“بالطبع. الجميع يحسد العائلات التي تحتار الآن بسبب تلقيها دعوتين من جهتين مختلفتين.”
“وهل هذا أمرٌ يُحسد عليه؟ لا بد من اختيار أحد الطرفين، أليس كذلك؟ كم هو أمرٌ شاق.”
على الرغم من أن الياقوتة الحمراء كانت أكبر حدث في الأوساط الاجتماعية، فإن فترتها لم تكن تعني تراجع بقية التجمعات الاجتماعية.
كان النبلاء يجتمعون بلا انقطاعٍ لتبادل المعلومات، و بذل الجهد لتوسيع شبكات العلاقات، ويتواصلون سرًا وعلانية.
أصبحت مجريات المسابقة حتى التصفيات النهائية ونتائجها حديث المجالس جميعها، كأنها الطبق الرئيسي في الولائم الاجتماعية.
“بصراحة، ياقوتة هذه الدورة….المرشحة النهائية تجعلني أعجز عن التعبير.”
وما إن أبدت إحدى السيدات النبيلات رأيها حتى التفتت أنظار الحاضرين إليها.
“دوقة هيستينا. لقد تفضلتِ بمشقة الحضور. تفضلي بالجلوس هنا.”
جلست السيدة النبيلة مستندةً إلى عصاها في المقعد الذي أرشدتها إليه كونتيسة دريك بابتسامةٍ ودودة.
“تشرفنا بلقائكِ، دوقة هيستينا.”
انحنى من حولها برؤوسهم في آنٍ واحد.
“لا تهتموا بي وتحدثوا براحتكم. عودة فعالية مثل الياقوتة الحمراء منحت عجوزًا مثلي فرصةً لإظهار وجهي في الأوساط الاجتماعية بعد طول غياب.”
“عجوز؟ هذا وصفٌ لا يليق بكِ أبدًا.”
“أليست هذه مبالغةً في التواضع؟ إذا حسبناها بدقة، أليست الدوقة آخر فائزةٍ بالياقوتة الحمراء؟”
كانت دوقة هيستينا هي الفائزة بالبطولة قبل أن تلغي كريستا الياقوتة الحمراء.
وبعد وفاتها، وبما أنه لم يظهر فائزٌ جديد بعد في هذه الدورة، أمكن اعتبارها آخر فائزة حية بالريد جويل.
“يمكن النظر إلى الأمر هكذا. مع أنني بلغت من العمر ما يكفي لأن يكون لدي أحفاد، دون أن يبدو ذلك غريبًا.”
ما إن قيلت تلك الكلمات حتى خفتت أجواء المكان النابضة بالحياة فجأة.
كيف يمكن نسيان تلك الحادثة التي جعلت معظم بيوت الدوقات في إمبراطورية سيفايا أسماءً بلا مضمون؟
كان بيت الدوق هيستينا بيت مصاهرة الأخ غير الشقيق للإمبراطور الحالي، الأمير الثاني.
نجوا من الإبادة الكاملة وحافظوا على اسم العائلة، لكن ورثة العائلة أُبيدوا جميعًا بيد الإمبراطور.
“آه، يبدو أن الأخبار لم تصل إلى العاصمة بعد. لا داعي لتلك التعابير، فقد وجدنا الوريث الذي فقدناه منذ زمنٍ بعيد. بل إن أولئك الأحفاد ينادونني بالفعل بالجدة.”
ابتسمت دوقة هيستينا ابتسامةً لطيفة. وبدا أن الناس شعروا ببعض الارتياح أمام ذلك الوجه الحنون.
“وفوق ذلك، ولحسن الحظ، تلقيتُ دعوتين كاملتين. كم هو مطمئنٌ أن الأوساط الاجتماعية لم تنسَ شخصًا مثلي.”
تلقي بيت الدوق هيستينا دعوتين. وبدأت حسابات النبلاء تدور في الخفاء.
“لا أتمنى سوى أن تفوز إحدى السيدات بمن تستحق فعلًا اسم الياقوتة الحمراء.”
رفعت الدوقة فنجان الشاي وأخفت تعابيرها بهدوء.
