“مرحبًا بعودتكِ. لقد تكبّدتِ عناءً كبيرًا يا آنسة.”
قال بين ذلك وهو يقف في مقدمة الصف المرحّب بعودة سيلينا.
“نعم. هل حدث أمرٌ خطير في المنزل أثناء غيابي؟”
“في الحقيقة.…”
وقبل أن يتمكّن بن من إكمال كلامه، اندفعت نورا فجأة وعانقتها.
“آنستي! لا، سمو الدوقة الكبرى….”
ربّتت سيلينا على ظهر نورا التي كانت تبكي،
“لقد تعبتِ كثيرًا. لا بد أنكِ فُزعتِ كثيرًا، وقلقتِ كثيرًا.”
“كنتُ أنوي العودة إلى القصر فورًا، لكن لم يكن معي ما يثبت هويتي، لا بطاقة ولا شيء. قالوا أن إجراءات التحقق والدخول ستستغرق ثلاثة أو أربعة أيام، فشعرتُ بالعجز الشديد. لذلك عدتُ إلى بيت الكونت وقلت لننطلق فورًا لإنقاذكِ.”
وبينما كانت سيلينا تربّت على ظهر نورا، نظرت إلى بين،
“لا بد أنكَ عانيتَ كثيرًا في إيقافها.”
“لو لم تعودي اليوم، لكنا دخلنا القصر معًا مهما كان الثمن. أنتِ تعلمين ما نشعر به.”
“وكيف كنتم ستدخلون؟ لن يسمح لكم أحدٌ بالدخول.”
“ومع ذلك، كيف يمكننا الانتظار مكتوفي الأيدي ونحن نعلم أنكِ مع تلك المرأة؟ عودتكِ سالمةً هكذا نعمةٌ عظيمة حقًا.”
“حسنًا، حسنًا. توقفي عن البكاء.”
كانت لا تزال تربّت على ظهر نورا حينها،
“آنستي، لقد وصل الكونت قبل قليل.”
أخبرتها لوري بهدوء عن عودة الكونت آرسين.
“اليوم؟ لم يكن من المفترض أن يعود بعد.”
“نعم. يبدو أنه قلقٌ لأنكِ كنتِ محتجزةً في الجناح الشرقي عند مغادرته، فعاد على عجل.”
سلّمت سيلينا نورا إلى بين، ثم أسرعت مع لوري نحو مكتب سيد العائلة.
كان هناك أمرٌ لا بد أن تتأكد منه مع والدها، الكونت آرسين.
“هل أبلغته بكل شيء؟”
“نعم. سألته إن كان لديه أي مكانٍ يتوقّع أن تذهب إليه، لكنه قال أنه لا يعرف شيئًا.”
أومأت سيلينا برأسها. فطرقت لوري باب المكتب.
“الآنسة سيلينا وصلت.”
“أدخليها.”
دخلت سيلينا فور فتح الباب، فواجهت الكونت آرسين الذي بدت على بشرته سمرةٌ خفيفة.
“أبي، هل عدتَ سالمًا؟”
“نعم. وأنتِ أيضًا لا بد أنكِ تعبتِ في خوض المسابقة في القصر الإمبراطوري. هل كانت النتائج جيدة؟”
“نعم، حالفني الحظ ووصلتُ إلى الجولة النهائية.”
“إلى نهائي الياقوتة الحمراء؟ تهانينا.”
في الحقيقة، لم يكن الكونت آرسين يتوقع أن تحقق سيلينا إنجازًا كبيرًا في المسابقة.
فمن دون أمّ تعتني بها إلى جانبها، ظنّ أنها لن تتمكن من التألق في مسابقةٍ ذات تاريخ وأصالةٍ مثل الياقوتة الحمراء.
“هذه المسابقة، منذ بدايتها، كانت بتدبيري أنا.”
“ماذا؟”
“قبل أن أشرح كل شيء، هناك أمرٌ يجب أن أتأكد منه معكَ أولًا يا أبي.”
عندها أظلم وجه الكونت.
“إن كان الأمر يخص فلورا، فلا تقلقي كثيرًا في الوقت الحالي. سأبحث عنها.”
