بعد انتهاء المثول أمام الإمبراطورة، انتقل المشاركون إلى غرفةٍ أخرى وانتظروا انتهاء المسابقة.
و ما إن دخلت فاليري الغرفة حتى أمسكت بياقة ماثيو وهزّته بعنف.
“أنتَ، كيف استطعتَ أن تفعل هذا؟!”
فتدخلت لايلا المرتبكة من جانبها.
“آنسة فيجِل، من فضلكِ لا تفعلي هذا. اهدئي قليلًا واستمعي إلى حديثنا.”
“أي حديث؟ أنتِ مثله تمامًا! تتظاهرين بكل هذا الودّ أمام الناس مع سيلينا، ثم تطعنينها في الظهر بهذه الطريقة!”
“لماذا تصرخين على الآنسة أندرسون دون داعٍ؟!”
قال ماثيو ذلك بصوت عالٍ دون أن يشعر، ثم خفّض صوته وهو يلاحظ الأنظار من حوله.
“أنا من طلبتُ إبقاء هذا الأمر سرًا. سموّ الدوق قال أن ذلك أفضل. تحركنا وفق خطةٍ محددة.”
“سموّه؟ هل سموّه هنا؟ هل قبلَ فعلًا دعوة إنغريد؟ ما الذي يحدث بالضبط؟ لماذا لا تشرح بوضوح؟”
فأطلق ماثيو صوت اختناق وهو يُخنق من ياقة ثوبه. وعندما رأت لايلا ذلك، زاد ارتباكها وبدأت تمنع فاليري بلهفةٍ أكبر.
“أنا….أنا من فكّرت في هذا. سأشرح كل شيء. فقط أفلتيه أولًا. أرجوكِ، أفلتيه.”
عندها تركت فاليري ماثيو بعنف.
“عليكِ أن تشرحي ما حدث بدقة. ليس من باب التفاخر، لكنني قادرةٌ على اقتحام بيت الماركيز أندرسون إن لزم الأمر.”
“كما ترين، طبع أختي هكذا. ستأتي فعلًا إن غضبت. أعتذر مسبقًا إن لم أستطع منعها.”
و شعرت لايلا بالارتياح قليلًا عندما رأت أن فاليري تركت ياقة ماثيو، ثم بدأت تشرح بهدوء.
“أنتما تعلمان أنني خلال الأيام الثلاثة التي قضيتها في القصر الإمبراطوري استعدادًا للنهائي، كنتُ أعيش براحةٍ أكبر من بقية الآنِسات.”
لم تكن الإمبراطورة تُبدي اهتمامًا كبيرًا بمن تتواصل معه لايلا أو من ستدعوه. كانت تفترض بطبيعة الحال أن لايلا ستصل إلى المرحلة النهائية، وشجعتها على اعتبار هذه الفترة تجربةٌ مبكرة للحياة في القصر الإمبراطوري.
“استغليتُ ذلك للتواصل مع المستشار تشيس وسموّ الدوق الأكبر، وفهمتُ مجريات الوضع. ثم بادرتُ بالاقتراح. قلت أنني أودّ تبديل شريك الآنسة سيلينا آرسين مع شريكي.”
“ولماذا؟”
“لأنني دعوتُ سموّ الدوق الأكبر. وقد قال لي سموّه أنه سيأتي إلى القصر بدعوتي أنا، لا بدعوة الآنسة هايزل. فهناك ثغرةٌ في هذا الدور النهائي.”
“ثغرة؟”
“لا يوجد بند يُلزم الشريك بأن يكون شريكًا لمن أرسل الدعوة بالضرورة. لذلك اختار سموّه أن يكون شريك الآنسة التي أرادها.”
“إذًا سيلينا.…”
٬كنتُ أعلم مسبقًا أن المكان إلى جانب سموّه هو من حق سيلينا.’
فابتسمت لايلا بهدوء وهي تطرق أذنها بخفة.
***
“سيلينا!”
بسبب الوميض الأحمر الذي لمع أمام عينيها، أغمضت سيلينا عينيها بقوةٍ من دون وعي. و شعرت بجسدها يرتفع في الهواء، ثم دوّى صوت تحطّمٍ هائل.
