نظر الكونت آرسين إلى فلورا الجالسة بهدوءٍ بعد أن أنهت حمامها، ثم فتح فمه متحدثًا.
“كان بيني وبينكِ وعد.”
“سيدي الكونت.”
“شرطي لجعلكِ كونتيسة آرسين كان أمرين. الأول هو حماية حياة سيلينا. والثاني أن تخبريني وحدي بسر قوة التنين الذي تعرفينه.”
لم تستطع فلورا أن تقول شيئًا، فخفضت رأسها.
“أشكركِ لأنكِ وفيتِ بشرط حماية حياة سيلينا. لقد سمعتُ إلى حدٍ ما عمّا فعلتِ في الخفاء، لكنه لم يكن أمرًا يهدد حياة سيلينا.”
“سيدي الكونت، ذلك كان.…”
“أفهم الأمر بعد أن وُلد سباستيان. فهو ليس ابن شخص آخر، بل ابني. وأتفهم أيضًا طمعكِ في هذه الحياة. لكن.…”
تابع الكونت آرسين كلامه دون أن يخفي نبرة العتاب.
“سيلينا ليست فتاةً ضيقة الأفق إلى هذا الحد. لو أنكِ كنتِ أكثر صدقًا قليلًا، وقللتِ من طمعكِ، لكانت سيلينا هي من بادرت بحمايتكِ أنتِ وبراندون وسباستيان.”
وعند سماع اسمي براندون وسباستيان، انفجرت فلورا بالبكاء.
“أرجوكَ، أنقذ الاثنين، سيدي الكونت. لا يهمني ما سيحدث لي، فقط أنقذهما.…”
“أما زلتِ لا تفهمين؟ سيلينا تحركت بالفعل من أجل إنقاذهما!”
قال الكونت آرسين ذلك وهو يمسك بكتفي فلورا ويهزها.
“أفيقي وانظري إلى الوضع الآن. إلى أي حالٍ دفعتِ عائلتنا؟ هل تعلمين ماذا كان سيقال عنا لو لم تتصرف سيلينا بذكاءٍ قبل قليل؟”
لم ترفع فلورا رأسها، واكتفت بإخراج الدموع تباعًا.
“العائلة التي طمعتِ بها إلى هذا الحد، لماذا تركتِها؟ إلى أين ذهبتِ ولماذا؟”
وأخيرًا، وبعد أن شهقت باكية، التقطت فلورا أنفاسها.
“اعتقدتُ أن الهرب….أهم من الاستمرار في حمل اسم العائلة.”
“الهرب؟ لماذا؟ هل كنتِ تهربين من سيلينا؟”
“ليس من سيلينا. أنا….أنا…”
***
“حقًا، لا أحد ينفع في شيء. لا يمكن الاعتماد على أيٍّ منهم.”
قالت إنغريد ذلك بغيظ وهي تنزل من العربة الإمبراطورية. كان لها أصلًا جناحٌ خاص تستخدمه داخل قصر الإمبراطورة.
“إنغريد!”
و كان إيريك قد لمحها في تلك اللحظة فناداها.
‘ألا عمل له هذا الرجل؟’
بينما كانت هي تجوب المكان بلا توقف من أجل الفوز، كان إيريك يتردد باستمرار على قصر الإمبراطورة.
كان إيريك في حيرة خانقة. لماذا يعامل الإمبراطور والإمبراطورة إنغريد بتلك الحفاوة المفاجئة، ولماذا لا تحاول إنغريد حتى النظر إليه، ولماذا دعت زينوس ليكون شريكها في النهائيات.
بل سمع همسًا أنها مكثت يومين كاملين في قصر الدوق بعد انتهاء التصفيات، فما قصة ذلك أيضًا؟
“إنغريد، دعينا نتحدث قليلًا.”
أشارت إنغريد ببرودٍ إلى الوصيفة التي كانت تقف بجانبها. فوقفت الوصيفة مع الخدم الآخرين مشكّلين حاجزًا بشريًا أمام إيريك، مانعين إياه من الاقتراب.