عندما أُعلن رسميًا عن عودة الياقوتة، تلقت رسالةً خاصة وجاءت إلى العاصمة.
‘في هذه الدورة، تلك الشابة ستفوز.’
ومع مراقبتها لسير الأحداث، كانت واثقةً من ذلك.
***
“لماذا تمنعونني من لقاء إنغريد، يا جلالة الإمبراطورة؟”
كانت إنغريد تمكث حاليًا في القصر الإمبراطوري بحجة الاستعداد للمسابقة، لكنها لم تقترب حتى من قصر ولي العهد.
و كان إيريك في قمة غضبه، مصممًا على سماع تفسيرٍ منها بأي وسيلة. وحين لم تظهر حتى وجهها، قصد جناح الإمبراطورة التي تخفيها، مطالبًا بإخراجها بإلحاح.
“كم مرةً يجب أن أكرر أنها في خضم التحضيرات؟ النهائي قريب، لذلك لن أطلب منك العودة فورًا إلى إقطاعية تشيرني. التزم بضبط النفس وانتظر. حين يحين الوقت ستقدّم التفسير بنفسها.”
نظرت الإمبراطورة إلى ابنها بنظرةٍ لا تخلو من الاستخفاف.
“لا أستطيع الانتظار. مجرد التفكير بأن إنغريد كانت تعبث بي يجعل دمي يغلي. كيف تجرؤ على التلاعب بولي عهد هذه البلاد!”
يقولون أن الجهل نعمة. لم يدرك الابن أن الشخص الذي كان يلاحقه بدافع الإعجاب لم يكن إنسانًا عاديًا على الإطلاق.
“يا ولي العهد، حين يحين الوقت ستشرح لك هذه الأم كل شيء. لذلك.…”
“ما هو موضع الضعف؟”
“موضع ضعف؟”
“ألستِ عاجزةً عن التحرك أمام إنغريد الآن؟ ماذا اكتشفت عنكِ؟ قولي لي بصراحة. يجب أن تثقي بابنكِ، فمن غيري ستثقين به؟”
شعرت الإمبراطورة بالغيظ، لكنها جمعت أقصى ما لديها من صبرٍ وتحدثت إليه بهدوء.
“لا يوجد شيءٌ اسمه موضع ضعف. كل ما في الأمر أن هذه المسابقة بالغة الأهمية. أرجو أن يتعاون ولي العهد أيضًا.”
“إنه مجرد عرض جمال، فما الذي يجعلكم تُثيرون كل هذه الضجة من أجله؟!”
صرخ إيريك بانفعال، فقابلته الإمبراطورة بصوتٍ أعلى وهي تزجره.
“هل تعلم يا وليّ العهد علم الحكم أصلًا؟ كيف تفتقر إلى قراءة مجريات العصر إلى هذا الحد! أترى هذه حقًا مجرد مسابقة جمال؟!”
ومن تعبير وجه إيريك، كان الجواب واضحًا.
‘إنها مسابقة جمال، فما الذي يمكن أن تكون غير ذلك؟ هكذا يفكر.’
فضغطت الإمبراطورة على صدغيها بقوةٍ وبدأت تشرح.
“المرشحتان النهائيتان ليستا من الأشخاص الذين رغبتُ بهم، لكن على الأقل اكتمل المشهد. أليست الآن الآنسة هايزل والآنسة آرسين في مواجهةٍ مباشرة؟”
“صحيح.”
“في الحفل الذي تقيمه الآنسة هايزل، سيجتمع نبلاء جناح الإمبراطور، وفي الحفل الذي تقيمه الآنسة آرسين، سيجتمع نبلاء جناح الدوق الأكبر.”
“ولماذا؟”
“لماذا برأيكَ؟ لأن شريك سيلينا في التصفيات النهائية كان الدوق الأكبر يوستيا!”
ثم رفعت الإمبراطورة صوتها مرةً أخرى، قبل أن تكبح ضيقها بصعوبة وتتابع.