“سيلينا، سيلينا. هل أنتِ بخير؟ افتحي عينيكِ.”
و كان زينوس أمامها، يهمس بلهفة.
‘هل هذا وهمٌ سمعي؟’
عندما رأت إنغريد تضحك ضحكةً مخيفة، انتاب سيلينا شعورٌ سيئ، فنظرت لا إراديًا إلى الجهة التي اتجهت إليها نظرة إنغريد.
أو بالأحرى، حاولت أن تنظر. لكن قبل أن ترفع رأسها، لمع الضوء فجأة، وسمعت صوت زينوس عند أذنها.
“زينوس.”
وحين فتحت عينيها اللتين كانت تضغط عليهما بقوة، كانت بين ذراعيه.
“كيف وصلتَ إلى هنا.…؟ لا، ما الذي حدث الآن؟”
“هل أصبتِ بأذى؟ هل أنتِ بخير؟”
ظل زينوس يتفحّص جسد سيلينا بقلق.
“أنا بخير، لكن ما الذي.…”
كان موضع الأريكة التي جلست عليها سيلينا مغمورًا بالماء. وتناثرت شظايا مزهريةٍ ضخمة محطمة في أرجاء الغرفة.
حتى إنغريد بدت مصدومةً لرؤية زينوس وقد ظهر فجأة.
‘هل يمكن أن تكون قوته قد استيقظت؟’
لم يكن زينوس موجودًا في تلك الغرفة أصلًا. لم يدخل من الباب ليحمل سيلينا ويتفادى المزهرية.
“أنا سعيدٌ لأنكِ بخير. قفي خلفي أولًا.”
وضع زينوس سيلينا خلف ظهره ووقف في مواجهة إنغريد.
“يبدو أنكِ لم تعودي تخشين أعين الناس.”
“قررتُ ألا أهتم بعد الآن. عندما أخبرتُ جلالة الإمبراطور بسرّي، وعدني بأن يدعمني بكل ما يملك.”
قالت إنغريد ذلك مبتسمةً بثقة.
“لكن القوة التي استخدمتها قبل قليل.…”
“قلتُ لكِ ألا توليني اهتمامًا مفرطًا.”
“لا يسعني إلا أن أهتم. فنحن على وشك الزواج.”
“أليس في هذا تناقضٌ أكبر؟ أخبرتِ الإمبراطور بسرّكِ، ومع ذلك سمح بزواجكِ مني؟ حقًا؟”
“أليس لأنني أقنعتُه جيدًا ففهم وتقبّل الأمر؟”
في تلك اللحظة دخلت إحدى الوصيفات لإعلان الدور التالي.
“ما الذي حدث لهذه الغرفة.…؟ ومتى دخلتَ يا سمو الدوق إلى هنا أصلًا؟ هذه غرفةٌ مخصّصة فقط للآنِسات المشاركات في المسابقة! كيف تدخلها بلا إذن؟!”
و من دون أن يلقي زينوس نظرةً على الوصيفة المذعورة، مدّ ذراعه نحو سيلينا.
“قبل أن نتعرض لمزيدٍ من التوبيخ، هيا بنا لمقابلة جلالة الإمبراطورة.”
لكن سيلينا لم تستطع أن تمسك بذراعه فورًا.
“زينوس، هذا ليس تصرّفًا سليمًا. قد يفقد جلالة الإمبراطور صبره ويفجّر حربًا أهلية.”
“سيلينا، هل تثقين بي؟”
فنظرت إليه، إلى عينيه الحمراوين اللتين لا تنظران إلا إليها. ووصلها الإحساس الصادق الكامن فيهما دون حجاب.
“أنا أثق بكَ دائمًا.”
“إذًا هذا يكفي. ما دامت قلوبنا واحدة، فسنتمكن من تجاوز أي شيء.”
لم يعد هناك ما يدعو للتردد. فشبكّت سيلينا ذراعها بذراع زينوس بثبات، وتوجها خلف الوصيفة إلى غرفة الإمبراطورة.