“أنتم! ما الذي تظنون أنكم تفعلونه؟ أنا ولي العهد! كيف تجرؤون على منعي؟”
“هذا أمرٌ من جلالة الإمبراطور. أمرنا ألا يُسمح لأي أحدٍ بالاقتراب من الآنسة هايزل.”
“أي أحد؟ أي أحد؟ هل أُحسب أنا ضمن هذا الـ أي أحد؟ أنا ولي العهد!”
“سموك، نحن ننفذ أوامر جلالة الإمبراطور فقط. نرجو العفو.”
“نرجو العفو.”
لم تُعر إنغريد أي اهتمام لما كان يحدث بجانبها، ومضت في طريقها.
“إنغريد! تحدثي معي! إنغريد!”
“سموك، نرجو منكَ العودة.”
“سموك، هذا قصر الإمبراطورة. لا يجوز لكَ التصرف هكذا.”
“إنغريد! إنغريد!”
و دخلت قصر الإمبراطورة وهي ترسم على وجهها ملامح ضجرٍ شديد.
“إنغريد.…”
بينما ظل إيريك ينادي حبيبته التي لم تلتفت إليه حتى النهاية، ثم أنزل رأسه وعاد أدراجه.
وبمجرد دخولها قصر الإمبراطورة، سألت إنغريد الوصيفة التي كانت بجانبها.
“أين الإمبراطورة؟”
“نعم؟”
“قولي لها أن تأتي إلى غرفتي.”
شحُب وجه الوصيفة التي اضطرت لنقل هذا الطلب الجريء، لكن إنغريد لم تأبه ودخلت غرفتها.
وبعد قليل دخلت الإمبراطورة إلى غرفة إنغريد.
“تماديكِ له حد، يا آنسة.”
قالت الإمبراطورة ذلك بعصبية فور إغلاق الباب.
“العيون في القصر كثيرة. لو انتشرت شائعة أنكِ تأمرينني بالذهاب والإياب.…”
“وهل هذا ما يهم الآن؟ من الأفضل لكِ ألا تفعلي ما يكدّر مزاجي.”
فجمعت الإمبراطورة ما تبقى لديها من صبر، وحاولت مجددًا تهدئة إنغريد بكلماتٍ لينة.
“….ألم تقولي أنكِ لا تنوين كشف تلك القوة أمام الناس بعد؟ لذلك نحن نفعل هذا. بعد الفوز بالياقوتة الحمراء، سنمنحكِ الزواج من الدوق الأكبر بدل الجائزة. أليس هذا هو المخطط الذي وضعناه؟”
“والمخطط لا يسير كما يجب، ومع ذلك يا إمبراطورة، يبدو أنكِ لا تهتمين إلا بنظرات الآخرين. هل المهم فقط أن أرفع من شأنكِ أمام الناس؟”
“علمتُ قبل قليل أن ما حدث في مأدبة اليوم لم يسرِ على ما يرام. كان المخطط جيدًا، لكن الفشل أمرٌ لا مفر منه أحيانًا. يكفي أن نُحسن تنفيذ الخطوة التالية.”
قالت ذلك، لكنها في داخلها كانت تشعر بظلمٍ يكاد يقتلها.
‘من الأساس قالت أنها ستتولى كل شيءٍ بنفسها ولم تشرح حتى ما الذي ستفعله، وعندما تفشل تلقي اللوم عليّ؟’
كان من المستحيل أن ينجح مخططٌ أُعدّ باستخفافٍ بطبقة المجتمع الراقي. فسيلينا، التي نشأت بين نبلاء سيفايا، لم تكن خصمًا يسهل إيقاعه في الفخاخ السطحية.
“كنتُ أنوي أن أجعل إقامة المأدبة غير ضرورية، لكن بما أن الأمور وصلت إلى هذا الحد، فلا بد من التظاهر بإقامتها. على أي حال، أنتِ قادرةٌ بسهولة على معرفة نوع المأدبة التي ستُقام في القاعة المجاورة، أليس كذلك؟”
مهما كان نوع المأدبة التي ستُعدّها سيلينا، كان من الطبيعي أن تعرف الإمبراطورة بها.
“يكفي أن تُحضّري شيئًا أفضل منها بقليلٍ فقط. ليس أمرًا صعبًا، لذا سأتركه لكِ.”
