حتى بين الشركاء المجتمعين في غرفة الانتظار لإعلان نتائج الدور النهائي، كان هناك توترٌ خفي. فقد كان بعض النبلاء الشبان عاجزين عن إخفاء غيرتهم تبعًا لهوية من جاءوا شركاء لهم.
“هل صحيحٌ أن من تلقّى دعوة الآنسة رونديل هو السيد ويلارد؟”
كان من بينهم أيضًا نجل أسرة الكونت برودو، الذي كان يصرّح علنًا بين أصدقائه برغبته في الارتباط بآنسة رونديل.
“تحلَّ بضبط النفس يا شاب برودو. نحن أمام سموّ الدوق.”
“صحيح. أليس للرجال طرقهم الخاصة في حل مثل هذه الأمور؟ من غير اللائق إثارة هذا أمام سموّه، فلنؤجّل الأمر إلى ما بعد انتهاء الدور النهائي.”
أجاب ثيودور ويلارد، الذي تلقّى الدعوة من باترا، بنبرةٍ هادئة ومسترخية.
“ماذا قلتَ الآن؟”
“قلتُ لكَ اضبط نفسكَ لأننا أمام سموّه. وأنتَ أيضًا يا تيد، كفى.”
لكن زينوس لم يُبدِ أي اهتمام بما يحدث هناك، بل كان يحدّق في ماثيو الجالس أمامه بنظرة مشتعلة.
‘هل عليّ أن أكون ممتنًا لأنني حظيتُ بنظرة من سمو الدوق ولو بهذه الطريقة؟’
لأول مرة في حياته، انهمر العرق البارد من جبين ماثيو. فباستثناء أوقات التدريب بصفته وريثًا لأسرة الماركيز، لم يسبق له أن تعرّق على هذا النحو.
وفي زاويةٍ بعيدة، كان هناك رجلٌ آخر يضع غطاء الرأس ويتمتم بكلماتٍ غير مفهومة. ومع ذلك، وكأن الجميع قد اتفقوا مسبقًا، لم يوجّه أحدٌ نظره نحوه.
لقد بدا وكأن قوةً ما تعمل على جعله غير مرئي.
“سنبدأ الآن إعلان نتائج الدور النهائي.”
ثم أخذ كبير الخدم ينادي الأسماء واحدًا تلو الآخر.
***
“لم يبقَ سوانا نحن الأربعة الآن.”
قالت لايلا ذلك موجّهةً حديثها إلى سيلينا وفاليري وإنغريد.
“طبعًا. مهما قلتُ، من الواضح أن الآنسة لن تستمع إليّ بلطف. أليس كذلك؟”
كان لسان لايلا الحاد كفيلًا بإثارة القشعريرة، لكن من شعرت بذلك حقًا كانت سيلينا.
فالخصم هو إنغريد، امرأةٌ لا يُعرف بأي وسيلةٍ استطاعت، لكنها قادرة على تحريك فيليب والإمبراطور معًا.
“ما رأيكنّ أن نخبر بعضنا بمن دعونا ليكون شريكنا؟”
توقفت إنغريد، التي بدت وكأنها على وشك فرقعة أصابعها، ثم ردّت بتباهٍ،
“بما أنني لم أكن أنوي الخسارة في هذا الدور النهائي، فقد دعوتُ أكثر الشخصيات نُبلًا.”
“ومن منّا لم يدعُ شخصيةً نبيلة؟ المهم ليس من دُعي، بل هل لبّى الدعوة أم لا.”
بدا أن لايلا لا تنوي التراجع قيد أنملة.
فوخزت سيلينا فاليري بمرفقها وكأنها تطلب النجدة.
“أ-أنا لم أستطع دعوة شقيقي، فدعوتُ شخصًا آخر، ولا أعلم إن كان قد حضر أم لا.”
“حقًا؟ وإلى من أرسلتِ الدعوة؟”
سألت سيلينا بصوتٍ مرتفع متعمّدة، رغم أنها كانت تعرف الجواب.
“نعم، إنه المستشار ويل تشايس.”
فابتسمت لايلا بلطف.
“إن كان المستشار تشيس، فلا بد أنه لبّى الدعوة.”
“أتظنين ذلك؟ أخشى أنه قد يرفض قائلًا أنه يراني كثيرًا في ساحة المعركة، فلا داعي لرؤيتي هنا أيضًا.”
