“تعاقدي معي.”
فوق رأس أديل المُنحنية، سقطت كلمات الماركيزة المذهلة.
‘عقد؟ أنا والماركيزة؟’
“ألم تفهمي بعد؟ أعني أن تكوني وصيّتي القانونية.”
“ماذا؟!”
من فرط المفاجأة، رفعت أديل رأسها دون تفكير.
عبر المكتب الفخم المصنوع من خشب الماهوغاني، ظهرت ملامح الماركيزة.
شعرها المربوط بعناية على الجانبين، وشريط الدانتيل الأبيض الطويل المتدلي، وعيناها الدائريتان الجميلتان ذات البريق الأزرق.
وخدودها الناعمة كحلوى المارشميلو التي يرغب الجميع بلمسها.
هذه الماركيزة الرائعة تبلغ من العمر عشر سنوات فقط.
واسمها الجميل هو كلارا.
لماذا تقترح هذه الفتاة العبقرية البالغة من العمر عشر سنوات، والماركيزة الرائعة، مثل هذا العرض الهائل على أديل، الفتاة غير الشرعية المُحتقرة لعائلة ميريوذر؟!
حسنًا بدأ كل شيء هذا الصباح…
* * *
في صباح عيد ميلادها السادس عشر،
الذي يُعتبر بداية مرحلة البلوغ.
وصل خبر مُذهل إلى أديل، الفتاة غير الشرعية المُخجلة لعائلة ميريوذر.
“الماركيزة كلارا تطلب حضوركِ.”
فجأةً هكذا؟
أديل هي إنسانة عديمة النفع تعيش كالطفيلية في عائلة الماركيز.
لذا، يعاملها الجميع، من الأقارب إلى الخدم، كأنها هواء لا وجود له.
إنها موجودة، لكنها غير موجودة.
‘بل ربما رائحتي كريهة؟ فكلهم يعبسون حين يرونني.’
على أي حال، بما أن الماركيزة طلبتها، نزلت أديل مترددة من العلية.
عبرت الممر الفاخر حتى وصلت إلى باب المكتب.
تنفست أديل بعمق.
كانت متوترةً لأنها لا تعلم ما الذي ستسمعه…
-طق طق.
طرقت الباب، فجاء الجواب سريعًا.
“ادخلي.”
صوت واضح ونقي. فتحت أديل الباب بحذر.
“أ- أهلًا.”
هل أزعجت تحية أديل الخرقاء الماركيزة؟
تجعّد وجه الماركيزة كلارا ميريوذر قليلًا.
ومع ذلك، لم يمنع ذلك جمالها الفطري من التألق.
‘إنها تبدو كالدمية.’
“ألا تعرفين الآداب؟ لا يمكنكِ تنظري إلى وجه شخص آخر بإمعانٍ هكذا.”
عند هذا التوبيخ الحاد، شهقت أديل وأنزلت رأسها بسرعة.
“آ-آسفة. وجهكِ الموقر كان جميـ…”
“ليس لدي وقت، فلننتقل إلى صلب الموضوع.”
“آه، نعم.”
“تعاقدي معي.”
كادت أديل ترفع رأسها مجددًا لهذا الاقتراح المفاجئ.
“سأضع اسمكِ في سجل النبلاء. ليس سيئًا، أليس كذلك؟ ستصبحين عضوًا رسميًا في عائلة ميريوذر.”
“أنا… أنا حقًا؟”
“نعم.”
بالنظر إلى وضع أديل، هذا أمر لا يُعقل.
كانت أمها من أصلٍ متواضعٍ.
وأبوها كان يُعرف بالسكير الماجن لعائلة ميريوذر.
و أديل هي الطفلة غير الشرعية التي أنجباها دون زواج.
وفقًا لتقاليد وقوانين مملكة سيلمريا التي تعتبر الأطفال غير الشرعيين وجودًا قذرًا و غير مشروع، لم تُعامل أديل كنبيلة رسمية.
بل كانت تُعتبر وصمة عار قذرة في العائلة.
“أهذا غير كافٍ؟”
“لا، لا! ليس هذا ما أعنيه.”
“إذًا، شيء آخر. كان هناك خطبةٌ أُبرمت بقرار الماركيز السابق، أليس كذلك؟”
“نعم؟ نعم.”
حتى لو كانت وصمة عار العائلة، فإن نصفها من دم نبيل.
استغل الماركيز السابق هذه الخاصية لإتمام خطبة لها.
مع رجل ثري جاهل ينقصه اللقب والأخلاق والكرامة.
كانت خطة الماركيز السابق الدنيئة لاستغلال ثروة هذا الرجل.
“سألغيها لكِ.”
تحيى الماركيزة الجديدة تحيى، أحبكِ!
كادت أديل تتعهد بالولاء الأبدي على الفور…
‘اهدئي، أديل ميريوذر!’