“وليّ العهد كان شريك الآنسة هايزل، أليس كذلك؟ وبالتالي فإن مواجهة هاتين المرأتين ستُرى في النهاية على أنها مواجهةٌ بين وليّ العهد والدوق الأكبر يوستيا. هل فهمتَ الآن؟”
“لكن إنغريد لم ترسل الدعوة إليّ، بل إلى زينوس. لهذا جئتُ لأحتج على-”
“إلى من أُرسلت الدعوة ليس مهمًا، المهم هو النتيجة، النتيجة! من تلقّى الدعوة ومن أرسلها لا يعرفه إلا الطرفان، أما النتيجة فستنتشر في الأوساط الاجتماعية كلها!”
وقد ضاق صدر الإمبراطورة، فاستجمعت ما تبقى من صبرها،
“الآنسة هايزل تبذل جهدها للفوز من أجلكَ يا وليّ العهد، فلا تخلق اضطراباتٍ لا داعي لها، واضبط نفسكَ. مفهوم؟”
أومأ إيريك برأسه على مضض ثم انسحب من المكان. فزفرت الإمبراطورة وهي تراقب ابتعاده.
‘وكأنني لم أجرّب العصيان من قبل.’
ظاهريًا، صُوّر هذا الحفل على أنه مجرد اختبارٍ لنفوذ السيدتين، لكن خلف الستار كانت قوة العائلة الإمبراطورية وعائلة الدوق الأكبر هي التي تتحكم بكل شيء.
قلةٌ قليلة فقط ستتحرك بدافع إنغريد أو سيلينا وحدهما.
‘لكي نفوز في المسابقة، نحتاج إلى من يحضر وهو ينظر إلى قوة العائلة الإمبراطورية. كنتُ أظن أن تلك الوضيعة ستصبح أكثر خضوعًا.’
لكن إنغريد لم تطلب أصلًا. بل هددت هكذا ببساطة.
“إذا نقص شخصٌ واحد عن الحضور في حفلي وخسرت أمام تلك الشريرة، فسأُفرغ غضبي في العائلة الإمبراطورية، فاستعدوا.”
غضبت الإمبراطورة ورمت مروحتها أرضًا.
‘كيف أُجبر على مشاهدة تلك الوضيعة تعبث فوق رأسي؟ ما تلك القوة المرعبة أصلًا؟ وكيف يمكن التخلص منها؟’
ومهما فكرت، لم تجد حلًا فوريًا. شاءت أم أبت، كان عليها الخضوع لتلك القوة وتنفيذ ما يُطلب منها.
‘ليت سيلينا تفوز في هذا النهائي. على الأقل سأرى أنف تلك وقد انكسر.’
لكن هذا الأمل بدا بعيد المنال. فالآنسة هايزل لم تكن تسيطر على الإمبراطور وحده، بل على فيليب أيضًا.
‘قد يحضر حتى نبلاء جناح الدوق الأكبر إلى حفل الآنسة هايزل. عندها ستُمنى سيلينا بهزيمةٍ ساحقة.’
تخيلت سيلينا وهي تنظر إلى قاعة حفلتها الخاوية بشعورٍ مرير، فشعرت بقليلٍ من الذنب.
لكن ذلك لم يدم طويلًا، إذ قالت الإمبراطورة لتؤدي دورها.
“اليوم هو اليوم الرابع منذ بدء المسابقة، أليس هذا هو اليوم الذي تحدثت عنه الآنسة هايزل؟”
“نعم، لقد أعددنا لنشر الخبر بالفعل.”
“يجب أن يعرف أكبر عددٍ ممكن من الناس. تأكدي من أن يسير كل شيءٍ دون خلل.”
“أمركِ مطاع.”
من أجل الحفاظ على كبرياء العائلة الإمبراطورية، ومن أجل حماية العائلة، كان لا بد من جعل إنغريد الفائزة بالياقوتة الحمراء.
_________________
لا يا الإمبراطوره كان املي فيس😔
ذلحين لو ماتفوز سيلينا ياويل المؤلفه مني
وبعد ليت زينوس وسيلينا يعترفون انهم متزوجين عشان يحطون النبلاء والإمبراطور عند الأمر الواقع ويفتكون من كلش✨
التعليقات لهذا الفصل " 69"