“ستندمين على هذا.”
ثم قالت إنغريد ذلك وهي تطبق على أسنانها.
“بالنسبة لمن سيندم، لن يُعرف إلا حين نصل إلى النهاية، أليس كذلك؟”
قال زينوس ذلك وهو ينظر إلى سيلينا الواقفة إلى جانبه، ثم أضاف،
“آه، لا تقلقي. لقد دعوتُ شريككِ بنفسي.”
عندها تصلّب وجه إنغريد.
“اخرجوا جميعًا. لن يدخل أحدٌ حتى أقول ذلك.”
فارتجف جسد إنغريد عند سماع الصوت المألوف.
“إنغريد.”
كأن شريكها لم يستطع الانتظار بهدوء في غرفة الاستعداد، ها هو يقف عند باب الغرفة.
“عليكِ أن تشرحي.”
رفع الرجل الذي كان يغطي رأسه بالعباءة غطاءه بعنف، كاشفًا عن هويته.
“لماذا لا يوجد اسمي في هذه الدعوة؟ ولماذا يوجد اسم زينوس مينيرفا يوستيا؟ ولماذا تتحدثين عن الزواج من زينوس؟”
نجحت خطة إنغريد إلى حدٍّ ما. ففي النهاية استطاعت استدعاء صاحب أعلى مكانةٍ شريكًا لها، ووصلت إلى النهائي.
لكن ذلك الشريك لم يكن زينوس الذي رغبت فيه بشدة.
“سموك، أنا….”
“لديّ عينان وأذنان. من الأفضل ألا تطلقي أعذارًا متسرعة.”
وعندما رأت إنغريد ملامح الغضب على وجه إيريك، ألقت باللوم على زينوس الذي تسبب لها في هذا الموقف المزعج.
“إذًا اشرحي كما يجب. هل كل ما سمعته صحيح؟ هل صحيحٌ أنكِ تتبعين الدوق يوستيا لا أنا؟ وهل الدوق يوستيا يحب سيلينا؟ قولي كل شيء. كل شيء!”
عندما انفجر إيريك غضبًا وهو يصرخ، ارتسم على وجه إنغريد تعبير ضجرٍ تام، ثم نقرت بأصابعها. فصدر صوتٌ خافت، وسقط إيريك أرضًا في لحظة.
“لو كنتَ مكاني، هل كنتَ ستشرح؟ أم تفعل هذا؟ الأمر متعبٌ حقًا. حتى التذمر له حد.”
نقرت بأصابعها مرة أخرى وأسندت إيريك على الأريكة، ثم فكّرت.
“القوة التي رأيتها لدى زينوس قبل قليل….لم تكن في مستوى التجلّي الثاني.”
تلألأت عينا إنغريد بجشع.
“أريدها. تلك القوة، لا بد أن تكون لي.”
وفي تلك اللحظة، طرقَت وصيفة الباب من الخارج. كانت إشارةً إلى أن الإمبراطورة بانتظارهم ولا مجال لإضاعة الوقت.
فنقرت إنغريد بأصابعها وأفاق إيريك.
“هاه؟ ما الذي حدث؟ لماذا أنا مستلقٍ هنا؟”
“سموك، يبدو أنك فقدتَ وعيكَ من شدّة الانفعال. هل أنتَ بخير؟”
قالت إنغريد ذلك وهي تتابع حديثها ودموعها تنهمر.
“سموك، يمكنني شرح كل شيء. فلنُنْهِ المسابقة بسلام أولًا ثم نتحدث. إنها مناسبةٌ أعدّتها جلالة الإمبراطورة، ولا يصح أن نتعامل معها باستخفاف.”
_____________________
ياي دموع التماسيح
المهم وناسات زينوس قوته الثانيه طلعت اجل ليه ماعلم فيليب شف عاين سيلينا الصدقيه فكونا من انغريد تكفى😔
وخساره جسبت يوم جا ايريك انه خلاص بيخلي انغريد بس هو تنكه بيصدقها مره عاشره
التعليقات لهذا الفصل " 65"