لم يتغير تعبير الإمبراطورة حين وصلها خبر فشل الهجوم على عربة عائلة الكونت آرسين.
فتحدّثت إنغريد التي كانت تراقبها بدهشة،
“أي تمثيلٍ باهت هذا؟! أليس عليكِ على الأقل أن تبدي غاضبة؟ للتو قيل لكِ أن ما أمرتِ به قد فشل يا صاحبة الجلالة.”
“لا بأس….فقد أرسلتهم ليفشلوا أصلًا.”
“ماذا؟”
“ألن يطمئنوا الآن بعد أن تجاوزوا أول خطر؟ فهم لن يعرفوا أنني أرسلتهم ليفشلوا.”
ثم شرحت الإمبراطورة لإنغريد،
“الفتاة التي تحمل قوةً عظيمة ما زال يفوتها الكثير. هل تعلمين ما الذي يجب فعله لإسقاط أحدهم؟”
“وماذا يجب أن نفعل؟”
“يجب أن نجعله يطمئن….ثم يُضرب.”
فتغيرت نظرة إنغريد قليلًا وهي تحدق في الإمبراطورة.
“إذًا أرسلتِ عمدًا أشخاصًا لتفشل خطتهم؟”
“صحيح. فلن يخطر ببالهم أن خطةً بُنيت أصلًا لتفشل. الحقيقي….سيبدأ من الآن.”
“يعجبني هذا كثيرًا. وحتى أسلوبكِ في التخلص سريعًا من الأوراق الخاسرة يعجبني.”
دارت إنغريد مرةً حول نفسها لتُري الإمبراطورة فستانها.
كان تصميمه شبيهًا جدًا بفستان سيلينا وكذلك اللون الأساسي نفسه.
‘ألا تدرك أنه لا يناسب ملامحها الشقراء ذات العيون الزرقاء؟’
صحيحٌ أن الخادمة التي أُرسلت للتجسس على فستان سيلينا فشلت ولم تعد حتى الآن إلى القصر الإمبراطوري. لكن كانت هناك طرقٌ أخرى.
وفي النهاية لجأت إنغريد إلى الانتقال اللحظي خفية. ذهبت إلى قصر الكونت آرسين، رأت فستان سيلينا، ثم صنعت واحدًا مشابهًا لترتديه.
‘بهذا سيبدو وكأنني أرتدي فستانًا متناسقًا مع زينوس.’
وبزيارتها تلك لقصر الكونت علمت أن شريك سيلينا اليوم هو زينوس.
وكانت مقتنعةً أنه إذا هددت زينوس بحياة سيلينا فسيقف بجانبها حتمًا كشريكٍ في حفلتها.
“كل شيء سيسير وفق خطتي.”
امرأة تهزّ أركان إمبراطورية، وريثةٌ لقوةٍ غامضة، ورجلٌ لا تؤثر فيه تلك القوة بل يملك ما هو أعظم، زوجان يبجلهما الجميع، ثم الإمبراطور والإمبراطورة فوق ذلك….خصومٌ لا يمكن المساس بهم.
“تلك….أنا.”
وبينما كانت إنغريد تغرق في سعادة رضاها بصمت، تحدّثت الإمبراطورة،
“لنبدأ.”
“نعم يا جلالتك.”
وبدأ الحفل.
***
“تدخل الآن الآنسة سيلينا آرسين و سمو الدوق زينوس مينيرفا يوستيا الدوق الأكبر.”
فتح الخادم الأبواب معلنًا دخولهما.
“لنذهب يا سيلينا.”
شبكت ذراعها بذراعه بثبات وأجابت،
“نعم يا زينوس.”
ودخلا القاعة بخطواتٍ هادئة متناسقة.
“كما توقعت….”
“سيلينا، دون أن تقولي أي شيء….هلّا ترقصين معي رقصة؟”
“زينوس….”
“بما أنكِ صاحبة هذا الحفل، فمن الطبيعي أن نفتتح نحن الرقص.”
