وبعد أن قدم الرجل الطلب، ركب حصانه واتجه إلى مكان بعيد، لا يزال في مملكة باروا. طرق الباب حيث كانت بيريلانس، وانفتح الباب بسرعة.

“السير دينو، كيف كان الأمر؟”

الرجل الذي ذهب في البحث، دينو، فارس الماركيز ويند، وجد مكانًا يمكنه من خلاله الحصول على أسلحة سرًا من بلد العدو بناءً على أوامر بيريلانس. في البداية ظن أنه مجرد هراء، ولكن كان العكس، كان هناك مكان واحد فقط يتعامل مع الأمر.

“لقد وجدتُه.”

حتى بيريلانس التي طلبت منه التعرف على ذلك كان يبدو على وجهها نظرة مفاجأة.

“لقد كان ذلك ممكنًا حقًا.”

حتى بيريلانس لم تعتقد أن الاحتمال الذي حدث له بالصدفة سوف يصبح حقيقة.

هذا أوضح الأمر. أحدهم شوّه سمعة الماركيز غرانت. وهذا الشخص بالتأكيد لم يكن الماركيز ويند، بل كان من الواضح أنه كان يلفق له التهمة…

“لقد طلب مبلغًا كبيرًا.”

أعطاها دينو الورقة التي قام بتبادلها..

لم يكن السعر المكتوب على الورقة زهيدًا، حتى بالنسبة لطبقة أرستقراطية رفيعة المستوى. لذا، ما كان النبلاء الأدنى ليتجرأوا على شرائها. وبطبيعة الحال، أزالت هذه الصفقة الأرستقراطيين ذوي الدخل المحدود من القائمة.

“وقال إنه يستطيع الحصول على الدروع.”

“لا يوجد حقًا أي شيء لا يستطيع تحقيقه.”

ارتجف صوت بيريلانس قليلاً وهي تقول ذلك.

أي عائلة قادرة على إسقاط عائلة غرانت هكذا؟

“سيدي دينو، من فضلكَ حافظ على هذا سرًا.”

“بالطبع.”

كان طلب بيريلانس مناسبًا بشكل طبيعي لدينو.

كان دينو فارسًا رافق بيريلانس من مينيفي. في البداية، وبينما كان يتبعها، يراقبها وهي تحقق في قضية الماركيز غرانت السابق، شعر بالقلق من تورط الماركيز ويند. لكن اليوم فقط أدرك الوضع برمته. يبدو أن عائلة غرانت كانت ضحية ظلم. لم يكن يعلم هل كان ذلك بسبب إيمانه بفير أم أنه كان يعتقد ذلك منذ البداية، مهما كان الأمر، بسبب روحانيته النبيلة، كان من الواضح أنه يصدقه.

“سأخبركِ في أقرب وقت أسمع فيه.”

عندما غادر دينو بعد وداعها، استلقت بيريلانس على السرير وهي تتنهد بعمق. حان وقت معرفة من فعل ذلك ولماذا.

اندفع فير مسرعًا نحو مكتب رومان. طلب ​​لقاءً خاصًا مع رومان، ولحسن الحظ، تمكن من اللقاء قبل الموعد المتوقع.

“ماذا يحدث هنا؟”

وضع فير الدواء على المكتب.

“نحن بحاجة إلى وقف تداول هذا الدواء.”

“عن ماذا تتحدث فجأة؟ ما هذا؟”

“إنه مخدر يسبب الإدمان. وهو أيضًا سبب الزيادة الأخيرة في الحوادث والإصابات.”

عندما رأى رومان وجه فير الجاد، والدواء على الطاولة، نادى على الخادم بجانبه.

“اتصل بالكونت ميا في أقرب وقت ممكن.”

“نعم.”

غادر الخادم المكتب بسرعة.

“من أين حصلتَ عليه؟”

“لقد ذهبتُ للتو إلى الأحياء الفقيرة.”

“الأحياء الفقيرة؟”

لقد كان مكانا غير متوقع.

“سمعتُ أن الرائحة الكريهة ازدادت سوءً مؤخرًا. عندما ذهبتُ إلى هناك، كان الناس في حالةٍ من الدمار لدرجة أن حياتهم اليومية أصبحت مستحيلة. كان بعضهم قد مات بالفعل.”

“هل عاشوا بين الجثث؟”

“لم يبدو عليهم الوعي الكافي للاعتراف بذلك. بدوا وكأنهم أموات.”

عندما خطرت تلك الصورة المروعة في ذهنه، عبس فير. 

تنهد رومان بعمق.

“كيف تأكدتَ أن هذا هو السبب؟”

“كنتُ أجوب كل مكان، أبحث عن المخدرات. في كل منزل. حتى أن بعض الناس ماتوا بعد أن وضعوا كمية كبيرة منها في أفواههم دفعةً واحدة.”