“لا يمكن. يبدو لي المستشار تشيس شخصًا دقيق المشاعر. وبالمناسبة، سيلينا، لمن منحتِ شرف الدعوة؟ هل هو الشخص الذي كان معكِ في حفل ظهوري الأول.…؟”
“سموّ الدوق الأكبر يوستيا هو من دعوتُه.”
حينها، قاطعت إنغريد الحديث.
تعمّدت سيلينا أن تصرف نظرها عنها، لكنها في داخلها تنفست الصعداء إذ رأت أن حساباتها كانت صحيحة.
‘لو أرسلتُ الدعوة إلى زينوس، لظهر شريكي بلا شك. وحينها كانت ستدعو جلالة الإمبراطور، وكان سيوافق، وبذلك ستصبح مرشحةً نهائية حتمًا.’
لكن طمأنينة سيلينا لم تدم طويلًا، إذ عادت لايلا لتوجّه حدّ كلامها نحو إنغريد.
“حتى لو تلقّى الدعوة، أليس من حق الطرف الآخر تجاهلها؟ هل هناك قانونٌ يُجبر الجميع على الحضور لمجرد أن الآنسة دعتهم؟”
“لا أدري ما الذي تفهمه آنسةٌ حديثة العهد بالمجتمع حتى تتفوه بمثل هذا الكلام.”
“أرجو منكما ضبط النفس. فالمسابقة لم تنتهِ بعد، وجلالة الإمبراطورة موجودةٌ في الغرفة المجاورة.”
تدخلت إحدى وصيفات القصر الإمبراطوري لتفضّ النزاع. فتنحنحت لايلا بخفة، ثم سألت بنبرةٍ لطيفة من جديد،
“إذًا، من هو الشخص الذي دعته سيلينا؟”
“آه، أنا….”
شعرت فاليري بالحرج بلا سبب، فأدارت نظرها جانبًا.
“دعوتُ وريث الماركيز فيجِل، ماثيو فيجِل.”
“آه، توأم الآنسة فاليري فيجِل. اختيارٌ موفق.”
وما إن انتهت لايلا من كلامها، حتى خرجا باترا وتيد من قاعة المثول، وحان دور الشخص التالي للدخول.
“تسألين الجميع ولا تكشفين عن شريككِ أنتِ؟ ما هذا الوضع الغريب؟”
قالت إنغريد ذلك بنبرة استهجان.
“لا داعي لكل هذا الفضول. فالأمر سيتضح حالًا على أي حال.”
و ابتسمت لايلا بثقة.
“سيتضح حالًا؟”
لم تفهم سيلينا ما الذي تعنيه لايلا بكلامها.
كانت فاليري قد دعت ويل، وسيلينا دعت ماثيو، وذلك لأن فاليري لم تكن قادرةً على دعوة ماثيو بنفسها.
أما لايلا، فهي آنسةٌ من أسرة الماركيز أندرسون العريقة، ومن المنطقي أن يكون لها معرفة بابن إحدى الأسر الدوقية بحكم العلاقات بين البيوت.
ومهما أصبحت أسر الدوق في سيفايا مجرد أسماءٍ بلا نفوذ، فإن لقب الدوق يظل أعلى من لقب الماركيز.
لذلك كان من الطبيعي أن تدخل لايلا إلى الغرفة التي تنتظر فيها الإمبراطورة بعد سيلينا وفاليري، اللتين جاء شريكاهما من أسرة ماركيز.
‘هل واجهت صعوبةً كبيرة في العثور على شريك؟ هذا ليس المشهد الذي رسمته في ذهني.’
راقبت سيلينا ثقة إنغريد، وتوقعت أن المرشحتين النهائيتين في هذه المسابقة ستكونان لايلا وإنغريد.
وكانت تنوي مساعدة لايلا في الاستعداد للنهائي، فقط لكي لا تنتقل الياقوتة التي تُمنح للفائزة إلى إنغريد.
“والآن، الآنسة لايلا أندرسون، ابنة عائلة الماركيز، وشريكها.”
لكن الشخص الذي خرج شريكًا للايلا كان ماثيو فيجِل.
“أنتَ….أنتَ كيف.…؟”
تفاجأت فاليري إلى حد أنها لم تستطع إكمال جملتها، واهتزّت عينا سيلينا من شدة الصدمة.