وبمجرد أن رأى الكونت آرسين ذلك، أعطى إشارةً للفرقة الموسيقية. وانطلقت أنغام الفالس.
“سيلينا، أنتِ خجولةٌ ولا ترقصين هكذا أمام الجميع عادة.”
“ما هذا الكلام الجارح؟ فمن أجل زوجي….أرقص بقدر ما يريد.”
وحين رآهما يبتسمان تحدّ براندون متبرمًا،
“كيف تجدون وقتًا للضحك في هذا الوضع؟”
“براندون!”
“أبي، أليس كذلك؟ لا يوجد أي ضيفٌ هنا سوى عائلتنا والدوق يوستيا. ألم يكن علينا أن نذهب نحن أيضًا إلى القاعة الأخرى….”
لكنه صمت فور أن رمقه الكونت آرسين بنظرةٍ حادة.
“أما زلتَ لا تفهم الوضع؟ هل نسيت كيف أعادتكما سيلينا؟”
“صحيحٌ أننا سمعنا أننا كدنا نتعرض للخطر، لكن ماذا كان يمكن للكونت باتيل أن يفعل بنا أصلًا؟ نحن شركاء مهمون لعائلتهم. كل ما حدث أننا أقمنا بضعة أيامٍ هناك كضيوف. ثم تعاتبونني هكذا….هذا كثير.”
“براندون! ألا تستطيع أن تصمت؟!”
رفعت فلورا صوتها أخيرًا.
كانت هي من تحملت كل المشقة، لذا كان طبيعيًا ألا يدرك أبناؤها خطورة ما حدث، لكن هذا لم يكن وقت حديثه المستهتر.
“كل ما عليكَ من الآن فصاعدًا هو أن تساند ما تقوم به سيلينا بكل ما تستطيع.”
ظن براندون أن أمه تقول ذلك مجاملةً أمام زوجها فأدار رأسه بانزعاج. أما سباستيان فردّ ببساطة دون أن يعقّد الأمر،
“إنهما حقًا رائعان….كأنهما شخصيتان من قصص الكتب.”
“صحيح….بالفعل هما كذلك.”
قالت فلورا ذلك وهي تمسح رأسه بحنان.
وكان رقص الاثنين يوشك على الانتهاء حينها،
“يدخل الآن وريث الماركيز، ماثيو فيجِل والآنسة لايلا أندرسون!”
“ويدخل الآن وريث الماركيز، ويل تشايس والآنسة فاليري فيجِل!”
وها قد بدأ الضيوف يتوافدون.
***
“كيف هو الوضع هناك؟”
“كما هو متوقع يا جلالتك. يقال أن الحاضرين هناك لا يتعدون العائلة وبعض الأصدقاء المقربين.”
“إذًا لقد انتصرنا.”
“بكل تأكيد.”
عند كلام زوجة الكونتة أومأت الإمبراطورة برأسها.
لم يكن بوسع الإمبراطورة الآن أن تخرج إلى أي قاعةٍ من قاعات الحفل. فبعد انتهاء الحفل، كان دور الإمبراطورة أن تتجه إلى المكان الذي بقي فيه أكبر عددٍ من الناس لتقرر الفائزة.
“إذا صار الأمر هكذا، ألا يغدو تنفيذ الخطة التالية غير ضروري؟”
“لكن….ألن يُلام المرء إن لم يفعل شيئًا إطلاقًا؟”
“الإفراط ليس جيدًا.”
“صحيح. سنمتثل لإرادة جلالتك.”
“لا تمزحي. أيًا كان ما حضّرته فافعليه كله.”
تدخلت إنغريد، غير معلومٍ متى دخلت غرفة الإمبراطورة.
“لماذا تكونين هنا، وأنتِ من يفترض بها استقبال الضيوف في قاعة الحفل الآن؟”
“هذا أمري أنا. فالحفل على أي حال سيتركهم يلتهون بأنفسهم.”
قالت إنغريد ذلك بنبرة عصبية.
