بعد أن وصلا إلى طريق بات من الصعب حتى على الخيل دخوله، توغّل الاثنان معًا في درب الغابة كما في السابق.
“ألم يكن هنا تقريبًا؟”
سألت سيلينا وهي تستعيد المكان الذي ظهر فيه ذلك الضوء الأبيض الناصع عندما قدِما إلى هنا أول مرة.
لكن مهما واصلا السير، لم يظهر شيء. لا الضوء الأبيض ولا ذلك الطنين الغريب.
“هل كان علينا أن نحضر إنغريد معنا؟”
تسلّل القلق إلى قلبها، خشية أن يكون ذلك الكائن الغامض قد رفض مقابلتهما لأنهما لم يجلبا الشخص الذي يريده.
“حتى لو أردنا إحضارها الآن، فلا نملك القوة على ذلك.”
كان من الصعب تخيّل وجود من يستطيع جرّ إنغريد قسرًا إلى هذا المكان.
“على أي حال، سنقضي الليلة هنا.”
قال زينوس ذلك بعدما عثر على كهف داخل الغابة.
“يبدو أن أحدًا استخدم هذا المكان من قبل.”
فقد كانت هناك آثار نار أُوقدت سابقًا، وموضع نوم مصنوعٌ من العشب.
“لنصنع لنا فراشًا ونوقد النار.”
بعد أن أشبعا جوعهما على نحوٍ مناسب، تمدد كل كٌ منهما في المكان الذي أعدّه.
و داخل فراش العشب، وعلى مسافة شبرٍ واحد فقط من زينوس، ظلّت سيلينا تتقلّب محاولةً النوم مراتٍ عدة.
“أيها الإنسان. ما سبب عودتكَ إلى هذا المكان؟”
و لا تدري كم مضى من الوقت منذ أغمضت عينيها.
في فضاء أبيض ناصع، وقف رجلٌ طويل القامة. كان يحرّك شفتيه ويسأل، لكن الصوت بدا كأنه صادرٌ عن الريح نفسها.
ظلّ رمز الزواج يومض داخل قلادة سيلينا. ومع كل وميض، كان الرجل يجيب: “أفهم، هكذا إذاً.”
“لقد سمعتُ كل شيء.”
يبدو أن الحديث الطويل قد انتهى.
وقفا سيلينا و زينوس مندهشين، لا يعرفان ماذا يفعلان.
“لقد أنجزتما طلبي. وجدتما الشخص الذي طلبتُ منكما العثور عليه. لذلك أقبل أن أكون شاهدًا على زواجكما.”
عندها فقط عادت إلى ذاكرتها، بشكلٍ باهت، ذكريات قدومهما الأول إلى هذه الأرض.
“ألا يجب أن نحضر ذلك الشخص إلى هنا؟”
“بقوتكما، لا يمكن ذلك. أنا أعلم.”
“لا يجوز ترك تلك المرأة على حالها. قد يُضحّى بالكثير من الناس. يجب إيقافه.”
كانت سيلينا تأمل أن يتمكّن هذا الوجود غير المرئي من إيقاف قوة إنغريد المرعبة.
“لا أستطيع. فهذه قوةٌ حقيقية. سيحدث تصادمٌ بين قوى التنانين.”
فلم تستطع سيلينا إخفاء خيبة الأمل على وجهها.
“مع ذلك، ألا توجد طريقة؟ طريقةٌ لإيقافها. لا يمكننا العودة هكذا.”
“تلك القوة مسروقة. تلك الإنسانة ليست المالكة الحقيقية.”
اشتدّت ملامح الرجل، وكأن الغضب يشتعل فيه لمجرد التفكير بالأمر.
“يجب إعادة قوة التنين إلى صاحبها.”
“صاحبها؟”
‘إن كان المقصود بصاحب القوة هو الوريث، فهل يعني زينوس؟’
عندها أشار الرجل إلى سيلينا،
“على المالكة أن تستعيد قوتها.”
***
“هل حسمتَ أمركَ حقًا، جلالة الإمبراطور؟”
أومأ الإمبراطور بحزم ردًا على سؤال الماركيز أندرسون.
“قد تتحول العاصمة إلى بحرٍ من الدماء.”
“إن كان دمًا لا بد من سفكه، فليُسفك. بعد ذلك، سيصبح العالم كما نريد.”
لم يُعجب الماركيز استعجال الإمبراطور في هذا الأمر.
وما هو أسوأ من ذلك، أن الرجل الذي سيصبح زوج ابنته هو وليّ العهد إيريك.
‘منذ حادثة حفل الظهور الاجتماعي، وحتى مأدبة نهائي الياقوتة الحمراء، الأخطاء التي لم تُعالَج تتراكم كالجبل.’
كان يتجول سكرانًا، يتحدث عن قضاء ليلةٍ مع امرأةٍ لم يخطبها حتى. وكان الرجل نفسه الذي لطّخ مستقبل ابنته بوصمةٍ ستلازمها مدى الحياة.
‘لو لم يكن وليّ العهد فقط!’
اشتدّت قبضته دون وعي، لكن خصمه كان وليّ العهد.
والآن، كان الإمبراطور يخبر الماركيز أندرسون أنه سيزوّج إيريك ولايلا على الفور.
‘من أجل القضية الكبرى. التضحية بالصغير لأجل الكبير.’
لم يكن زواج الاثنين مجرد اتحادٍ بين عائلتين. كان الإمبراطور يخطط لأمرٍ أعظم، وكان ينوي استخدام قوة بيت أندرسون العسكرية لتحقيقه.
“هل أنتَ مستعد، أيها الماركيز؟”
“منذ اللحظة التي قررتُ فيها رفع لايلا إلى مكانةٍ عالية، كنتُ مستعدًا.”
وعندما رأى الإمبراطور تعبير وجهه، تحدّث مطمئنًا،
“سندخلها القصر اليوم، ونُعلن الزواج غدًا.”
“جلالة الإمبراطور، أرجو أن تعدني بشيءٍ واحدٍ إضافي.”
“تكلّم.”
“أنتَ تعلم جيدًا ما الذي مرّت به لايلا في حفل الظهور الاجتماعي. ومع ذلك، فإن إتمام الزواج بهذه العجلة ومن دون مراسم لائقة يُقلقني. بعد أن تُحلّ كل الأمور، أرجو أن تُقام لهما مراسم زواجٍ تليق بهما.”
فأومأ الإمبراطور برأسه.
“لولا أنني في مثل هذا الظرف، لما جلبتُ ابنتكَ على هذا النحو. أعدكَ. سيُقام لها أعظم حفل زفاف، أعظم من أي زفافٍ آخر.”
***
“اتركوني!”
ظلّ إيريك يتخبّط بلا جدوى بين الخدم الذين كانوا يحملونه وينقلونه.
“زواج فجأة؟ لا يوجد مثل هذا القانون! أنا وليّ عهد هذه البلاد! اتركوني!”
لكن الخدم، وكأن آذانهم صُمّت دفعةً واحدة، واصلوا حمله دون أي تردّد.
وكان سام، الذي كان يسحب إحدى ساقي إيريك، يلهث من شدّة الجهد وهو يتحدّث،
“سموّك، على أي حال هو زواجٌ لا بدّ أن يتم، أليس مجرد تقديمٍ للموعد؟ إذا واصلتَ الحركة هكذا ستصاب بأذى. أرجوكَ، دع جسدكَ لنا.”
“أأترك جسدي؟ هل تظنني في وضعٍ يسمح بذلك! أين إنغريد؟ من تكون تلك المرأة حتى تتجرأ على الزواج من وليّ العهد! وهي أصلًا لم تدخل حتى قائمة المرشحات النهائية!”
“صحيح. لِمَ لم تقل ذلك لجلالة الإمبراطور بنفسكَ؟”
قالت لايلا ذلك بوجهٍ بارد وهي تقذفه بالكلمات.
و كان إيريك قد نُقل دون أن يشعر إلى الغرفة التي كانت فيها لايلا.
“أتجرؤون أيها الأوغاد!”
حاول فتح الباب فورًا، لكن بلا فائدة.
“تجرؤون على حبسي هنا؟ أتظنّون أنني سأبقى محبوسًا هكذا؟”
و راح إيريك يركل الباب بعنف محاولًا فتحه بأي طريقة.
“سأرى إن كان سيُفتح الآن!”
حتى بعدما ابتعد خطوتين وقفز ليركله، لم يتحرك الباب المتين قيد أنملة.
و شعرت لايلا بالشفقة على منظره، فأدارت له ظهرها وتوجهت إلى طاولة الزينة.
وبعد أن ركل الباب عدة مرات، أطلق إيريك صرخة ألمٍ قبل أن يتدحرج على الأرض.
أما لايلا، فلم تأبه به، وأكملت استعدادها بهدوءٍ مرتديةً قميص النوم.
“ألا تشعرين بالظلم يا آنسة؟ أنتِ تعلمين جيدًا أنني لن أحبكِ.”
“الظلم؟ أما زلتَ تتفوه بمثل هذه الكلمات الطفولية؟”
“طفولية؟ يُجبرونني على الزواج من امرأةٍ لا أريدها، ثم لا يُسمح لي حتى أن أشعر بالظلم؟”
“ألم تفهم بعد ما الذي يعنيه هذا الزواج، سموّك؟”
فجاء إيريك يعرج وجلس قرب السرير.
“وماذا يعني؟ أن الماركيز أندرسون يحصل على قوة العائلة الإمبراطورية، أليس كذلك؟”
“يبدو أنكَ لا تعرف فعلًا، لذا سأشرح لكَ بنفسي. سموّك، هل تعلم بمَ تشتهر أسرة أندرسون؟”
“نعم. أليست مشهورةً بأراضي الحبوب؟”
كانت لأسرة أندرسون أراضٍ شاسعة وخصبة توارثتها عبر الأجيال.
“صحيح. وتعلم أيضًا أي دور تؤديه تلك الأراضي في هذا الإمبراطورية، أليس كذلك؟”
“تُطعم الجيش الإمبراطوري.”
“نعم. حاليًا، 80% من المؤن التي تُرسل إلى الحدود تأتي من محاصيل أراضينا. وبعد تحصيل الضرائب، تشتري العائلة الإمبراطورية الكمية الناقصة بأموالها.”
“ثمانون بالمئة. رقمٌ مذهل. ثم ماذا؟”
“طوال تلك السنوات، وامتثالًا لإرادة جلالة الإمبراطور، راكم والدي الثروة ثم أنشأ فرسان العائلة.”
كان مسموحًا بإنشاء فرسانٍ خاصين بالعائلة بموافقة الإمبراطور، بشرط إرسال 70% من أفرادهم إلى الحدود.
“بزواجي منكَ، سموّك، تصبح أراضي الحبوب التي تنتج المؤن، وكذلك فرسان العائلة، جميعها تحت يد جلالة الإمبراطور.”
لم يستوعب إيريك كلام لايلا على الفور.
“أليست كل تلك الأشياء أصلًا ملكًا لجلالة الإمبراطور، بصفته سيد هذه الإمبراطورية؟”
“حتى وإن كانت ملكه، لم يكن يستطيع استخدامها كما يشاء. لأنه لم يكن هناك مبرر.”
ما إن سمع كلمة “مبرر” حتى بدأ رأس إيريك يؤلمه مجددًا.
“إذًا ما الذي تريدين قوله؟ إن استُخدمت بحرية، ماذا سيحدث؟”
“حرب.”
“مع أوتم؟”
“لا. ولهذا الأمر مخيف.”
وعندما رأى لايلا تعقد حاجبيها دون وعي، أدرك إيريك أن هناك مشكلةً خطيرة.
“جلالة الإمبراطور يستعد لحربٍ أهلية. والعدو الذي يوجّه إليه نصل السيف ليس جيش إمبراطورية أوتم.”
“لا، هذا مستحيل.”
هزّ إيريك رأسه غير مصدّق.
“إنه جادّ تمامًا. ولهذا نتزوّج نحن هكذا، من دون أي إجراءاتٍ أو مراسم.”
وبعد أن رمش بعينيه مفكرًا في الوضع، سأل إيريك بوجهٍ شاحب،
“هل تقولين أن جلالة الإمبراطور ينوي فعلًا خوض حربٍ أهلية هنا، في هذه العاصمة؟”
_____________________
ياعمري يا لايلا مغضوبه 😭 يعني ماثيو بح؟ وجع
المهم قرة انغريد هي اصلا لسيلينا؟! كييف ومتى خذتها وليه
الصدق حسبتها ساحره أو انها صدق ساحره وبالسحر خذت قوة سيلينا؟ عشان كذا بعد مانفعت معها قوة زينوس
المهم ليه قلت كله من فلورا؟ يومها ساكته ولاقالت كل شي لين جرجروها
التعليقات لهذا الفصل " 86"