“قلتَ أنه لا يوجد مكانٌ يخطر ببالك.”
“لا يوجد، لكن لا بد من العثور عليها بأسرع وقت. لا نعلم أين قد تكون تتنقّل. وسباستيان ما يزال صغيرًا.”
“لقد أرسلتُ بالفعل أشخاصًا إلى قرية إتران. قالوا أنهم لم يعثروا على أي أثر لعودتها.”
فاتّسعت عينا الكونت عند سماع كلام سيلينا.
“أبي، لم يعد هناك داعٍ لإخفاء الأمر. أخبرني بكل ما حدث بينكَ وبين فلورا.”
***
“إياكِ أن تغادري القرية.”
كبرت فلورا وهي تسمع هذه العبارة دومًا.
كانت قرية إتران قريةً صغيرة، ولكل شخصٍ فيها عمله الموكَل إليه. وكان يكفي أن يقصّر شخصٌ واحد في عمله ليختلّ توازن القرية بأكملها.
وكان ذلك العمل يُورَّث من الآباء إلى الأبناء ثم إلى أبناء الأبناء.
لم يكن مسموحًا بإنجاب أكثر من طفلين، ولم يكن أحدٌ يتزوج من خارج القرية.
“ستنزل عليكِ لعنة السماء! إن أنجبتِ، فقرّبي الطفل قربانًا فورًا!”
هكذا قالت والدة فلورا الحقيقية عندما حملت ببراندون.
ومن ناحية ما، كان ذلك طبيعيًا. فابنةٌ لم تتزوج، تاهت في طريق الغابة، وحملت من رجل غريب قضى ليلةً واحدة في القرية.
لم تكن تعرف حتى اسمه. وكان يكفيها أنه ليس من أهل القرية.
الأفعال الطائشة لها عواقب. وتلك العواقب دفعت فلورا طوال حياتها إلى حافة الانهيار.
أنجبت فلورا الطفل في النهاية. و حاولت بكل السبل ألا تلد، لكن الطفل نجا في آخر المطاف.
بقي الطفل حيًا، لكن والديها اللذين أمرا بتقديمه قربانًا لقيا حتفهما في حادث.
بعد أن عانت آلامًا كادت تودي بحياتها أثناء الولادة، قررت فلورا تربية طفلها، فكانت تؤدي الأعمال التي كانت مفروضةً على والديها في القرية مقابل حصتها من الطعام.
وبيدين غير ماهرتين كانت تشحذ الأدوات الزراعية مرةً تلو أخرى، وترضع طفلها وتصنع له الملابس.
وبعد ست سنوات من هذا الشقاء، جاء زائرٌ آخر من خارج القرية. قالوا أنه نبيل يدير قافلة تجارية.
و حاول شيخ القرية منعه من الدخول بحجة أن القرية متواضعةٌ ولا تليق باستقبال شخصٍ رفيع، لكن الكونت آرسين دخل القرية في النهاية.
“هكذا إذاً يبدو النبيل.”
“انظروا إلى ما يرتديه، يبدو أن أهل الخارج يلبسون مثل هذا.”
“إنه يلمع.”
شخصٌ يلمع بريقًا. كان الكونت آرسين كذلك.
النبيل الذي ظنوا أنه سيقيم ليومٍ واحد فقط، مكث يومين إضافيين، و لا أحد يعلم كيف فعل ذلك.
كان أهل القرية يتسللون لينظروا إليه من بعيد. حتى صراخ شيخ القرية مطالبًا إياهم بالعودة إلى أعمالهم لم يجدِ نفعًا.
كانوا يتجمعون خفيةً مرة أخرى، منشغلين بمشاهدة الكونت آرسين.
وعرفت فلورا ما الذي يريده الكونت صدفةً محضة.
“هذا ليس شيئًا يصل إلى هذه القرية بالصدفة. أحقًا تقول أنكَ لا تعرف؟”
كان ذلك حين ذهبت لشحذ سكين بيت الشيخ. و كان الكونت آرسين يضغط على الشيخ بشأن غرضٍ ما.
“إنه تعويذة التنين التي نصنعها في قريتنا.”