فردّت الإمبراطورة وهي ترفع طرف فمها قسرًا.
“يمكنني جمع المعلومات، لكن إعداد مأدبةٌ بمستوى مماثل قد يكون صعبًا، خصوصًا إذا زينت عائلة الكونت آرسين القاعة بمنتجاتها الجديدة.…”
“أهذا ما يُقال ممن صارت إمبراطورة؟ أصدري أمرًا فوريًا بأن تُقدّم عائلة الكونت آرسين منتجاتها الجديدة إلى العائلة الإمبراطورية. ألا تستطيعين حتى فعل ذلك؟ إذًا لماذا وُجدت السلطة الإمبراطورية أصلًا؟”
كان هذا الكلام يليق تمامًا بإنغريد، التي لا تفكر بالشرعية أو المبررات ولو قليلًا.
‘هل كل المتاعب تقع على عاتقي وحدي؟’
وضعت الإمبراطورة يدها على جبينها. أما إنغريد، فلم تنظر إليها حتى، بل أكملت وهي ترتشف الشاي بهدوء.
“وبخصوص ابنكِ….شددي عليه قليلًا.”
“ماذا قلتِ؟”
عند ذكر إيريك، نسيت الإمبراطورة صبرها للحظة وسألت بصوتٍ حاد دون أن تشعر.
“آه، أقصد أننا أصلًا لا نسمح له بلقائكِ إلا نادرًا، فلماذا تُثار مثل هذه الأحاديث.…”
“وصيفتكِ بطيئةٌ جدًا في نقل الأخبار. لقد تشبث بي أمام قصر الإمبراطورة قبل قليل، إلى درجة مزعجة.”
‘مزعج.…’
فأخذت الإمبراطورة نفسًا عميقًا،
“سأنبهه حتى لا يتكرر ذلك مجددًا.”
“نعم، هذا أفضل.”
قالت إنغريد ذلك بهدوء وهي تضع فنجان الشاي.
“إن كنتِ لا ترغبين في قتل ابنكِ الوحيد.”
شحب وجه الإمبراطورة.
“احفظي كلمتكِ هذه جيدًا.”
و نظرت إنغريد إلى وجهها لبرهة، ثم ابتسمت بسخرية وأومأت برأسها وكأنها تسمح لها بالانصراف.
فخرجت الإمبراطورة من الغرفة بهدوء، لكنها ما إن وصلت إلى الممر حتى خارت قواها وجلست على الأرض.
“جلالتكِ!”
“جلالتكِ، هل نستدعي طبيب القصر؟”
“لا. لا داعي لإثارة الضجة. فقط أسندوني حتى غرفتي.”
أسندت الكونتيسة بولتون الإمبراطورة.
“جلالتكِ، لا يجوز لكِ أن تنهاري هكذا.”
عند همس الكونتيسة، أومأت الإمبراطورة برأسها.
‘لدى جلالة الإمبراطور أبناءٌ كُثر غير إيريك، لكن ليس لي سواه. لا يمكنني الاطمئنان فقط لأنه ولي العهد. لا أحد يعلم متى ستتحد إنغريد مع باقي الزوجات الإمبراطوريات وتقضي على إيريك.’
اشتدت قبضة الإمبراطورة على يد الكونتيسة.
‘في النهاية، كانت تعامل إيريك كمجرد أداة لا أكثر. والآن بعد أن أصبحت تملك سلطة الإمبراطور….تخلت عنه بهذه القسوة.’
تحدّثت الإمبراطورة وهي تحدق في اتجاه غرفة إنغريد.
“لا يمكنني مسامحتها أبدًا.”
“في الوقت الراهن، عليكِ بالصبر.”
أومأت الإمبراطورة برأسها، ثم ربّتت على ذراع الكونتيسة وكأنها تقول أنها فهمت.
____________________
انغريد ليه تحطين حرتس في ايريك الغبي تكفين تلزقي في الامبراطور يخليس امبراطوره وفكينا
ولا اقولس؟ اقىًلي الامبراطور وصيري امبراطوره جديده ثم النبلاء يقلبون عليس وتفطسين
التعليقات لهذا الفصل " 73"