“لا أستطيع التدخل في كل حديث. كل ما عليّ هو الظهور قليلًا بين الحين والآخر لإثبات وجودي فحسب.”
كان هذا كلام شخصٍ لم يسبق له أبدًا أن أعد حفلًا من قبل.
وحين كانت الإمبراطورة تنظر ببرودٍ إلى إنغريد، التي ما تزال تستهين بعالم المجتمع الراقي، أدارت وجهها،
“لا أعرف ما هو، لكن افعلي كل ما حضّرته.”
“أتريدين مني الآن الذهاب إلى تلك القاعة التي لا يوجد فيها غير العائلة وبعض الأصدقاء، ونثر شيءٍ سيئ في الطعام؟”
“ذلك جيدٌ أيضًا. فهؤلاء القلة من الأصدقاء شخصياتٌ معروفة في المجتمع الراقي. والأهم من ذلك أن زينوس ما زال هناك. أليس هذا أمرًا غير منطقي؟”
“سيدتي، لقد فزتِ بالفعل. أنت الفائزة الحالية بجائزة الياقوتة الحمراء. ولا علاقة لهذا بالدوق. معيار التقييم ليس أي حفلةٍ حضرها الدوق الأكبر.”
“إن قلتُ لا، فهذا يعني لا. إن قلتُ أنه لا يجوز، فهو لا يجوز. وإن لم تقدري على ذلك فسأفعله أنا. ما الذي يمكننا فعله غير تسميم الطعام؟ تحدثي بكل ما خطر ببالكِ. أي شيءٍ تقولينه، سأطبقه بأضعافٍ أقوى.”
وبينما كانت إنغريد تبدو كأنها تستمتع بالأمر قليلًا، لم تستطع الإمبراطورة كبح فضولها وسألت،
“لماذا أنتِ مهووسةٌ بزينوس إلى هذا الحد؟ أنتِ لا تحبينه، أليس كذلك؟”
“جلالتك….هل قلتِ الآن حب؟”
ضحكت إنغريد ضحكةً تحمل نصف دهشةٍ ونصف سخرية.
“حتى من هم في مقامكِ يتحدثون عن الحب؟ مدهشٌ فعلًا. كنت أظن أن كل من يجلسون في القمم العالية يضحكون ساخرين بمجرد سماع كلمة حب.”
يبدو أن الإمبراطورة شعرت بالحرج، فردّت على فورًا،
“كفى. انسَي الأمر.”
“لا بأس. أعجبني أنكِ كنتِ صادقة، سأجيبكِ.”
ثم جلست إنغريد مقابل الإمبراطورة.
“كما قالت جلالتكِ. أنا لا أحب زينوس. لكنني أريد امتلاكه. لا—سأمتلكه. أريد تلك القوة.”
“لكن لديكِ بالفعل من القوة ما يفيض، فلماذا تحتاجين قوته أيضًا؟”
فحدقت إنغريد في وجه الإمبراطورة،
“لا، لن أخبرك أكثر من هذا. هل تعلمين أن وجهكِ الآن لا يسيطر على تعابيره إطلاقًا؟ كأنك نسيتِ القناع الذي اعتدتِ ارتداءه طويلًا.”
وحين همّت الإمبراطورة بالرد….
“جلالتك! حـ، حدث أمرٌ خطير. يجب أن تذهبي إلى قاعة الحفل الآن.”
فنظرت الإمبراطورة إلى إنغريد وسألت،
“هل استخدمتِ قوتكِ وأنت تتكلمين الآن؟ هل دسستِ السم في حفل الكونت آرسين؟”
“لا، لم أفعل….”
“أعتذر، جلالتكِ، لكن المشكلة وقعت في قاعة حفلة الآنسة هايزل!”
______________________
عسااااااااااااااااا مدري وش صار بش عسااا
و وين فيليب حسبته بيدخل هو واتباع الدوق وش السالفه؟
التعليقات لهذا الفصل " 76"