”
لم يكن لدى كلارا رأي محدد حول سكان المنطقة التاسعة.
لكنها اعتقدت أنه لا فائدة من كشف أمر يتجنبه الجميع.
“نعم، يبدو أن برونسون نشرت الإشاعة. لقد تمكنا من منع نشر مقال، لكن…”
“آه، يا للصداع.”
عبست كلارا بانزعاج.
“حسنًا، فهمت. ومن الآن فصاعدًا، أخبراني مباشرة عن مثل هذه الأمور.”
أجابت بحزم وتوجهت إلى مكتبها.
حتى المساء، كانت كلارا لا تزال غاضبة من هذا الأمر.
في البداية، كانت غاضبة لأنها كادت لا تعرف هذه الحقيقة المهمة.
لكن مع مرور الوقت، تحول غضبها إلى اتجاه آخر.
‘لو لم أكن طفلة، لما منعت مثل هذه الأمور.’
على سبيل المثال، ماذا لو كانت مثل دوق وينشستر؟
كان الناس يمجدونه.
كانوا مشغولين بحبه مهما فعل.
لو كانت كلارا تمتلك نفس الكاريزما…
لما ظهرت مثل هذه الإشاعة، ولا كانت أديل قد رُفضت في متاجر الملابس.
‘حدث هذا بسبب ضعف قوتي…’
شعرت بالأسف تجاه أديل دون سبب.
‘إذا فكرتُ في الأمر، لا توجد أي فائدة لأديل من كونها وصية.’
داخل القصر، كانت تواجه ضغوط الأتباع والأقارب.
و خارج القصر، تواجه استهزاء النبلاء.
بالطبع، ستعوضها بالمال لاحقًا، لكن…
‘هل تُشفى الجروح العاطفية بالمال؟’
كانت كلارا تحتضن أوري في غرفتها وتفكر، ثم نهضت.
بما أنها لن تنام على أي حال، خططت للنظر في بعض الوثائق في المكتب.
لكن عندما فتحت الباب، واجهت شخصًا يقف أمامها مباشرة.
كانت أديل.
بدت متفاجئة، ربما لأن كلارا فتحت الباب بينما كانت على وشك الطرق.
في اللحظة التي التقت فيها أعينهما، شعرت كلارا بقلق يتسلل إلى قلبها.
‘هل… جاءت لتقول إنها ستستقيل بسبب الإشاعات؟’
نعم، لقد بدت كذلك.
كانت المعارضة ضد أديل أكبر وأكثر خسة مما توقعت.
فكرت كلارا أنها، حتى لو استقالت أديل، لن تقوم بتغريمها.
‘بسببي، يتم كشف حياتها الخاصة أمام العاصمة بأكملها…’
كان قبول ذلك بصمت هو التصرف الصحيح.
‘… لكن.’
استمر شعورها برفض الفكرة بالأزدياد رغم علمها بأن هذا شعور أناني.
‘ماذا يجب أن أفعل؟’
بينما كانت في حيرة، تحدثت أديل أولاً.
“آسفة لإزعاجكِ أثناء راحتكِ، سيدتي الماركيزة. لدي شيء أقوله…”
لا أرجوكِ لا تستقيلي!
شعرت كلارا كأن السماء تنهار.
“حـ-حقًا؟ أنا… كنتُ على وشك الذهاب إلى المكتب، لا يزال لدي عمل.”
كذبت كلارا دون قصد.
“…؟”
مالت أديل رأسها وأنزلت عينيها قليلاً.
أدركت كلارا حينها.
لقد خرجت دون وعي وهي تحتضن أوري.
أنا لستُ طفلةً تحمل دميةً بشكل لا إرادي!
“هـ-هذا!”
حاولت كلارا اختلاق عذر، لكنها فشلت في إيجاد واحد.
“… عـ- على أي حال، أنا مشغولة. حقًا.”
“هل يمكنكِ تخصيص بعض الوقت لي رغم ذلك؟”
“حـ-حسنًا.”
“هل يمكننا التحدث في غرفتكِ؟”
أومأت كلارا وتراجعت خطوة لتسمح لأديل بالدخول.
“… هل تريدين شرب شيء؟”
“أنا بخير. هل سيدتي الماركيزة جائعة؟”
“لقد تناولتُ العشاء. ثم تجولتُ في الحديقة للمساعدة في هضمه.”
كان التجول في الحديقة نصيحة من أديل.
قبلت كلارا النصيحة من أجل صحتها، لكنها لم تذكر ذلك بشكلٍ صريح ابدًا.
لم تكن كلارا طفلةً تطلب المديح.
لكن الآن، ربما لأنها شعرت أن أديل قد تستقيل قريبًا؟ خرجت الكلمات تلقائيًا.
“هذا رائع.”
بدت أديل سعيدة بشكل واضح.
“الاهتمام بثحتكِ مهم. آمل أن تستمري في ذلك.”
كانت كلماتها تلمّح إلى أنها قد لا تقول ذلك لاحقًا.
في النهاية سادّ صمتٌ محرج للحظة.
أدركت كلارا الآن أن أديل كانت تخفي شيئًا خلف ظهرها.
‘ربما جاءت لتقدم إشعار إنهاء مكتوبًا بخط اليد وفقًا للعقد.’
ترددت أديل ثم تكلمت مجددًا.
“حسنًا… في الحقيقة، لدي شيء أقوله. اكتشفتُ شيئًا اليوم.”
“… أعلم.”
“ماذا؟ آه… كنتِ تعلمين؟!”
“لو لم أكن طفلة… لما حدث ذلك. كل هذا خطأي.”
“ليس خطأكِ، سيدتي الماركيزة. إنها دناءة تصرفات رالف فقط.”
“لكن لو كنتُ بالغة مثل دوق وينشستر…!”
ارتفع صوت كلارا دون قصد.
“أفهم شعوركِ بالظلم. لذلك أريد أن أطلب منكِ شيئًا الآن.”
ركعت أديل على ركبة واحدة ونظرت إلى كلارا بعيون حنونة.
“أحتاج إلى إذنكِ، سيدتي الماركيزة.”
كادت كلمة ‘لا’ تخرج من شفتيّ كلارا.
لكنها لم تستطع قولها، فأطرقت رأسها، محدقة في حذائها، وهمست بعبوس.
“… حسنًا.”
كانت تعني “يمكنكِ المغادرة”، لكنها كانت كذبة واضحة.
قدمت أديل شيئًا بحذر أمام كلارا المتجهمة.
لا بد أن تكون وثيقة الإنهاء تلك…
“مم؟”
فوجئت كلارا بكتاب سميك أمام عينيها.
ما هذه الوثيقة التي تبدو بحجم دفتر حسابات شركة لعام كامل…
“لحظة- هذا دفتر حسابات حقيقي؟!”
“نعم، كما خمنتِ. إنه الدفتر ‘الحقيقي’. وهنا…”
قلّبت أديل بضع صفحات وفتحت واحدة أمام كلارا.
“سعر ملح ميريوذر، الذي يفترض أن يكون رخيصًا، مُسجل بتكلفة باهظة. إذا قورن هذا بدفاتر عائلة ميريوذر…”
توقفت أديل للحظة وابتسمت.
“لا شك أن هناك فارقًا كبيرًا سيظهر في السعر.”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات