اندلع الصخب في أرجاء القاعة الواسعة. وكان فيليب يراقب المشهد من مكانٍ بعيدٍ قليلًا.
‘من الطبيعي أن يحدث شجارٌ إذا كانت سيدةٌ لا تعرف أساسيات إقامة الحفلات قد جمعت الناس عشوائيًا هكذا.’
عادةً ما يكون أكثر ما يُهتم به عند التحضير للحفل هو قائمة الضيوف، ثم مسألة المقاعد.
وإذا كان الحفل ذا أجواءٍ حرة بلا ترتيب مقاعد محدد، فالقاعدة الأساسية هي عدم دعوة العائلات التي بينها عداوةٌ في الوقت نفسه.
لكن إنغريد لم تأبه بذلك. كان من الطبيعي أن تفعل، فهذه مسابقةٌ يفوز فيها من يجمع أكبر عددٍ من الناس فحسب.
‘وإن كان لا بد من جمعهم هكذا، فعلى الأقل يجب أن تملكي القوة للسيطرة على الوضع. وإلا فكيف تكونين صاحبة الحفل والمسؤولة عنه؟’
لم يكن أطراف الشجار منقسمين ببساطةٍ إلى معسكر الدوق الأكبر ومعسكر النبلاء. فقد جمعت في مكان واحد عائلاتٍ تحمل أحقادًا تمتد عبر أجيال.
“لو كان عندكَ ذرة ضمير لتجنبتَ المكان الذي أكون فيه!”
“ومن الذي عليه أن يتجنب من؟ من هو الطرف الذي يجب أن يبتعد برأيكَ؟”
كان لدى الجميع دعواتٌ رسمية، ولم يفكر أحدٌ في التراجع.
وكان هناك من أوكلت إليهم مهمة إذكاء النار، وهم أشخاصٌ وضعهم فيليب عمدًا لهذا الغرض.
“كيف تثيرون هذه الفوضى في هذا المكان!”
“إنها قاعة الحفل في القصر الإمبراطوري! الزموا الهدوء!”
تدخل بعضهم لمحاولة التهدئة، لكن دون جدوى. وفي النهاية طار القفاز.
وبما أن حمل السلاح كان ممنوعًا في قاعة القصر الإمبراطوري، فقد بدأوا قتالًا بالأيدي العارية.
“لن نتوقف عن القتال حتى يعترف أحد الطرفين بالهزيمة أو يسقط. أتوافقون؟”
“نوافق.”
“حسنًا، لنبدأ بسرعةٍ إذاً.”
سادت الفوضى بين الحاضرين. من الذي كان ليتوقع قتالًا في قاعة حفلات القصر الإمبراطوري؟
“ماذا تفعلون؟ ألم تحضِروا صاحبة الحفل بعد؟”
كان ذلك هو الوقت الذي أرسل فيه فيليب من يستدعي إنغريد، بعد أن كبرت الفوضى وخرج الأمر عن السيطرة.
“حاولوا إيقافهم.”
“إنها مبارزةٌ أُلقي فيها القفاز. لا يستطيع أحدٌ التدخل.”
كان رأسا العائلتين المتنازعتين قد تبادلا عدة مراتٍ السيطرة، وتطايرت اللكمات يمينًا ويسارًا.
“ما الذي تفعلونه!”
وتدخلت إنغريد متأخرة، لكن صوتها ضاع وسط الضجيج.
ثم حتى لو سمعه أحد، هل كان سيعطيه أهمية؟
كانت إنغريد حاليًا الابنة الثالثة لأسرة بارون. وحتى لو كانت موضع اهتمام العائلة الإمبراطورية، فلا أحد من النبلاء الحاضرين كان أدنى منها مرتبة.
فأرسل فيليب إشارةً سريعة لمن يعملون على التهييج.
“يا لها من مشكلة….قتالٌ في قاعة القصر الإمبراطوري. لا أريد التورط في أمر مزعجٍ كهذا.”
“لكننا شاهدنا كل شيء بأعيننا، ماذا نفعل إذاً؟ هل لديكَ حلٌ جيد؟”
“هناك حل.…”
وشوش المهيّج في آذان الناس بضع كلمات.
“هل نفعل ذلك إذاً؟”
“بهذه الطريقة يمكننا الادعاء أننا لم نكن هنا أصلًا. أليست فكرةً جيدة؟”
“إذًا لا داعي للتردد. فلنغادر بسرعة.”
وبينما كانت إنغريد منشغلةً بمحاولة تهدئة الفوضى، لم تنتبه إلى تحرك جزءٍ من الضيوف.
“لو كان تيد حاضرًا لاكتمل الجمع، مؤسفٌ قليلًا.”
“لا بد أن يبقى شخصٌ ما لحماية الحدود، أليس كذلك؟”
أما قاعة حفلة سيلينا فكانت، باختصار، مليئةً بالود والدفء.
رجال العائلات العسكرية مثل ويل وماثيو وفاليري ملأوا المكان، كما حضر أصدقاء سيلينا من الأكاديمية.
وكانت لايلا تتأثر وهي تسمع مرارًا كيف كانت سيلينا داخل الأكاديمية.
“كما توقعت، كانت سيلينا قدوةً للجميع. وفستانها اليوم يليق بها بشكلٍ لا يُصدق، أليس كذلك؟”
وافقتها فاليري بحماس،
“لايلا، إن دققتُ النظر، تبدين حقًا معجبةً بسيلينا. مثلي تمامًا. ألا توجد قصةٌ ما جعلتكِ تحبينها هكذا؟”
“أنا.…”
وقبل أن تبدأ لايلا بالكلام….
“لقد دخل الماركيز غلاندِك وزوجته.”
“ودخل الكونت تراناي وابنة الكونت.”
“ودخل الكونت هندريكس وزوجته.”
ازدحم مدخل القاعة وأصبح المكان صاخبًا.
“يبدو أن الأمر بدأ الآن.”
“كنتُ أظن أن الأمر سيستغرق وقتًا أطول، لكنه أسرع مما توقعت.”
الذين كانوا يعرفون مسبقًا كيف ستسير حفلة اليوم راقبوا سيلينا وزينوس وهما يستقبلان الناس بصمتٍ وترقب.
“علينا أن نستمر في مراقبة الوضع، لعل هناك محاولات تخريبٍ أخرى.”
“صحيح، لا ينبغي أن نقف دون فعل شيء. لا نعرف إلى أي حدٍ يمكن لتلك المرأة أن تصبح شرسة.”
وبما أنهم يعرفون طبع إنغريد جيدًا، فلم يكن هناك داعٍ لكثيرٍ من الكلام.
وبذلك بدأ الناس يتدفقون على قاعة سيلينا.
“ألم أقل لكِ من قبل؟ هاتان العائلتان لا يجب دعوتهما معًا تحت أي ظرف!”
كانت الإمبراطورة قد أشارت لإنغريد إلى العائلات التي لا ينبغي إرسال الدعوات لها معًا. لكن إنغريد قالت أنهم لا يعرفون من سيحضر ومن لن يحضر، وأمرت بإرسال الدعوات إلى جميع العائلات الواردة في قائمة النبلاء.
“وما الفائدة الآن من مناقشة ذلك؟ أسرعي وحلّي هذه الفوضى أولًا. إنهم لا ينوون إيقاف المبارزة، لذا اخرجي وتولّي السيطرة على الوضع.”
وضعت الإمبراطورة يدها على رأسها وهي ترى إنغريد التي ظهرت فجأةً في غرفتها عبر الانتقال الفوري وتقول مثل هذا الكلام.
“إن خرجتُ أنا وتولّيتُ الأمر فلن تكون هذه المنافسة عادلةً بعد الآن. هل تستطيعين تحمّل العواقب التي ستلي ذلك؟”
“سواءً كانت عادلةً أم لا، إن لم تخرجي الآن لإنهاء الفوضى فسأحل الأمر بطريقتي.”
“وبأي طريقةٍ ستتمكنين من حلّها؟”
سألتها الإمبراطورة بدهشة.
“كيف ستفعلين ذلك يا سيدتي؟ هل ستستخدمين قوتكِ أمام الجميع؟”
“يمكنني استخدام قوتي دون أن يعرف أحد. وسط هذه الفوضى، من سيكتشف أنها قوتي أنا أصلًا؟”
ابتسمت إنغريد بهدوء ثم،
“إن قتلتُ أحد المتقاتلين فستنتهي هذه الفوضى فورًا. هل أنهيها هكذا؟”
مجرد أن تفوهت إنغريد بسهولةٍ بكلمات تعني قتل إنسان أمام هذا العدد الكبير من الحاضرين، حتى شحب وجه الإمبراطورة تمامًا.
‘إن سقط هذا العالم بين يدي هذه المرأة فكل شيء سينتهي. الإمبراطورية ستُدمر.’
فقفزت الإمبراطورة من مكانها.
“سأتولى الأمر، فلا تقومي بأي حركةٍ متهورة. تقدمي أمامي.”
“أمرُكِ يا جلالتك.”
“كان عليكِ أن تفعلي ذلك منذ البداية.”
و تبعت إنغريد الإمبراطورة ودخلتا قاعة الحفل. لكن عندما عادتا، كان الاضطراب قد هدأ إلى حدٍّ ما.
“نحيّي جلالتكِ، الإمبراطورة.”
انحنى جميع الحاضرين احترامًا فور رؤيتها.
“دوقة هيستينا.”
وقد رصدت الإمبراطورة وسط الحشود السيدة التي تولت تهدئة الوضع، فنادتها.
“آسفة لأنكِ رأيتِ مشهدًا كهذا بعد غيابكِ الطويل عن المجتمع.”
“لا بأس يا جلالتكِ. لقد أدركتُ مجددًا كم تعانين لإحياء هذه المنافسة ذات المعنى. ومن واجبي أن أتدخل لحل مثل هذه الأمور. ليس من اللائق أن تتكلفي أنتِ عناء المجيء بنفسكِ.”
“كان ينبغي على الجميع أن يتصرفوا كما تفعل الدوقة، مراعين للآداب. لم أتخيل أن هناك من يجرؤ على إثارة مثل هذا الشغب هنا، وفي القصر الإمبراطوري تحديدًا.”
“إنهم لا يزالون شبابًا يا جلالتك. دماؤهم حاميةٌ وقوتهم فائضة ولا يعرفون أين يجب أن يوظفوها.”
وبنظرةٍ باردة صوبت الدوقة هيستينا عينيها نحو العائلتين اللتين خاضتا القتال، فطأطأ أصحاب الشأن رؤوسهم وتجنبوا النظر.
“من يحتاج العلاج فليذهب فورًا ليتلقى الإسعاف.”
وعندها فقط تحرك بعض الأشخاص ليسندوا الجرحى ويغادروا بهم.
“كما هو متوقع من الدوقة هيستينا.”
“أمثالها هم من يجب أن يفوزوا بلقب الياقوتة الحمراء. أما المرشحون النهائيون هذه المرة….فلا تعليق.”
وبينما كان الناس يتهامسون، خرجت إنغريد من خلف الإمبراطورة وتحدثت إلى الدوقة،
“يشرفني رؤيتكِ يا دوقة هيستينا. ويسعدني حقًا أنكِ جئتِ إلى حفلي.”
بكلمات إنغريد ازداد فضول الحاضرين.
“هل يعني هذا أن الدوقة تعترف بالآنسة هايزل بدل الآنسة آرسين؟”
“ربما تعني أن الحفل الذي تحضر فيه فائزة الياقوتة الحمراء هو الفائز الحقيقي إذاً؟”
انتظر الجميع جواب الدوقة. لكنها تجاهلت كلام إنغريد تمامًا ونظرت فقط إلى الإمبراطورة،
“هناك أمرٌ أريد التأكد منه يا جلالتك. هل ما زال عرضكِ بتعييني حكمًا خاصًا في التصفيات النهائية قائمًا حتى الآن؟”
________________________
تكفين ايه اصفقي انغريد خليها تتفشل روحي لسيلينا
وفيليب انثدمت يومه عند انغريد طلع بلا يعطيها الأمان وهجوا هو والباقين😂
المهم خير كان ابي اعرف ليه لايلا خاقه على سيلينا طبعاً غير انها تشوفها قدوتها في التكشخ وكذا 🤏🏻
التعليقات لهذا الفصل " 77"