وراء كل عرض مغرٍ، هناك دائمًا مطالب مقابلة.
وكما توقعت، جاء الشرط.
“لكن، يجب أن تبقي إلى جانبي.”
و كان طلبًا لم تتوقعه أبدًا.
كيف لفتاة غير شرعية لا تستطيع حتى رفع رأسها أمامها أن تكون إلى جانب الماركيزة؟
‘والأهم، الماركيزة كلارا…’
هي ابنة السلالة المباشرة النبيلة.
الفتاة العبقرية لعائلة ميريوذر.
الطفلة الصالحة التي كشفت بنفسها فساد والدها، الماركيز السابق.
‘والآن، ستصبح الماركيزة الرسمية من خلال الوراثة الشرعية…’
لماذا تختار هذه السيدة العظيمة، التي ستكتب تاريخ العائلة من جديد، فتاة غير شرعية لتكون إلى جانبها؟
“ألم تفهمي بعد؟ أعني أن تكوني وصيّتي القانونية.”
“ماذا؟!”
هذه المرة، رفعت أديل رأسها بالفعل.
عندما التقت بملامح كلارا الصغيرة، فهمت الطلب أخيرًا.
‘هكذا إذًا…’
كل وريثٍ دون سن الرشد يريد أخد اللقب يحتاج إلى وصي قانوني ليُعترف بتوريثه رسميًا.
الوصي يمكن أن يكون أي شخص بالغ من العائلة.
لكن لماذا أديل بالذات؟
مثل هذا المنصب عادةً ما يُمنح لشخصٍ ذو سلطة وحكمة داخل العائلة.
“اختياركِ لي هو بسبب…”
هل لأن أديل، رغم كونها غير شرعية، تمتلك قدرات مذهلة؟
هاه، مستحيل.
“لأنني إنسانة عديمة النفع تمامًا؟”
“نعم، أنتِ تعرفين جيدًا.”
واه… أن تجيبي بهذه السرعة.
حسنًا…لقد تألمتُ قليلًا.
أعتقدُ أنني سمعتُ قلبي ينكسر الآن.
لكنها ليست مخطئة.
“من بين البالغين الذين يحملون اسم ميريوذر، أنتِ الوحيدة الأكثر إخفاقًا وبلا إنجازات.”
كلماتٌ هادئة ضربت أديل كالسياط.
“لذا، لن تتفوهي بنصائح سخيفة بحجة أنكِ بالغة، أليس كذلك؟”
“بالطبع.”
ابتسمت كلارا ابتسامة ساحرة، ثم حركت يدها الصغيرة لتفتح درجًا.
“حسنًا، سأعد العقد.”
يبدو أنها متأكدة أن أديل لن ترفض هذا العرض.
وصية الماركيزة.
منصب مغرٍ بمجرد سماعه، أليس كذلك؟
لكن أديل، رغم كونها عديمة الجدوى، ليست غبية.
“آسفة، لكنني أرفض، سيدتي الماركيزة.”
أن تصبح أديل،التي هي بلا سند، وصية كلارا، يشبه أن تطير حشرة حقيرة نحو النار.
والنار في هذا القصر ليست واحدة، بل اثنتان.
الأتباع الذين يعارضون كلارا.
الأتباع الذين يوقرون كلارا.
بمعنى آخر، القصر بأكمله سيحاول قتل أديل.
لا يمكنها المخاطرة بحياتها من أجل إلغاء خطبة بائسة.
حتى تسجيل اسمها في سجل النبلاء لن يغير شيئًا.
‘هل سيغير ذلك المعاملة الحقيرة التي تلقيتها طوال هذه السنوات؟’
للحظة، اهتز قلبها، لكن لدى أديل هدفًا خططت له منذ زمن.
إذا حققت ذلك الهدف، قد يُلغي الطرف الآخر الخطبة من تلقاء نفسه.
“أريد أن أعيش بعيدًا عن عائلة ميريوذر من الآن فصاعدًا.”
تجعّد وجه كلارا الصغير قليلًا.
هل ستعاقبني لرفضي أوامر سيدة العائلة؟
“… إذًا، اذهبي.”
كانت أديل تتوقع محاولة إقناع أخرى،
لكن كلارا أصدرت صوت نفور ونظرت إلى أوراق أخرى.
‘هل يمكنني الذهاب حقًا؟’
ترددت أديل وقالت: “إذن، سأستأذن.” ثم غادرت المكتب.
لم تجب كلارا، بل ظلت تنظر إلى الأوراق فقط.
حتى وهي تخرج، استمرت أديل بالالتفات إلى كلارا.
‘تبدو متعبة… هل تعمل دون توقف دون أن ترتاح؟’
-بوم.
أُغلق الباب قبل أن تفكر أكثر.
في الممر، كانت مربية كلارا تقف حاملة كوب حليب وتنظر إليها، فهربت أديل مسرعة.