“صاحب السمو، لقد وصل الكونت.”

 “أطلب منه أن يدخل.”

 “صاحب السمو، هل اتصلتَ بي؟”

سار الكونت ميا بسرعة أكبر نحو رومان وسلم عليه.

“هل تعرف ما هو هذا الدواء؟”

في تلك اللحظة، وعند سؤال رومان، تحول نظره إلى الدواء على مكتبه. وبدا عليه الدهشة للحظة.

“هذا هو الدواء الذي تحدثتُ عنه في الاجتماع. هل حصلتَ عليه بنفسكَ؟”

“لقد أحضره الفيكونت غرانت بنفسه من الأحياء الفقيرة.”

“من الأحياء الفقيرة؟”

وبدا الكونت ميا، الذي أعاد السؤال، مندهشًا.

“لابد أن يكون سعر هذا الدواء مرتفعًا جدًا.”

“اعتقد أنه ربما نظرًا لفعاليته، كان ينبغي رفع سعر الدواء قليلًا. وكان من المدهش وجود مثل هذا الدواء في الأحياء الفقيرة.”

“كان في كل مكان. لم يكن هناك أي ألم، بل شعرتُ وكأن أجسادهم مشلولة. وكان من المستحيل تحريك اجسادهم كما يحلو لهم.”

“آه… أعتقد أنهم تناولوا جرعة زائدة.”

أعرب الكونت ميا عن استيائه من تفسير فير.

“ليس من السهل الوصول إلى هذه المرحلة بالجراحة أو بجرعات منتظمة. ربما يكون الأمر متعلقًا بشرائه وتناوله بشكل منفصل.”

كان الكونت ميا يدرس الآثار الجانبية بالفعل، لذا كان يعرف تمامًا ما يتحدث عنه. اضافة إلى ذلك، تم إيقاف استخدامه، فلو اشتراه الناس، لكانوا قد فعلوا ذلك سرًا.

“لقد تمت معالجة الطلب رسميًا، لذا يجب العثور على طرق أخرى.”

“أعرف مكان التوزيع، في الشمال.”

“موقع التوزيع؟”

“نعم.”

التقت عيون رومان وفير.

“الكونت ميا، سأتصل بكَ لاحقًا. سأكون بعيدًا لفترة من الوقت.”

“نعم.”

في جوٍّ غير مألوف، غادر الكونت ميا مقعده بسرعة. وحتى بعد مغادرته، تبادلا النظرات.

“هل هو في منطقة روبن؟”

لقد كان ردًا مقنعًا من رومان.

“نعم.”

وردّ فير. المنطقة الوحيدة التي كان يعرفها بالتفصيل هي الجزء الشمالي من روبن.

“هل هناك أي دليل قاطع؟”

“لقد رأيته بنفسي في مينيفي. ربما سمعتَ مؤخرًا أن الطلب الأكبر في الجزء الشمالي من روبن هو على هذا المنتج.”

“من الإمبراطورية إلى مملكة باروا.”

أُعجب رومان باتساع نطاق التوزيع.

“بعد أن راجعنا ذلك، طلبتُ منهم أن يبحثوا في أماكن مماثلة.”

“أحسنتَ. بمجرد اكتمال التحقيق الأساسي في توزيع هذا الدواء، سنكتشف الأمر.”

أومأ رومان راضيًا عن سرعة رد فير، وكتب وثيقة رسمية موجزة وسلّمها لرئيس الأركان. ستُوزّع الوثيقة قريبًا في جميع أنحاء مملكة باروا، مما يُصعّب الحصول على المخدرات حتى عبر الطرق غير الشرعية. 

بعد سماع قصة الفرسان الذين وصلوا متأخرًا، بدا القائد العام مذهولًا. حدث الشيء نفسه للرجال الذين لم يتمكنوا من الذهاب. وكان الأمر نفسه بالنسبة لرومان وفير. إلا أنهما لم يُظهرا وجوههما كما كانا. كانت جميع الأحياء الفقيرة في عاصمة مملكة باروا تعاني من نفس الوضع. كان عدد المدمنين يفوق المتوقع.

“في الوقت الحالي، اجمعوا الجثث واعتنوا بالناجين. إذا صادفتم أيًا منهم، فاسألوهم عن المخدرات واكتشفوا أين يبيعونها.”

كان هذا هو الأمر الأول الذي أصدره رومان، الذي كان غارقًا في أفكاره بعد الاستماع إلى الفرسان.

“إذا اكتشفتَ ذلك، اترك رجلاً واحدًا فقط كزعيم.”

“سأعتني بالباقي.”

كان القائد على علم بقصة رومان. ربما لم يستطع كل من شارك في هذا الأمر تجنب العقاب الشديد. انحنى انحناءة سريعة وخرج لتنفيذ الأمر.