كانت تلك التعويذة تُعرض فقط عند التبادل مع القرى الأخرى. وكان يقال إن لها قوةً تمنع قوة التنين.
لكن مفعولها لم يكن يدوم طويلًا. كانت قادرةً على صد القوة ثلاث مراتٍ فقط.
كان الكونت آرسين قد حصل على تلك التعويذة في قريةٍ أخرى، وتتبّع مصدرها حتى وصل إلى قرية إتران.
‘أنا أيضًا أعرف كيف أصنع تلك التعويذة. هل يحتاج إليها؟’
صنع التعويذة بحد ذاته كان سهلًا، لكن تفعيل مفعولها كان يتطلب بركة شيخ القرية. وهو أمرٌ لا يقدر عليه في القرية سوى عائلة الشيخ.
“لا أعرف شيئًا عن هذا.”
قال الشيخ ذلك وكأنه لم يرها من قبل، ثم أغلق فمه بإحكام. لكن فلورا لم تكن مثل الشيخ، لا تفكر فقط في طرد الكونت آرسين.
‘ربما أستطيع الخروج من هذه القرية.’
وقعت عينا فلورا على براندون، الذي كان أضعف من بقية الأطفال لأنه لا يأكل ما يكفي.
‘ربما أجد طريقةً نعيش بها أنا وطفلي.’
قضت الليل كله غارقةً في التفكير، ومع بزوغ الفجر على استحياء، ظهرت فلورا أمام الكونت آرسين.
“يا، يا سيدي الكونت. لديّ ما أود قوله.”
وكان حدس فلورا في محله.
قال الكونت آرسين أنه عثر على التعويذة في قريةٍ أخرى، وسمع أنها مرتبطةٌ بالتنين ارتباطًا مباشرًا.
“كان التنين دائمًا موضع توقٍ وإعجاب. أنا فقط أريد أن أفهم ذلك الوجود أكثر.”
لم يكن الكونت ينوي أن يكشف بصدقٍ عن سبب مجيئه إلى تلك القرية النائية. ولم تكن فلورا مهتمةً حقًا بمعرفة ذلك.
“في هذه القرية سر.”
كانت فلورا تعرف كيف تثير اهتمام الكونت آرسين.
“سأخبركَ بكل تلك الأسرار، مقابل أن تحميني. وفّر لي ولابني مكانًا نعيش فيه، واحمِنا بأمان.”
كان الكونت آرسين قادرًا على تلبية ما تريده فلورا دون عناء.
“هذا شرطٌ ليس صعبًا عليّ إطلاقًا. لكن المقابل الذي أقدّمه سيتحدد بمدى أهمية السر الذي تجلبينه لي.”
قبل وصول الكونت آرسين إلى قرية إتران بقليل، كانت والدة سيلينا قد فارقت الحياة.
و هذا الحدث التعيس جلب لفلورا حظًا لا يوصف. فبعد أن سمع الكونت آرسين كل أسرار فلورا، اتخذ قراره.
“تعالي معي إلى العاصمة. سأمنحكِ مكانة زوجة الكونت. لكن بشرطٍ واحد.”
لم تستوعب فلورا في تلك اللحظة ما إذا كانت قد سمعت كلامه جيدًا.
‘قال زوجة الكونت فعلًا!’
كان ذلك يعني أن تصبح نبيلة. وأن تصبح واحدةً من عالمٍ يلمع بريقًا.
“احمي حياة ابنتي. لا تدعيها تموت أبدًا. إن التزمتِ بذلك، سأجعلكِ زوجة الكونت في الحال.”
______________________
طيب ليه ماقلت احميها وربيها زي ولدس ياحمار؟ يعني تحميها بس عادي تسبب لها تروما اهم شي انها حيه؟ وجع
وفلورا ماتوقعت ماضيها كذا تعتبر بسرعه استغلت الفرصه بس حماره زي الي تزوجها
يعني وش فيها لو خذاها مربية؟ وش فيها لو خذاها خدامه ؟ الا الزواج؟ وزوجتك توها فاطسه؟ يع
التعليقات لهذا الفصل " 67"