* * *
في هذه المملكة، كانت الحاجة إلى “وصي” لكل فتى وفتاة عيبًا قديمًا.
بل ربما ليست الوصاية هي المشكلة الحقيقية.
المشكلة أن أي شخص بالغ يمكن أن يصبح وصيًا.
الأوصياء غير المؤهلين غالبًا ما يكونون أغبياء، فيخلطون بين الوصاية والسيطرة.
و الآن كان هناك مثالٌ حي أمامها.
“بسببكِ أصبح الأمر هكذا، أديل! لو كنتِ أذكى قليلًا…!”
أم أديل، روز، التي كانت مثالًا نموذجيًا للوصي غير المؤهل، يمكن أستخدامها كمثال.
كانت دائمًا تلقي باللوم على أديل في بؤس حياتها.
‘حسنًا، هي ليست مخطئة تمامًا.’
أولًا، اختفى والد أديل فور سماعه بخبر حمل روز و ترك المشكلة للعائلة الرئيسية دون أن يتزوجها.
كانت روز دائمًا تقول لها،”لو ولدتِ بعد فترة، لكنا أقمنا حفل زفاف! لقد دمرتِ كل شيء!”
لم تكن هذه الأسباب الوحيدة لاستياء روز من أديل.
حتى كطفلة غير شرعية، تلقت أديل تعليمًا لتصبح سيدة راقية من عائلة ميريوذر.
الخياطة والتطريز.
آداب النبلاء.
تاريخ المملكة الأساسي.
إدارة القصر.
الرقص الاجتماعي.
الغناء والبيانو.
كتابة الرسائل الجذابة.
لو أحرزت أديل أي تقدم في أي من هذه المجالات، لكان وضعها ووضع أمها أفضل مما هو عليه الآن.
لكن، للأسف.
لم تنجح أديل في أي مادة.
في طفولتها، كانت تحاول جاهدة، ملتصقةً بالمكتب.
‘لأن ذلك كان يُسعد أمي.’
بل، كان السبيل الوحيد للحصول على شيء يشبه الحنان.
‘يا للغباء.’
أن تكافحي من أجل عاطفة غير مرئية….
‘وهي ليست حقيقية حتى.’
بعد خروجها من غرفة كلارا، صعدت أديل سلم الخدم في نهاية الممر.
عندما وصلت إلى العلية، كانت روز تتجول في الممر الضيق.
هي، التي لم تحصل حتى على اسم ميريوذر، عاشت في العلية طوال حياتها.
من جهة، إنها امرأة تثير الشفقة…
“أديل! ماذا قالت لكِ تلك الفتاة الجميلة؟”
كانت روز تدعم كلارا بحماس.
والسبب بسيطٌ جدًا.
“أن تتخلص من ذلك الرجل العجوز الكريه بسهولة، أليس هذا رائعًا؟”
كانت تشير إلى أن كلارا تخلصت من الماركيز السابق الذي حبسها في العلية.
“أي غرفة خصصت لنا؟ وبالطبع ذكرتِ أننا بحاجة إلى خادمة خاصة، أليس كذلك؟”
“لم تقل الماركيزة شيئًا عن ذلك.”
“ماذا؟ ما هذا الكلام؟”
يبدو أنها إذا علمت أنني رفضت عرض الوصاية، سأتلقى صفعة…
-صفع.
حسنًا يبدو أنني قللت من تقدير أمي.
لقد صفعتني فقط لأنني لم أحصل على شيء.
“لقد أخطأتِ في شيء مجددًا، أليس كذلك؟! وإلا كيف يحدث هذا!”
حسنًا، بالتأكيد.
لو قبلت منصب الوصاية، لكان لدينا غرفة أفضل.
‘لو حدث ذلك…’
أمسكت أديل خدها الملتهب، وتخيلت رد فعل روز.
هل كانت ستعانقني بحرارة قائلة إنها كانت تعلم أنني سأنجح؟
‘همم…’
كانت هذه فكرة غريبة.
لقد تخليت عن مثل هذه التوقعات منذ زمن بعيد.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
في مشكلة حالياً في الموقع تتعلق بأرشفة الفصول الجديدة بعد نشرها، وراح يتم حلها قريباً إن شاء الله.
وكإجراء احتياطي نرجو منكم الاحتفاظ بنسخة من الفصل بعد نشره على الأقل لمدة يومين أو ثلاثة أيام، لو صار أي خلل مفاجئ.
كما نوصي بمراجعة الفصل المنشور خلال هذه الفترة للتأكد من ظهوره بشكل سليم، ومن عدم حدوث أي خلل تقني أو أرشفة خاطئة.
نعتذر عن الإزعاج، وشكراً على صبركم وتعاونكم الدائم
— إدارة الموقع Hizo Manga
التعليقات لهذا الفصل "1"