حتى بعد مغادرته، ظلّ الصمت يخيّم على المكتب. حلّ رومان بشفتيه المطبقتين وقبضتيه المطبقتين، محلّ المزاج السائد. فير، الذي كان يعرف مشاعره، انتظر بصبر.

“ما هي تأثيرات هذا الدواء؟ كيف تسبّب هذا الدواء في كل هذا؟”

مرّ وقت طويل قبل أن يتكلم رومان. كان صوته مكتومًا بالغضب.

“إنه دواء يُصيب الشخص بالجنون. يُقال إنه يُسبب الإدمان.”

“إنهم مدمنون…”

“يقال إن الناس سيواصلون البحث عن المخدرات. وكمياتها في ازدياد مستمر.”

ثم شرح فير.

“في الآونة الأخيرة، كان الفيكونت روبن هو الأكثر نشاطًا في الطلب الأخير على المخدرات، وخاصة في منطقة روبن.”

“أولاً، سأضطر إلى إرسال خطاب رسمي مباشرة إلى منزل روبن، ثم معاقبة كل من شارك في التعاملات غير القانونية.”

خُتمت الرسالة الرسمية التي كتبها رومان بخاتم الملك، ووصلت إلى مكتب ممثل روبن، الذي كان مقره في مملكة باروا. سيتم الإعلان رسميًا عن تفاصيل العقوبة لجميع النبلاء غدًا.

“يعرف الفيكونت غرانت عن هذا الدواء أكثر مما كنتُ أعتقد.”

فجأة فكر رومان وتحدث إلى فير.

“هذا ما قالته لي السيدة.”

“السيدة؟ الماركيزة ويند؟”

على عكس فير، الذي يتحدث بشكل غير رسمي، لم يفعل رومان ذلك.

“كيف عرفَت سيدة نبيلة ذلك؟”

أصبح صوت رومان حادًا جدًا. 

فكر رومان: “كان من الطبيعي أن أشعر بالريبة. وفقًا للكونت ميا، إنه دواء جديد. دواء مُكتشف حديثًا. لا يزال قيد الاختبار في مملكة باروا لمعرفة ما إذا كان له أي آثار جانبية؛ كان من الغريب حقًا أن يعرف أحدهم هذا بالتفصيل.”

[التقت السيدة ويند بالرجال الذين كانوا فرسان الماركيز غرانت.]

لقد انبهر رومان عندما تذكر المعلومات التي أعطاها له جيمس، والتي أرفقها بينما كان يراقب بيريلانس.

فكر رومان: “لم يكن كافيًا أن تعرف عن أراضي فرسان غرانت. هل كانت تعرف أيضًا عن المخدرات؟ هذا غريب جدًا.”

“إنه…”

فكر فير: “لم يكن هناك سبيل للإجابة على السؤال. ذلك لأنني لم أسمع قط كيف عرفت بيريلانس…”

“هذا غريب. كيف عرفت السيدة بالدواء؟”

“لقد رأتُه وفهمته.”

فكر فير: “بينما كنا في العربة، رأت بيريلانس حالة الرجل ولاحظت ذلك فورًا. نعم، لاحظت ذلك فورًا…”

“أعتقد أنني سأضطر إلى التحدث مع الآنسة ويند.”

فكر فير: “يمكن قراءة عدم الثقة ببيريلانس في صوت رومان…”

“هي… لا.”

وكان هذا ردًا مباشرًا من فير، دون تردد.

“ولكن أليس من الغريب أنها تعرف أكثر من أي شخص آخر؟”

كان فير يعلم أن لدى رومان شكوكًا معقولة. شعر بذلك وهو يُحلل سؤاله. لكن ذلك لم يدم طويلًا.

“أعلم أن الأمر غريب. لكن هذا ليس غريبًا على الآنسة. فهناك من كان قد خدَّر الحصان عندما كانت في خطر.”

فكر فير: “من المستحيل أن تكون بيريلانس متورطة في المخدرات. فمواقفها الخطرة كانت دائمًا بسبب متعاطيي المخدرات. حتى أنها كادت أن تموت في حادثة العربة. كان روبن نفسه وراء كل ذلك…”

تذكر فير الحادثة مرارًا وتكرارًا.

لكنها كانت حقائق دامغة، لأن فير هي من كان دائمًا بجانبها. لم يكن رومان يعلم من الذي دبّر ما يُسمى اللحظة الخطرة. لذا ظنّ أنه قد يفعل ذلك بنفسه لصرف الشكوك عنها. بالطبع، سيكون الأمر سخيفًا. لكن كل موقف يدعو دائمًا للشك.

لذلك كان لدى الرجلين أفكار مختلفة.