وكأنها كانت تعلم مسبقًا أنه سيتم النداء عليها، نهضت لايلا بهدوء واقتربت من سيلينا وهمست،
“قلت لكِ، أليس كذلك؟ لا داعي للقلق. شريكي كان محددًا من البداية.”
“لايلا، ما معنى هذا….؟”
نظرت إليها سيلينا بعينين متسعتين، فابتسمت لايلا ابتسامةً خفيفة،
“آه، وانتبهوا لتلك المرأة. إن بقيتما وحدكما، لا يُعرف ما الذي قد تُقدم عليه، لذا لا تسمحي لها بالاقتراب منكِ أبدًا.”
حتى وهي ترى ملامح الصدمة التي لم تفارق وجه سيلينا، لم تُبدِ لايلا سوى تعبيرٍ يوحي بالأسف.
“كنتُ أود البقاء حتى النهاية، لكن حتى لو كان من نفس رتبة الماركيز، فإن إنجازات المستشار ويل تشيس العسكرية كانت أكبر.”
ثم اقترب ماثيو من لايلا ومدّ ذراعه، فانطلق الاثنان بسلاسة طبيعية نحو الغرفة التي تنتظر فيها الإمبراطورة.
“أ-أنا….مهلاً، ماثيو!”
“آنسة فيجِل، لا تزال المسابقة جارية. جلالة الإمبراطورة في الغرفة المجاورة، فالرجاء ضبط النفس.”
ترك ماثيو ولايلا فاليري الغاضبة خلفهما وغادرا غرفة الانتظار.
وبينما كانت سيلينا واقفةً وكأن روحها قد سُلبت منها، لم تستطع إنغريد كبح نفسها، فانفجرت ضاحكةً بصوت عالٍ.
“يا لكِ من متصنّعةٍ حقًا. كنتما منسجمتين إلى هذا الحد، وفي النهاية ينتهي الأمر هكذا؟ حسنًا، لو سُلب منكِ الشريك مرةً أخرى، فما الذي كنتِ ستدعينه هذه المرة؟”
ورغم سماعها لسخرية إنغريد، لم تستطع سيلينا الخروج من صدمتها بسهولة.
فلايلا، ومن وجهة نظر أي شخص، كانت ودودةً تجاه سيلينا طوال الوقت. حتى عندما وصلت إلى القصر الإمبراطوري من أجل الدور النهائي، ألم تتقدم لتحميها من إنغريد؟
بل وحتى الكلمات التي قالتها قبل مغادرة غرفة الانتظار، كانت نابعةً من قلقٍ صادق على سيلينا.
‘لايلا….لماذا فعلتِ هذا؟’
لو كانت تعلم منذ البداية أن لايلا ستدعو ماثيو، لكانت وضعت خطةً مختلفةً تمامًا.
كان بإمكانها أن تبحث مع فاليري عن شخصٍ أقل منزلةً وتدعوه شريكًا، وبذلك تضمن وصولها إلى المرحلة النهائية دون إثارة ضجةٍ عن انتزاع شريك أحد.
‘في الأصل، لم أكن أنوي البقاء حتى المرحلة النهائية. لكنني لم أتوقع أن أُقصى بهذه الطريقة.’
كان موضوع المجتمع الراقي الأكثر اشتعالًا في الوقت الراهن بلا شك هو الياقوتة الحمراء.
فحتى السقوط في الدور النهائي، كانت الطريقة التي يُقصى بها المرء تصنع فارقًا كبيرًا في سمعته.
وبعد لقب “الشريرة سيلينا”، لم يكن ما يقلقها سوى أي شائعةٍ جديدة ستجتاح أوساط المجتمع الراقي بعدها.
______________________
ما أظن لايلا حماره صح؟ هي تكره انغريد فأكيد مب مخليه سيلينا
وشسمه يمكن به خطه منا ولا منا؟ بس المشكله بعد سيلينا ما معها الا دعوه وحده وراحت! عاااااااااا
وفاليري عز الله بتمعط شعر ماثيو😭
اما زينوس جاي عشان من؟ يارب عشان سيلينا حتى لو بدون دعوه خذها معك وانحاشوا مره ثانيه😔
التعليقات لهذا الفصل " 63"